جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
شذرات من أنين العصر ( 14 )
الحقيقة ..أننا لا نعرف وما عدا ذلك فهو
{ حقين }
[ الحلقة الخامسة ]
﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )
[ سورة فصلت : 53 ]
صدق الله العظيم
إن آيات الله عز وجل في الآفاق ، كثيرة لا تُعد ولا تُحصى ، منها ما نعلمه ، ومنها ما خُفي عنا حتى حين ، وكثير جداً لن نُحصيه حتى يمكننا أن نعلم عنه شيئاً ، ولكن هل ما نعلمه من الآيات سواء أكانت كونية ، أو كانت في أنفسنا نعلم حقيقتها بالكامل ؟
وحتى لا نُعسّر على أنفسنا الأمر ، سنسأل سؤال ..
هل هُناك آية واحدة ، من كل آيات الله عز وجل التي ، لا تُعد ولا تُحصى .. استطعنا أن ندرك مكنونها ، وأسرارها بالكامل ؟
الإجابة بالطبع هي لا ، وإليك الدليل عزيزي القارئ ..
غير خاف على أحد أن آيات الله سبحانه وتعالى ، في الآفاق وفي أنفسنا جميلة أخاذة ، وأنها تسمو بالإنسان ، وتحمله إلى عالم فريد من التجاوز والتسامي ، وهذا عالم يعلو فوق مدارك الحواس المادية ..
إنه عالم التأمل ..
والصمت ..
والإصغاء ..
والخشوع والتدبر ..
والقرب .
تأمل قول الله عز وجل ..
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
"سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى { 1 } الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى { 2 } وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى { 3 } وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى { 4 } فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى { 5 } سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى { 6 } إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى "
[سورة الأعلى ]
صدق الله العظيم
فالتسبيح هو أحد وسائل الإنسان للسبح ، والتفكر في خلق الله جل عُلاه ، وهو بوابة الولوج إلى عالم المكاشفة ، والمؤانسة ، فحينما يَسبح الإنسان في عالم ما فوق الحواس سيدرك جزءاً من عظمة الآية الكريمة .. " الذي خلق فسوى "
ولنأخذ الشمس كمثال على ما تقدم ..
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)
[سورة الأنعام : 79 ]
صدق الله العظيم
من منا لا يعرف الشمس ؟
ومن منا لا يُدرك قيمتها وأهميتها ؟
ومن ذا الذي يمكنه أن يغفل تلك ، التي يُضرب بها المثل دائماً في التعبير عن الحقيقة الساطعة ، والبرهان الواضح ؟
لكن بالرغم من ذلك فالواقع يقول أن هناك ، العديد من المعلومات ، ما تزال خافية علينا جميعاً .
فجميعناً يعلم أن الشمس ما هي إلا كرة ، هائلة الحجم من ، الغازات الساخنة ، تزيد في حجمها عن كوكب الأرض ، بملايين المرات ، وأن هذا النجم الشديد السطوع ما هو إلا ، نجم عادي من ضمن مليارات النجوم الأخرى التي لا تُعد ولا ، تُحصى .
إن أهمية الشمس للحياة على الكرة الأرضية ، تفوق على ما يزيد عن (150) بليون نجم آخر في مجرتنا المسماة بمجرة درب التبانة فقط .
ناهيك عن المجرات الأخرى ، التي تحوي عدداً من النجوم لا يمكن إحصاؤه .
لكن ما هي الشمس ؟
إنها عبارة عن مجرد مفاعل نووي كبير ، وفي الأجزاء المركزية لذلك المفاعل ، وعلى عمق (650) ألف كيلو متر من سطحه ، يتحول هناك في كل ثانية ما يقرب من ( 500) مليون طن من نوى الهيدروجين إلى نوى الهليوم ، وهنا بالطبع لا يمكننا التحدث عن درجات الحرارة هناك ، التي تتعدى الملايين ، لكن ما يهمنا هنا أنه خلال تلك العملية ، التي تحدث من الاندماج النووي تنطلق ، وتتحرر كل الطاقة الشمسية ، منتجة لكل ثانية ( 380) تيرا وات .
التيرا الواحدة هي ما تساوي مليون بليون وحدة . فأنظر إلى إبداع الخالق جل وعلا .
حقاً الإرادة تُسّير ، والقدرة تُدّبر .
يُطلق على هذه العملية اسم .. لمعان الشمس ، ومن مركز ذلك النجم المتوهج تنطلق طاقة متحررة ، على شكل إشعاع كهرومغناطيسي في اتجاه السطح ، ذلك السطح يُطلق عليه اسم الكرة المضيئة ، أو الفوتوسفير الذي ينطلق من خلال إشعاع الشمس إلى الفضاء المحيط بها .
لا تتوقع عزيزي القارئ أن كرتنا الأرضية ، تستحوذ على النصيب الأكبر من تلك الطاقة ، بل إن ما يصل إلى الأرض من ذلك الإشعاع ما هو إلا قدر بسيط ، لا يزيد على جزء أو ، اثنين من بليون جزء من إشعاع الشمس بأكمله ، أي ما يُقارب (180) ألف تيرا وات .
وبرغم ضئل هذا الجزء ، إلا أنه يُمثل فيضاً هائلاً بالنسبة للأرض .
قد تفاجأ عزيزي القارئ ، حينما تعلم أن ما تمدنا به الشمس ، من طاقة فوق ما نحتاجه بمقدار (22) ألف مرة زيادة !!
لكن هل استغل الإنسان هذه الطاقة ، التي تكفيه لتغطية احتياجاته الاستغلال الأمثل ، الذي يُغنيه عن أي مصدر آخر من مصادر الطاقة ؟
الإجابة بالقطع هي ..
لا ..
لم يستغل الإنسان إلى الآن ، كل تلك الطاقة النظيفة ، وما زال يُصر على استخدام مصادر أخرى للطاقة ، مدمرة للبيئة التي يعيش فيها .
فالإنسان يستطيع أن يحول ، الطاقة الشمسية إلى طاقة حرارية ..
ويستطيع أن يحولها إلى طاقة كيمائية ..
ويمكنه تحويلها إلى طاقة كهربائية ..
وأيضاً يستطيع أن يحولها إلى طاقة ميكانيكية .
وبالرغم من كل ذلك ، لا يزال الإنسان يتقاتل مع أخيه الإنسان من أجل الحصول على مصدر الطاقة ، الأكثر تلويثاً وتدميراً للبيئة التي يحيا فيها ، ويترك ذلك الفيض الهائل من الطاقة النظيفة التي يستطيع الحصول عليها دون قتال ، أو تدمير !!!
والآن وبعد كل تلك المعلومات التي عرفناها ، عن الشمس هل يمكننا القول بأننا نعرف كل شيء عنها ، أو ندعي أننا قد عرفنا بذلك حقيقة الشمس كاملة ؟
بمعنى آخر هل يمكننا القول بذلك لو طبقنا قاعدة أركان الحقيقة وهي ..
- العلم .
- الزمن .
- المكان .
- الإحاطة .
بالطبع لا وسنجد أننا بالفعل لا نعلم عن حقيقة الشمس ، إلا النُذر اليسير ، وما خُفي علينا من علم عنها أعظم .
فبرغم سطوع الشمس في كبد السماء أمام أعيننا ..
وبالرغم من إحساسنا بها ..
إلا أننا حتى الآن ..
لا نعرف ما هي الحقيقة الكاملة الشمس ..
وهذا ما يؤكد أننا نعيش في ..
عالم بلا حقيقة ..
كاملة .
وإلى الحلقة القادمة إن شاء الله
#الأديب_محمد-نور
*******
مجلة ۞ أكَََـاديمـيـــة المـلـاذ الـأدبـيـــه ۞
...
رئيس التحرير أ/ خوله ياسين
......
رئيس مجلس الإداره أ/ ياسر السمطي