لقد أدى نقص الخبرة، التمويل والاستثمار إلى بطء نمو قطاع الاستزراع السمكي في اليمن. "ومركز بحوث الاستزراع المائي" الذي أسس في عدن في عام 1988 وكذلك مزرعة "المسلم" الخاصة التي أنشئت عام 2004 هما الكيانان الوحيدان العاملان في هذا المجال في اليمن في الوقت الحاضر. وقد بدأ العمل حديثا في إنشاء مزرعة جديدة في منطقة "الشهر" على الساحل الشرقي باستثمارات ألمانية وبتكنولوجيا النظام المغلق. كما أن العديد من المستثمرين اليمنيين قد بدأوا في الاهتمام بالاستثمار في هذا المجال. ونتيجة لذلك فقد تم إجراء مسح لتحديد المواقع الصالحة لاستزراع الجمبري، بالتعاون مع المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بمصر.

وأهم الأنواع التي تجرى عليها الدراسات بمركز بحوث الاستزراع المائي بغرض الاستزراع هي الجمبري الهندي الأبيض
(Penaeus indicus)، الجمبري النمر الأخضر (Penaeus semisulcatus) والدنيس ذهبي الخطوط (Rhabdosargus sarba).

وقد أنتجت مزرعة المسلم 380 طنا من الجمبري الهندي الأبيض في عام 2005. ويتميز قطاع الاستزراع المائي في اليمن بإمكانيات تنموية عالية، خاصة إذا تم اجتذاب الشركات الخاصة للاستثمار في هذا المجال، بالتعاون مع وزارة صحة الأسماك وكذلك مع المؤسسات المعنية بتطوير وتنمية هذا القطاع.

لمحة تاريخية

لقد أدركت اليمن منذ الثمانينيات الحاجة إلى الاهتمام بأولوية تطوير قطاع المصايد بهدف دعم وزيادة التصدير وكذلك ضمان إمداد السوق المحلى بمصدر جيد للبروتين. وفى عام 1978 أدخلت احدي الشركات اليابانية تكنولوجيا الاستزراع المائي إلى اليمن. ونتيجة لذلك فقد طلبت حكومة اليمن المساعدة اليابانية في إنشاء مركز لبحوث الاستزراع المائي. وقد استجابت الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (الجايكا) (Japan International Cooperation Agency; JICA) وبدأت في إجراء مسح لتحديد الموارد والمواقع المناسبة. وقد بدأ تنفيذ المشروع عام 1987. وتركز الأنشطة البحثية بالمركز على تقنيات إنتاج الزريعة من الأسماك والجمبري، كما أنه يقوم بتدريب الفنيين والأخصائيين العاملين في مجال تربية الأحياء المائية.

وقد بدأ مركز بحوث الاستزراع المائي في العمل في ابريل 1988. وقد تم تعيين خبيرين في هذا المجال بين أعوام 1988 و 1991. كما تم استقدام خبير ياباني في عام 1991 بتمويل من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي لنقل الخبرة في تكنولوجيا تربية الأحياء المائية للجانب اليمنى. وقد بدأت مزرعة المسلم الخاصة في إنتاج الجمبري الهندي في عام 2005 في أحواض ترابية مساحة كل منها 100 م2. وتضم المزرعة كذلك مفرخاً ووحدة لتصنيع العلف.

الموارد البشرية

يضم مركز بحوث الاستزراع المائي حاليا 31 موظفاً ، منهم 6 باحثين، 10 فنيين، و15 عاملاً. أما مزرعة المسلم فيعمل بها 100 فرد ، منهم 4 خبراء في الاستزراع السمكي و12-30 فنياً.

خصائص أنظمة الاستزراع

يقع مركز الاستزراع المائي في النهاية الغربية لخليج عدن، في حي البريقه (Al-Buraika) بمحافظة عدن. وتبلغ مساحة المركز حوالى30 000 م2، ويستخدم خزانات خراسانية تغذى بما البحر، تبلغ مساحتها حوالي هكتار واحد. كما يضم المركز مفرخاً ووحدة صغيره لإنتاج العلف. ويجري استزراع الجمبري بطريقة شبه مكثفة، وبكثافة تبلغ 15 يرقة/م2. أما مزرعة المسلم فإنها تقع على ساحل البحر الأحمر في منطقة الخوبة (Al-Khauba) بمحافظة الحديدة. وتبلغ مساحة المزرعة حوالي 100 هكتار، وتضم 100 حوضاً أرضيا مساحة كل منها 100 م2 ، تروى بمياه البحر. وتتبنى المزرعة النظام شبه المكثف في استزراع الجمبري، بكثافة تخزين تبلغ 25 يرقه/م2، وبإنتاج مستهدف يبلغ حوالي 6 طن/هكتار.

الأنواع المستزرعة

يقوم مركز بحوث الاستزراع المائي بتربية نوعين من الجمبري هما الجمبري الهندي الأبيض (Penaeus indicus) والجمبري النمر الأخضر ونوع واحد من الأسماك هو الدنيس ذهبي الخطوط (Penaeus semisulcatus). ويركز الإنتاج أساساً على الجمبري نظراً لقيمته التصديرية العالية. ويتم تجميع أمهات الجمبري من المصايد الطبيعية في مهرا (Mahra) ( خياط القمر في البحر العربي) أثناء موسم التناسل بين يوليو وسبتمبر. كما يجري جمع الأمهات أيضاً من الحديدة (الصليف بالبحر الأحمر) بين شهور يناير وابريل. أما في خليج عدن فيتم تجميع الزريعة من الصيرة (Seera) أثناء موسم التناسل والممتد من يوليو إلى نوفمبر.
ويتم تفقيس الجمبري بمركز بحوث الاستزراع المائي خلال أكتوبر فبراير، ثم يتبع ذلك مرحلة تحضين خلال شهري مارس وأبريل. أما مرحلة التربية والتسمين فتمتد من مايو حتى أكتوبر حتى يصل الجمبري إلى حجم التسويق الذي يبلغ 20 جم.

وقد بدأ إنتاج الدنيس ذهبي الخطوط في عام 1990، حيث أنه يتمتع بقيمة تسويقية عالية سواء للسوق المحلى أو للتصدير. ولذلك فهو يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد الجمبري. ويتم تجميع الأمهات من مناطق الصيد في الفقم (Fukum) بخليج عدن أثناء موسم التناسل في نوفمبر. ويحدث التفقيس (التفريخ) خلال شهري نوفمبر وديسمبر. وتجري تربية اليوافع لحوالي عام حتى تصل إلى حجم التسويق. أما إنتاج الأنواع الأخرى من الأسماك فمازال في مراحل الدراسة والبحث العلمي، نظراً للصعوبات الفنية.

الإنتاج

لا يزال إنتاج مركز بحوث الاستزراع المائي في مراحله التجريبية، بحيث لا يتعدى هذا الإنتاج طنا واحدا من الجمبري في العام. أما مزرعة المسلم فقد بلغ إنتاج الجمبري بها في العام الأول من التشغيل 380 طناً. ولا تتضمن إحصاءات منظمة الأغذية والزراعة هذه البيانات والإحصاءات الوطنية.

السوق والتجارة

إن الأسواق الرئيسية للمنتجات السمكية للاستهلاك المحلى هي أسواق الجملة في الحديف (Hudgeef) والصيرة (Seera) الواقعتين في ميناء الصيد بعدن، وكذلك سوق الجملة بميناء الحديدة (محافظة الحديدة). ونادراً ما يتم استخدام سيارات التبريد في نقل الأسماك، حيث يستخدم عادة الثلج المجروش في حفظ الأسماك أثناء نقلها للأسواق ومصانع المعالجة. والجمبري هو أهم منتجات الاستزراع المائي. وعلى الرغم من السوق المحلى الرائج للجمبري خاصة في المطاعم والفنادق، فإن أسواق التصدير خاصة لأوروبا، شرق آسيا والولايات المتحدة الأمريكية هي الأكثر ربحا.

الهيكل المؤسسى

يعتبر مركز بحوث الاستزراع المائي فرعاً من "مركز بحوث العلوم والموارد البحرية (Marine Science & Resources Research Centre)" وهو مؤسسة تم إنشاؤها بالتعاون بين البنك الإسلامي للتنمية واليونسكو في عام 1983. وهذا المركز يتبع وزارة صحة الأسماك مباشرة. وفى عام 2002 تقدم وزير صحة الأسماك بمقترح لهيكل مؤسسي جديد يهدف إلى تطوير وتفعيل أنشطة قطاع المصايد، ولكن لم يوضع هذا المقترح موضع التنفيذ بعد. أما مزرعة المسلم فهي مزرعة خاصة تمتلكها شركة المسلم التجارية.

اللوائح المنظمة

تضطلع وزارة صحة الأسماك بالمسئوليات الآتية:

  1. مراقبة، الإشراف على، وتنمية أنشطة الاستزراع المائي في اليمن. كما أن الوزارة مسئولة عن إنشاء المزارع وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع.
  2. مراقبة تصدير، استزراع وإنتاج الأنواع الجديدة، بما في ذلك أسماك الزينة.
  3. إنتاج وتحرير يوافع الأسماك في المياه الطبيعية كجزء من برامج تنمية ودعم المصايد التجارية الطبيعية.
  4. تأجير المسطحات المائية للشركات الخاصة والجمعيات بهدف الاستزراع المائي.

البحوث التطبيقية

أهم الأنواع التي تجرى عليها الأبحاث في مركز بحوث الاستزراع المائي هي الجمبري الهندي الأبيض والجمبري النمر الأخضر، حيث أن الدراسات تجرى عليهما منذ إنشاء المركز. كما أن الدنيس ذهبي الخطوط هو السمك الوحيد الذي تجرى عليه الدراسات بالمركز. وتركز الدراسات على إنتاج الإصبعيات. وقد توضع أنواع الجمبري النمر العملاق (Penaeus monodon)، الشعري (الشعور) (Lethrinus neblosus)، والبوري (البياح- العربي) في الاعتبار في البرامج البحثية المستقبلية.

ويستخدم مركز بحوث الاستزراع المائي كذلك كمركز تعليمي لطلاب المدارس الثانوية والجامعات، حيث يقوم بتدريس تقنيات الاستزراع المائي لهم. كما تقوم جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا وجامعة الحديدة بمنح درجات علمية تتضمن عناصر تربية الأحياء المائية.
التوجهات، القضايا والتنمية

يبلغ عمر المنشآت الموجودة بمركز بحوث الاستزراع المائي 15 عاماً، وهى بذلك تحتاج إلى تجديد وتحديث. كما يواجه المركز الآن بصعوبات بالغة في استمرار الأنشطة البحثية نظراً لنقص قطع الغيار والأدوات والأجهزة الضرورية.

وتعتبر المصايد التجارية أحد الركائز الأساسية للاقتصاد المحلى في المناطق الساحلية ويشهد الطلب المحلى على الأسماك تزايدا مضطردا نتيجة لزيادة معدل النمو السكاني، وكذلك يزداد الطلب على الأسماك في المناطق الداخلية من اليمن. كما تعتبر الأنشطة المرتبطة بالمصايد والاستزراع المائي عاملاً رئيسيا لجذب العملة الأجنبية الصعبة عن طريق التصدير. وسوف تلعب هذه الأنشطة دوراً هاما في خطط التنمية المستقبلية.

ولذلك يتزايد دور مركز بحوث الاستزراع المائي، على الرغم من وجود عدد من القضايا والمشاكل التي يجب مواجهتها بهدف تحديث وتفعيل أنشطته. وفى عام 2002 تم صيانة وإصلاح أحواض التربية التابعة للمركز بمساعدة صندوق دعم الزراعة والمصايد (صندوق يمنى). كما ساهم الصندوق كذلك بإمداد المركز بأجهزة جديدة، كيماويات وزريعة جمبري. وفى عام 2005 جرت مناقصة لإمداد المركز بأجهزة إضافية لهدف البحث العلمي بمنحة من الحكومة اليابانية قيمتها 80 000 دولار.

والقضايا الأخرى التي يجب أن يتصدى لها مركز بحوث الاستزراع المائي هي:

  1. إحلال وتجديد قطع الغيار والأجهزة بالمركز.
  2. تحسين تقنيات إنتاج أعلاف الزريعة والإصبعيات.
  3. تطوير تقنيات استزراع الجمبري والأسماك.
  4. نقص الوصول إلى المعلومات أو تبادل هذه المعلومات مع الخبراء من المؤسسات الأخرى.
  5. الحاجة إلى التدريب الفني المتقدم للباحثين بالمركز بالخارج
  6. الحاجة إلى الخبرة في إجراء دراسات الجدوى من أجل تحديد الأماكن الصالحة لاستزراع الجمبري والأسماك.
  7. الحاجة إلى وضع برامج لتطوير الأعلاف وعلاج ومقاومة الأمراض بما يساهم في المزيد من التطوير التكنولوجي في الاستزراع المائي.
  8. الحاجة إلى دمج البحث العلمي مع قضايا الاستدامة.

ويخطط مركز بحوث الاستزراع المائي لإنشاء مزرعة نموذجية بهدف جذب مستثمري القطاع الخاص للاستثمار في الاستزراع المائي. إلا أن هذه الخطة لم تدخل حيز التنفيذ بعد، بسبب نقص التمويل اللازم. ولكن المركز قد انتهى من إجراء مسح لتحديد المواقع لإنشاء مزارع الجمبري بطول سواحل البحر الأحمر وخليج عدن في عام 2004، وذلك بالتعاون مع المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بجمهورية مصر العربية.

إعداد/ أمانى إسماعيل

redsea5

أمانى إسماعيل

ساحة النقاش

redsea5
موقع خاص لأمانى إسماعيل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

522,081