يحدث عندنا (الماراثون الشهري) بقلم علي الشافعي
يا سادة يا كرام : في كل مستشفى من مستشفياتنا الحكومية والخاصة المنتشرة على ربوع الوطن , توجد وحدة اتمنى من الله الا تدخلوها الا زائرين . انها وحدة الكلية الصناعية ( لمرضى الفشل الكلوي), وهي لمن لا يعرفها عنبر طويل يحوي عددا من اجهزة الكلية الصناعية حيث ان المريض يتصل بالجهاز عن طريق انبوبين احدهما يسحب الدم من المريض الى الجهاز لفلترته وسحب الماء الزائد من الجسم ,والاخر يعيد الدم الى الجسم بعد المعالجة في عملية تستغرق كل جلسة اربع ساعات ــ ثلاثة ايام في الاسبوع ــ واذا عرفنا ان في المستشفيات الحكومية والخاصة 73 وحدة غسيل كلى تضم 750 جهاز يغسل فيها 4767حسب احصائية اذار 2014,يصاحب هذا العدد711حالة جديدة كل عام ادركنا حجم هذه الفئة من المجتمع . وجميع مرضى هذه الفئة مشمولون بمظلة التامين الصحي , نظرا للتكاليف الباهظة لعملية الغسيل , وتشرف عليهم وزارة الصحة .
تقوم الوزارة بتعيين طبيب من قبلها في كل مستشفى خاص , للأشراف على المرضى وطلب التحاليل اللازمة , ثم كتابة الوصفة الطبية الشهرية . وهنا تبدا رحلة عجيبة فريدة غريبة ؛ فالطبيب المشرف معيّن اصلا من قبل الوزارة , ولكن عند كتابة الوصفة والتي لا تصرف الا من المستشفيات الحكومية , لا بد للمريض من مراجعة طبيب العيادات الخارجية في اقرب مستشفى حكومي , فيقوم طبيب الحكومة فقط بتفريغ الوصفة على ورقة الوصفات الحكومية , وكذلك تحاليل المختبر , حيث يضطر المراجع بعد ذلك الذهاب الى المختبر الذي قد يكون في واد والعيادات في واد اخر , يضع عينة التحليل فيقول له المسؤول عد غدا او بعد غد , يعود لصيدلية العيادات ويصرف بعض الدواء , ويقال له ان حقن الدم ( وهي حقن يأخذها مرضى الكلى لتحفيز النخاع العظمي على افراز كريات الدم الحمراء بعد كل غسلة),لا تصرف الا من صيدلية المستشفى الحكومي ( قسم الكلية الصناعية ).فيذهب وامره الى الله . وعندما ينتهي من صرف العلاج يتنفس الصعداء ويشعر بلذة الانتصار, بعد ان يكون امضى 5ساعات على اقل تقدير . ثم يعود في اليوم التالي فاخذ نتيجة التحاليل للطبيب ليعتمدها في الوصفة القادمة أي بعد شهر , لا نه لا يجوز صرف وصفتين في شهر واحد . علما بان الاصل ان تكتب الوصفة بناء على نتائج التحاليل وليس قبلها . فاذا علمنا يا سادة ان اغلب مراجعي هذه الوحدة هم ممن يمشي على ثلاث ومنهم من يمشي على اربع , وبعضهم يدفع دفعا على كرسي متحرك , والبعض الاخر فاقد البصر ,وبالمناسبة لا اريد هنا ان اثير عطفكم او استدر شفقتكم او استمطر عبراتكم , بل لتقدروا (وفهمكم كفاية )حجم المعاناة التي تعانيها هذه الفئة من ابناء الوطن الذي نحب . فلماذا لا نسهل عليهم ما يمكن تسهيله , الا يمكن ان تتفق الوزارة مع المستشفى الخاص فتعتمد تحاليله , ليتمكن الطبيب من كتابة الوصفة بناء على التحاليل الجديدة , والتي هي في غاية الاهمية بالنسبة لهؤلاء المرضي . ثم الا تستطيع الوزارة ان تصرف لكل طبيب مشرف( وهو معين من قبلها) دفتر وصفات حكومية , وهل هذه الورقة الحكومية منزلة لا يمكن صرف الدواء الا اذا كتب عليها , اليس هذا روتينا قاتلا ومضيعة للوقت , واجهاد لهذه الفئة التي ابتلاها الله بهذا المرض.للعلم فهم يخصصون يوم الاثنين فقط من كل اسبوع لصرف الوصفات تلك .
اين الرحمة ؟ هل انتزعت من قلوب المسؤولين , هل يتلذذون بمَشاهد هذا الماراثون الشهري . الا يخافون دعوة في جوف ليلة مظلمة . انار الله لياليكم و وقاكم السوء , وابعد عنكم الامراض و جور المسؤولين . ومعذرة لتعكير صفوكم . طبتم وطابت اوقاتكم.