جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
شذرات من أنين العصر ( 17 )
الحقيقة أننا لا نعرف وغير ذلك فهو ..
{حقين }
[ الحلقة الثامنة ]
سنستكمل بمشيئة الله في هذه الحلقة ، بقية الحديث حول معرفة الإنسان ، بربه فقد تبقى من الأسئلة الثلاثة السابقة ، سؤال لم نتحدث بعد عنه لعلنا ،
نصل إلى إجابة له وهو ..
لماذا لم يقل صل الله عليه وسلم " من عرف ربه فقد عرف نفسه " ؟
أو بمعنى آخر ..
لماذا لم يتم تقديم معرفة الرب أولاً ، في الحديث قبل معرفة النفس ؟
وهذا ما يدفعنا إلى سؤال أهم ، وهو ..
لماذا لم يقل صلوات ربي وسلامه عليه " من عرف نفسه فقد عرف الله بدلاً من قوله فقد عرف ربه ؟؟
هنا لزاماً علينا أن نعرف الفرق ، بين لفظ الجلالة ، وبين كلمة رب .
إن لفظ الجلالة هو اللفظ الأعم ، والأشمل ، والأوسع ، وهو اللفظ الذي يحمل ، كل المعاني الخاصة بالألوهية ، والربوبية دون غيره .
أما لفظ الربوبية فهو يُفيد التخصيص ، ولهذا قال عَز من قائل : { الحمد لله رب العالمين - فليعبدوا رب هذا البيت – قل أعوذ برب الفلق – قل أعوذ برب الناس } .
وهنا نجد التخصيص الذي تحدثت عنه فنجد .. { رب العالمين – رب هذا البيت – رب الفلق – رب الناس وهكذا } ، أما حينما أردا سبحانه وتعالى ، أن يتحدث بلفظ التفرد ، والتوحد ، و الشمول فقال : { إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي }
[ سورة طه : 14 ]
أعتقد الآن أن الفرق واضح جداً بين الخطابين .
سيقول قائل أن الله سبحانه وتعالى قال : { الله أحد } – { الله الصمد } ، سأقول له : هنا ذكر جل علاه صفتين من صفات ذاته العلية ، وحينما وصف سبحانه وتعالى نفسه ، وصفها باسمه الذي لم ولن ، يتسمى به أحد غيره أبداً ، وهو الاسم العظيم الأعظم ، المتفرد بالتوحيد ، والعظمة والكبرياء .. الله .
إن لفظ الجلالة في حد ذاته ، هو قمة التوحيد الذي ، لم يلاحظه أحد من المستشرقين ، أو من أولئك الذين يدعون مع الله إلهاً آخر ، فإذا كان أسمه وحده سبحانه و تعالى هو عنوان التفرد والتوحيد ، وهو الاسم الذى لم ولن يتسمى به ، أحد إلا هو ، سبحانه وتعالى فقط ، فما بال كنهه جل جلاله وتقدست أسمائه .
نخلص مما سبق أن هناك أرباب متفرقون ، في حين أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..
إله واحد أحد ..
فرد صمد ..
لم يكن له صاحبة ولا ولد ..
إله لا إله غيره ..
ولا معبود سواه .
وسنجد أننا بالفعل نستعمل كلمة رب ، في كثير من نواح الحياة فمثلاً نقول : ( رب البيت – رب العائلة – رب الإبل – تلد الآمة ربتها .. إلخ )وهكذا نجد أنفسنا أمام أمر خطير ، وهو أن هناك من البشر من كان .. ( المال ربه ، وآخر ربه السلطة ، والجاه ، وذلك ربه الشهرة والغبطة ، وهذا ربه العلم ، وغيرهم ربه البخل والشح .. إلخ ) .
فمثلاً من كان محركه وعشقه المال ، فنجد أن المال هنا هو ربه ، والمقصود بربه في تلك المقولة ، أن المال هو الذي يحركه ويسيطر عليه ، ويدفعه حيث شاء ، وأنه يكون بذلك خادم أمين مطيع لذلك الرب ، بمعنى آخر ..
أن المال هنا هو الذي يربيه على المبادئ التي تخدمه .
وهكذا في كل حالة من الحالات الأخرى ، والفارق بين أن يكون الإنسان هدفه ، ومحركه ، ومربيه ، ومؤدبه هو الله سبحانه وتعالى ، وبين ما دون ذلك إن جاز التعبير ، هو كالفارق بين السماء والأرض ، وإن كان هذا التشبيه ، لا يُمكن أن يقٌارن أو لا يُضارع ، لكن استخدمته بغرض التوضيح فقط لا غير ، ولله المثل الأسمى والأعلى .
وبعدما وفقنا الله إلى الوصول لأحد المفاهيم الخاصة بين لفظ الجلالة ، والعظمة ، والتفرد ، وبين كلمة رب ، نعود مرة اخرى لمحاولة الإجابة ، على سؤال هذا الفصل ، وحسبي في ذلك هو قول نبي الرحمة ، صلوات ربي وسلامه عليه : " أن للمجتهد أجران إذا أصاب ، وأجر إذا أخطأ " .
أسأل الله لي ولكم أن نكون دائماً من أصحاب الأجران .
أولاً : لقد مًنّ الله عز وجل على عباده ، بنعمة أن تندرك أسمائهم وصفاتهم ، تحت أسمائه وصفاته العلية .. كلٌ على قدره فمثلاً ..
" صفات الرحمة ، والعدل ، والإحسان ، والرأفة ، والكرم ، والعفو ، والشكر ، و البر " هي صفات شاء سبحانه وتعالى أن يكون لعباده نصيب منها ، كلُ على قدره ، وعلى قدر إيمانه ، وصدقه ، وإخلاصه ، كذا هي كلمة " رب " فقد سمح الله لعباده أيضاً ، بأن يكون لهم نصيب من تلك الكلمة ، وكما ذكرت سابقاً فهناك : ( ب البيت ، ورب العائلة .. إلخ ) أما الاسم العظيم الأعظم ، المتدثر بدثار الجلال والتفرد والكبرياء .. الله ..
فهو له وحده جل وعلا دون شريك ، ودون منازع ، وهو الاسم الذي لم يسمح لكائن من كان ، أن يكون له نصيب منه ، من الأزل إلى الأبد .
ثانياً : لم يقل صل الله عليه وسلم " من عرف نفسه فقد عرف الله " لأنه لا يُمكن لأى شيء أن يحيط به ، سبحانه وتعالى فهو المحيط بكل شيء ، ولا يحيط به أي شيء .
إننا نعرف عن الله ما أراد لنا أن نعرفه ، وبالقدر الذي تقرره المشيئة لنا ، ولهذا فنحن لا نعرف عنه ، سبحانه وتعالى كل شيء ، فالمعرفة الكاملة ، تعني الإحاطة الشاملة ، وهذا ما لم ولن يحدث أبداً .
ولأن الله واحد أحد فرد صمد ، لا شريك ولا مُنازع له في ألوهيته ، وملكه فلا يُمكن أن يشترك معه شيء ، كالمال أو أي شيء آخر في هذا المقام ، لكن من الممكن أن يحدث ذلك في المقام ، الذي سمح به سبحانه وتعالى أن يكون ، لعباده منه نصيب ، وهنا أعني كلمة " رب " التي سمح الله لعباده أن ينالوا نصيب منها .
ولهذا فلا يُمكن لمن كانت نفسه مادية ، أو آمرة بالسوء أو كانت أي نفس أخرى ، أن تتواجد في حرم ، لم يُسمح لها فيه بالتواجد ، ولهذا فلا عجب ، أن يكون مكانها الطبيعي ، هو ما سُمح لها بالولوج ، والمكوث فيه .
ولهذا قال صلوات ربي وسلامه عليه " من عرف نفسه فقد عرف ربه "
صدق رسول الله صل الله عليه وآله وصحبه وسلم .
وبذلك نكون قد وصلنا ..
بفضل الله سبحانه ..
للإجابة على ..
ذلك السؤال .
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله
*******
#الأديب_محمد_نور
مجلة ۞ أكَََـاديمـيـــة المـلـاذ الـأدبـيـــه ۞
...
رئيس التحرير أ/ خوله ياسين
......
رئيس مجلس الإداره أ/ ياسر السمطي