معالم التربية الرشيدة في سيرة الإمام الطيب

إعداد: الأستاذ الدكتور /صبري فوزى عبدالله أبوحسين

أستاذ ورئيس قسم الأدب والنقد في كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات

وعضو اتحاد كتاب مصر

التربية عملية إنسانية واجتماعية تراعي تحقيق التربية الصحية الجسمية، والتربية العقلية العلمية، والتربية الاعتقادية الروحية، والتربية الأخلاقية السلوكية، والتربية الإرادية النفسية في الإنسان؛ لتكون كفيلة بإنتاج جيل يخشى الله طاعةً وعبادةً، ويُرضي الرسولَ –صلى الله عليه وسلم- اقتداء وائتساءً، ويُحسن صلته بالناس معاملةً وسلوكًا. و(التربية الرشيدة): تربية إسلامية نبيلة، تهدف إلى تزكية الإنسان روحًا ونفسًا وجسدًا؛ حتى تكون أنموذجًا مثاليًّا للمسلم الحق، الصالح المُصلح، النافع لدينه وأرضه وأهله وأمته، وعالمه البشري كلِّه، ويكون داعيةً بهذه التربية لغير المسلمين على مستوى العالم. إن هذه التربية هي الوسيلة التي تُمكن الإنسان من البقاء والاستمرار مع بقاء عاداته، وثوابته، وقيمه وأنظمته.

وإنّ أيَّة حضارةٍ وأية أمّةٍ لا تُعنَى بـ(التربيةِ الرشيدة) سلوكًا واقعيًّا في محاضِن التربيةِ والتعليم في البيوت، والمدارس ودور العبادة والجامعات، والهيئات المختلفة لا يمكن أن تسيرَ طويلاً مهما ارتفَعت وارتقت وتفنّنت في الوسائل والتّقنية، وبلغت من زخرف الحياة ومظهرها الخادع البراق! والذي يُعمِّق الأسى ويُفجِّر الحزنَ تتبُّع بعضِ أبناء المسلمين جُحرَ الضبِّ الذي نُهينا عنه، بالتقليد الأعمى للآخر في السفاهات والبلاهات والذوبان فيها، وانعدام الشخصية وفقدان الإرادة، والسبب في هذه المصيبة غياب (التربية الأصيلة الرشيدة) تمامًا من مجتمعاتنا أو كونها تربية سلبيةً مُشَوَّهة غير سليمة، لا أساس لها من ثوابتنا وحضارتنا، والانخداع بمقولة الموضة، ومسايرة المدنية، ومواكبة الحداثة، أو كون أصحابها ضعاف النفوس والهمم، منكسري الروح، غليهم اليأس والقنوط والخنوع والاستكانة والانهزامية والنزعة الحيوانية الهابطة، فصاروا متمردين متسخطين على أصلهم وتقاليدهم وجنسهم! وهذا من أشد ما ابتليت به أمتنا في هذا العصر الكئيب الجديب!

  وإن عدمُ الاعتبار بمآسي التربية المادّية التي لم تُصبَغ بنور الإيمان وهداية القرآن لأمر جد خطير، يحتاج من كل عاقل وطني غيور وِقْفة فقه وتدبر في أسباب هذه الهاوية وكيفية علاجها حاليًا، والوقاية منها مستقبلاً، بإذن الله تعالى؛ فقرآننا الكريم يعلمنا أنه ما فسدت أحوال الأمم الغابرة إلا بسبب فساد العقول وتقليد الضُلَّال، وذلك في قول الله تعالى: ﴿ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ(<!--) ﴾، وقوله:  ﴿ إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ(<!--) ﴾، وقوله:  ﴿ وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا(<!--) ﴾
وإن واقعُ الأمة هذا يقتضِي تغذيةَ المناعةِ لدى الأجيال الحالية وتحصينها؛ حذرًا من أخطار محدِقة، وهذا يتطلّب تقييمَ مسارِنا التربويّ لصناعة الشخصيّة المسلمة السّويّة؛ فالإهمالُ في تقويم السلوك أعظمُ خطرًا وأشدُّ فتكًا من الإهمال في تقويمِ المعارف والعلوم؛ ذلك أنّ السلوكَ المنحرِف يتجاوز ضررُه الفردَ إلى المجتمع كلِّه. يقول أمير الشعراء:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيتْ      فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

هيهاتَ يُبصِرُ مُلْكٌ لا منارَ له    ولا منارَ إذا لم يُرفَعِ الأدبُ(<!--)

ويقول:

رَبُّوا على الإنصافِ فِتْيانَ الحِمَى  تَجِدُوهمُ كهفَ الحُقوقِ كُهولا

فهو الذي يبني الطِّباعَ قويمةً  وهو الذي يبني النفوسَ عُدولا

ويُقيمُ مَنطِقَ كلِّ أعوجِ منطقٍ     ويُريه رأيًا في الأمورِ أَصيلا

وإذا أتَى الإرشادُ من سببِ الهَوى   ومنَ الغُرورِ فسمِّه التضليلا

وإذا أصيبُ الناسُ في أخلاقِهم        فأقمْ عليهمْ مأتمًا وعَويلا(<!--)

فلا ريب عند الحكماء والأصلاء أنَّ من أهمِّ أزمات آنِنا المريض (غيابَ التربية وفقدانَ القدوة)، ومحاولةَ شياطين الإنس، من أعدائنا الداخليين والخارجيين من السفهاء وأهل الشرِّ، تشويهَ هذين العنصرين الفعَّالين: (التربية الرشيدة والقدوة النبيلة)، وإقصاءهما أو تحجيم أثرهما في الحياة والأحياء؛ مما يؤدي إلى انتشار الفوضى والانفلات والفساد والبلطجة والعنف وغير ذلك من الأضرار والأوضار التي نرى نتائجها الوخيمة في مشاكلنا اليومية ومتاهاتنا الحياتية!

 ولكن أبى الله إلا أن يُظهر دينَه، وينصرَ الحقَّ، ويُعلنَ عن وجود الامتداد الحقيقي الأصيل للسلف الصالح المُصلِح، في شخص كثير من الأعلام الأفذاذ الذين رُبُّوا تربيةً رشيدةً حقةً من شيوخنا وعلمائنا الحاضرين بعقولهم وألسنتهم وأقلامهم في مجريات حياتنا الآنية، وعلى رأسهم  (إمامنا الدكتور أحمد محمد أحمد الطيب، حفظه الله تعالى)؛ فالباحث في مجمل سيرته ومجموع خطابات وتآليفه ووصاياه ومواقفه يجد أدلة واضحة على أنه-حفظه الله تعالى- ثمرة هذه التربية الرشيدة، ونرى كلَّ يوم من لفظه وقلمه ما يدل على فعالية ذلك النوع الحازم الفاعل من التربية الرشيدة الشاملة في شخصه الكريم وسيرته الطيبة.

 وانطلاقًا من هذا التنظير للتربية الرشيدة، ومن خلال تدبر سيرة (الإمام الطيب، حفظه الله تعالى) الحياتية والتعليمية والثقافية والعلمية، أتغيا إعداد هذه المقالة الدعوية التثقيفية؛ للتعرفَ على معالم هذه التربية وعطائها وآثارها في شخص شيخنا الإمام، وعلى من حوله؛ فهو من هؤلاء الرجال الذين قُدِّر لهم أن تبدأ حياتهم بصدق، وتمضي في صدق، وتكون حركتهم للصدق، ومع الصادقين، علَمٌ فاعل حاضر في مجريات حياتنا، ترك بصمة في كل مجريات حياته المختلفة، خلال أربع وسبعين سنة عامرة زاهرة، وما زال بتوفيق الله تعالى، حياة كلها حركة طيبة بناءة خيِّرة دائمًا وأبدًا، ومن ثم ينطبق على (شيخنا) القول النبوي الشريف: "خيركم مَن طال عمُرُه وحسُن عملُه(<!--)". إنه حقًّا من جملة من أثنى عليهم ربنا -عز وجل- بقوله: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا الله عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلا(<!--))، وقوله: (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(<!--)). نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدًا ولا نقول إلا ما يرضي الرب عز وجل؛ فهو- تعالى- أعلم بمن اتقى واهتدى واستقام وأصلح.

  ولذا وجبت هذه الوقفة التدبرية مع مجمل (التربية الرشيدة) لـ(شيخنا الطيب) الذي يمثل مُنتَجَها الأعلى، المُتسربِل بها والمنتهج نهجَها؛ لتجيب عن هذا التسآل الكبير: كيف كان ذلكم الرجل الفذ وتكوَّن؟ ومن كان سببًا في تكوُّنه؟ وما معالم هذه التربية فيه، وما عطاءاتها على من حوله، وكيف نستثمرها في تربية الأجيال القادمة؟!

والجواب عن هذا التسآل يعطينا الكثير من المكونات لشخصية (الشيخ الطيب) من خلال مطالب هذه المقالة التمهيدية في ذلكم النوع الفاعل من التربية، التي تتدرج على النحو الآتي:

أولاً: المربون

رُزق (الشيخ الطيب) برجال أفذاذ أثَّروا في حياته، وأثْرَوْها، وكانوا سببًا أوليًّا في تكوين شخصيته، أقف منهم حسب مطالعاتي على الآتين:

الجد:

(عائلة الطيب) ترجع في جذورها إلى سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما، فهي حسيبة نسيبة عريقة أصيلة، ذات تقاليد، لا يمكن لأحد أن يكسرها، ومن أبرز رجالها تأثيرًا في (الدكتور الطيب) (الجدُّ: الشيخ أحمد الطيب) الذي ولد بالمراشدة في دشنا أو الوقف الآن، وتعلم في الأزهر ومكث فيه حوالى ست عشرة سنة، وجاء إلى الأقصر قاصدًا البعيرات لزيارة أقاربه فتزوج منهم وأنجب، واستقر في القرنة، وكان رجلاً مؤثِّرًا في الناس يحبونه ويوقرونه، وكان همه الشاغل التقريب بين القبائل، والقضاء على القبلية والتعصب، وكان متصوفًا يقيم حلقات "ذكر". ولم يكن (الجدُّ الطيب) فقيرًا، ينتظر مساعدة أو صدقات الناس كشأن بعض الذين يشغلون الناس حولهم وينهبون أموالهم، بل كان رجلاً ثريًّا يملك وحده مائة فدان(<!--). و يعترف (شيخنا الإمام) نفسه أن جدَّه كان صارمًا للغاية، والدليل أنه أجبر ابنه على العودة من القاهرة إلى البلد؛ كي يعلم الناس، فامتثل الابن وجلس يعلم أهل قريته ويقيم فيهم شعائر الله، وآنس حياة العزلة والعلم(<!--).

وهذه الصرامة نجدها، ويجدها كل من خالط (الشيخ الإمام)، ماثلةً في شخصيته، في كل مراحل حياته التعليمية والعلمية والإدارية، لا سيما أمام المقصرين أو المنفلتين المضيعين للحقوق، والمهدرين للطاقات والملَكات والمُقدَّرات.

الوالد:

يعتز (شيخ الأزهر الطيب) اعتزازًا خاصًّا وخالصًا بوالده، فلا يتحدث عنه إلا بقوله: "كان والدي وأستاذي"، وقد كان هذا الوالد بارًّا بوالده مطيعًا إياه؛ فقد استجاب لأوامر الجد، ولم يكن أمامه أي فرصة للخروج عن الطاعة. ولما مات الجد أصبح الوالد شيخًا للطريقة. كما كان الأب يحلم أن يصبح ابنه أحمد وشقيقه محمد الأكبر منه، عالمين أزهريين، يشار إليهما بالبنان في قريتهما الواقعة بحضن الجبل بصعيد مصر، وقد تحقق حلمه وتحققت رغبته.

ومن ثم نجد الحفيد(شيخنا الطيب) يرث الطاعة والطريقة، وحب الأزهر الشريف من أبيه.

 الأخ:

لم يتولَّ (شيخنا) مشيخة الطريقة الخلوتية، بل تركها لشقيقه الشيخ محمد. وهو -كما يقرر عارفوه- شخص ثابت رزين هادئ. يقول الأستاذ محمد الباز: لقد جمعني بالشيخ محمد الطيب موقف عابر؛ فقد كنت قد كلفت أحد المحررين بعمل تحقيق من داخل ساحة الشيخ الطيب، وبسلامة نية تحدث المحرر عن بعض ما رآه من وجهة نظره سلبيًّا في الساحة، خاصة أن هناك بعض الدخلاء يقومون بتصرفات يمكن أن تكون مسيئة للتجربة كلها، وجدت الشيخ محمد الطيب يتصل بي، ويؤكد أن ما نشر ليس صحيحًا بالمرة، ولو كانت هناك بعض التصرفات الشاذة، فإنها لا تمثل أبدًا منهج وطريقة آل الطيب في العمل؛ فالساحة بالأساس تستقبل الناس لحل مشاكلهم(<!--). ومن ثم كان (الأخ) المحافظ على الطريقة، والأساس في استمرار نهج (آل الطيب) في خدمة الناس والتخفيف عنهم.

إنني عندما طالعت بعض ما كتب عن (آل الطيب) جميعًا أجدني أستدعي قول شوقي عن فاتحي الأندلس:

              من فتية لا تنال الأرضُ أدمُعَهم   و لا مـفـارقَهـم إلا مُـصـلِّيـنـا

لو لمْ يَسودُوا بدينٍ فيه مَنْبهةٌ    للناسِ كانتْ لهمْ أخلاقُهم دِينا(<!--)

الشيخ الدردير:

هو أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي حامد العدوي المالكي، الأزهري، الخلوتي، الشهير بالدردير (أبو البركات) [1127 - 1201 ه=1715 - 1786 م]: فقيه، صوفي، محقق مشارك في بعض العلوم، فاضل، من فقهاء المالكية. وأصل لقب الدردير يأتي من أن قبيلة من العرب نزلت ببني عدي في الصعيد، وكان كبيرهم يدعى الدردير، ومنها حصل الشيخ أحمد على لقبه تفاؤلاً به وجلبًا للبركة ولد في بني عَدِيّ (بمصر) وتعلم بالأزهر، وتوفي بالقاهرة. (<!--). وقد تربَّى على أيدي عدد كبير من شيوخ الطرق الصوفية، فقد أخذ العلم عن الشيوخ: أحمد الصباغ والملوي والحفني، حتى صار من أكابر شيوخ الطريقة الخلوتية. ويعد من رموز الطريقة الخلوتية في مصر، بل يقف علي رأس الخلوتيين، ووصل به الأمر إلى أن أصبح شيخًا على المالكية وفقيهًا وناظرًا على وقف الصعايدة وشيخًا على رواق الصعايدة بالأزهر، بل شيخًا على أهل مصر بأسرها في وقته حسًّا ومعنًى، فكان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر كلًّا من الراعي والرعية، ويصدع بالقول مع صولة الحق ولا تأخذه في الله لومة لائم وله في السعي على الخير وإليه يد بيضاء. وهو الرجل الذي يعتز به (الشيخ الطيب) كثيرًا، ويعده شيخه ومعلمه؛ وقد أخذ منه الجِدَّ في تحصيل العلم، والجرأة في النصح للراعي والرعية معًا.

وهكذا كان (الشيخ الطيب) نتاج هذه الثُّلَّة الطيبة من أهله جدًّا وأبًا وأخًا، ثم هذا الشيخ الخلوتي والعالم المعتدل، والصعيدي الجاد، والأزهري الفذ(الشيخ الدردير)، وبعدهم -بلا ريب- وجد شيخنا في معاهد الأزهر وجامعته من أثر فيه وطور من شخصه: قلبًا وعقلاً ولسانًا.

ثانيًا: محاضن التربية:

فأول مكان حاضن وأول عامل مكوِّن هو الميلاد في صعيد مصر، وفي أصفى مكان بمصر؛ فقد ولد الشيخ الطيب في السادس من شهر يناير سنة 1946م، الموافق الثالث من شهر صفر سنة1365 هـ، في محيط عائلة عريقة، لأب كبير في مجتمعه، مهموم بمشكلاته، عميد لقريته، كبير في محافظته، يقبل الناس عليه لحل مشاكلهم وإنهاء مشاغلهم، وكان عاشقًا للأزهر الشريف، وذلك في (مدينة القُرنة (تلك التي تقع على الضفة الغربية لنهر النيل، مقابل مدينة الأقصر الجديدة على مقربة من تلال طيبة. وهي مدينة تنتمي إلى محافظة الأقصر، إحدى المحافظات الخمس المكونة لإقليم جنوب صعيد مصر، بجانب كل من محافظة سوهاج، ومحافظة قنا، ومحافظة أسوان ومحافظة البحر الأحمر. و(الأقصر) تلقب بمدينة المائة باب أو مدينة الشمس، وعُرفت سابقاً باسم طيبة، وهي عاصمة مصر في العصر الفرعوني، وتقع على ضفاف نهر النيل، والذي يقسمها إلى شطرين: البر الشرقي والبر الغربي، وهي عاصمة محافظة الأقصر، جنوب مصر، وتقع بين خطى عرض 25-36 شمالاً، 32-33 شرقًا، وتبعد عن العاصمة المصرية القاهرة حوالي 670 كم، وعن شمال مدينة أسوان(<!--). و(الأقصر) من أصفى الأماكن بمصرنا الحبيبة بلا مبالغة، وتمثل البراءة والأصالة والنقاء، محافظة ذاخرة بالآثار العتيقة والتماثيل الشوامخ، وإنسانها يتمتع بالنيل الطاهر غير الملوث، ومجتمعها قبلي ذو تقاليد رواسخ، ولغة خطاب خاصة، ولهجة جادة حادة ممتعة لكل أذن. و ومن ثم فهي جزء فريد من مصر العريقة العتيقة العالية. إنها بحق مصنع الرجال وموطن الأُباة، وبقعة مصرية تاريخية أنجبت لنا ذلكم الإنسان الصعيدي الصلب الصارم الجاد الفذ، (الشيخ الطيب)حفظه الله تعالى.

وثاني هذه المحاضن والعوامل المكوِّنة البانية التعليم الأزهري؛ فقد تلقى (شيخنا الإمام) تعليمه الأولي في الأزهر الشريف، حيث كان للأزهر الشريف في الريف المصري مكانة سامقة عالية، فالتحق بالمعهد الابتدائي، فألحقه والده بالتعليم الأزهري، فتربى منذ طفولته على منهج الوسطية والاعتدال والتعدد، الذي منبعه أزهرنا الشريف، فحفظ (الإمام) القرآن الكريم منذ الصغر، وقرأ المتون العلميةَ على الطريقة الأزهرية الأصيلة، حتى التحق بجامعة الأزهر، وحصل على الليسانس في العقيدة والفلسفة عام 1969م، والماجستير في العقيدة والفلسفة عام 1971م، ثم الدكتوراه في العقيدة والفلسفة عام 1977م. وقد عاش (الإمام) في رحاب جامعة الأزهر من خلال هذه الشهادات والمراحل العلمية؛ حيث عمل معيدًا بقسم العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر من 2 سبتمبر 1969م، ثم مدرسًا مساعدًا للعقيدة والفلسفة من 5 أكتوبر 1972م، ثم مدرس العقيدة والفلسفة من 24 أغسطس 1977م، وأستاذً مساعدًا من 1 سبتمبر 1982م، وأستاذًا من 6 يناير 1988م.وانتُدب (الطيب) ليكون عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بمحافظة قنا، اعتبارًا من 27 أكتوبر 1990م حتى 31 أغسطس 1991م، ثم انتدُب عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بأسوان في الفترة من 15 نوفمبر 1995م، وتجدد انتدابُه عميدا للكلية نفسها من 9 نوفمبر 1997م حتى 3 أكتوبر 1999م، وبعدها عُيِّن عميدًا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية العالمية بباكستان في العام الدراسي 1999/ 2000م...(<!--).

...  ومن ثم كان (شيخنا الطيب) من أبناء الأزهر الشريف ورجالاته النوابغ منذ طفولته المباركة. والتعليم الأزهري-رغم كل ما يقال عنه ويُفترَى عليه- يبني الرجال، ويؤسس الأفذاذ، ويثبِّت الأقدام، عندما يتلقاه الطالب حقَّ التلقي، وأستاذنا من هؤلاء الذين نهلوا من المعين الأزهري، وارتشفوا من رضابه على يد شيوخ أصلاء أجلاء، ارتشافًا عميقًا دقيقًا، أخرج منه لسانًا فصيحًا بليغًا، وعقلاً راسخًا نصيحًا، وقلبًا هانئًا مستريحًا.يعرف ذلك كل سامع إياه أو قارئ مكتوباته.. وكأني بأمير الشعراء قصده في قوله:

                   من كلِّ بحرٍ في الشريعةِ زاخرٍ     ويريكَهُ الخلُقُ العظيمُ غَضنْفَرا

                  عينٌ من الفرقانِ فاضَ نَميرُها       وحيًا من الفصحى جرَى وتحدَّرا

                  و سما بأروقةِ الهُدى فأحلَّها        فرعَ الثُّريَّا وهي في أصلِ الثَّرى

                  و مشى إلى الحلْقاتِ فانفجرَتْ له     حِلقًا كهالاتِ السماءِ مُنوِّرا(<!--)

وثالث العوامل المكونة لشخص أستاذنا وشخصيته يتمثل في إعارته إلى غير مكان بدول العالم العربي والإسلامي، فمن الجامعات التي عمل بها سابقًا، أستاذًا في العقيدة والفلسفة الإسلامية :جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض، وجامعة قطر، وجامعة الإمارات، والجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد في باكستان، هذا إضافة إلى إتقانه اللغتين: الفرنسية والإنجليزية بطلاقة، وترجمته عددًا من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية، وقد سافر فضيلته إلى فرنسا لمدة ستة أشهر في مهمة علمية إلى جامعة باريس من ديسمبر عام 1977م إلى عام 1978م. وفضيلته يجيد اللغة الفرنسية إجادة تامة، ويترجم منها إلى اللغة العربية(<!--). . هذا بخلاف مشاركته الدائمة والمتنوعة في العديد من المؤتمرات الدولية التي كانت تناقش أمور حوار الأديان والأخوة الإنسانية...

 فمن المهمات والمشاركات العلمية من المؤتمرات واللقاءات الإسلامية والدولية، لفضيلته:الملتقى الدولي التاسع عشر من أجل السلام بفرنسا، والمؤتمر الإسلامي الدولي حول حقيقة الإسلام ودوره في المجتمع المعاصر، الذي نظمته، مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي في المملكة الأردنية الهاشمية، ومؤتمر القمة للاحترام المتبادل بين الأديان، المنعقد في نيويورك وجامعة هارفارد، ومؤتمر الأديان والثقافات «شجاعة الإنسانية الحديثة» والذي نظمته Universita Perucia بإيطاليا، ومؤتمر الثقافة والأديان في منطقة البحر المتوسط والذي نظمته الجامعة الثالثة بروما، والمؤتمر العالمي لعلماء المسلمين بإندونيسيا تحت شعار «رفع راية الإسلام رحمة للعالمين، وترأس وفد من الصحافة ومجلس الشعب لإجراء حوار مع البرلمان الألماني ووسائل الإعلام ومجلس الكنائس في ألمانيا،وقام بمهمة علمية إلى جامعة باريس لمدة ستة أشهر،ورئيس الملتقى الأول والثاني والثالث للرابطة العالمية لخريجي الأزهر، وسافر إلى سويسرا في مهمة علمية بدعوة من جامعة (نريبرج) لمدة ثلاثة أسابيع من 9 من مايو سنة 1989م إلى 31 من مايو سنة 1989م(<!--). ومن أهم الدول التي زارها على هامش هذه المؤتمرات سويسرا وفرنسا وأمريكا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا....

 ومن ثم وفرت هذه الرحلات التعليمية والعلمية  لشيخنا فرصة للتعرف على منابع الحداثة الكونية ومعالمها، ومعاينة التطور التقني والفكري، وكيفية توظيف كل العلوم لخدمة الحياة والأحياء، وتجميل كل شيء وتحديثه،.. وكل هذا-بلا ريب- أهَّله أيضًا ليتعرف على مشاكل العالم العربي والإسلامي، وأعطاه قدرة على محاورة الآخر والتعامل معه مباشرة بلا وسيط.

 وهذا رشحه بقوة ليكون بحق (الإمام الأكبر، شيخ الجامع الأزهر(، الإمام الثامن والأربعين، منذ19 مارس2010م، ورئيس مجلس حكماء المسلمين، إلى الآن. جاء في تقرير قناة العربية عن فضيلة الإمام أن الرئيس السابق حسني مبارك اختار الدكتور أحمد الطيب من بين خمسة أسماء عرضت عليه لخلافة الإمام الراحل الشيخ محمد سيد طنطاوي، في مشيخة الأزهر؛ ففي يوم19 مارس2012م أصدر الرئيس محمد حسني مبارك قرارًا بتعيينه شيخًا للجامع الأزهر خلفًا للدكتور محمد سيد طنطاوي؛ لسبب آخر بعيدًا عن كفاءته وعلمه، وهو إجادة الطيب للغتين الإنجليزية والفرنسية بطلاقة، وقال: إنه يجيد الفرنسية والإنجليزية، وهذا ما نريده في شيخ الأزهر؛ حتى يقدم صورة الأزهر والإسلام للعالم بلغاته المختلفة ويكون منفتحًا على الآخر(<!--). وقد صدق حَدْس الرئيس السابق، وأثبتت الأيام نجاعة رؤيته، واستشرافه لمستقبل الأزهر على يد الدكتور أحمد الطيب، حفظه الله تعالى، وجعله ذخرًا وحصنًا وسراجًا للعرب والمسلمين وحكماء الكون أجمعين، فصال شيخنا وجال خطيبًا، ومحاضرًا، وكاتبًا، ومؤلفًا ومعلمًا ومنورًا..

 إن هذه المحاضن التربوية الثلاثة: (البيئة، والأزهر، والرحلات العلمية)، أعطتْ (شيخنا) جدَّة، وصمودًا، وصلابة، وصفاءً، وقلبًا نقيًّا، وعقلاً واسعًا، وقدرة على الفعل والانفعال بإيجابية ووسطية وتوازن واعتدال. وكانت سببًا في توفيق مرجعيتنا في المُلِمَّات، و نجابة أستاذنا وشيخنا في الفتاوى وأصول الدين، وحضور قدوتنا في العبادات والمعاملات على المستوى الفردي، والمحليّ، والوطني، والقومي، والعالمي...

ثالثًا: أنماط التربية في حياة الإمام:

بقراءة سيرة الإمام الحياتية يتضح أنه قد قدر الله –تعالى- لإمامنا أن يكون نتاج جملة من التربيات المتنوعة، المتدرجة قلبًا وقالبًا وعقلاً، على النحو الآتي:

التربية الروحية:

 وذلك من خلال عائلة شريفة منيفة، لها نهجها التربوي الإيماني السليم، حيث ربط  الإنسان بأصول الدين، وتعويده على الإتيان بأركان الإسلام، وتعليمه كيفية تمييز مبادئ الشريعة. مع التركيز على تزكية الروح؛ فالروح من أكبر الطاقات الحيوية والمهيمنة على جميع جوانب الشخصية الإنسانية(<!--)، والروح هي الحامية من الأمراض النفسية الفاتكة مثل القلق والاكتئاب والخوف والضجر والإحباط، والقنوط والنكد والهم والغم والحزن.

  وقد تمثلت هذه التربية الصوفية في منبع أهلي، هو : الطريقة الخلوتية، تلك التي تعد من الطرق الصوفية السُّنِّية؛ نسبة إلى محمد بن أحمد بن محمد كريم الدين الخلوتي، المتوفى في مصر سنة986هـ(<!--)؛فعندما تفتحت عينا (أحمد الطيب) على الحياة وجد البيت الذي يعيش فيه يقع إلي جوار المسجد والساحة التي يؤمها الناس في كل وقت، وإن كانت هناك طقوس خاصة يوم الجمعة، وشبَّ على أوراد وترانيم وأذكار الذاكرين والعباد والمنتفعين، وهو ما تأثر به، وقبل أن يصل الدكتور (أحمد الطيب) إلى كرسي شيخ الأزهر في 19 مارس، وعبر مناصبه الكثيرة في الجامعات العربية والإسلامية ودار الإفتاء، لم يكن يخفي صوفيته، بل كان يتحدث عنها بأريحية شديدة، ولم تكن لديه أدنى مشكلة في أن يتحدث عن ساحة الشيخ الطيب؛ نسبة إلي جده الكبير، وهي تلك الساحة التي يقصدها مريدون من كل مكان ليتبركوا بشيوخ ورجال الطريقة الخلوتية. وتوجد صورة في ساحة الطيب تدلل على مكانة (الإمام الطيب) في هذه الطريقة بين عائلته، فهي تتكون من خلفية مسجد الرسول -صلي الله عليه وسلم- بقبته الخضراء، وأعلاها الآية الكريمة من سورة الأحزاب: "بسم الله الرحمن الرحيم: " إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا". صدق الله العظيم"، واختيار الآية مقصود؛ لأن عائلة الدكتور أحمد الطيب تنتهي في نسبها الكريم إلي النبي- صلي الله عليه وسلم- وعليه فهم من الأشراف ومن آل البيت الذين نزلت في حقهم هذه الآية الكريمة. وعلي جانبي الصورة من أعلي إلى اليسار صورة الجد الشيخ أحمد الطيب الكبير، وهو من جلب الطريقة الخلوتية، وأدخلها إلى أسوان، بعد أن قابل الشيخ أبا بكر الحداد الذي كان عالمًا في الأزهر، وشيخًا للطريقة الخلوتية، وقد ظهرت على يدي بعض العلماء في تركيا، وكان الشيخ الحداد هو من أتي بها إلى مصر. وعلي الجانب الأيمن للصورة والد الدكتور الطيب الشيخ محمد أحمد الطيب، والذي تولى أمور الطريقة بعد وفاة أبيه، وكان والد شيخ الأزهر يخطط لحياته بشكل مختلف تمامًا؛ فقد درس في الأزهر القديم، قبل أن يتحول إلى معاهد وجامعات، وكان من تلامذة شيوخ العمود في الجامع الأزهر، ولما مات أبوه أصبح أخوه شيخًا للطريقة. وعندما دخلت الطريقة الخلوتية مصر اختلفت الأمور تمامًا؛ فهي -وكما يقرر (شيخ الأزهر)- مرتبطة ارتباطًا كليًّا وجزئيًّا بالشريعة الإسلامية، فما تقرُّه الشريعة تقره الطريقة، وما ترفضه الشريعة ترفضه الطريقة ولا تقترب منه، وهي لا تغرق في الأوراد والأذكار بل تقوم في الأساس على حل مشاكل الفقراء وغير الفقراء(<!--). فهي طريقة معتدلة، ليس فيها شطط أو شطح أو استغاثة بغير الله تعالى.

التربية العقدية:

 وتتصل بالتربية الروحية، بل هما مقترنتان، فالروح منبع العقيدة، والعقيدة الصحيحة الصافية هي التي تحيي الروح، وقد حصل (الشيخ الطيب) هذه العقيدة وتنشَّأَ عليها من خلال منبع تعليمي تربوي رسمي، هو الأزهر الشريف عامة، وكلية أصول الدين والدعوة بالقاهرة خاصة؛ فقد أثبت (الشيخ الطيب) نبوغًا مبكرًا، وتفوق في جميع مراحل التعليم الأزهري حتى التحق بكلية أصول الدين بالقاهرة، وهي أقدم الكليات التابعة لجامعة الأزهر الشريف؛ حيث تم اعتماد مناهج الكلية بمرسوم ملكي في 27/4/ 1931م، وكان أول يوم دراسي في كلية أصول الدين هو يوم السبت 21 جمادى الأولى سنة1351هـ=3 أكتوبر سنة1931م، ومدة الدراسة بها أربع سنوات يحصل بعدها الطالب على (ليسانس أصول الدين). وقد حصَّل خلالها مقررات أصول الدين الأساسية: ففي شعبة التفسير وعلوم القرآن، توجد مقررات: القرآن الكريم، والتفسير التحليلي، والتفسير الموضوعي، وعلوم القرآن، شبهات حول القرآن، والدخيل في التفسير، ومناهج المفسرين، والقصص القرآني. وفي شعبة الحديث النبوي الشريف توجد مقررات: تاريخ السنة، وعلوم حديث  وشبهات حول الحديث، حديث تحليلي، ودراسة الأسانيد، ومناهج محدثين، ومختلف الحديث ومشكله، والتخريج. وفي شعبة العقيدة والفلسفة، توجد مقررات: التوحيد، والمنطق القديم، والملل والنحل، تيارات فكرية، فلسفة عامة والتصوف، ومقارنة الأديان، والتبشير والاستشراق. وفي شعبة الدعوة والثقافة الإسلامية توجد مقررات: النظم الإسلامية، وأصول الدعوة الإسلامية، والخطابة، والأخلاق الإسلامية، ووسائل تبليغ. هذا إضافة إلى المواد الثقافية من أصول اللغة العربية وآدابها وبلاغتها، وقضايا فقهية معاصرة، و اللغة أوربية... وبعد مرحلة الإجازة العالية واصل (الشيخ) تفوقه وحصل على الماجستير والدكتوراه، ثم واصل دراسته في السوربون بفرنسا، متخصصًا في العقيدة والتوحيد، من خلال المنهج الأشعري الذي هضمه (الشيخ) وألف فيه كتابًا بعنوان: (نظرات في فكر الإمام الأشعري)، وهو في هذا الكتاب ابن أصيل ومخلص للمؤسسة الأزهرية التي تتخذ من "الأشعرية" مذهبًا رسميًّا لها، وذلك باعتبار المذهب الأشعري مذهبًا يعمل على حفظ المجتمعات؛ فهو - بحسب ما يطرحه (الإمام الطيب) في كتابه هذا- دعوة صريحة لأسس التعايش السلمي بين بني الإنسان قاطبة، فضلاً عن أنه وُجد فيه العلاج الناجح لكثير من الأمراض والعلل التي أصابت الفكر الديني؛ بسبب فرض المذهب الواحد والرأي الواحد الذي قضى على مكمن القوة في أمة الإسلام ووضعها في ذيل قائمة الأمم. وهذا المذهب لم يكن أمرًا مخترعًا أو مُحدَثًا في الدين، بل كان انعكاسًا صادقًا أمينًا لما كان عليه النبي وصحابته وتابعوهم من يسر وسهولة في الدين عقيدة وشريعةً وأخلاقًا، وهذه القضية قد تخفى على كثير ممَّن يكتبون الآن عن المذهب الأشعري، فما فعله الأشعري صياغة مذهب عقائدي يقرر أن نصوص الوحي تستقيم على طريق العقل الخالص، إذا تجرد من شوائب الهوى ولجاج الجدل والأغاليط ودافع عنه في كل محفل ضد من يحاولون النيل منه أو تشويهه.

والحق أن التركيز على التربية العقدية الأصولية للشيخ الطيب، كان رزقًا إلهيًّا، واختيارًا مُوفَّقًا ومسدَّدًا؛ لأن هذا النمط من التربية هو الأساس والأصل؛ لأن النفس البشرية إذا عادت إلى أصول دينها، وصفَتْ عقيدتها، تيسرت عليها التكاليف، وخفت المآسي، لتسلحها بما يحصنها ويصونها قلبيًّا وعقليًّا.

التربية الجسمية:

 ويقصد منها التنشئة على قوة الجسم، وصحة البدن، والاهتمام بالمظاهر الصحيّة والحيوية. والحق أن البيئة الصعيدية الصُّلبة لها أثرها الفاعل في التنشئة الجادة لشيخنا؛ فالمسافة من القاهرة شمالاً إلى قرية القرنة في الأقصر جنوبًا 680 كم, يقطعها القطار في تسع ساعات كاملة, وبلوغ قرية الحساسنة في الصعيد بمثابة رحلة تسلق قمة جبل روحية في مصر, حيث يوجد (آل الطيب) الذين ينحدرون من سلالة الحسن بن على بن أبى طالب (رضى الله عنه).
ومن على بعد، تبدو شواهد عراقة (آل الطيب) الدينية في معقلهم: ساحة واسعة ومسجد كبير بمئذنة عالية بلون أخضر, ولوحة تشير إلى ساحة الطيب. ومن وصايا (الإمام) للأجيال الناشئة:" تجنَّبْ ما يُنافي الأخلاقَ والأدبَ العامَّ في مظهرِكَ ومَلْبسِكَ"، و "حافظْ على نظافةِ جسمِكَ ومكانِكَ؛ فالنظافةُ من الإيمانِ(

المصدر: كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 144 مشاهدة
نشرت فى 23 فبراير 2020 بواسطة sabryfatma

الأستاذ الدكتور صبري فوزي عبدالله أبوحسين

sabryfatma
موقع لنشر بحوثي ومقالاتي وخواطري، وتوجيه الباحثين في بحوثهم في حدود الطاقة والمتاح. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

329,490