لم نعد نسمع بشيء اليوم في سوريا يسمى بهيئة مكافحة البطالة والتي أنشأت بموجب القانون رقم 71 لعام 2002 المتعلق بإحداث الهيئة التي كانت و على مدى خمس سنوات برنامجا حافلا و مدعوما من كافة أجهزة الدولة و البرنامج الإنمائي يدعم الشباب مؤسسو المشروعات الصغيرة ضمن تعليمات تنفيذية خاصة بهم .

و اليوم و بعد مرور أعوام على انتهاء العمل بهذه الهيئة و التي لم نلمس لأهدافها المعلنة أية نتيجة لا بد من إجراء تقييم بسيط و موضوعي و شفاف لأعمالها فمازال البعض مستمر في مشروعه الذي بناه بمساعدة برامج الهيئة و البعض حسن من مستواه و زاد رأسماله و وسع مشروعه بجهده و عمله الدءوب و البعض الأخر لم يستطع التقدم خطوة واحدة و مازال يرواح بالمكان نفسه الذي بدأ منه و البعض الآخر قام بإنهاء ما بدأه مع تراكم الديون و وقوعه في عجز القرض و فوائده  و البعض يعاني مع المصرف الوسيط بالحجز على الكفالة أو رواتب الكفلاء لأسباب إما تكون شخصية و متعلقة بعدم الخبرة أو بسبب تدوير الديون و إما يكون بسبب ارتفاع كلفة قرضه عن إيراداته و كل ما سبق سببه عدم توخي الدقة و المصداقية في إعداد الدراسات الفنية و المالية  .

 وبالعودة إلى آليات عمل هيئة مكافحة البطالة سنجد أنها قدمت لمستفيديها الدراسات الفنية و المالية و أيضا التمويل لمشاريعهم من خلال الوسطاء المصرفيين و التي تعددت أوجه تلك المشروعات و سللها من زراعية و صناعية و خدمية و تجارية , فقد ساهمت تلك المشروعات و على مدى ستة سنوات من العمل الدؤوب على مساعدة الشباب الوافدين الجدد إلى سوق العمل من تمكينهم لرؤية مستقبلهم بالصورة الأوضح , كما اهتمت الهيئة بالمرأة و بمشاريعها و قدمت لها المساعدة و التدريب و العناية .

لقد وجدت الهيئة في القسم الأخير من عمرها الأخطار الكبيرة في المشاريع الزراعية و الحيوانية و التي أقدمت الهيئة في بداياتها على دعم تلك المشروعات إلا أن نسب التعثر كانت في ازدياد لذلك جاء قرار إيقاف تلك المشاريع , عدا المشروعات الزراعية ذات المخاطر الأقل , ومع ذلك فقد بلغ عدد القروض الممنوحة من الهيئة وحسب تصريح لأحد المسؤولين فيها 81923 مشروع .

 فقد مولت الهيئة 27314 مشروعا صغيرا و 54447 مشروعا اسريا عن طريق الوحدات الإرشادية في المناطق الريفية ووسعت 33 مشروعا و منحت قروضا إضافية 129 مشروعا , فمن يقرأ تلك الأرقام بتمعن لابد له أن يفكر إن تلك الأرقام تنعش اقتصاد أي بلد في العالم مهما كانت ظروفه الاقتصادية إلا أن تلك المشروعات تعرضت للكثير من الاضطرابات فسوء المناخ الاستثماري للمشاريع الصغيرة كان سببا أساسيا في عدم إيجاد آليات تصريف المنتجات و الخدمات و سوء اختيار طبيعة و مكان و حجم و إدارة تلك المشروعات من قبل الهيئة نفسها أعطى طلقة الرحمة لنجاح الهيئة مما اثأر تساؤلات كثيرة و جدالا حول استمرار الهيئة في عملها , فالهيئة كانت عملاقا يواجه صعابا كبيرة و تخبطت بالعديد من الآراء و القرارات دون الاستفادة من أخطائها مما أوصلها إلى النتيجة التي وصلت إليها و هي تغيير مسار عمل الهيئة من هيئة ممولة إلى هيئة مدربة ووسيطة فقط .

فصعوبة تحقيق شروط الترخيص التي تتطلب للمشروعات الصغيرة و المتناهية في الصغر التي تمولها الهيئة أعطى مبررا لضعاف النفوس أن يستغلوا المستفيدين و يبتزوهم و لكن في النهاية يصعب الحصول على ترخيص نهائي إلا في المناطق الصناعية و لتحقيق هذا الشرط اما ان يكون رأس مال المشروع كبيرا أو أن يكون المشروع نفسه قائما منذ سنوات و هذان الامران يخالفان خط إقراض الهيئة فالمشروعات صغيرة و متناهية في الصغر و من شروط منح القرض في الهيئة الا يكون قائما اذا فالترخيص وقف عقبة امام اغلب مشروعات الهيئة فالدفعة الثالثة لا تمنح و يطالب المقترض برد كافة المبالغ و الا سيلاحق قضائيا .

و أيضا الوسيط المصرفي الذي غالبا ما عمل  بعضا من موظفوه على ابتزاز المقترضين في كل خطوة يبتز المقترض مما يرفع مبلغ التكلفة التشغيلية للمشروع على حساب البضائع و الموجودات , و ما ساعد في فشل البعض من المشروعات هو عدم وجود خبرات كافية في الهيئة للقيام بهذه المهمة الاقراضية فالإقراض خاصة في مجال المشروعات الصغيرة يتطلب موظفين ذوي مهارات محددة في الدراسات و الكشوفات و القرارات و أيضا في التشريعات التي تصدر أو تقترح .

فالهدف الأساسي من خلق منظمة حكومية مدعومة للحد من تفشي البطالة في المجتمع السوري لم يستطع الوصول إلى هدفه الرئيس رغم أن الهيئة و ضمن حساباتها في نهاية عام 2006 فقد وفرت 196249 فرصة عمل للشباب .

و كي نستفيد من هذه التجربة علينا تقبل أي رأي و أن لا نغضب و نثور لمجرد النقد و إن كان نقدا بناء يساهم في تجاوز أخطاء الماضي فالوطن للجميع و المجال مفتوحا أمام الجميع ليدلوا بآرائهم علنا نصل إلى نقطة تساعدنا في النهوض بالواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه العاطلون عن العمل و حتى الذين يعملون ليسوا بأوفر حظا .

                                                                           سامر النقيب

                                                                     [email protected]                  

  • Currently 180/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
60 تصويتات / 231 مشاهدة
نشرت فى 7 يوليو 2009 بواسطة samerun

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

6,113