samah.fati

متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا

authentication required

تربية النشء الحديث

<!-- <!--<!-- <!--[if gte mso 10]> <mce:style><! /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;} -->

 

<!--[endif]-->

في هذه الظروف التي تقف فيها البشرية على حافة الدمار، بعد أن دمرت النفس البشرية وأصبحت تتخبط في تصوراتها وأنظمتها، قال تعالى: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) (الروم: 41)، إذا كان هذا هو حال البشرية اليوم من الفساد والانحلال فما هو الخلاص؟

 

إن الخلاص في تكوين مجتمع مسلم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويتحمل تكاليف الدعوة إلى الله، قال تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104) (آل عمران)، وقد آمنا إيمانًا لا جدال فيه بأنه ليس هناك إلا هذه الفكرة التي تنقذ البشرية من هذا الدمار، ألا وهي الإسلام الحنيف ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا﴾ (المائدة: من الآية 3).

 

إننا نريد أن نربي أنفسنا، ليكون منا الأخ المسلم والأخت المسلمة في تفكيرها وعقيدتها، ونربي أنفسنا ليكون منا البيت المسلم فالمجتمع المسلم.. لقد أوضح الإسلام الأساليب التربوية التي تتناسب مع الفرد والأسرة والمجتمع، وبهذه المراحل استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكوِّن الجماعة الأولى.

 

فالقاعدة الأساسية لبناء الأمم هي إعداد الفرد، فإذا ما أحسنا تربيته كان ذلك بدايةً صحيحةً لتكوين المجتمع، ولقد اهتم الإسلام بالنشء، منذ وجوده على قيد الحياة، إلى أن يصير شابًّا قويًّا نافعًا.

 

ويبدأ اهتمام الإسلام بالنشء بحسن اختيار الزوجة؛ التي ستكون وعاءً لهذا الجنين، ثم محضنًا، ثم موجِّهًا وقدوة له.

 

وحين يأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم باختيار الزوجة لا يترك لنا حرية الاختيار؛ بحيث يختار كل رجل ما تشتهيه نفسه بغير قيود، بل حدَّد لنا الصفات التي يجب أن يضعها أمامه الشاب عند اختيار زوجته لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأريع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".

 

فالزوجة التي رشحها لنا الرسول صلى الله عليه وسلم هي ذات الدين؛ بل هي المرأة الصالحة التي تستطيع أن تشارك الرجل في البيت المسلم، وإعداد نشء مسلم، وهي الزوجة المؤمنة التي تؤمن في قرارة نفسها بدورها الكبير، وأثرها الفعَّال، في جو الأسرة، وأنها في سلوكها وحكمتها وحسن مراقبتها لله، يمكن أن تجعل من بيتها جنةً وريحانةً، يحنّ إليها الزوج والأولاد، ليستريحوا من متاعب الحياة خارج البيت، وذات الدين الواعية التي تدرك مسئولية تربية الأولاد، وتحرص دائمًا على التعرف على الأسس التربوية الصحيحة، ومن هنا كانت التربية مهمة خطيرة في حياة الأسرة المسلمة، والأم خاصة لها دور عظيم في تربية تلك اللبنة، خاصةً أن الطفل يولد على فطرته، فإذا تهيَّأت له التربية الواعية نشأ الطفل على الإيمان والأخلاق الفاضلة، خاصةً إذا قدمت له الأساليب التربوية الصحيحة.

 

ويختلف دور الأم عن دور الأب في تربية الجيل، خاصةً في السنوات الأولى؛ لأن عاطفتها أقوى من عاطفة الأم؛ فهي أقرب إلى قلوب الأطفال، ولقد زوَّد الله تعالى الأم بعاطفة تساعدها على القيام بهذا الدور، ولقد ذهب المتخصِّصون التربويون على أن أثر غياب الأم على الأطفال أكبر من أثر غياب الأب.

 

مفاهيم أساسية لتربية النشء

على الأم أن تحرِّر نيتها وتخلص عملها التربوي لله، وأن الإخلاص أساس الإيمان، والإسلام لا يقبل العمل إلا به، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ (الطلاق: 2، 3)، وحين نسمع أو نقرأ عن ما يخططه أعداء الإسلام لغزو المرأة والطفل يدفعنا إلى استشعار المسئولية والتعرف على أصول تربية النشء والتصور السليم للقيام بالعملية التربوية.

 

ويوضح الرسول عليه الصلاة والسلام ذلك قائلاً: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فمصدر المعرفة هنا مأخوذ من عند الله، أي القرآن والسنة؛ لذا كان تأثير أسلوب الرسول صلى الله عليه وسلم له نتائجه التربوية السريعة، على الرغم من الواقع الذي كانت تعيشه البشرية قبل الإسلام.

 

والخطر الذي يهدد العملية التربوية الآن أن فلسفة التعليم الحالية مأخوذة من تصور التربية الغربية، قد يتفق وتصور الغرب في تربية الفتاة مع أساليبهم ووسائلهم، أما التصور الإسلامي لتربية فتياتنا فإنه يختلف كثيرًا عما في الغرب.

<!-- <!--<!-- <!--[if gte mso 10]> <mce:style><! /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tableau Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin;} -->

 

<!--[endif]-->

وكان من نتاج هذه التبعية كمثال أننا نرى بصورة واضحة في الإعلام العربي أن الفتاة تردّد أنها حرة فيما تريد فعله.. نعم هي حرة عندهم تصاحب من تشاء، وتبيت عند من تشاء، وتلبس ما تشاء، بل هي حرة في كل شيء في حياتها، لكن هل هذا يتناسب مع شريعتنا الإسلامية؟! هل هذا نموذج يمكن أن نقدمه للفتاة المسلمة التي هي مسئولة أمام الله تعالى عن أفعالها، ومطالبة بالسير على نهج الرسول صلى الله عليه وسلم، فتتبع ما يأمرها به الإسلام؟!

 

تربية النشء بين الأصالة والتجديد

تقوم التربية الإسلامية أساسًا على الأصالة في مبادئها وقواعدها ومناهجها، ولم يتلقَّ المسلمون عبر العصور المتعاقبة نظريتها عن غيرهم، وإنما استمدوا أصول التربية من القرآن والسنة، وفي نفس الوقت لم يكونوا سلبيين إزاء الحضارات الغربية والعلوم الحديثة حتى أخذوا منها ما يتلاءم مع أوضاعهم، ووفق حاجاتهم، بعد أن صبغوا عليها طابعهم الخاص؛ لهذا صارت العلوم الأجنبية في نهاية الأمر علومًا إسلاميةً تشكِّل جانبًا من حضارة إسلامية متميزة.

 

وما يقال بالنسبة للعلوم الأجنبية يقال بالنسبة للتربية؛ فإن بعض نظم التربية الأجنبية يمكن أن يستفيد منها مسلمون وفق حاجاتهم المتجددة بعد تطويرها بأوضاعهم؛ حتى تصبح في آخر الأمر نتاجًا إقليميًّا ينبض بروح الإسلام ويُصبغ بصبغته العظيمة.

 

ولا غرابة في ذلك فقد وجدنا الإمام الغزالي يدعو إلى الانفتاح على العلوم الأجنبية والأخذ منها بما يتفق مع تعاليم ديننا، والإسلام لا يمانع من الانفتاح على تجارب الآخرين، سواءٌ أساليب تربوية أو نظم دراسية وفق حاجات المجتمع الإسلامي.

 

إن العمل بأصول تربية النشء يحمي المربين من الانزلاق وراء بعض الأساليب والوسائل التربوية التي قد تتعارض مع المنهج الإسلامي في التربية، ويجب أن نعرف أنه كلما كان هناك تناسق بين التصور الإسلامي في تربية النشء وبين الأسلوب المقدم ظهرت النتيجة المرجوَّة.

 

إن التصور الإسلامي لتربية الصبي هو الصحبة والصداقة وإحساسه بكيانه، فقد يكون التصور واضحًا، ولكن الأسلوب المستخدم لا يتناسب مع التصور الإسلامي، وإذا كنا قد أعطينا الصبي حقه في التعبير عن رأيه بشجاعة فهل استخدمنا معه أسلوب الحوار والمناقشة كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع الشاب الذي جاء يستأذنه في الزنا؟ هل أعطينا له مكانته في المجتمع، وفرصته في أن يعبر عن ذاته بما يتفق مع تعاليم الإسلام كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فحين نرى فلسفة التعليم والتربية في الغرب تستخدم أساليب مختلفة في توصيل هذا المفهوم؛ حيث إنها تعطي الصبي الحرية المطلقة؛ فعلينا أن نجمع بين الأصالة والتجديد في اتباع الأساليب التربوية مع أبنائنا؛ فهناك فارق بين تربية النشء على الحرية والجرأة المطلقة دون حدود بين الشجاعة والجرأة المصحوبة بالأدب وكلمة الحق.

 

فهذا الفتى الذي قال لعمر عندما هرب الأولاد لما رأوه وبقي هو، فلما سأله عمر قال له: لم أكن مخطئًا فأهرب منك، ولم تكن الطريق ضيقة فأفسحها لك؛ فهذه حرية في إبداء الرأي ولكنها بأدب حسن وعدم نفاق.

 

مثال آخر.. عندما دخلت مجموعة من الرجال على عمر بن عبد العزيز، فلما تحدثوا تحدث أصغرهم سنًّا فردّ عليه عمر: ألم يكن هناك أحق منك بالحديث ممن هو أسنّ منك؟ فرد الغلام: لو كانت القضية بالسنّ لكن هناك من هو أحق منك بالخلافة يا أمير المؤمنين!! فأُعجب به عمر وتركه يتحدث.

 

فطريقة الإسلام في التربية هي معالجة الكائن البشري كله معالجةً شاملةً دون أن يغفل عن شيء، وما من نظام غير الإسلام يعالج النفس البشرية بهذه الدقة وذلك الشمول؛ فهناك نظم آمنت بالجانب المادي من الإنسان، فصارت تهتم بكل محسوس على الأرض.. زراعيًّا وصناعيًّا.. بل حاولت أن تيسِّر للإنسان كل ما هو محسوس من مأكل ومشرب حتى يسَّرت له قضاء شهواته ثم أغفلت الجانب الروحي، وكانت النتيجة أن استمتع الناس بحياتهم الأرضية أعظم استمتاع، ثم انهار المتاع كله نتيجة خواء الروح من الإيمان والعقيدة؛ بخلاف نظرة الإسلام إلى الإنسان على أنه روح وجسد وعقل في كيان واحد.

 

وهذه الطاقات الثلاثة كلُّ منها يعبَّر عن حاجاتها تعبيرًا فطريًّا يحقق للإنسان التوازن المطلوب في حياته، فإن عبرت واحدة من هذه الطاقات عن حاجاتها تعبيرًا عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها أصيب الإنسان بالاضطراب والقلق وهذا هو ما نجده في المجتمعات الأوروبية لأنها تربط الطفل بالماديات، وطموحات كثيرة، ولهذا نجد النشء الحديث في سباق محموم مع نفسه؛ لا يهمه إلا أن يكون مثل عالم الفضاء أو الفنان الفلاني أو البطل المشهور، وعلينا أن نفهم أنه لا مانع من التجديد في الوسائل التربوية؛ طالما لا يتعارض ذلك مع تعاليم الإسلام.

المصدر: وفاء مشهور
samahfati

عيش بالحب واجعل كل لحظة كأنها آخر لحظة في حياتك

  • Currently 237/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
81 تصويتات / 2862 مشاهدة
نشرت فى 25 يوليو 2010 بواسطة samahfati

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

12,009