المرأة في واحة سيوة

يقول سبحانه وتعالى : وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم: 21].

قبل ان نتحدث عن المراة في واحة سيوة ، لنلقي نظرة سريعة على الواحة نفسها من حيث طبيعة المكان ، والظواهر المناخية التي تتصف بها الواحة فعوامل البيئة أكبر مؤثر في توزيع الادوار بين الجنسين وحتى ترسخ بعض المفاهيم التي يتجاهلها البعض لفهم حقيقة هذه الجوهرة المبهة لزائريها ألا وهى المرأة داخل المجتمع السيوي

سيوة هى احدى واحات مصر فى الصحراء الغربية وهى منخفض من ضمن المنخفضات الكبرى مثل منخفض القطارة ومنخفض الفرافرة ومنخفض الفيوم . وتقع واحة سيوة على بعد65 كم من الحدود الدولية بين مصر وليبيا وحوالى 3000 كم من مدينة مرسى مطروح و600 كم من وادى النيل .

أما الطقس فيسود سيوة مناخ قارى صحراوى لوقوع سيوة فى عمق الصحراء فيكون الطقس شديد الحرارة صيفاً والشتاء دافىء نهاراً شديد البرودة ليلاً ونادراً ما تسقط الامطار فى فصل الشتاء .


في ظل هذه الظروف المناخية والبيئة الصحراوية الجافة الصلبة يأتي دور المراة مطوعة كل قدراتها من أجل ان تكوّن مجتمع مترابط متماسك ليس فقط في الاعمال التي تمس فيها الحاجة اليها كتربية الاطفالوتدبير شئون المنزل وغيرها ، وانما جاء دورها مستغلة كل ما في البيئة من خامات لأجل المجتمع واحتياجاته ، فمنذ البداية عرفت المرأة فى الواحة بالصناعات التي تسمى بالبيئية حاليا وكانت ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها ليكتفي المجتمع ذاتياً ، فكانت تصنع الاواني الفخارية من الطفلة المتوفرة لطهي الطعام وحفظ المياه ونقلها ، وتأتي بعد ذلك صناعة السعفيات التي لا تقل اهمية عنها لسد احتياجات الاسرة ، وبعد صناعة السعفيات تأتي الحرفة التي توجت بها سماتها التي أبهرت كل من وقع نظره في هذا العمل الرائع ألا وهو التطريز الذي كانتولازالت تزين به ملابسها ، التطريز ذو الموتيفات المميزة والالوان الزاهية البراقة ، علاوة على بعض الصناعات المنزلية لتدبير وتوفير الطعام لسد احتياجات العام بأكملة كطحن القمح ، وهرس نواة النخيل لعمل اعلاف للماشية وغيرها من الصناعات التي أختفت مع وجود بدائل حديثة لها وبعضها لازال قائم

ومنذ ذلك الحين تميزت المرأة فى الواحة بالتعاون بينها وبين الرجل من اجل مجتمع مترابط مبني على اسس سليمة من الموده والرحمة بداية من المجتمع الاصغر وهو الاسرة الى المجتمع الاكبر

فالمرأة السيوية كانت ولازالت وستظل رمزاً للعطاء والنماء في سبيل تنمية المجتمع ، الى جانب كل هذه الصفات لقد حظيت المرأة في سيوة بمكانه مشرفة لما يعطيها العرف السائد من حقوق كحق التعليم !!! نعم فالعادات والتقاليد في الواحة لا تميز الفتاه عن الولد فى حق في التعليم فمنذ ان دخلت الكتاتيب ودور التعليم للواحة ، عرفت الفتاه السيوية طريقها متساوية مع الولد ، ولكن ماذا حدث لنرى ما نراه الان :

الاحصائيات التالية توضح ان عدد الفتيات في التعليم ما بعد الالزامي يتراجع كل عام حسب إحصائية لعام 2005 وهو العام الذى تخرجت انا فيه من الثانوية العامة كان عدد الفتيات في المدرسة الثانوية للثلاث مراحل يتعدى فوق الخمسين فتاه والثانوي التجاري والفني أكثر من هذا العدد بكثير حيث كان الاقبال عليهم أكبر ، أما عن إحصائية هذا العام 2012 – 2013 فقد بلغ عدد الثانوي العام بمراحله الثلاث 28 فتاه وفني تجاري 22 فتاه والثانوي الفني 11 فتاه أي ان الاجمالي 41 فتاه وقد بلغ مواليد هذه الاعوام الثلاث من الإناث مايقرب من 790 انثى ،

اذن ماذا حدث …. ؟ لنصل لهذا التراجع ونفور بعض الفتيات من التعليم مابعد الالزامي وهنا لا اقصد بالتعليم العالي أو الجامعي وانما ااتحدث عن المتاح في الواحة وهى المراحل الاساسية في التعليم ، أما المرحلة الجامعية عفواً المجتمع لا يرفض التعليم الجامعي للفتاه ولكن اين هو فأقرب كلية للواحة تبعد 350 كم ولذلك لم يصبح ذات أولوية بالنسبة للفتاه ومن الواضح ان هناك تقصير واضح في هذا من قبل المسؤلين في الدولة, وإن كان قد بدأت بعض الفتيات بأخذ مسار آخر يناسبها وهو التعليم المفتوح الذي بنظامه كان أنسب لها ويصل عدد المتخرجات فيه حوالي 6 فتيات

وهنا بعض الاقتراحات نطرحها على حضراتكم للخروج من هذه الازمة التي تزداد سوءاً كل عام

1- عزل المدارس المشتركة بين الذكور والإناث

2- اضافة تخصصات للمدارس الصناعية كقسم للخياطة وقسم للتمريض أو الاقتصاد المنزلي

3- وضع رقابة مشددة على عمالة الاطفال فى الواحة

4- العمل علي بناء جامعة ليسهل على الشباب والفتيات استكمال دراستهم الجامعية


ولنعود قليلا الى الامتيازات التي تتمتع بها المرأة في الواحة فهناك حقوق لاحصر لها وتتضح في بعض الظواهر المجتمعية ككفاية الزوج السيوي بزوجة واحدة وان تغيرت قيلا الان ولكن هذا كان هو العرف السائد ومن الممكن ان يكون الاجماع العام عليه كصفة عامة وحقها في امتلاك الارض


ولازالت برغم هذه الظروف المرأة هى عماد الاسرة وهى المتعلمة العاملة فواحة سيوة مجتمع لا يعرف البطالة لا النساء ولا الرجال ، فسيوة مجتمع لا يخلوا فيه _ حي _ أو _ حارة _ من وجود مكاتب داخلية لتحفيظ القرأن وتعليم القرأة والكتابة وهذا غير المكاتب الرسمية المجاورة للمساجد فهناك المعلمات والمحفظات ، والى جانب أخر في الحرف اليدوية تضم الواحة حوالي 11 مشغل لتعليم الخياطة لكن غير رسمي والاقرب الى الشكل التطوعي لذلك لا يظهر إلا لمن بحث في هذا المجال

وبالاضافة الى مصانع التمور التي تضم عدد كبير من الفتيات العاملات والمشرفات، بالتقريب عدد الفتيات فى كل مصنع ما بين 20 الى 60 فتاه حسب احتياج المصنع

وحازت الفتاة ايضا بعض الاعمال الادارية فى الجمعيات الاهلية والشئون الاجتماعية والتدريس وأيضا صناعة الكليم والفضة وبعض الصناعات الاخرى

وأخيراً اذا أخذنا بمعيار الانسانية ناظرين الى طبيعة المكان وقسوته وطبيعة الانثى بفطرتها وما تقوم به المرأة في الواحة فحقاً هى من تعني الكلمة وتعني الجمال هى الام والزوجة والمربية والموجهة والمسيطرة فبها يكون المجتمع والمجتمع لا يكون الا بها

آمل ان أكون قد قدم لكم مفاتيح لفهم طبيعة المرأة في سيوة فمهما أضفت أكثر لن أكون قد وفيت ما تقدمه المرأة السيوية للمجتمع وعليكم بالبحث أكثر وأكثر حتى لا نتهجم المرأة لمجرد اننا لا نراها في المكاتب الادارية أو كمن جعل خروجها من منزلها معياراً لتقدمها فالمرأة كفاها فخراَ شرف الامومة

والسلام عليكم ورحمة الله



 

salma333

salma333

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 884 مشاهدة
نشرت فى 18 سبتمبر 2011 بواسطة salma333

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

184,213