د.محسن الشرقاوى

زوجات .. وأزواج ..!!
( 9 )
وداعاً .. ياصديقة الفيس ..!!
******************

قالت : - أشوف وشك بخير .. !!!
أستغربت من الرسالة .. وخاصة أنها لم تتحدث منذ فترة طويلة .. ظننت خلالها أن حياتها الأسرية قد أستقرت .. وأن جلسة الصلح قد أتت ثمارها ..!!.. ولكننى كنت أشعر من متابعتى لصفحتها كل حين والآخر ..أن شيئاً خطيراً يحدث .. !!.. لذلك دخلت على الشات قبل أن تكمل رسالتها ..!! 
قلت : - حاستى السادسة لاتكذب ..!!.. وأنا أشعر بشئ ما يحدث لك .. ماذا يجرى ..؟!!
قالت : - بماذا تشعر .. وكيف شعرت بذلك .. وأنا لم أحدثك منذ فترة طويلة ..؟!!
قلت : - ياسيدتى لاتجاوبى على أسئلتى بأسئلة تهربين بها .. أم أنك مللت من الشكوى والحكى ..؟!!
قالت : - بماذا يفيد الحكى .. ؟!!.. لقد أصبحت حكاية قبيحة مملة مكررة ..لاتستحق إضاعة وقتك .. لقد كنت أود أن أترك لك رسالة مختصرة .. بأننى سأفصل النت عن تليفونى .. لفترة لايعلمها إلا الله .. وذلك حتى لاتستغرب أو تتحير من غيابى المفاجئ وتجميد صفحتى على الفيس بوك ..!!
قررت الدخول فى قلب الحدث مباشرة .. فقلت : - لقد لاحظت أن هناك بوستات حديثة حذفت من صفحتك .. وأن قائمة الأصدقاء قد أختفت .. وأن بعض الجروبات التى أشتركت فيها تم حذفها .. هناك تغيير شامل أصاب صفحتك وينبئ عن أنقلاب أو ثورة تصحيح ..!! .. وهذا يعنى فى مثل حالتك الأسرية المتأزمة أن حياتك قد دخلت فى منحنى خطير ..!!.. 
سكتت قليلاً .. وكأنها صدمت من كلامى .. أو كأننى وضعت يدى مثل الجراح العبقرى على خراج دفين ..!!
قالت : - أنا لست مستغربة مماتقول .. أنا أتعجب من أحساسك العالى وقدرتك على التنبؤ أو التخمين .. وشعورك العميق بالناس بالرغم من بعدك عنهم .. وعدم لقاءك بهم ..!!.. أنا بالفعل قمت بحذف بوستات كاملة بتعليقاتها .. كماقمت بأخفاء قائمة أصدقائى لكى أحافظ عليها .. وأيضاً خرجت من بعض الجروبات وأبقيت على عدد قليل منها ..!!
وسكتت قليلاً .. وكأنها تبكى ..!!.. لقد نجح مشرط الجراح فى كشف القيح والصديد .. وبدأ الخراج يسيل بمافيه من خبايا مؤلمة ..!!.. 
عندما تمالكت نفسها .. عادت لتستكمل قائلة : - 
أنا لاأدرى من أين أبدأ .. دماغى يشتعل بمافيه من كلمات .. وإذا تحدثت هل لديك الوقت لتسمعنى .. وهل تعطل نفسك وتترك كتاباتك .. من أجل واحدة مثلى ليس لوجودها قيمة .. سواءاً أنسحبت من النت أو بقيت فيه ..!!
قاطعتها قائلاً :- ياسيدتى لم يخلق الله إنساناً على وجة الأرض بدون قيمة .. ونحن من نصنع قيمتنا أو نهدرها ..!!.. وأبدأى حديثك كيفما تشاءين .. وبمايخطر على بالك ..!!.. كل إنسان يمر بمحنة يحتاج إلى من يستمع إليه وينصحه .. حتى لايشرد أو يضل فى لحظة ضعف أو جهل ..!! 
وبدأت تحكى عن تطورات مأساتها الأسرية ..!!.. قالت : - 
لقد مر أسبوعان فقط على جلسة الصلح التى حضرها كبار العائلتين وشيخ من الأزهر .. والتى أرتضيت فى نهايتها على مضض بالأستمرار فى حياتى معه .. مضحية من أجل أولادى .. وكانت الأمور تسير على مايرام .. ثم تدريجياً بدأنا نعود كما كنا سابقاً .. أو كمايقول المثل عادت ريما لعادتها القديمة .. فقد عاد إلى سابق تصرفاته .. وعدنا إلى غربتنا وعزلتنا عن بعضنا البعض كماكنا ..!!.. بمعنى أننا بالفعل وصلنا إلى مرحلة أستحالة العشرة .. !!.. ولكن الأخطر أننا لم نظل عند تلك المرحلة التى تجمدنا فيها لسنوات طويلة .. وأنما تطورنا أو أنتكسنا إلى ماهو أخطر وأفظع .. لقد بدأ يحكى لأولادى عن نشوزى وأعمالى السيئة المريبة وأننى أتواصل على النت من أجل محادثة الرجال .. !!.. وأخذ يقوم بشحن أولادى ضدى وأثارتهم .. حتى بدأ الأولاد يتعاملون معى بخشونة .. ويهاجموننى أحياناً بكلمات قاسية لم أتوقعها منهم .. وحينما ناقشت أبنى الأكبر وهو فى الثانوية العامة .. لأقنعه بالحقيقة .. واجهنى بشكوك أبيهم التى زرعها فيهم بأن لى صفحة قديمة على النت لم أعد أكتب فيها .. وهذا دليل على أنك لاتهتمين بالكتابة لأنك تستعمليها فقط للحديث على الشات .. أو أن لك صفحة جديدة .. وأنت تنكرين ذلك وتخفيها لنفس السبب .. !!.. وبدأ بتحريض من أبيه بالدخول إلى قائمة أصدقائى .. والجروبات التى أنضممت إليها .. فى الصفحة القديمة والصفحة المشكوك فيها .. وبدأ فى مضايقة البعض وشتم البعض .. ومطالبتهم بعدم التعليق أو محادثة صاحبة الصفحة .. أو التواصل معها .. وبدأ الموضوع يتحول من مشكلة عائلية إلى فضيحة خارجية ..!!.. فأضطررت إلى أتخاذ الأجراءات التى لاحظتها أنت على صفحتى .. حفاظاً على كرامتى وكرامتهم .. لقد وصل الأمر بأبنى إلى قوله الصريح لى .. أنت على خطأ .. وأبى على حق ..!!.. وحاول ذات مرة أن يخطف المحمول من يدى .. مثلما يفعل أبوه .. لكى يعرف مع من أتحدث أو يضبطنى متلبسة على الشات ..!!.. لقد أستطاع زوجى أن يبث سمومه فى عقل أبنى .. وأصبح يلاعبنى عن طريق أولادى ..!!.. بالرغم من أن كل مايقوله مجرد أدعاءات باطلة .. وشكوك وأوهام ناجمة عن سوء علاقتنا الزوجية ..!!.. ولقد فكرت كثيراً .. وعانيت حتى أتخذت قرارى الأخير .. بألغاء النت من التليفون المحمول وتجميد صفحتى على الفيس بوك .. حتى أخرس ألسنتهم نهائياً .. وإلى أن تنتهى أمتحانات الثانوية .. وبعد ذلك يقضى الله أمره .. قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا .. ولكن مايحزننى أننى سأعود إلى حجرتى الكئيبة فى شقة الزوجية .. سجنى الصغير .. هل تعلم أن الفيس بوك هو حجرة مثلها ولكن أكبر قليلاً .. كنت أجد فيها نافذة للهواء والنور ..!!.. كنت أجد فيها بعض الشهيق لأتنفس .. بعد أن تلوثت رئتاى بهواء الزفير الطويل المدى .. حتى لاأموت ..!!.. ولكن حتى النافذة ستغلق .. لأعود إلى جدران أربعة .. أحدثها فلاترد .. فأحدث نفسى ..!!.. ترى هل أتحمل طويلاً حديثى مع نفسى دون أن أصل إلى حد الجنون .. فى بيت أعيش فيه مع زوج لايحنو .. فى غربة قاتلة ..!!.. وأولاد أستطاع أن يقلبهم علىّ ويشككهم فىّ .. ويقومون بحصارى بأمر من والدهم .. !!.. الذى هز حرمة وأحترام العلاقة الزوجية وصغرنى فى عيون أولادى حتى يكسبهم فى صفه .. فى معركته ضدى .. !!.. هل يمكن أن تستمر علاقتنا الزوجية بهذا الشكل بعد أن حاولت مراراً وتكراراً المحافظة عليها من أجل أولادى ..!!.. متحملة ماهو فوق طاقتى وأحتمالى ..!!.. وهل أنا محقة ومصيبة فى قرارى الأخير .. أم كان يجب أن اعامل زوجى بنفس المعاملة ..؟!!
......................................................................................................
رددت على الفور قائلاً : - 
لا.. ياسيدتى .. أنت لست مخطئة فى قرارك .. بالعكس فهذا القرار هو أفضل قرار تتخذينه فى حياتك .. فالعند سيزيد الأمور أشتعالاً .. وإذا كان زوجك لم يقدر مسئوليته كأب له أبن فى الثانوية العامة .. ويجب أن يوفر له المناخ النفسى والأحتماعى وقد أقتربت الأمتحانات .. !!.. فقد كان واجباً عليك كأم أن تتحمل مسئوليتها وأن تتخذ القرار السليم حتى توفرى المناخ المناسب لأبنك ليؤدئ أمتحاناته .. وحتى توقفى الصراع المرير الدائر مؤقتاً .. وإذا كنت قد ضحيت كثيراً من أجل أولادك .. عليك أن تضيفى تضحية جديدة إلى سجل تضحياتك .. وأحتسبى أجرك عند الله ..!!.. فالزوجة الصالحة الصابرة مأواها الجنة .. عودى كماتقولين إلى حجرتك الصغيرة .. ولاتظنى أنك وحدك .. فالله معك ..!!.. ضعى بجوارك على سريرك قبساً من نور الله .. فيه الدواء والشفاء .. وعندما تحسين بقسوة الوحدة والوجع .. ألجأى إليه وأقرأيه .. وقولى يارب .. إنه القرآن الكريم ..............
وإذا كان زوجك لايرى .. والبشر لايرون .. فإن الله يرى ياسيدتى ..!!............

******** 
’’ أشوف وشك بخير ..!! ’’ .. هكذا كانت جملتها الأخيرة ..!! .. وفى تمام الساعة الثانية عشر فى منتصف الليل .. فى نفس اليوم .. توقف النت عن صديقة الفيس .. كماقالت .. ولم تكن تكذب ..!!.. وبدأت مرحلة جديدة فى حياتها .. يكتنفها المجهول ..!!
’’ أشوف وشك بخير ..!! ’’ .. جملة جميلة ودعاء أجمل وأمنية لطيفة نقولها لبعضنا البعض دائماً .. ولكن حين قالتها .. أنقبض قلبى وشعرت بالأسى .. فقد كان لها مدلول أخر ومعنى حزين ..!!.. لذلك يتردد صداه فى كيانى ويوجعنى ..!!

******** والآن ......................................................................

أنا لاأدرى لمن أوجه حديثى الآن ..!! .. فالمرأة المحترمة خرجت من النت ولم تعد تقرأ كتاباتى .. والرجل المحترم لاأدرى أن كان يقرانى الآن أم لا .. ولذلك فأنا أوجه حديثى إليك ياآدم .. يامن خلقت المرأة من ضلعك .. لتكون سكناً لك ولباساً .. !!!.. 
إلى كل رجل يعيش على وجة الأرض .. ياسيدى ....!!!
إذا كانت الحياة قد أستحالت بينك وبين زوجتك .. بغض النظر عن الأسباب ومن المخطئ ومن المصيب ..!!.. فعليك بمايقول الدين .. رسالة الله إلى عباده العاقلين .. وبمايقوله العقل الذى حبانا الله به ليميزنا عن غيرنا من كائنات ..!!.. 
إذا كنت ترى أن زوجتك غير صالحة .. فأما أن ترضى بنصيبك وتتحملها وتعاشرها بالصبر والمعروف والإحسان وأجرك عند الله .. !!.. واما ان ترفض نصيبك وتعلن رفضك لها .. وتتركها بالمعروف والإحسان ..!!.. 
فإذا أخترت الحل الثانى .. فأما أن تغادر منزل الزوجية وتتركها هى واولادها فى أمان وسلام وتبحث عن حياتك الجديدة مع زوجة أخرى صالحة تتمناها .. وأما ان تترك زوجتك منزل الزوجية لتعود إلى أهلها .. وتحتضن أنت أولادك وتكمل تربيتهم حتى يخرجوا إلى الحياة صالحين غانمين مع السماح لزوجتك بالتواصل معهم كأم .. والمحافظة على حسن العلاقات مراعاة لنفسية أولادك ..!!
ولكن أن تحيل حياتك معها إلى معركة حربية طاحنة .. تستخدم فيها أولادك .. البعض أجهزة تجسس .. والبعض صواريخ سام تقذفها بها ..!!.. وتظن أن زوجتك وحدها هى الخاسرة أو المهزومة ..!!.. لا ياسيدى .. فأنت الخاسر .. وعندما تنظر بتمعن إلى أرض المعركة .. أقصد بيت الزوجية .. سوف تجد أن مايوجد عليها من بقايا وأشلاء .. هى بقايا وأشلاء أولادك .. ولكنك لاتدرى أيها القائد العسكرى الفذ .. لأن زهوة وهم الأنتصار تلهيك عن الحقيقة المرة ..!!.. ياسيدى .. لاتكن نيرون .. أو هتلر .. وكن رحيماً كماأمرنا الله ........................
قال تعالى :- { وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون } أية 216 سورة البقرة 
قال تعالى :- { وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً } أية 19 سورة النساء
قال تعالى :- { وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيماً } 
أية 130 سورة النساء
قال تعالى :- { فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولاتمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه } أية 23 سورة البقرة 
قال تعالى :- { ولاتنسوا الفضل بينكم } أية 237 سورة البقرة 
قال تعالى :- { فأمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } أية 229 سورة البقرة 
قال تعالى :- { ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } أية 21 سورة الروم
فأين المعروف والإحسان .. وأين المودة والرحمة .. فى هذا الزمان ..؟!!.. وإن فقدت العلاقة الزوجية هذة الروح الجميلة وماتت .. ألا تستحق الدفن الصحى الكريم اللائق .. قبل أن تفوح رائحة الجثة وتملأ المكان ..؟!!

******** يارب ..............!! 
يارب هناك عصفور حزين يحترق .. يارب هناك عصفور حزين يختنق .. ..!!.. ولاأستطيع أن أمد له يدى .. ولكنك تراه ..!! .. يارب لاتتركه وحيداً تزلزله المعاناة ..!!.. يارب مجرد علمى بحكايتها جعلنى أبكى .. فكيف هى الآن ..؟!!.. هل تبكى .. هل دموعها دموع عادية .. أم قطرات دماء تنزفها عيونها من شرايينها التى تمددت وتفجرت من شدة الوجع والهم والقهر .. ..!!.. يارب نحن مشغولون بالعراق وليبيا وسوريا واليمن .. وحبهات القتال والدمار وداعش وجبهة النصرة .. وغيرها ..!!.. ونغفل أن هناك فى البيوت وخلف الجدران المغلقة جبهات قتال .. ورجال لهم عقول وقلوب داعش وجبهة النصرة .. وصراعات مدمرة تهز العديد من الأسر وتزلزلها .. وتتزايد كل يوم .. فتتزايد معها حالات الطلاق وتشرد الأبناء وتكاثر يتامى الشوارع ومجرمى المستقبل .. !!
الوردة تذبل وتموت دون ان تعلن عن حاجتها إلى ماءالحياة .. وأنت تذبلين ياسيدتى تدريجياً .. واحد رجال داعش يمنع عنك الماء .. وهو يصبه على الأرض وهو يضحك مثل أبى لهب ..!! ...............................................
...................... وداعاً .. ياصديقة الفيس .. !!
وداعاً ياصديقة الفيس .. أنا لم أرك يوماً .. ولم نلتقى .. 
ولكننى شعرت دوماً بجمال نفسك .. وقلبك التقى .. 
كنت تشكين وتحكين .. ولكنك تتحملين حظك الشقى ..
وتقولين أولادى وتصبرين .. ولم يتلوث دمك النقى ..!!
كنت كالبدر ينير كل مساء .. كنت كالنخل الأشم .. 
تشرقين بالجمال والعطاء .. وأنت تكتمين الهم .. 
ياعصفورة شردتها الدنيا .. فى دروب الشقاء والغم .. 
قلبى معك .. والله يرى .. من تجنى .. ومن ظلم .. !!

د. محسن الشرقاوى

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 14 يونيو 2015 بواسطة saherelliall44

عدد زيارات الموقع

36,421