فرّج يا مفرّج الكروب بقلم علي الشافعي
تذكرون ايها السادة طيب الذكر (فرج) الذي حدثتكم عنه في مقال الاسبوع الماضي . قرر فرج بعد الاتكال على الله يخوض معركته مع الزمن , ويسير في الطريق الى نهايته . لكن صديقته لم تنتظر , فتزوجت وانجبت البنين والبنات وعاشت في ثبات ونبات . وظل هو يناضل ويكافح , فأوفى بالتزاماته تجاه اسرته , وبنى شقة متواضعة فوق منزل العائلة , وجمع مبلغا , قدّر انه يكفي لفتح بيت واكمال متطلبات الزواج , كان عمره المديد آنذاك خمسة وثلاثون عاما بالتمام والكمال . بحث فرج عن فتاة , وما ايسر ان وجدها وحصلت الموافقة , وعادة لا يحصل خلاف على المهر , وكتب الكتاب , ثم تبحث التفاصيل بعد ذلك . لكن الشيطان يكمن في التفاصيل , حيث ان هناك افكارا وعادات وتقاليد تسللت الى مجتمعاتنا عبر السنين , تستنزف كل حساباته , وتجعله يبحث عن ممول في وقت لا يستطيع فيه التراجع . كيف ذلك؟؟ اقول لكم ورزقي على الله:
بمجرد كتب الكتاب يجد نفسه امام استحقاقين ربما لم يكونا في حساباته ؛ حفلة الخطبة وما يتبع ذلك من صالون وبدلة خطبة وتلبيسة ذهب ( شبكة) وصالة افراح , ولا بد من اول هدية ؛ وهى عادة محمول (طتش) و طبعا غلاؤه من غلا صاحبته , والمكالمات على حسابه . يأتي بعد ذلك دور التأثيث ؛ يضع هو في حساباته سقفا اعلى لغرفة النوم وتوابعها , فلا يعجب العروس ذلك , وتطالب بغرفة احلى واغلى , فاذا حاول ان يشرح لها الظروف تقول : والله صاحبتي فلانه مش احسن مني غرفتها بالشيء الفلاني . فاذا لم يُلَب لها طلبها ضربت (بوزا مع تكشيرة )ونظرات اتهام بالبخل , فيضطر للموافقة . ثم يأتي دور الصالون , وبنفس الطريقة طلبها بالعلالي فلا يصح ان تكون اقل من صويحباتها . وينسحب ذلك ايضا على الكهربائيات ؛ اريد شاشة ال سي دي كذا بوصة وثلاجة 20 قدم وغسالة فل وفرن الخ... وعبثا يحاول ان يقنعها بان ما معه لا يكفي هذه المتطلبات , ويكون ردها : دبّر حالك , انت الرجل , ومش كل يوم الواحد بتجوز . واللي بدّو يتجوز بنات الناس بدّو يقوم على مطالبهن . ثم يأتي دور حفلة العرس ؛ تعرفون ان كرتات الافراح تبدا بنصف دينار وتنتهي بعشرين , فلا تتنازل عن نوعية معينة في ذهنها لان صاحبتها علاّنة طبعت يوم عرسها من هذه الكرتات , والا تضرب نفس البوز . وكذلك الصالونات : صاحبتي راحت على الصالون الفلاني , والبدلة من المحل العلاني , والصالة صالة كذا ولا اقبل بغيرها . يحاول مسكين فرج معها : يا بنت الحلال الوضع كذا . ابدا !!.. يا اهلها.!...: والله احنا مالنا دخل بينك وبين خطيبتك . وفي نهاية المطاف سيجد نفسه مضطرا الى الدين . وكما تعلمون الدين همّ في الليل ومذلة في النهار . ومع ذلك ستحاسبه اذا وجدته مهموما فيضطر للبحث عن عمل اخر ليسدد الخوازيق التي هي سبب مباشر فيها . فتقول له انا والله مش ( قردة) اظل بين اربعة جدران لحد حضرتك ما تنهي شغلك . فيبدا الزقار والنقار, فهل سيتحمل فرج ؟ ام ينفجر فيطلق ؟ ام يضغط على اعصابه ويضغط حتى يؤدي به الامر الى لمستشفى الامراض النفسية ؟ ؟.. صدقوني انا لا ابالغ ففرج يعيش بيننا , وفي غالبية اسرنا المغلوب على امرها .
ليَ همسة في اذن كل بنت من بناتنا مقبلة على الزواج : يا ابنتي الزواج نعمة حباك الله بها. فكثير من الفتيات في عصرنا هذا لم يطرق بابهن طارق . فاحمدي الله , وقدري ظروف زوجك ولا تكلفيه ما لا يطيق ولا تثقلي كاهله بالمظاهر الكذابة والمباهاة والمفاخرة والمغالاة, فتخربي بيتك بيدك , وتجبريه على الهروب , والبحث عمن يجد عندها الراحة والامان والحنان, وصدقيني انه سيجد وبكل سهولة , خاصة في عصر النت والفيس بوك . وفهمك كفاية. طبتم وطابت اوقاتكم.