نبوءةٌ أسلبت فرعونَ مضجعَه
وعلمُ أهل ِ الرؤى في أسطرِ النُجُم ِ
قالوا بأن غلاماً سوفَ يصرعُه
قال اقتلوا كلّ من يولد من الرحم ِ
أواه ياأمَ موسى فلذة َ الكبدِ
تخفيه في حضنها عن أعين ِ السأم ِ
وعيونُ ربِ السما ترعاهُمُ مددا
أوحى إليها بوحي الأمن والسلم ِ
فأرضعت نجلَها بالأمر ِ تلتزم ِ
وأودعته بجَوفِ اليم ِ في العَـتم ِ
ألقت بمُهجتها في قاربِ الخَشبِ
وودّعـته ودمعُ العين ِ كالحمم ِ
عنايةُ اللهِ كانت في معيتِــهِ
هو الكريمُ الذي يغشاهُ بالكرم ِ
الطفلُ في مهدِه والموجُ يحضنه
حملوا التابوتَ الى فرعونَ في الحَشَم ِ
وزوجُ فرعونَ كانت ترتجي ولدا
هيهاتَ حُلم ٍ لها يأتيها من عُقـُم ِ
رَقـّت لرقتِه والقلبُ مبتهجُ
قالت يكون لنا كالإبن ِ والرحم ِ
جاءُوا ليُرضعنَه بكل مُرضعة
والطفلُ يبكي ويأبَى أيّ مُلتثـَم ِ
جاءَت شقيقتُه تمشي على حَذَر ِ
وبشّرّتهم بحلِ الأمر ِ في حَسَم ِ
قالت سآتي لكم بخير ِ مُرضعةٍ
وسوفَ تـُعنى به لحينَ ينفطم ِ
ياأمّ موسى إمسحي دمعاً من المُقل ِ
وقري عيناً فلا حزنٍ ولا ألم ِ
مُرادُ رب ِالورَى في الكون ِ كـُن فيكـُن
وهو القديرُ على الأقدار ِ يحتكم ِ
يافرحة َ القلبِ إن ضاقت به الحيلُ
ثم إنمحى كربُه بالفضل ِ والنعم ِ
وشبّ موسى الفتى عن طوق ِ صبوتهِ
وكلُ مُستعصِم ٍ باللهِ لن يـُضَم ِ
وفي الطريق رأى رجلان يقتتلا
فأمات أحدَهُما ولم يكن يرُم ِ
ترك المدينة َ من خوفٍ وفي جزع ِ
هرباً الى مدينَ من رِبقةِ التـُهَم ِ
وعندَ بئر ٍ رأى بنتان تنتظرا
عن الرعاءِ نأينَ والهجيرُ حَمِي
دنا إليهن كي يسأل عن الخبر ِ
قـُلنَ بأنّ السِقا بالقومِ يزدحم ِ
وأبانا أعياهُ مسُ الشيبِ والهـِرَم ِ
ونحن نرجو مياه البيتِ والغنم ِ
سقا لهُنّ وأبدىَ مجملَ الأدب ِ
ياطيبَ من قد بدا بالجود يتسِم ِ
عُدنَ لمنزلهنّ دار والدهـن
وحَكـَى البناتُ له وأفضْنَ بالكلِم ِ
قال إئتيّن ِ به حتى أجـازيَهُ
وكان شيخُهُمُ يمتازُ بالكرم ِ
إبنة شعيبَ أتت تدعوه في خَجل ِ
وسار موسى أمامَ البنتِ مُحتشم ِ
وحين كان اللـُقا في بيتِ شيخِهم ِ
أفضى الكليمُ لهُ بكل ِ مُكتتم ِ
أنصت إليه كذا بالبشر ِ طمأنهُ
وقال أنت هنا تأمن من النِقم ِ
جاءت كريمتـُه همساً لتنصحُه
قالت بأن الفتى يمتازُ بالشـيَم ِ
وعـَنّ للأبِ أن يُنكِحْهُ إبنتهُ
ومهُرها حجج ٍ ثمان ٍ من خِدَم ِ
وبعد أن وفـّى موسى كاملَ الأجل ِ
شدّ الرحالَ لوادي النيل ِ في هِمَم ِ
وفي الطريق ِ رأى ناراً على عَلـَم ِ
وأرادَ أن يهتدي في حالكِ الظـُلـَم ِ
قال إمكثوا هاهنا أمراً لأسرتِه
وعساني آتي لكم بالضَي في الدُهُم ِ
لما أتاها رأى شيئاً لهُ العجبِ
نورٌ على نورِها وسناها في ضِرَم ِ
وإذ تدانى له صوتٌ يناديـَه
ناداه ربُ الورى بأحرفِ الكـَلِم ِ
ياموسى إني أنا الرحمنُ فإنتبهَ
واخلع نعالك أنت الآن في حـَرَم ِ
وألقى موسى عصاهُ كان ذا طلباً
من الكريم الذي أصفاهُ بالكـَلـِم ِ
وحين ألقى العصا قد كان في هلع ِ
لما رأى حية ً تسعى وتقتحم ِ
ناداه ربُ السما خُذها بلا وَجَل ِ
واضمُم يداكَ وأنت مُلقيَ السَلـَم ِ
فلمّا ضمَ يداهُ للجناح ِ رأى
لوناً بدا ينجلي كالنور ِ في الأدَم ِ
وأبلغَ الحقُ موسى عن رسالتِه
يـُنقذ عَشيرَتـَه من ذل ِ مُحتكِم ِ
وكان فرعونَ مصرَ في غوايته
يهوى الفسادَ ويُصْمِ ِ القومَ أو يَصِم ِ