نحن ... وثقافة الازمات علي الشافعي
على منطقة المشرق العربي قبل ايام حلت الضيفة العزيزة( هدى ) والتي كنا ننتظر بفارغ الصبر . حلت علينا بفستانها الابيض القشيب لتلامس شغاف القلوب قبل ان تلامس ثرى روابينا وهضابنا . وحاملة لنا بشرى الخير بموسم مطير وحصاد وفير , وبركة العلي القدير . ولكن ايها السادة الافاضل علينا ان نقف وقفة تأمل وتقييم لأدائنا اثناء حلول هذه الضيفة الكريمة الهادئة الوديعة , هل فعلا رحبنا بها كما ينبغي , فالضيف ان اكرم عاد , لقوله جل شانه (ولئن شكرتم لأزيدنكم ). وبالشكر تدوم النعم . لكن للحقيقة : اذا ما تأملنا اداءنا خلال هذا المنخفض وجدنا ما يلي :
1- نمط الثقافة الاستهلاكية : فكأننا نحضّر انفسنا لمعركة قد تطول اياما واسابيع , تصوروا بلدا تعداد سكانه 8ملايين شخص يصطف مواطنوه في طوابير على المخابز , ومحلات الخضار والبقالات ليخزنوا 80مليون رغيف حسب ما تناقلت بعض وكالات الاخبار . ولتظهر صور لبعض المتاجر وقد خلت رفوفها تماما من المعلبات والمواد الغذائية الاخرى . اقول اذا كان هذا المنخفض وحسب التقدير الدقيق لخبراء الطقس يستغرق اسبوعا ,فكيف تكون احوالنا ونحن على ابواب زيارة المنخفضات ‘ فلحة و رحمة وسكينة وحنين . وهل نحن والحالة هذه مؤهلون للصمود اذا ما خضنا حربا مع عدونا قد تستغرق شهورا وسنوات . وماذا سيحصل لنا ؟ بدأت ادرك السبب في اننا لا نصمد كثير في حروبنا العتيدة مع الاعداء .
2- اما النمط الثاني فتجار الازمات : للأسف هناك العديد من التجار الذين استغلوا الازمات فضاعفوا الاسعار , وكدسوا القروش وضخموا الكروش على حساب عذابات الموطنين ولقمة اطفالهم وكاز صوباتهم . لدرجة ان بيعت اسطوانة الغاز ب15 دينارا بدل 8دنانير وخمسة وسبعين قرشا وينسحب ذلك على الخضار والفواكه والمعلبات والبقوليات . اقول : سنة 1973 كنت طالبا في الجامعة ووقعت حرب تشرين الشهيرة بينتنا وبين العدو , وصدقوني انه في نفس اليوم حاولنا شراء علبة سردين وكيلو سكر من البقالات فلم نستطع , حيث اخفى التجار كل السلع الهامة ليرفعوا الثمن اذا ما طالت الحرب . اذن : الزمن تغير , لكن الثقافة هي هي لم تتغير . وقديما قيل من امن العقاب اساء الادب .
3- النمط الثالث ثقافة الاتكال التواكل ؛ لدرجة ان كثيرا من الموطنين اتصلوا بالدفاع المدني لفتح الطرق الضيقة امام منازلهم والتي بإمكانهم بمجرفة صغيرة انهاء الوضع وفتح الطريق.
4- البنية التحتية لمرفقنا ضعيفة جدا وقد ظهر الغش على اصوله , فمن اول يوم تهدمت الجدر الاستنادية وتحفرت الشوارع التي انفق على عطاءاتها الملايين , واظنكم رأيتم كيف ان مدينة عريقة كالإسكندرية كيف تمخر الزوارق عباب المياه في شوارعها الرئيسة والفرعية .
5ــ في الوقت الذي نشكر فيه الفرق التطوعية الشبابية في كل حي من احياء مدننا الحبيبة , والتى رأيناها تقدم المساعدات للفقراء والخدمات للمحتاجين , لا حظنا غياب الحكومة ونواب الشعب , الا في بعض الاماكن من اجل التصوير وتنتهي خدماتهم بمغادرة الة التصوير , وما سمعنا عن نائب فتح غرفة عمليات مع مجموعة من الناشطين, كما كانت تفتح ايام الدعايات الانتخابية. وكذلك لم يظهر من الوزراء الا من تتطلب طبيعة وزاراتهم التواجد في الميدان كالأشغال والصحة والداخلية.
هذا ما حصل ايها السادة خلال عاصفة ثلجية هادئة استمرت خمسة ايام فكيف اذا اجتاحتنا عواصف كالذي تجتاح الشرق الامريكي او الاسيوي فماذا كنا سنفعل الا يجدر بنا اعادة النظر في ثقافاتنا وافكارنا وانماط سلوكنا , متى يقوم مسؤولونا بواجباتهم , ولا يعتبرون ذلك منّة يمنون بها على شعوبهم , وينتهي عملهم بذهاب وسائل الاعلام . طبتم وطابت اوقاتكم