خطيئة كبرياء  
.
وَبعدَ سيجارةٍ أُنثوية
وَضَحِكاتٍ ملائكيّة
وأنفاسٍ على عُنُقٍ رجوليّة
وَفي مُستَهلّ الحديث
وليسَ كعادَتِه
إنتَفَضَ على كبريائِه وغرورِه
وسألها إن كانَت تُحِبُّه
فَجاءَت على ذكرِ موزمبيق وَقندَهار ومقديشو
ثم تابعا الحديث
وبعدَ مُضيِّ عدة دقائق أو ساعات او لايدري
سألها ماذا تشعر تجاهه او ماتريد منه
فَ شرحت له كيف تؤكل البطاطا في الصين
وكم يَسعَدُ الناس بعد الحُروبِ في صربيا وأوكرانيا
أكملَ ثورتَهُ على ذاتِه
وبدأ يؤسس لإنتفاضةٍ أكبر
أقصى ماتوصّل إليه فيها تنكيسُ أعلام السيادة لديه
ثم خفتت في جوفه أصوات النورس
وبدا يسمع قرع الطبول
فتسائل بينهُ وبينها وكأنه يفكر بصوتٍ مرتفع
فقالَ لها ماذا أعني لكِ وكيفَ ترينني
وقبلَ أن تنبت ببنتِ شفّة
أعقبَ حديثه فأكد لها بأنه لن يقبل هروباً
وبأنها ستدفع ثمن ذلك إذا ماصار
فأجابته بأغنية
وقالت له
إبحث عن نفسك فيها
صمت لوهلة 
عادةً مايستشيط غضباً 
إذا ماتهكم احدهم على تهديداته
ولكنه رمى بتهديده عرض الحائط
وبدأ يبحث في الأغنية عن موقعه وحجمه
وماقد يشغله من موقع في عالمها السرمدي
وهو الذي كان يتقاطر الآخرون لحجز موقع لهم في حياته
وَجدَ بين خبايا أغنيتها مكاناً كان قد هجره منذ قديم الزمان
وبدا يدخل من سرداب ويخرج من متاهة 
ضمن بوتقةٍ من الأحزان
أحزان إختزلتها هي في أغنية 
فترائت له صورة عن ذاتها 
أحزانها وحرمانها وأنوثتها المهدورة
والكثير من صرخات الضياع والموت والولادة
ولكنه لم يجد فيها مايشبهه
كوما ......
هي كوما تلك التي كان يعيشُ وسطها
وكان يعتقد سابقاً بأنها صحوة البناء
حين أوصد على نفسه الباب وأبتعد عن متاع الحياة
وبدأ يبني كبريائه وبأسه 
بصمت ولوحده طوال هذه السنين
هي لم تتعدى كونها غيبوبة 
تلك الأيام التي قضاها وهو يغلق قلبه بوجه الجميع
بل إنه إستفاق من حلم الرجولة 
لكابوس الطفولة من جديد
وعادت به لأيامٍ 
لم تكن قد خلقت فيها هي أصلاً
أعاد تشغيل تلك الأغنية مرات ومرات
وإلى مالا نهاية
حتى باتت كلماتها 
موشومةً على جسده
وبات يغمض العيون 
فيراها محفورة في جفونه
وحين إستفاق من بلواه 
جلس متأملاً بما حدث بسرعة البرق
وبدأت سلسلة الأحداث تترامى امامه كحبات الخرز
إحداها تنزل مُسرِعةً فترتطم بالأرض مودعةً أبصاره فلا يلحق ان يراها
والاخرى تهوي ببطئٍ فيتفحص كيف ولما سقطت
وبقيت حبةٌ واحدة في عقد الخرز ذاك قابعةٌ بين يديه
شعر بأنها تكبر وهو ينظر إليها
وكأنها الحقيقة التي كان يبحث عنها
أمعن النظر فيها
فرأى انعكاساً لصورته
أينع قلبه من جديد
وإعتقد مُخطئاً للحظات
بأنه بات يشغل قلبها
ولكنه حين امعن النظر مجدداً
بات جليٌّ للقاصي والداني
بأن الإنعكاس ماكان إلا لصورة حبيبها 
الذي يشبهه قليلاً
وهي باتت ترى الجميع حبيبها
والجميع ومن بينهم هذا المبتلي 
باتوا يرونها حبيبتهم
نُكِّست أعلام بيضاء
وتساقطت حمامات السماء
وعاد إلى مخدعه القديم
الذي صرخ فيه سابقا
بأنه لن يعيد الكرّة
فوقف امام المرآة
وإذ بإنعكاسه يقول له
وقعت من جديد
ضرب المرآة بقبضته
معتقداً بأنه إن كسرها قد يسكت الاصوات في رأسه
وبدأ يعدو مسرعاً بعيداً عن كل من حوله
ومازال هناك شيئ يناديه من بعيد
وكأنه قد أطعم أسداً جائعاً منذ قرون
وبات ذاك الأسد يطلب المزيد
هو يأمل ان يعود لغفوته
ولكن الأسد في داخله تزداد قوته
صراعٌ بين الماضي والحاضر
حربٌ ضروس أهلك نفسه بها ولم يعد يعلم ما الخلاص
وفي آخر المطاف
لم يعد قادراً على الصمود
ولأنه لم يرغب بأن ينتصر عليه وحشه المسعور
إحتضن نفسه بيديه
ورمى بنفسه من أعلى الجرف
فقضى بذلك على كل شيئ
الماضي والحاضر ومعهما المستقبل
الرايات البيضاء والسمراء والسيادة والخنوع
الحمل والليث ومابينهما
وهوى من الأعلى متسارع السقوط
حتى أرتطم بمايشبه المحتوم
مرت دقائق او اقل
حاول ان يفتح بها جفنيه فلم يقوى
فإستعد للإستسلام والنوم بأمان
وقبل أن يطبق الجفنان
نبضَ قلبه نبضتين
وكأنما تخبرانه
بأن الأمر لم ينتهي
وَ بأنه بدا شيئاً
وعليه ان ينهيه
المهُنّد محي الدين حَسَن

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 144 مشاهدة
نشرت فى 13 أغسطس 2016 بواسطة samrasamra

مجلة سيريانا للأقلام المبدعة الإلكترونية

samrasamra
»

سمرا

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,714