نعم مرهقة فنامت
حينما أتت لها القذيفه
كانت تخب في وشاح من الهنيهة
العنيفة
صوتها كان مخلوطا بصوتها
في آلة التسجيل الكبيرة
التي تحملها تحت نهديها وتمشي
في زواريب برج البراجنة
وسواتر الفنادق.
الصوت يدخل المقاتلين:
يعطيكم العافية
اسمحوا لي أن أخطفكم من البنادق
دقائق
الصوت كان يعلو مع المغني الجميل
الذي حشى جيتاره في مواسير البواريد
وكان يعلو مع الشاعر الجميل
الذي كتب سوناتا غزلية
لزغرودة الكاتيوشا الضاحكه.
الصوت كان ينخرط:
طل سلاحي
من جراحي
وحينما أتت لها القذيفه
كانت تخب في وشاح من الهنيهة العنيفة:
عدلت هندامها البسيط
لتبدو قوية وباسمة أمام المقاتلين.
فتحت إبرة الناجرا الكبيرة
التي تحملها تحت نهديها الصغيرين المهملين
وجهزت سؤالها الجديد للمقاتلين:
كم جرحا نازفا
يساوي منازل بيروت؟
وحينما أتت لها القذيفة
كان السؤال يلقى إجابته الأليفه:
هذه الجنية النظيفة
تختار موتها الخصوصي الرقيق
وكانت دماؤها التي تسيل
على شريط الناجرا الكبيرة
تجعل الصوت مشروخا,
وساطعا,
ووحيدا:
"يعطيكم العافية
نلتقي مع مقاتل آخر
في
الأوزاعي"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نِعَم فارس, مناضلة لبنانية, بذلت طوال الحرب وحصار بيروت جهدا يفوق الطاقة البشرية, من خلال عملها في إذاعة الثورة الفلسطينية, و لقاءاتها المتواصلة مع المقاتلين في الجبهات المختلفة حول بيروت, حتى طالتها قذيفة غادرة وهي في طريقها إلى أحد المواقع القتالية المتقدمة.