(الَـــجُـــــــــــــــووووووووع !!)قصـة
*********************
بقلم الأديب:أحمد عفيفى
******************
نَظرتْ بطرفِ عَينِها فى مراّةِ سيارة واقفةِ بحوار رصيفِ أحدَ الشوارعِ الرئيسيةِ..لم تُعْط ِالمراّةُ صورةً واضحةً, الّا أنها عَكستْ لديها شيئاً مقبولا مع بعضِ الغموض..
الرجلُ رشيق , طويلُ القامةِ يرتدى بدلةً صيفيةً , وحذاءً يعكسُ ظلا لامعاً..
الرجلُ يُهرولُ فى إثرِهَا..الطريقُ إلى منزلها ما زال طويلاً , حدثت نفسها:
{لا بأس, هذا افضل..تمهّلتْ الخُطىَ أكثر ,أردفت:تُـرىَ هل أعْجَبتَه؟ ماذا يريدُ؟ هل يعرفُنى؟ لابدّ أنـه مُهذبٌ, نعم, هيْئتهُ تقولُ ذلك..هل يبتسمُ الحظُّ ؟ رُبّما..ولِـمَ لَا.. كثيراتٌ تزوّجنَ فى مثل سنِّى..أينعمْ أنـا مُمْتلئةٌ بعضَ الشئِ..لكنّنِى لستُ دميمة, لماذا يُبطئُ هكذا؟}
*أخذَتْ تـؤرجحُ عُلبةَ الفطائرِ بيدها لأعلى وأسفل..تتمهّلُ اكثرْ , الرجلُ يتقدمُ , يسرعُ الخُطى , أصبحتْ المسافةُ بينهما خُطواتٍ معدودةٍ..إقْشَعـرّتْ, دَاخَلهَا بـَعضُ الخوفِ: {ماذا أفعل.. أتمنى أن يكونَ رجلاً محترماً, لا يهُمّ إن كانَ فقيراً أو ميسوراً..ماذا لـَوْ أرادَهُ زواجاً عُرفياً كموضةِ هذه الأيـام؟..لا بأسَ أهُو -ضِلُّ رَجُلٍ-}
*ادركها الرجلُ قائلاً: {ياست , ياهانم , إلتفَتَتْ إليهِ مُتصنّعةُ الصَدّ والتمنُّع.. جَمُدتْ الكلماتُ فى فمِها.. تسمّرتْ مذهولةً!..كيف خَدعتها المرآة؟..نعم الرجلُ طويلٌ , رشيقٌ, لكنّ البدلة بدونِ ملامحٍ أو هويةٍ.. ليس لها لـونٌ..الحذاءُ الذى بَدا لامعاً فى المراّةِ..لا يربُط بينَ أوصالهِ المُمزّقةِ سوىَ نَعلهِ المُتماسكُ بـَعضَ الشئِ..وجهُ الرجلِ شاحبٌ ومُصفرٌ , وعينتاهُ تنطقانِ بالوداعةِ والبلاهةِ..معا قال:
{ربنا يكرمك ياست..ويكفيكى شر المرض.. ويخليكى لاولادك.. ادّينى اى حاجة..اى حاجة..والله م كلت من يومين..والله ياست.. انا..وانا...}
كانت عُلبةُ الفطائرِ ذاتَ الشريطِ الوردىِّ لا تزالُ تتأرجحُ بيدها لا إرادياً, وهىَ فى حالةٍ من اللاوعىْ , وكان الرجلُ لا يزالُ مُتفانياً فى توسلاتهِ..نَظرتْ إليهِ فى شرودٍ..وببطءٍ, ناولـَتهُ العُلبةَ..مَزّقَ الغُلافَ بكِلتَا يَديهِ وانقَضّ كالمَسعورِ حتىَ أتـَى علىَ العُلبةِ..ثمّ نَظرَ إلىَ الواقِفةِ أمامهِ نَظرةً لا تحملُ أىّ مَعنىً..ثُمّ استدارَ عائداً أدرَاجهِ..فيمَا واصَلتْ هىَ والجوعُ يـَعصِفُ بأوصالِها@
***************************************
من محموعتى القصصية=كان يشبهه تماماً=
{نشرت بمجلة الكويت عدد/222/ابريل 94