فرضية دورة الإزدهار والإنفجار في أصداء الحنطة Boom&Bust Cycle

 

 

 د. محمد عبد الخالق الحمداني

رئيس باحثين في دائرة البحوث الزراعية / بغداد-العراق

[email protected]

       قبل الحديث عن الوسائل الناجحة في  الكشف المبكر لأي تغييرات حديثة في المسبب المرضي وتحديدا في المورث او المورثات المسؤلة عن الفعالية الممرضة (الضراوة أو الفوعة ) (Virulence) لابد من فهم نظرية دورة الإزدهار والإنفجار في أمراض ألأصداء وخاصة أصداء الحبوب Cycle) (Boom&Bust.

تعبر الفرضية أو النظرية عن تسلسل الأحداث الموسمية والخاصة بالعلاقة بين العائل (الصنف أو الأصناف المزروعة) وبين المجتمع السكاني للفطر المسبب ، لذلك  فهو مصطلح يعكس ماذا حدث وماذا يحدث قبل وبعد حدوث الوبائية تحت ظروف بيئية معينة وخلال فترة زمنية محددة  . يكمن دور العائل النباتي في هذا الموضوع من خلال ضخ أعداد غير محددة من نتاجات برامج التربية والتحسين إلى الحقول نتيجة لتدهور الانتاجية او تدهور المساحات المزروعة بالصنف او الاصناف الموجودة أساسا في العملية الإنتاجية بسبب إكتشاف مستويات عالية من الإصابة . إن حساسية الأصناف المزروعة لمرض معين من أمراض الصدأ وعلى أحد أهم محاصيل الأمن الغذائي  سيكون دافعا قويا للمؤسسات العلمية والمربين على وجه الخصوص بالعمل على انتاج اصناف جديدة ذات مواصفات زراعية وبضمنها مقاومة الاصداء وخاصة الصدا الذي تتعرض له عوائل منطقة جغرافية معينة. لذلك يمكن القول بأن الخطوة الأولى من خطوات تحقيق الفرضية قد بدأت ، لأن  تطوير مثل هذه الاصناف واعتمادها والتوسع بزراعتها ،سيولد ضغطا إنتخابيا على  المسبب المرضي الذي اطلقت الاصناف المقاومة له ، وبذلك سيحاول ان يطور فعاليات ممرضة  قادرة على التفوق على مورث أو مورثات المقاومة المحمولة في الأصناف الجديدة) اي تطوير بإتجاه زيادة الفعالية الممرضة مع احتمال كبير في الاصداء ان تكون زيادة الفعالية الممرضة مصاحبة للعدائية (Aggressiveness) وهذه تمثل الخطوة الثانية . إن تمكن الفطر المسبب من تطوير طرز مرضي قادر على التفرق على مورثات المقاومة الموجودة  سيقود حتما إلى توفر عنصرين من عناصر الوبائية المتوقعة بعد أن تستكمل الأبعاد الأربعة لها وكما يلي:

<!--إتساع المساحة المزروعة بتركيب وراثي واحد او اثنين

<!--ظهور تغير في الفعالية الممرضة للمسبب المرضي تجاه العائلين في فقرة أ

<!--توفر الظروف البيئية الملائمة لمزيد من الدورات الخاصة بالإصابة

يمكن هنا وضع مخطط لما حصل في كل من العائل والمسبب المرضي وكيف يتم التوافق بينهما ليصب في خدمة الوبائية .

        إن الإتساع والإزدهار يتمثل هنا في كل من العائل والمسبب المرضي، فالعائل يزدهر من خلال المساحات الزراعية التي يتواجد فيها والمسبب المرضي يزدهر من خلال زياداتات في تكرار حدوث الفعاليات الممرضة والتي عادة ما تحدث في الحقول الشاسعة ذات التركيب الوراثي (العائل) المفرد. وبذلك فان هذا الازدهار يحمل في طياته الانفجار المتوقع حدوثه عندما يكون البعد الثالث للمثلث المرضي ملائما واستمرار ملائمته لفترة طويلة.

         يعني الانفجار الحاق الضرر بالعائل وبالتالي سوف تنخفض المساحات المزروعة بذلك الصنف الذي فشل في مقاومة الفعالية او الفعاليات الممرضة الجديدة. إن نقصان المساحات المزروعة بذلك الصنف خوفا من تكرار ما حدث في الموسم الماضي سيدفع مربي النبات للبحث عن تراكيب وراثية جديدة لاعتمادها كاصناف جديدة... وهكذا تتجدد دورات الازدهار والاتساع في العائل...

       أما ما يحدث بالنسبة للمسبب الممرض مع كل حلقة من الحلقات المذكورة... فزيادة المساحات المزروعة بالعائل..... يزيد من فرص تكرار الفعالية وبالتالي تتفوق تلك الفعالية الممرضة على المقاومة فيحدث الانفجار... الوبائية. وهنا الإنفجار يعني انفجار سكان المسبب الممرض وهذا يقود الى ضرر على العائل وقلة الاعتمادعليه في الموسم القادم وبالتالي انخفاض تكرار الفعالية الممرضة لان العائل حساس لما هو موجود في المنطقة من الفعاليات الممرضة وليس هناك اي ضغط على المسبب لانتاج فعاليات ممرضة. وعند طرح اصناف مقاومة جديدة فان فرص التحري عن الفعاليات الممرضة تزداد.... وهكذا هي دورات الاتساع والانفجار التي لا يتوقف عملها في الدول المتقدمة . لذلك فهناك صراع حقيقي بين المربين وبين المسببات الممرضة بشكل مستمر واي خلل في برامج التربية سيؤدي الى تحول جميع التراكيب الوراثية المزروعة الى اصناف ذات حساسية شاملة للمسبب او المسببات الممرضة السائدة في المنطقة سواء كانت تلك الامراض من النوع البسيط في دوراته او الامراض ذات الدورات المتضاعفة(Simple or Multiple Cycle Diseases)

ومن الجدير ذكره، بأن دورات الاتساع والانفجار غالبا ما تكون  مرتبطة بالامراض ذات الدورات المتضاعفة كالاصداء والبياض الدقيقي والزغبي والتبقعات  وامراض اللفحات والفيروسية  ... وهناك مثال جيد يمكن اعتماده لتوضيح هذه الفرضية .. ففي إنكلترا... كان هناك صنف حنطة شتوية يدعى Joss Cambier يتصف بالمواصفات الزراعية الجيدة ومنها مقاومته لمرض الصدا الاصفر وكانت المقاومة من النوع العام لاكتشافها في الاطوار الناضجة ،ولذلك يمكن القول بان مقاومة الصنف المذكور هي مقاومة الاطوار الناضجة . طرح الصنف المذكور للزراعة بعد اعتماده عام 1968 ونظرا لجودته ،فقد لقى تقبلا واسع النطاق من قبل المزارعيين بحيث شكل هذا الصنف  اكثر من 30% من المساحات المزروعة بالحنطة الشتوية في موسم 1971وهي السنة التي  حدث بها  الإنفجار (الوبائية) في مناطق عديدة من وسط  وجنوب إنكلترا وجنوب شرق اسكتلندا، وقد سببت هذه الوبائية خسائر كبيرة للمزارعيين وضعف الثقة بهذا الصنف مما ادى الى انخفاض المساحات المزروعة وبشكل حد وسريع. 

        وعند دراسة اسباب ما حدث..... فقد وجد أن سبب ذلك يعود إلى ظهور طرز ممرضة ذات  فعاليات ممرضة جديدة من قبل المسبب الممرض تمكنت من التفوق على ما يمتلكه الصنف المزروع من مورثات المقاومة.... 

  • Currently 2/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
2 تصويتات / 491 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

76,191