يحكى ان مسؤولا عين رئيسا لإحدى مؤسسات الوطن . وفي يوم وصوله لاستلام منصبه وجد الموظفين في استقباله على باب الدائرة مهلين ومرحبين و مطبلين ومزمرين ابتهاجا بقدومه الميمون . وتجود قرائح الشعراء وحناجرهم بأجود كلمات المديح , يثنون على كل شيء في المسؤول الجديد , من الراس الى اخمص القدم , خاصة ذوقه الرفيع في اختيار ملابسه واناقته المنقطعة النظير , شاكرين الله ان استجاب لدعائهم على المسؤول السابق , فقد عانو في عهده من ظلم وقهر وفساد الشئ الكثير , سائلين الله ان يجعله خير خلف , وسيماهم في وجوههم . يدخل صاحبنا غرفة مكتبه فيتحلق حوله الاعضاء المقربون ويقولون له : لا تجهدوا انفسكم ابدا يا سيدى نحن سننوب عنكم في ادارة شؤون المؤسسة مستلهمين العزم من سعادتكم , ومستنيرين بآراء سعادتكم الملهمة وفكركم الثاقب . فيزداد الرجل ثقة واعجابا بنفسه وثقة بهؤلاء الموظفين المخلصين شاكرا الرب ان قيض له امثال هؤلاء ليساعدوه . ويسير العمل وهو جالس في مكتبه , ثم بين الفينة والاخرى يأخذونه في جولة الى موقع اتفقوا مسبقا مع الموظفين به على ان يُروا المسؤول افضل العمل واتقنه , فيعجب المسؤول بذلك , ويزداد قناعة بعبقرتيه الفذة وحسن ادارته للمؤسسة , فيعود لمكتبه فيشعر بضيق الكرسي تحته , وانه اهل لان يجلس على كرسي اكبر منه وارفع .
تدور الايام دورتها الحتمية ويطير ذلك المسؤول. ويأتي مسؤول جديد لاستلام المنصب مكان المسؤول السابق , ليجد نفس الجوقة بانتظاره , ويسمع نفس التطبيل والتزمير الذي سمعه سابقه وتدور نفس العجلة . وبعد ايام احب المسؤول السابق زيارة الدائرة . وصل الباب فاستقبله الاذن : ممنوع يا اخ , المسؤول في اجتماع. قال المسؤول: يا ابو صالح انا المسؤول السابق الا تعرفني ؟ الم تكن تحضر لي القهوة كل صباح ؟ الم.... قاطعه الاذن : انا لا اعرفك يا سيدي , كما انني لا اعرف المسؤول الحالي , انا لا اقدم القهوة للأشخاص ¸ وانما اقدمها للكرسي اقصد من يجلس عليه . وهنا جلس الرجل على الرصيف وقد خطرت على باله اغنية (طيبة الذكر )صباح:
ايام اللولـــــــــــــــو شو هللوا لو شو رشو بنفسج قدّامه و شو طبلوا لو
برم الدولاب وغاب رجع وقف عالباب دقدق يا عيني شو دقدق ما فتحولـــــــــوا
طبتم وطابت اوقاتكم