هذا مثل شعبي قديم , درج على السنة الناس , اما معناه ومتى يقال فأقول : نحن ايها الافاضل شعب يحب الفجل ويحترمه ويقدره , نزين به جنبات موائدنا مع رفيق دربه البصل الاخضر , وخاصة في رمضان , وتعرفون ابضا ان طبق السلطة او التبولة هو سيد المائدة , وطبعا الفجل والبصل الاخضر من المكونات الرئيسة فيه , ونظرا لكثرة استخدام الناس لهما اكثروا من زراعتهما في الحدائق المنزلية , مهما كانت صغيرة الحجم . لذلك كان المزارع يذهب بمحصوله من الفجل خاصة الى السوق فلا يجد من يشتريه , ويكون بضاعة كاسدة , فيضطر لبيع الحزمة المكونة من حوالي ثلاثين راسا بتعريفة وفي اخر النهار قد يبيع الحزمتين بالتعريفة . بالمناسبة هل تذكرون طيبة الذكر التعريفة التي انقرضت ولم يعد لها وجود : التعريفة يا سادة هي نصف القرش الذي يكاد هو الاخر ان ينقرض. من هنا ظهر المثل( بسعر الفجل). فاذا رأيت بضاعة كاسدة والاقبال عليها ضعيف وخاصة الخضار قلت :سعرها بسعر الفجل أي رخيصة الثمن . كنت اتردد كثيرا على سوق الخضار المركزي لشراء حاجات البيت من الخضار الطازجة . اذكر انني رأيت مرة سبارة بكب مليئة بصناديق الكوسا تقف على حافة سيل الزرقاء, قرب سوق الخضار ورأيت صاحبها يفرغ الصناديق في السيل فجعلني الفضول اساله قفال : سعر الصندوق في السوق بعشرة قروش بينما الصندوق الفارغ بثلاثة وعشرين قرشا فانا افرغها في السيل واحتفظ بالصندوق الفارغ لآبيعه للمزارعين . فلو سالته عن سعر الكوسا لا جابك : هو بسعر الفجل .
دارت الايام وتبدلت الاحوال , وارتفع قدر الفجل وابن عمه البصل الاخضر وزادت قيمتهما , فاصبح الناس يتسابقون على البسطات للحصول على حزمة من الفجل او البصل الاخضر, فيبعك الحزمة فيها فقط خمسة رؤوس بسعر نصف دينار واذا مش عاجبك مع السلامة في غيرك بشتري. فانعكس المثل , وصرنا تقول اذا ارتفع سعر صنف من الخضار بحيث يصعب الوصول اليه ــ خاصة من محدودي الدخل ــ : هو بسعر الفجل , أي في العلالي . فاصبحت تذهب الى محلات الخضار لتجدها من النخب الثاني او الثالث . فتجد حبة البندورة مثلا ليس فيها ما يشبه البندورة الا شكلها , اما الطعم فلا علاقة له بها , وكذلك بقية اصناف الخضار. اما الخضار الجيدة فيختارها تجار الخضار المحترمون بعناية فائقة ويصدرونها للخارج , اما نحن فيكفينا ما ترك لنا هؤلاء التجار من البرارة (الاصناف الخربانة والمضروبة) . يذكرني هذا الوضع ببيت شعر لشاعرنا الكبير احمد شوقي من سينيته المشهورة :
أحرام على بلا بله الدوْ حُ حلال للطير من كل جنس
طاب يومكم ,ووقاكم الله شر ارتفاع الاسعار