عمر وعلي صديقا الطفوله والشباب لقد اكملا دراستهما الجامعيه كان ذلك قبل غزو العراق عين عمر مدرس في اعدادية ألأعظميه مدرس لللغه العربيه حسب اختصاصه اما علي فعين موظف حسابات في مصرف الرافدين الرئيسي الذي يقع في شارع الرشيد قبالة (الشورجه) وحسب اختصاصه ايضاً .
كان عمر وعلي يسكنان في منطقة راغبه خاتون في ألأعظميه منذ طفولتهما شبا سويتاً وأكملا دراستهما الجامعيه توفيَ والد علي تاركاً زوجته وابنته البكر المعاقه ولادياً اضطر علي ان يسكن اطراف بغداد الشرقيه في منطقة الحسينيه حيث البيوت اجاراتها ارخص من اجل التوفير للقمة العيش .
كان الحصار ألإقتصادي على العراق قد انهك ألأسر العراقيه في معيشتها وخصوصاً طبقت الموظفين .
اضطرا عمر وعلي ان يسعيان الى عمل ثاني بعد اوقات الدوام الرسمي لسد احتياجاتهما المنزليه وبعد البحث المضني حظيا على محل استأجراه في منطقة القاهره المنطقه الشعبه ألأكثر كثافه سكانيه لبيع ألأكلات الشعبيه الرخيصه ( الفلافل ) يتواجدان في محلهما بعد الدوام الرسمي حتى الساعه العاشره مساءً ثم يرحلا الى بيو تهما كلاً حسب سكناه ، استمرا على عملهما هذا ليحضيا بشيء من بحبوحة العيش .
ثم جاء الغزو وتغير الوضع واشتد الخوف على الناس وأوذوا من جراء ذلك وانتشرت عصابات الخطف والسرقه بسبب الفراغ ألأمني حتى بدأ عصر جديد بمرحلة تكوين الدوله العراقيه فبدأ أنحسار هذه ألآفات التي أهلكت المجتمع العراقي لتعود الحياة الطبيعيه مصحوبه بحالات الترقب والقلق .
عادا عمر وعلي الى وظائفهما وعملهما ألآخر لبيع ألأكلات الشعبيه (الفلافل) واستمرا أملاً لبناء مستقبلهما .
كان عمر وعلي قد تخلى عن فكرة الزواج لضيق العيش اما ألآن فقد عدلا عن تلك الفكره بعد تحسن دخلهما وهم قد تجاوزا (35)سنه من عمرهما لقد تجنبا ان يخطوان خطوه خاطئه بتكوين عائله واطفال وهما اصحاب ثقافه وفكر لقد تجاوزا رجولتهما وحاجاتها مستعملا منطق العقل والحكمه .
ثم جائت السنين العجاف سنين الطائفيه ( القتل على الهويه ) اجبرا الصديقان على غلق محلهما في منطقة القاهره وبات لقائهما يتم عن طريق الهاتف الخلوي واستمر الحال هكذا .
رن الهاتف الخلوي لعمر تناول الهاتف إنه علي صديقي العزيز هكذا رد عليه فوجئ بصوت إمرأه وهي تتلعثم بحديثها ، انها ام علي تبدو متألمه من خلال نبرة صوتها المبحوح وهي تقول .
(يمه انت عمر) قال نعم خاله ، قالت له (يمه اخوك علي بالمستشفى مستشفى الكندي بين الحياة والموت ) ثم سكتت قال لها ماذا حصل فأخبرته بأن سياره مفخخه على الطريق انفجرت واصيب علي بجروح بليغه نزف على اثرها بدماء كثيره وهو يحتاج الى دم ودمه نادر ولايوجد منه في المستشفى راجع نفسه عمر انه يعلم بفصيلة دمه نفس فصيلة دمي وكثيراً ماكانا يتمازحان عن ذلك بأننا خلقنا اخوه ودمائنا دليل على ذلك ، احتار عمر في موقع المستشفى وخوفه من وجود مسلحين هناك ومصير علي كيف حصل هذا لابد من وسيله لإنقاذه كان حديثاً مع النفس خرج عمر قاصد المستشفى بعد ان اخبر والديه بذهابه الى المدرسه حسب طلب ألإداره ثم استأجر سيارة أجره وعند وصوله ترجل من السياره وهو يهم بدخول المستشفى فاجئه احد المدنيين وهو مسلح يحمل بندقية (كلاشنكوف) سأله عن وجهته اجاب المستشفى حيث اخي وصديقي مصاب من جراء انفجار ويحتاج الى دم قال المسلح اعطني هويتك ، فاض الخوف في اعماقه واستدب بداخله وهو يبحث عن هويته بدون شعور وتركيز لم يمر من قبل بمثل هذا الموقف انه رجل تربوي مسالم ، أخرج المسلح هوية عمر من جيب ثوبه قائلاً هذه هي لاتشغل بالك وبعد ان قرأها أبتسم ثم أطلق صحكته عالياً وهو يقول أأنت مجنون كيف وصلت الى هنا اتريد تحديننا لك هذا ثم التفت الى أصحابه قائلاً جائكم عمر بلحمه وشحمه لم يكلفكم عناء البحث ثم نادى على احدهم من مجموعته خذ هذا المجنون وسلمه الى فرقة ألإعدامات قل لهم عذبوه قبل قتله وقبل أن تذهب به تأكد من أخيهِ علي الذي يرقد في ردهة الطوارء مع المصابين ان كان من مذهبه فقم بالواجب المكلفين به .
انهارت قوى عمر واصبحت رجليه لاتحملانه وجف بلعومه مصحوب بطعم المراره ربطت يده (بشناطه من النايلون) وظرب على كتفه بأخمص البندقيه تحرك ايها الشيطان قيل له تحرك عمر وهو في حاله من اليأس وألإنهيار النفسي لكن فكره كان مع علي وحالته الحرجه شعر انه لم يؤدي اي نفع من عمله هذا بل اضر علي وكذلك هو ايضاً وحين وصلا الى الطوارء وجرحى ألأنفجار شاهد ام علي تقف جنب سرير ابنها متكاملة ألإنهيار واليأس يدب في داخلها أما علي فلم تستطيع ان تتعرف عليه لكثرة الجروح والدماء التي خطت على وجهه ، شاهدة ام علي عمر فجاشت بالبكاء بعد ان احتضنته وهي تقول (اخوك ديموت عمر راح من ايدينه) اقشعر جسد الشاب المسلح من هول الموقف وضخامته ليرى صغر نفسه سارع بفك قيد عمر من معصميه خوفاً من ألملاحظه تقدم عمر من علي يتفقده بدموع تنهمر من عينيه من دون شعور قال لابد من امل اين الطبيب اتى الطبيب ليتفقد علي قال له عمر بعد ان عرفه على نفسه ما حاجة المريض قال له الطبيب يحناج الى الدم لقد نزف كثيرا لكن دمه نادر لايوجد في المستشفى منه قال عمر انا احمل نفس فصيلته خذ ما تحتاج منه ليعيش علي بادر الطبيب على الفور وعمل على مايلزم لإجتياز الخطر وفعلا نجح ذلك ليعود علي الى ألأستقرار الصحي كان الشاب يراقب هذا الموقف ألإنساني الذي لايغطيه اي ثمن مهما كان راجع نفسه وذاته وشعر انه استهلك كل الجانب ألأنساني في داخله كيف يعقل هذا لابد من وجود خطأ ، هم قالوا لنا بأنهم مجرمون يجب ابادتهم ولكني اجد ان المجرمون الحقيقيون طلقاء ونحن نقتل ألأبرياء من أهلنا ان هذا ليس عدلاً لابد من وجود حاله مشابه في الجانب ألآخر كيف لنا ان نقتل من ليس لهم في القتل انه عمل دون الشرع وألأخلاق كيف اعيش هذا الجنون عليَ بالمساعده والوقوف جنب هذا الرجل المدعو عمر انا لاأعرفه من قبل وليس بيني وبينه اية ضغينه وحتى ان كانت لم تصل سقف القتل كان هدف الشاب إيجابياً حين رجع الى ذاته ، عمل على تسهيل ألأمر وبعد جهد مضني تجاوز علي وضع الخطوره .
إطمأن عمر وودع ام علي وذهب مع الشاب المسلح يرجوه ان لايخبرهم بفكرة التعذيب فطلقه واحده في الرأس تكفي لنهاية كل شيء ، نظر الشاب المسلح اليه قائلاً أتعتقد بأني قد جردت من انسانيتي وألإحساس والشعور انت ايها الرجل ملأت قلبي حبا وأنرة عقلي لأعود الى ذاتي انقذ الشاب المسلح عمر ليعود الى بيته وشفي علي من جراحه وتعافا ، اما الشاب المسلح فعرف الدنيا ومعنى الحياة فعاد الى المجتمع وهو يحمل قلب انسان