آفــــــــــــــاق

الموقع خاص بالكاتب ويتضمن إنتاجه الأدبى المنشور

                            

                         الفصل الحادى عشر

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

    وبعد أيام قليلة صار الأمير قادراً على الحركة وركوب الخيل وشيئاً فشيئاً عاد إلى حالته الأولى ..

    وصلت الأخبار بقدوم الأعجام بجيوش كالجراد المنتشر وجمع حمزة قادة جيشه وأبلغهم الخبر ففرحوا بقرب القضاء على العجم والتخلص من حكمهم نهائياً ، ووقف عمر وسط الديوان فجأة وقال إنى أعرف أن النصر سيكون حليفنا فى النهاية ولكن عليكم ألاّ تباشروا حرباً ما لم يأمر الوزير بزرجمهر لأننا فى المرة الأولى خالفناه فعاد ذلك علينا بالوبال وكدنا نفقد الأمير حمزة ولولا الدواء الذى أعطانا إياه والذى لا يعرف سره سواه ما شفى الأمير من جرحه المميت ، استصوب الجميع هذا الرأى وعزموا على اتباعه ولم يخرجوا للقتال ..

    حاصر كسرى المدينة من كل جانب ، وأرسل كتاباً للملك النعمان يهدده فيه ويطلب منه العودة إلى طاعته وإعادة الأميرة مهردكار وعززة مكرمة وفى خدمتها الأمراء مع ذلك الذى تجرأ على سبيها وإلاّ زحف بجيشه الذى لا يحصيه عدّ ويبيدهم عن آخرهم وأرسل الكتاب مع أحد حجابه ، دخل الرسول بالكتاب على الأمير ابراهيم فى ديوانه وحوله القادة والملك النعمان ، وما إن رأى الأمير حمزة يتصدر المجلس حتى وقف مذهولاً يبحث عن لسانه وأدرك عمر حاله فصاح به أن تقدم أيها الأعجمى وقبل يد أميرنا وسيدنا حمزة العرب كى تنال إنعامه ، وإن كنت تحمل كتاباً فأظهره فى الحال تقدم الرسول ويده ترتعش وسلم على الأمير وأعطاه الكتاب ، رأى حمزة أن الكتاب باسم الملك النعمان فأعطاه له ليقرأه علناً وهنا أيقن الجميع أن كسرى يظن أن حمزة قد قتل وهذا ما جعلهم يطمعون فى المجئ على أمل إبادة العرب واستخلاص الأموال وإعادة الأميرة مهردكار ، ولما فرغ النعمان من قراءة الكتاب سكت الجميع فى انتظار رد الأمير ، وجاء الرد سريعاً إذ قال للرسول إن العرب قوم اعتادوا على السعى للفخار وركوب الأخطار ولا يرضون بالذل والطاعة لأجنبى بعد أن تسنى لهم أن يرفعوا نير الأعجام ويحرروا أنفسهم من ظلمهم وظلم ملكهم ووزيره بختك الخائن الغدار ، قل للملك ألاّ جواب عندنا غير الحرب والطعان ، بلغه ذلك شفاهة ، ولك أنت الإكرام ، ثم أمر له بألف دينار ..

    عاد الحاجب بالرد للملك ، ولما سمع كسرى ذلك تكدر حاله وشعر أن السماء قد انطبقت على رأسه ، وأما بختك فقد انفطرت مرارته ولو لم يكن به ظل من شك لوقع ميتاً ، وأخذ يراجع الرسول أكثر من مرة ليستوثق أنه حمزة بشحمه ولحمه والرسول يؤكد له أنه هو فهو يعرفه جيداً وأره الألف دينار التى أنعم عليه بها ، ومع ذلك لم يقتنع بختك كل الإقتناع ..

    بعد أن انفض المجلس اجتمع بختك بزوبين الغدار فى الليل ، وبدأ بعتابه على لأنه لم يتأكد من إصابة حمزة ، لكن زوبين أكد له أنه أصابه وأنه شاهد بنفسه دمه وهو يقطر من السيف ، وحدث بختك نفسه بصوت سمعه زوبين " ربما كان ذلك الرجل شبيه بحمزة وأنها حيلة من حيل العرب التى يجيدونها ، لأنه لو كان حياً لما صبر على الحرب .." ثم وجه كلامه لزوبين ، " أرى أنه من الأفضل أن تهجم أنت ورجالك فقط على المدينة فى الصباح دون بقية الجيش فتدك أسوارها وتبدد شملهم فيعرف كسرى أنك الفارس الأول على بلاده وتفوز بمهردكار .." .. استحسن زوبين هذا الرأى وعزم على تنفيذه فى الصباح ، وفى تلك الليلة شعر عمر بالخطر وخمن أن الأعجام يمكن أن يبكروا بالهجوم  على المدينة فأسرع وجمع عياريه واتجه للناحية التى يعسكر فيها جيش زوبين ووزع عليهم النبال وجاء أيضاً بالثمانمائة فارس رجال حمزة الأخصاء وعين لهم مكاناً حصيناً وأوصاهم بأخذ النبال وأخبرهم أنهم لن يقاتلوا الأعجام إلاّ بعد أن يأمر أخيه حمزة حين يأتى الزمان الموافق للقتال وليس مطلوب منهم الآن إلاّ الدفاع إذا هاجم أحد المدينة ، وظلوا كامنين فى أماكنهم حتى الصباح ، وكما حدس عمر فقد رأوا جيش زوبين بعد شروق الشمس يتقدم نحو المدينة ، وأمر عمر ألاّ يطلقوا نبالهم إلاّ بعد يفعل هو ، وظل صابراً حتى توغلوا فى طريقهم وأصبحوا قرب المدينة بمسافة قصيرة وهو يشعرون بالأمان وهنا صاح عمر من الأعالى آمراً بالضرب وأطلق سهمه وفى لمح البصر كانت السهام تنهال كالمطر على جنود زوبين فساد الإرتباك بين صفوفهم وعميت أبصارهم وطلبوا النجاة بالفرار بعد أن هلك منهم ما يزيد على العشرة آلاف ، وكان زوبين نفسه من أوائل من لاذوا بالفرار ..

    بعد ما أصاب زوبين من فشل وذل ذهب إليه بختك ليسرى عنه قائلاً أن العرب ما استخدموا هذه الحيلة إلاّ عن ضعف وخوف ، وأنها بلا شك من حيل العيار عمر الملعون ، وقال كسرى أننا لا ينبغى أن نباشر حرباً مع العرب ، والأفضل أن نسد عليهم كل الطرق والمنافذ ومتى فرغ طعامهم يلجأون إلى الخروج وهو جياع فنتمكن منهم  واستحسن الأعجام هذا الرأى فتوقفوا عن الهجوم وشعر العرب بنيتهم ، وتحدث حمزة مع عمر فى هذا الأمر وطلب منه أن يستشير الوزير بزرخمهر ويسأله عن الموعد الموافق للقتال ، لأنه لو طالت مدة الحصار لن نجد ما نأكله ، فطمأنه عمر وأكد له أنه سيذهب إلى الوزير عندما يجن الليل ويأتيه بالجواب ، وما إن أرخى الليل سدوله على الدنيا وساد الظلام حتى استعد عمر وتزيا بزى الأعجام وانطلق إلى معسكرهم ودخل على الوزير ، أخبره أن أخيه حمزة قلق ويتعجل الحرب ويسأل ألم يحن الوقت بعد لبدء الحرب ، قال الوزير : " بلغه سلامى وقل له اصبر لبعض الوقت ولا تتعجل ، الحرب قادمة لا محالة .." فأبدى له تخوفه من نقص المئونة وصعوبة اختراق ذلك الحصار المضروب حول المدينة ، فطمأنه الوزير وأخبره أن هناك قافلة كبيرة قادمة مع عبيد زوبين ربما تصل بعد يوم أو يومين تحمل المؤن والطعام لجيش كسرى فهو مثلكم لا يستطيع أن يحصل على طعام من هذه النواحى ، وهنا لمعت عينا عمر وسر فى داخله وقال فى نفسه " هذه غنيمة باردة وصلت إلينا ولا أسمى عياراً إن لم أحصل على هذه القافلة " وعاد عمر إلى المدينة وأخبر حمزة برد الوزير وانصرف ، اختلى بنفسه وأخذ يفكر فى خطة للحصول على القافلة وبعد أن اختمرت الخطة فى رأسه الصغير ابتسم فى داخله وعلى الفور راح يكلف كل شخص بالدور الذى سيقوم به ، وقد احتاج فى هذه العملية للفرسان اندهوق وأصفران ومعقل البهلوان وبشير ومباشر وقاهر الخيل والمعتدى وكان على بعضهم حماية العبيد الذين سيقومون بقيادة الجمال والنوق التى تحمل المؤن ، وبعضهم يصرف انتباه الأعاجم بالهجوم عليهم حتى تمر الدواب ، أما هو فقد كان عليه الاحتيال على العبيد الذين يقودون القافلة بأن دخل فى وسطهم على أنه من عبيد كسرى وسقاهم خمراً مزجها بالبنج دون أن يشعر أحد حتى فقدوا الوعى تماماً ثم قضى عليهم جميعاً بمساعدة بعض عياريه ، وهكذا وصلت المؤن والأطعمة إلى المدينة وحرم منها كسرى وجيشه وهو ما كاد يصيبه بالجنون ، وتملك الغيظ والقهر الوزير بختك وعرف أن هذا العمل لابد وأن يكون من تدبير عمر وقال وهو يجز على أسنانه لسوف أصبر على هذا الملعون ابن الحرام حتى يقع فى يدى فأقدمه ذبيحة للنار بعد أن أذيقه أشد العذاب ، وقال الملك متحسراً " إنه من اللازم الآن أن نرسل بأسرع وقت من يأتينا بالطعام والمؤن من المدائن ، ولن أبرح هذه الأرض حتى أهلك العرب عن آخرهم وأما بزرجمهر فقد سر فى فؤاده عظيم السرور ومدح عمر قلبه عمر وتعجب من قدرته على الاحتيال والخداع ، وسهره على نجاح العرب ، أما عمر فقد كانت سعادته بالغة لا سيما وأن الكل شكره وأثنى عليه وأجزلوا له الهبات من المال ليوزعه على عياريه وبعد أيام قليلة عاود زيارته للوزير بزرجمهر وعندها أخبره بأن الوقت قد حان للقتال وانتهت أيام النحوس فكاد عمر أن يطير من الفرح وأسرع إلى حمزة ليزف إليه البشرى ، وعم الجميع فرح كبير وسرت موجة من النشاط سائر الجند وهم يجهزون العتاد والخيول للحرب والنزال ..  

samibatta

أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى ، كما أرجو أن تتواصل معى وتفيدنى بآرائك ومناقشاتك وانتقاداتك ..

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 245 مشاهدة
نشرت فى 26 مايو 2014 بواسطة samibatta

ساحة النقاش

سامى عبد الوهاب بطة

samibatta
أهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ .. أرجو ألاّ تندم على وقتك الذى تقضيه معى على صفحات هذا الموقع .. كما أرجو أن تتواصل معى بالقراءة والنقد والمناقشة بلا قيود ولا حدود .. ولكل زائر تحياتى وتقديرى .. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

89,696