مجلة جماعة الإبداع الجميل

مجلة مختصة بأخبار الثقافة والادب وتبنى المواهب فى كافة مناحى الحياة

 

 

 

( الجنى والأديب ضحية أنثى )

"ياسلام . لو أفتح باب الشقة , ألاقى عفريت , يحقق لى كل ما أتمناه" 
هذا الحديث السرى . المتكرر يوميا ً. كان يسلى به نفسه مرارا ً. عند عودته من عمل يوم شاق . وهو يصعد لمسكنه على إحدى أسطح العمارات . 
وضع مفتاحه فى الباب ، أداره ودخل ، كان لحديثه مع نفسه أثراً ملموساً ومرئياً . بمجرد أن وقعت عيناه على المنضدة التى تتوسط الصالة . وجد مخلوقاً غريباً . فى حجم "كوز الذرة" . كائن يشبه إنسان مكتمل النمو والتكوين فى الحجم المذكور "كوز الذرة" . ذعٌر ، تملكته مشاعر متباينة ما بين الهدوء والرجفة ...... ، زالت مخاوفه عندما تحدث هذا المخلوق
قائلا ً : أرجوك لا تخف ... ولا تخيفنى ولا تؤذينى . أنا بصراحة ." عفريت من الجن ".
رد صاحبنا بلاشعورية شديدة ذكرته بأمنيتة عند صعوده السلالم لمسكنه
قائلا ً: (عفريت من الجن!!) وما الذى أتى بك فى مسكنى !! ؟؟.
ـ الجني : لقد حكم عليّ فى محكمة الجن العليا بالطرد والنفى من عالم الجن . وقام المسئولون عن تنفيذ الحكم بتكثيف موجاتى الكهرومغناطيسية . فأصبحت مرئيا ًً لكل من ينظر إليّ . كما ترى .
وألقوني على الجدار الفاصل بين عالمى الجن والإنس . فوجدت نفسى على سطح هذه البناية , خفت أن يرانى أحد . فتسللت من شباك غرفتك ، أحتميت بمسكنك ، طلبت من الله . ألا يكشف سرى . إلا لإنسان طيب القلب . يحمينى من عالم الإنس . فأنا بهذا الحجم يسهل تحطيمى من الصغار قبل الكبار . بالله عليك إستضفنى عندك ولا تطردنى . وسوف أفعل لك أى شئ تطلبه . 
ـ الإنسى : أى شئ أطلبه !!؟؟
- الجنى : نعم . أى شئ تطلبه .
ـ الإنسى : أريد قصراً فارهاً وسيارة حديثة وأموالاً وجواهر ....... 
ـ الجنى : رويدك . رويدك . لا يوجد لدينا نحن الجن المقدرة على هذه الأمور . فهذه الأحلام والأمنيات أنتم الذين إخترعتموها وصدقتم أنفسكم بشأنها . فنحن مثلكم تماماً . منا الفقراء ومنا الأغنياء . ومنا الساده والعبيد . الأمر مختلف تماما ً عما تصورتموه فى أقاصيصكم ورواياتكم عن عالم الجن . فلا شئ من هذه الأمنيات يندرج تحت الأمر الواقع على الأطلاق . 
- الإنسى : يا ألف مليون خسارة ........ كنت أتمنى أن أحقق الكثير من الأمنيات .
- الجنى : هو حضرتك بتشتغل أيه ؟ 
- الإنسى : أنا عامل فى مطبعة ....... وإنت ! ؟ 
- الجنى : أنا كاتب وأديب لى شهرتى وإحترامى فى عالم الجن ، معروف بعبقريتى الأدبية والروائية والقصصية . إن كل نقطة حبر فى العالم تتمنى أن توضع فى سن قلمى لأنسج بها ومنها أعمالا ً أدبية يخلدها التاريخ ............ 
- الإنسى : بتشتغل كاتب وأديب !! والله فكرة ..... تقدر تكتب لى قصص وروايات من عالمكم ، أقوم بنشرها بأسمى ، أحقق أمنياتى من خلال نشرها .......
- الجنى : بالرغم أن هذه سرقة أدبية . إلا أنها تروقنى . فأنا لا أصلح إلا للكتابة ، فى المقابل . تتركنى أعيش فى مسكنك تطعمنى وتحمينى . فما رأيك ؟ 
- الإنسى : طبعا ً موافق ..... طعامك لن يكلفنى كثيراً . حجمك صغير كالقطط ، حمايتك لا تحتاج لحرس , يمكنك أن تنام فى خزانة الملابس ........ المهم هو أن تبدع لى أعمالاً أدبية جميلة لكى أتمكن من نشرها , لأحصل منها على ما أريد من المال والشهرة ........
ـ الجنى : وهو كذلك . إتفقنا .
نام صاحبنا بعد أن تناول العشاء مع الجنى . 
فى الصباح الباكر . وجد الإنسى مجموعة من الورق . كتب فيها الجنى رواية رائعة بأسم "جنيات ماكرات" . تصفحها الإنسى , أعجبته . فكتب إسمه عليها , ذهب بها إلى إحدى دور النشر ، قدم الرواية لصاحب الدار الذى أعجب بالعنوان "جنيات ماكرات" . مما دفعه لقراءة معظم الرواية . وإتخاذ قرار فورى بشأنها .
قائلا ً: يسعدنى أن أتعامل مع كاتب وأديب فوق العاده مثلك . سوف أقوم بالنشر خلال هذا الأسبوع . تفضل . ومد يده بمجموعه من الأوراق النقدية . جعلت صاحبنا فى ذهول من حجمها .
ـ سأله : كم عددها...... ؟ 
- الناشر : إطمئن فسوف تكون الأرباح مناصفة بعد بيع الرواية , أرجوك إقبل هذا المبلغ المتاح الآن ، وسوف نتحاسب بعد الطبع والنشر ...........
إستئذن صاحبنا , إنصرف إلى مسكنه وهو ممتلئ بدفء الحياة . فما معه من أموال لم يكن يحلم به من قبل . فما باله بالبقية التى ستأتى من عائد بيع الرواية . لو كتب لها النجاح . الذى توقعه لها الناشر . ولابد أن هناك طبعات ثانية وثالثة و..... ناهيك عن إختطافها كعمل فنى للشاشة الفضية أو لأختها الكبرى السوداء . كل هذه الأحلام لم تشعره بطول الطريق ...... , دخل مسكنه ., وجد الجني منبطحاً على بطنه منهمكا ً فى الكتابة ، بمجرد دخوله ناوله الجنى رواية ثانية بعنوان "عفريته ثائره" ورواية ثالثة بعنوان "عفريته شبقه" تطلع إليهما وقرأ معظمهما وهو فى ذهول من المستوى الأدبى العفريتى الرائع والمتألق لهاتين الروايتين .
- فى اليوم التالى . ذهب إلى نفس دار النشر التى كان بها بالأمس والتى كان صاحبها فى حالة نشوة عالية لإكتشافه لهذا الكاتب الأديب الفذ . ذلك الأديب الذى ولد عملاقاً على يديه ـ كما يخيل له ـ . تناول الناشر الروايتين بشغف , أخذ فى قراءة المقدمة الخاصة بكل رواية , كان الرد عملياً بأن سحب درج مكتبه ، أخرج مبلغا ًنقديا ً وقدمه إلى عملاق الأدب الجديد ، عقب قائلا ً : أطمئن سوف يكون هناك المزيد من خلال مشاركة الأرباح بعد النشر , أرجو أن نستمر معاً إلى الأبد . إستئذن صاحبنا , إنصرف . ووجود الأموال فى يده هو ما جعله يصدق أن ما يحدث معه حقيقة وليس خيالا ً. فالأموال فى حوزته وأحلامه جميعا ً فى طريقها إلى أرض الواقع . وما حدث له منذ الأمس لا يكاد يصدقه عقل . شهرة وأموال ما بين يوماً وليلة ...... (يبدو أن الحقيقة أغرب من الخيال) . فحقائق لحظته الحالية تؤكد ذلك . 
- توالت الأيام وهو يتسلم من الجنى أعمالاً أدبية رائعة ما بين مجموعات قصصية و روايات ..... وإضطر أن يختزن بعضا ً منها . لأن الناشر لا يستطيع ملاحقته ، كذلك الأموال العائدة عليه تلاحقه بسبب الطبعات الثانية والثالثة ..... لكل عمل أدبى تم نشره . ولم يجد مفرا ً من شراء قصر جميل . يليق بوضعه الإجتماعى الجديد . وفى خلال ثلاثة أعوام . كان الوجه الإجتماعى قد إكتمل . بالسيارة الفارهه ، رصيد ضخم فى البنك ، يلزمه الآن الزواج بمن تليق بمجده الأدبى ، تحدث مع الجنى فى هذا الأمر, وافق الجنى على مضض...... .
ـ قائلاً : وكيف سنحافظ على سرنا....... ؟ 
ـ الأنسى : لا تقلق . سوف يكون لك مكانك الخاص والسرى فى القصر . ولن يدخله أحد سواى .
إضطر الجنى على الموافقة لكى تسير الحياة ...... 
ذهب الإنسى إلى أهل العروس . الذين رحبوا به . فهو فرصة وشرف لأى أسرة فى نسبه بشهرته وإبداعاته وأمواله وسيارته , تمت الخطوبة وعقد القران والزفاف وذهب بعروسته إلى قصره . فوجد على السرير هذه الرسالة . 
عزيزى الأنسى / نسيت أن تسألنى عن سبب عقوبتى وطردى من عالم الجن . وها أنا ذا أذكرها لك . فقد وقعت فى خصومة فكرية مع إحدى الجنيات المفكرات , استمرت المساجلة الفكرية بيننا على صفحات الجرائد لمدة عام , انتهت المساجلة بهزيمتها هزيمة منكره , انتصرت لفكري وقناعتي ومذهبي , كان لإنتصارى عليها صدا ً مروعا ً. مما حدا بها أن تكيد لى . وإناث الجن لهن من المكائد ما يندى له الجبين . كما يحدث من نساء الإنس تماما ً. مما أحالنى للمحاكمة وكان الحكم كما تعلم , كما أخبرتك من قبل , قد انتهت فترة عقوبتى , كان من الممكن أن أبقى معك . فقد كانت صداقتنا رائعة . لكنى عائد إلى عالمى . لأن دخول المرأة فى حياتنا لن يثمر بالخير . أبداً . مهما فعلنا , لأن كيد الأنسيات أشد وأدهى من كيد الجنيات ..... لذا أحمد الله . أن فترة عقوبتى قد إنتهت ليلة زفافك ..... وكان الله فى عونك ..... الوداع .
(المخلص... أخيك ....الجنى) 
إنتهت ،،

samirahmedelkot

جماعة الابداع الجميل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 22 يوليو 2014 بواسطة samirahmedelkot

مجلة جماعة الابداع الجميل لشعراء القمر والنيل

samirahmedelkot
جماعة الابداع الجميل واحة لكل ابداع اصيل معاً نرحب بالمبدعين في كافة فروع الابداع (موسيقى - شعر - غناء -فنون تشكيلية - انشاد دينى - ابتهالات - ثقافة - صحافة - تمثيل - اخراج ...الخ ) ...نرحب بكل صاحب موهبة وكل ابداع حقيقى يقف على الطريق لنأخذ بيده ..نقيم انتاجه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

97,507