آفــــــــــــــاق

الموقع خاص بالكاتب ويتضمن إنتاجه الأدبى المنشور

                         

                             الفصل الثالث عشر

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

    وظل عمر يستطلع أخبار كسرى والعجم لعدة أيام حتى عرف من بعض المسافرين أنهم شاهدوا جيوش العجم تتقدم إلى تلك الجهات وهى بعدد رمال البحر وقد غطت السهول والجبال والأحراش ، فأبلغ حمزة بالخبر ومن ثم فقد أسرع فى تدبير أمر الجيش وتقسيمه ، وبعد أيام قليلة وصل كسرى بجيوشه التى رأى عمر أولها ولم يستطع رؤية آخرها ، وتأمل كسرى جيش العرب وقلة عدده فاطمئن باله خاصة مع علمه بغياب حمزة ومنّى النفس باسترداد أمواله وعودة ابنته مهردكار والقضاء على العرب قضاءً لا تقوم لهم قائمة بعده ، وأمر بضرب الخيام ورفع بيكار الاشتهار أمام صيوانه ..

    وفى الصباح نهضت العرب ونظرت إلى البر فارتاعت من كثرة العساكر وانبهرت من علم كسرى بيكار الاشتهار الذى يساوى خزائن الأرض ، تأمله حمزة طويلاً وتوعد بالحصول عليه وأقسم اندهوق أنه سيساعده فى ذلك وبينما هم يتحدثون إذا بفرقعة شديدة فخرجوا يستطلعون الأمر وإذا بالمارد كندك خادم الملكة أسما برى زوجتة حمزة التى تركها فى جبال قاف فسلم على الأمير وأخبره أن سيدته حين عرفت أنه سيقاتل كسرى أنو شروان أكبر ملوك الأرض قد أرسلت له صيوان أبيها أليون وهو أعظم من صيوان كسرى بآلاف المرات ، فرح حمزة فرحاً شديداً وشكرأسما برى فى نفسه وعلم مقدار حبها له وأمر بنصب الصيوان وسط المعسكر فنصب فى الحال ..

    أما كسرى فقد اجتمع بوزراءه فى صباح ذلك اليوم وفى مقدمتهم بختك وقال موجهاً كلامه لبختك : " بما أن حمزة غائب فلا شك أن جنوده الآن كالأغنام دون راعٍ وفى اضطراب عظيم فاكتب إلى ملكهم وادعوه إلى الطاعة وهدده بالموت إن امتنع عن التسليم .." وكتب بختك الكتاب بهذا المعنى ثم ختمه بخاتم كسرى وأرسله مع أحد الحجاب وأخفى حمزة نفسه عن الرسول وتولى النعمان الرد قائلاً : " ارجع إلى الملك وأخبره أن الرد سيراه فى الميدان وأن السيف هو الحكم بيننا وبينه وعاد الرسول بالرد

فتملك كسرى الغيظ والحنق وتوعدهم بالويل والثبور وعظائم الأمور ..

    ما إن بزغ الفجر بنوره ولاح حتى استعد كل فريق وانتظمت الصفوف وتأهبت للقتال ومع شروق الشمس التحم الفريقان ، وجرت الدماء على الأرض كالأنهار ، وتساقطت الفرسان كأوراق الأشجار حين تضربها العواصف والأمطار ، وقاتل أبطال العرب قتال الشجعان كأنهم مردة الجان ، لكن كثرة أعداد العجم كانت تضيق عليهم المجال ، ورغم كثرة من سقط منهم إلاّ أنهم كانوا يتقدمون وفرسان العرب تتأخر وسُرّ كسرى وبختك وظنا أن النصر قريب ، ولاحت بالقرب من ميدان القتال رايات أندلسية تخفق وجيوش حبشية تتقدم مسرعة ، ثم انقسموا قسمين ، قسم مال لجهة الشمال فى مقدمته عمر الأندلسى على رأس ثمانين ألف مقاتل ، وقسم مال لجهة الجنوب على رأسه الملك النجاشى فى مائة وعشرين ألف مقاتل ، وفى الحال باشروا القتال فارتاع كسرى وأمر جنوده بالتراجع حتى لا يحيط بهم العرب من كل جانب فيكون فى ذلك فنائهم ، واستمر القتال إلى قرب الزوال ، ودقت طبول الإنفصال فرجع الفريقان إلى الخيام وقدم حمزة الشكر لعمر الأندلسى والملك النجاشى وافتقد حمزة معقل البهلوان فسأل عنه ولم يجبه أحد فخاف أن يكون قتل وتحدرت دمعة من عينيه لكن عمر طمأنه بأنه لم يشارك فى القتال اليوم وباتوا تلك الليلة يتحارسون إلى أن أشرقت شمس اليوم التالى فاصطف الصفان وتقدم العسكران ، ورفعت رايات الأبطال والفرسان ونشبت نار الوغى واضطرمت ، واشتبكت الجيوش واصطدمت ، وطاف ملك الموت يقبض الأرواح ويخطف النفوس ، وصال أبطال العرب وجالوا ، وفعلوا بجند الأعاجم الأفاعيل وكسرى ينظرماحل برجاله وما يقع على أبطاله فاسودت الدنيا فى عينيه وراح يجادل بختك ويلومه على سوء تدبيره وبختك يحاول تهدأته ويطالبه بالصبر ويمنيه بقرب النصر على يد صهره زوبين ، وقطع حديثهما صوت جلبة شديدة بقربهما ، نظر كسرى أمامه وإذا بجيش الحرس مضطرب يميل من الشمال إلى اليمين ويتقهقر ويتأخر ، واخترق أذن كسرى صوت لا يمكن أن يخفى عليه فقد بعث الرعب فى قلبه حتى كاد ينخلع،كان صوت حمزة ينادى " أنا حمزة البهلوان .. نقمة كسرى أنو شروان " وطار الحرس من بين يديه وصرخ كسرى فى وجه بختك .." ويلك يا خبيث يا غدار ، تقول أن حمزة فى جبال قاف وها هو وسط عساكرى وقد فرق حرسى ..؟ " وكان حمزة قد وصل إلى بيكار الاشتهار ومن خلفه الاندهوق وبين يديه عمر العيار وضرب كل من حول العلم وانتزعه من حامله وسلمه لاندهوق وعاد إلى مداومة القتال ..

    صاح كسرى طالباً الفرار خوف الوقوع فى يد حمزة فأمر بختك الحجاب أن ترفع كسرى والصيوان وتسرع فى التقهقر والفرار ففعلت فى الحال واستدار جند العجم وولوا الأدبار والعرب خلفهم تضرب أقفيتهم حتى حجبهم الظلام فعادوا يجمعون الأسلاب والغنائم وكانت شيئاً كثيراً لا يحصيه العد من خيول ومؤن وخيام ودواب وأخذوا يهنئون بعضهم البعض ، ونظر حمزة حواليه فلم ير معقل البهلوان فازداد قلقه ولكن عمر طمأنه ووعده بأنه فى الصباح الباكر سيبحث عنه بنفسه ولابد أن يجده ، وبالفعل ما إن أشرقت الشمس حتى انطلق عمر فى البرية بعد أن أوصى رجاله باليقظة على أبطال العرب للبحث عن معقل واختار الطريق غير المطروق وظل سائراً حتى الظهر وحانت منه التفاتة فشاهد عن بعد فارساً يسير إلى جهة معسكر العرب فأسرع نحوه وإذا به معقل ومن خلفه هودج على دابة يقودها جماعة من العبيد ، سلم عليه عمر وأخبره بقلق حمزة عليه وسأله عن حاله فأخبره بقصته منذ خرج للصيد حتى التقى بتلك الفتاة التى فى الهودج فأحبها وأحبته وجاء بها ليتزوجها ، وعندما عرف من عمر أن العجم قد انهزموا لم يكد يصدق إذ كيف وهم بهذه الأعداد الغفيرة يدحرون فى ثلاثة أيام فقط ..

    وعادا معاً وقرت عين حمزة ، بعد أن استمع إلى قصته وفاتحه معقل برغبته فى الزواج من درة الصدف بنت ملك مصر وذات الجمال التى أحبها أثناء رحلة الصيد وهنا أطرق حمزة طويلاً فقد رأى أنه يظلم مهردكار بعدم زواجه منها حتى الآن ، وكذلك الأميرة سلوى التى تنتظر وصاله هى الأخرى ولذا اشتعلت الفكرة برأسه .. لم لا يفعل الآن ..؟ رفع رأسه وأنهى للجميع استقرار رأيه على إقامة عرسه مع عرس معقل وساد المعسكر موجة فرح وسرور ، وذهب حمزة ليزف الخبر إلى مهردكار فكاد قلبها يطير من الفرحة وانتهزت الفرصة وطلبت منه العفو عن أخيها فرمزتاج فأجاب طلبها على الفور وفك وثاقه بنفسه واعتذر له وأجلسه وسط السادة فصفا قلبه من جهة حمزة وأحبه والتمس لأخته العذر فى تمسكها به ، وأقيمت الأفراح لمدة خمسة عشر يوماً ولعب الجميع ورقصوا ابتهاجاً ببطلهم وسيدهم حمزة العرب ، وختموا أفراحهم بالصلاة شكراً لله على توفيقهم ونجاحهم وما أولاهم من نصر ودعوا لأميرهم بطول العمر ودوام السعادة ، وكان حمزة يقضى معظم وقته مع مهردكار وأثار ذلك حفيظة الأميرة سلوى وحرك غيرتها فطلبت الذهاب إلى مكة وحاول حمزة إثنائها عن عزمها واستعان بأخيها المعتدى فلم يفلح فأرسلها إلى مكة فى حراسة الأمير عقيل وودعها بدموعه ، ثم التقى بفرمزتاج وخيره بين البقاء معهم وبين العودة لدياره فاختار العودة على أمل أن يصلح بينه وبين أبيه الملك كسرى وأوصته مهردكار بأن يبذل جهده فى ذلك الأمر فوعدها وودعه حمزة بعد أن هيأ له كل ما يلزمه فى رحلته ، ثم اجتمع حمزة بقادة جيشه لتبادل الرأى والمشورة وانتهوا إلى أنه من الأفضل الانتقال إلى مدينة حلب وهناك يمكنهم استطلاع ما ينوى عليه كسرى فهم على يقين أنه لن يسكت على هزيمته ولابد أن يعاود الحرب ، وتهيأ الجيش للتحرك باتجاه حلب واستقبلهم ملكها نصير بالترحاب وضربوا خيامهم وأرسل حمزة عمر العيار ليستطلع أخبار كسرى ، فذهب وعاد سريعاً ليخبرهم أن كسرى لا يزال على نية القتال وأن حول المدائن جيوشاً كثيرة وانضم إليه ابن عمه أفلنطوش وابنته وتدعى طوربان وهى تدعى البسالة والإقدام وقد وعدت بكسر العرب وقتل فرسانهم وأخبرهم أيضاً بما قاله الوزير بزرجمهر عن أيام النحوس ، ورأى حمزة أن يتحركوا إلى المدائن ولما وصلوا ضربوا خيامهم فى ناحية متسعة ونصب حمزة صيوان أليون شاه وسط المعسكر وضرب عند بابه علم بيكار الاشتهار ، ومع شروق الشمس بدأت المعركة وأبدى أبطال العرب من البسالة والشجاعة ما عجل بظهور بوادر هزيمة للعجم فاجتمع كسرى بوزراءه وطلب منهم أن يجدوا طريقة للخلاص مما هم فيه وإلاّ دخل حمزة المدينة ولم يكن أمام بختك غير الغدر فاصطحب زوبين إلى قصره وأعطاه ثلاث حربات مسمومة إذا لمست واحدة منهن جسد حمزة فلا مفر من موته بعد ساعات قليلة ، وحدث ما حدث فى المرة الأولى فأسرع عمر إلى بزرجمهر وكان قد أعد الواء لعلمه بما حدث من بختك وأعطاه لعمر ونصحه بأن يرحلوا الليلة دون تأخير إلى حلب ولم يكن أمام العرب إلاّ أن ينفذوا كلام الوزير لشدة ثقتهم فيه وفى الصباح وجد العجم الميدان وقد خلا من أى أثر للعرب فأيقنوا أن حمزة قد مات ورأى كسرى أن يرسل خلفهم جيشاً بقيادة أفلنطوش وزوبين ، ووصل جيش أفلنطوش إلى حلب ولم يكد فرسان يحصلوا على قسط من الراحة ، ناهيك عن انخفاض معنوياتهم بسبب ما جرى لحمزة وبدأ جيش العجم يضغط على العرب حتى بدأوا فى التقهقر للخلف وأيقن العجم بقرب انتصارهم ، ولم يلبثوا أن سمعوا صيحات تصم الآذان وسيوف تضرب رقابهم من الخلف فارتبكوا غاية الارتباك فى الوقت الذى اشتدت فيه قلوب العرب عندما أحسوا بالنجدة التى وصلتهم ولا يعرفون عنها شيئاً وكان على رأس هذا الجيش شاب أمرد قوى البنيان سريع الحركة يشبه قتاله قتال حمزة فى عدم ثباته بمكان واحد وقوة ضرباته ، وعلم حمزة بما حدث فطلب رؤية ولما تأمله وهو واقف أمامه تحرك قلبه بين جنبيه وحن إليه ، وإذا به ابنه من زوجته اليونانية زهربان ، لم يطق صبراً على الانتظار حين علم بإصابة أبيه وكانت أمه تخفى عنه حقيقة والده وهو صغير ولم تبح له بالحقيقة إلاّ بعد أن علمت بإصابته وجاءت معه اليوم للإطمئنان عليه ..

samibatta

أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى ، كما أرجو أن تتواصل معى وتفيدنى بآرائك ومناقشاتك وانتقاداتك ..

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 213 مشاهدة
نشرت فى 2 يونيو 2014 بواسطة samibatta

ساحة النقاش

سامى عبد الوهاب بطة

samibatta
أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى على صفحات هذا الموقع .. كما أرجو أن تتواصل معى بالقراءة والنقد والمناقشة بلا قيود ولا حدود .. ولكل زائر تحياتى وتقديرى .. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

89,966