القصة القصيرة ♠ ♠ ♠ ♠
♠ ♠ ♠ حوار مع مسلم معتدل ♠ ♠ ♠
♠ ♠ هو صديق لى منذ دراستنا فى أمريكا ، تحب أن تسمع منه كلاماً عن الإسلام ، وهو نموذج راقى فى قوله وفى فعله ، حواراته هادئة ومشاعره صادقة ، لدرجة أنك تسعد في الجدال معه.
إشتركنا أنا وهو فى حب الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله ، والذي إعتبرناه أستاذاً لنا ، وعندما نتكلم فى الدين تعلو وجهه إبتسامة رضا بأن الله تفضل علينا بنعمة الإسلام ، وقلت أنك تحب أن تسمع منه ، خصوصاً عندما نتحاور في بعض الأمور الفقهية ، والجميل أنه يؤكد دائماً لكل من يستمع له أن الله أرسل رسوله صل الله عليه وسلم ليكون أولاً رحمة للعالمين وليس فقط للمسلمين ، وما خير صل الله عليه وسلم بين أمرين إلا إختار أيسرهما ، وكان هشاً بشاً ، ودائم القول يسروا ولا تعسروا ، وبشروا ولا تنفروا ، وكان يؤكد أن الله لم يخلق النار ليعذب بها الناس ، بل خلق النار حتى تخاف الناس ، وتفر منها الى الجنة ، ( عجبت من قومٌ يقادون الي الجنة بالسلاسل ) ، قابلته كعادتنا كل شتاء عندما يأتى الى القاهرة فى أجازته الجامعية ففى أمريكا وأوربا الأجازة فى الشتاء حيث ينزل فيه الثلج ، بادرنى بقولة من قال أنه أكثر غيرة على الدين من سيدنا رسول الله صل الله عليه وسلم ، تعجبت من أول قول يقوله لي ، قلت له ، صاحب قليل العقل فقط ، هو من يظن هذا ، قال لى ألا يعلم من يتكلم عن الدين أن الدعوة فى مجتمع جاهلى كافر تختلف عن الدعوة فى مجتمع أغلبه مسلم ، وقد يكون البعض منهم عاص ، حتى مع الكافرين كان أمر الله لنبيه صل الله عليه وسلم هى الدعوة بالحسنى ، ( إدعو الي سبيل ربك بالحمكة والموعظة الحسنه ) ، ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) ، والبلاء كل البلاء أن يعتقد البعض أنه يمتلك الحقيقة المطلقة ، فينفر الناس منه ، وقد ينفر البعض من الدين ، فيكون هو ليس سبباً في الهداية ، بل سبباً في الضلال ، وأنا فى دهشة من تلك الوجوة العبسة والتى تتكلم فى الدين للناس كأنهم هم فقط المهتدون ، بينما باقي الخلق ، فى ضلال مبين ، وأسعدني أنك يا دكتور ، قد كتبت مقالات عن إبن سينا الذي كان يقول " بولينا بقومٍ يعتقدون أن الله لم يهدِ سواهم " ، ضحكت وقلت التاريخ الإسلامى ممتلىء بالخوارج والمعتزلة والجهمية ( أتباع الجهم بن صفوان) وكل من يتصورأنه وحده يحتكر الحقيقة ، والله سبحانه وتعالى رب الكل من الخلق ، خلقهم وهو أعلم بهم ، ولو أراد الله الناس كلهم مهديين ما أستطاع أحدٍ منهم الخروج من طاعة الله ، ولله في خلقه شئون ، فلكل لله عبيد من أطاعه ومن عصاه ، والحديث معك يطول ، ولكن نختم القول ، بأن ندعو للجميع بالهداية ، ورب معصية تولد توبه تدخل الجنة.
♠ ♠ ♠ ا.د/ محمد موسى
