الأسماك والأحياء البحرية ثروة وطنية ينبغى أن يستفيد الوطن من عائداتها.. هكذا قال رئيس الجمهورية في احدى خطاباته وأضاف بشأنها في خطاب آخر.. علينا أن نستمر في تشجيع الاستثمارات في هذا القطاع وعلى المستثمرين الاتجاه إلى البحر لكي لا تظل الاتكالية لاقتصادنا الوطني على موارد النفط والجمارك والضرائب مؤكداً أن الثروة النفطية قابلة للنضوب بينما السمكية ثروة متجددة لا تنضب.
المخزون السمكي
تشير التقديرات إلى أن المخزون السمكي على طول السواحل اليمنية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن يصل إلى نحو 850 ألف طن يمكن انتاج ما بين 350ـ400 ألف طن سنوياً مقارنة باستغلال فعلي لم يتجاوز 290 ألف طن في العام 2005م.
وتمتلك اليمن شواطئاً متعددة على البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن وشواطئ الجزر كسقطرى وغيرها وتتميز بالتنوع الفريد والغني بالثروة السمكية ما جعل هذه الثروة متنوعة في بيئتها ومعيشتها لتصل إلى 400 نوع من الأسماك والأحياء البحرية التي تعيش على امتداد الشواطئ اليمنية وبطول 2500 كم.. كما تمتلك اليمن أكثر من 17 ألف قارب صيد يستثمرها حوالي 65 ألف مواطن تصل عائدات ما يصطادونه إلى أكثر من 45 مليارآً و353 مليون ريال وفقاً لإحصائية وزارة الثروة السمكية فيما بلغ عدد المشتغلين في القطاع السمكي نحو نصف مليون مواطن وبحسب التصنيف العربي احتلت اليمن المركز الرابع في الانتاج السمكي.
مسطحات وجزر وخلجان
تتركز الثروة السمكية في اليمن في المصايد الطبيعية البحرية اذ تبلغ مساحة المسطحات المائية أكثر من 600 ألف كيلو متر تقريباً بحسب تقديرات مركز أبحاث علوم البحار بما فيها الجزر والجلجان في مناطق البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي بتكويناتها وخصائصها المختلفة.
وتمتد مساحة الرصيف القاري نحو 11.2 كم وعمق 200 متر على طول ساحل البحر الأحمر الذي يدخل ضمن تصنيف البحار شبه المغلقة وتكثر فيه الشعاب المرجانية والجزر وتعدد الخلجان والمضائق وتدخل ضمن مساحة الرصيف القاري مساحة كبيرة من المياه الضحلة قليلة العمق وتمتاز بارتفاع مكوناتها الأولية من البلانكتون والزوبلانكتون بفعل عملية تبادل المياه مع خليج عدن الذي يعد من أغنى المناطق بالانتاجية الأولية للأسماك مقارنة بمياه البحر الأحمر وكذا أكبر اتساعاً وأكثر عمقاً وموقعاً فإن البحر الأحمر يفصل كتلة التربة الصخرية عن الكتلة الصخرية العربية ويفصل خليج عدن الصفيحة الصخرية العربية عن الصفيحة الصخرية الافريقية.
ثروة هائلة
ويصنف البحر العربي من البحار المفتوحة ويمتلك ثروة هائلة في المنطقة الإقليمية والاقتصادية الخالصة ويتميز بأصناف وأنواع الأسماك والأحياء البحرية ذات القيمة التجارية المرتفعة وبتلك التكوينات والخصائص لمناطق المصائد الطبيعية في المياه البحرية لليمن والتي جعلت الثروة السمكية أهم الثروات الطبيعية الاقتصادية في بلادنا وتوفر امكانية الاشغال لمختلف وسائط الصيد التقليدي والساحلي والصناعي في المناطق الاقليمية والاقتصادية الخالصة وأعالي البحار.
التنمية المستدامة
ولتحقيق التنمية المستدامة لمصايد الأسماك والاستخدام الرشيد للموارد المائية الحية فإن ذلك يتطلب تنفيذ عدد من التدابير ذات الصلة المباشرة بالادارة الفنية والرقابية بطريقة تؤدي إلى الإستغلال الرشيد لتلك الموارد بهدف الحفاظ على نوع من التوازن بين طاقات الصيد المتاحة والموارد المتاحة ليتسنى الحفاظ على تلك الموارد للأجيال القادمة.
وتشكل الأسماك السطحية الكبيرة والصغيرة الحصة الأكبر من أنواع الأسماك والأحياء البحرية الأخرى المصطادة والتي تعد من أكثر الأسماك المرغوبة للاستهلاك المحلي والأجنبي.
الحصة الأكبر
وتعد حضرموت والمهرة والحديدة من المحافظات المتقدمة في الانتاج السمكي مقارنة بانتاج المحافظات الساحلية الأخرى كما أن التدخلات التي حصلت خلال السنوات الماضية في عمليات الانتاج من خلال تطور وسائل ومعدات وطرق الاصطياد المستخدمة والأنواع المصطادة وطرق تداولها وحفظها حققت نتائج ايجابية في نمو متوسط سعر الأسماك سنوياً من 93.5 ألف ريال للطن في عام 1990م إلى 173.5 ألف ريال للطن في العام 2004م نتيجة زيادة الطلب على الأسماك وتغيير مستوى جودة المنتجات السمكية المصطادة.
الصيد التقليدي
ويمثل الصيد التقليدي أحد أهم الأشكال الانتاجية في الصيد البحري ويعتبر المصدر الرئيس للانتاج وتوفير الأسماك للمواطنين وزيادة الصادرات السمكية حيث حقق قفزة كبرى في الانتاج في السنوات الأخيرة بلغت أكثر من 280 ألف طن في العام وبنسبة 98.5% من الانتاج الكلي للأسماك وهو المصدر الوحيد لدخول الصيادين وعيشهم ويمارس نشاطه في كافة المياه البحرية باستخدام قوارب الصيد التقليدية المصنوعة من الخشب والفيبر جلاس.
وتمارس مهنة الصيد التقليدي في الغالب من قبل فئات الصيادين وسكان المناطق الساحلية سواء كانوا فرديين أو أعضاء في إطار الجمعيات والتعاونيات السمكية.
قرى الصيادين
وتنتشر قرى وتجمعات الصادين على طول الشواطئ والجزر اليمنية ويبلغ عدد القرى والتجمعات الرئيسة أكثر من 100 قرية وتجمع ومركز إنزال ونظراً لازدياد الطلب على الأسماك وتغير نمط الاستهلاك فقد تطورت معدلات النمو في كميات انتاج الصيد التقليدي بالاضافة إلى الإجراءات الأخيرة المتخذة بشأن تنظيم عمليات الاصطياد التجاري وحصر منطقة الأربعة ميل بحري من خط الشاطئ لنشاط الصيد التقليدي.
ولهذا فإن التطور الحاصل في وسائل وأدوات وطرق الصيد التقليدي جعل القطاع السمكي مصدراً لفرص العمل والتخفيف من الفقر حيث أحدث ذلك زيادة في أعداد الصيادين وقوارب الصيد بشكل ملحوظ خلال الأعوام الأخيرة مقارنة بالعام 1990م.
الصيد التجاري الصناعي
وتمارس هذا النشاط سفن الصيد الأجنبية والمحلية بموجب الاتفاقيات المعقودة بين وزارة الثروة السمكية والشركات اليمنية والأجنبية وبعضها مع المستثمرين المحليين وبعض الدول في إطار بروتوكولات التعاون الثنائي وشهدت الفترة الأخيرة خطوات عديدة لتنظيم نشاط الصيد التجاري والصناعي مقارنة بالفترة السابقة.
الأسواق الخارجية
وتحتل الصادرات السمكية المرتبة الأولى في الصادرات الوطنية غير النفطية وبنسبة 40% من إجمالي السلع المصدرة وتتمتع الأسماك اليمنية بسمعة جيدة في الأسواق العربية والأجنبية وتحديداً في أسواق دول الخليج العربي ودول الاتحاد الأوروبي وتعد من السلع التي تحقق أسعاراً عالية مقارنة بأسماك الدول الأخرى المنتجة للأسماك وتقدر نسبة استيراد الأسماك اليمنية حوالي 70% ويعد الحبار والجمبري والشروخ الصخري الحي والمجمد، والأسماك الطازجة والمحضرة على هيئة شرائح من أهم الصادرات اليمنية الموجهة إلى أسواق أكثر من 50 دولة عربية وأجنبية سنوياً.
حجم التصدير
وتبين الإحصائيات أن حجم المنتجات السمكية المصدرة إلى الخارج في العام 2006م بلغ حوالي 89 ألفاً و610 أطنان مقارنة بـ84 ألفاً و288 طناً في العام 2005م.
ويرجع مراقبون اقتصاديون زيادة حركة الصادرات السمكية إلى تحسن جودة الصادرات والتسهيلات الممنوحة للمصدرين ويتوقعون أن يشهد العام الجاري ارتفاعاً في كمية وجودة المنتجات السمكية وبخاصة بعد تدشين العمل في مختبر الصادرات السمكية في منفذ حرض.
نقطة اعتراض
ونتيجة لنمو حجم الصادرات السمكية اعترضت كثير من الجهات ذات العلاقة بقطاع الأسماك لتجاهل الأسواق المحلية وعدم تغطيتها بالمنتجات السمكية الأمر الذي أحدث مشاكل عديدة منها التلاعب بأسعار الأسماك في الأسواق المحلية وارتفاعها بشكل غير مقبول بالنسبة للمستهلك
وهنا يؤكد المهندس / علي بن شبا ـ رئيس الاتحاد التعاوني السمكي على أن ارتفاع أسعار الأسماك في الأسواق المحلية يعود إلى غياب آلية تنظيم عملية الصادرات السمكية الى الخارج مطالباً بضرورة وتغطية حجم الاستهلاك المحلي ومن ثم تصدير الفائض إلى الخارج.
وقال بن شبا: إن عملية التصدير تسير بعشوائية مشيرآً إلى أن كثيراً من المسوقين للأسماك من المهرة وحضرموت والحديدة وعدن ولحج وشبوة وتعز وأبين يلتقون جميعهم في منفذ حرض، وهناك يحرجون بالأسماك حيث تصل السيارات المحملة بالأسماك إلى حدود 80ـ90 سيارة في اليوم وهكذا تسير العملية دون تنسيق أو آلية منظمة وهنا يزداد العرض ويقل الطلب وتشترى الكميات بأسعار زهيدة من قبل شركات مصدّرة، الأمر الذي ينعكس على الأسواق المحلية وارتفاع الأسعار.
عشوائية
ويؤكد رئيس الاتحاد التعاوني السمكي أن الاستثمار في هذا القطاع ينبغي ألايتم بهذه الطريقة العشوائية بحيث تذهب الكميات المنتجة إلى منفذ حرض ليتم بيعها على التجار المصدرين ويعودون بسلع بديلة عنها بطريقة المقايضة.. ويتساءل ماذا حققنا من ذلك فلا شغلنا عمالة ولاقيمة مضاعفة؟
ويرى بأن غياب الاحصائيات الخاصة بمعرفة حجم الاستهلاك المحلي واحتياجات كل فرد من الأسماك تعد مشكلة بحد ذاتها، وقال: ينبغي أن يكون هناك حرص كبير لتغطية الأسواق المحلية بالأسماك وبما يلبي احتياجات المواطنين.
الاستهلاك المحلي
وبحسب الاحصائيات الرسمية لوزارة الثروة السمكية فإن نسبة الاستهلاك المحلي في الأسماك الطازجة والمعلبة يصل إلى نحو 70% من إجمالي حجم الأسماك المصطادة سنوياً مما حقق ارتفاعاً في مقدار نصيب استهلاك الفرد من الأسماك وصل إلى 9كجم بدلاً من 6كجم في الفترة الماضية.
ويشير تقرير الثروة السمكية إلى ان القطاع السمكي أسهم في توفير أكثر من 3.15 ألف فرصة عمل منها حوالي 65 ألف فرصة عمل للصيادين في عمليات الصيد البحري وما يقارب من 250 ألف فرصة عمل في عمليات تداول وتسويق المنتجات السمكية والنشاطات المصاحبة مثلت نسبة 3.5% من إجمالي عدد النشطين اقتصادياً من السكان حيث يصل عدد المشتغلين في القطاع السمكي إلى حوالي 1.7 مليون نسمة بنسبة 8.6% من إجمالي عدد السكان.
ساحة النقاش