دور الإعلام في التوعية المجتمعية:
لقد تغيرت صورة الإعلام في الآونة الأخيرة، وتغيرت النمطية التي كان ينظر بها إليه قديما على أنه وسيلة تسلية وترفيه فقط؛
بل أصبحت مجمل أدواته للضبط والتحكم في مختلف الجوانب، ولاسيما الجانب الاجتماعي، هذا الجانب الذي يشمل أطياف المجتمع أفرادا وجماعات، ويؤثر في ثقافتهم وسلوكهم، حتى صار من يملك أدوات الإعلام وفضاءه السيد على الحقيقة.
ولا ريب بأننا نعيش في زمن يلعب الإعلام فيه الدور الأساسي، لا سيما في وقت صارت وسائل التواصل الاجتماعي
من أساسيات الحياة العملية والعلمية والاجتماعية والترفيهية، وحتى الأسرية. حيث استحوذت هذه الوسائل على أوقات الناس واستقطبتهم حتى غدا الولوج فيها سمة لجميع المجتمعات على مختلف ثقافتها ومشاربها التقليدية والدينية.
ومن هذا المنطلق لا بد من حضور قوي للإعلام الإسلامي يخاطب شرائح المجتمع المتعددة، ويکون خطابه شاملا وغير محصور في فئة من الفئات، لأن المجتمع يشمل هذه الشرائح كلها، لكي يتماشى مع شمولية الدين الإسلامي لجميع جوانب الحياة، فضلا عن القضايا الكبرى التى تهم الأمة بمجموعها وما يتعلق بمستقبلها، وعليه فإن مهمته تتجاوز التثقيف والتوعية وفتح القنوات المعرفية أمام أجيال المسلمين، إلى التحفيز ووضع الخطط المناسبة في التصدي للغزو الفكري والثقافي والأخلاقي، ولاسيما في ظل الانتشار الهائل الواسع لوسائل الإعلام التي تؤثر في المجتمعات تأثيرا مباشرا، وتنقل فلسفات وثقافات شعوب العالم إلى مجتمعاتنا المسلمة.
کما ينبفي لإعلامنا أن يكون على قدر المسؤولية في إشباع حاجة المجتمع في معرفة الحقائق، وفي وصول المعلومة من غير تشويه أو نقص أو تحريف، مما يؤثر سلبا في الفهم الصحيح للواقع، وذلك كله في ظل معركة حقيقية يتربص من خلالها أعداء الأمة في مكامن تؤثر تأثيرا مباشرا على المجتمع وثقافته.
ولابد من الإشارة إلى أن الارتقاء بالإعلام الإسلامي وجعله مؤثرا في المجتمع المسلم وغير المسلم يحتاج إلى الإحساس باهميته وضرورة وجوده، ثم يحتاج إلى كثير من الإصرار والعمل الجاد المدروس وفقا لمنهجية واضحة المعالم والوسائل والأهداف، مع دعم سخي من الجهات المعنية.
وختاما؛ فإن الإعلام المنشود هو ذاك الإعلام الذي ينطلق من هويتنا الإسلامية، ويعمل على ترسيخها ترسيخا يوضح حقائقها، ويزيل غبار الشبهات والشوائب والأدران عنها، ويقدم الدين بمنهج وسطي معتدل انطلاقا من قوله تعالي: وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليکم شهيدا « البقرة: 143
كما يقدم الوعي الشامل ويوجهه
إلى جميع فئات المجتمع، ويؤدي دوره في تقويم السلوك وتوجية طاقات الأمة إلى حيث ينبغي أن توجه، وهذا من مستلزمات الأمر بالمعروف الذي يخدم المجتمع المسلم، والنهي عن المنكر الذي يحمية من الشوائب، امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسی بیده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابا منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم. الترمذي.

