اِنْتِظَارٌ
غَطّتْ جَسَدَهَا الهَزِيلَ بِأَثْمَنِ فَسَاتِينِهَا وَ زَيّنَتْهُ بِمَاسَةٍ كَانَ قَدْ أَهْدَاهَا إِيّاهَا، نَظَرَتْ إِلَى نَفْسِهَا فِي المِرْآةِ بَعْدَ وَضْعِ القَلِيلِ مِنْ مَسَاحِيقِ التّجْمِيلِ لِتَرْتَسِمَ عَلَى شَفَتَيْهَا بَسْمَةٌ تَشْفِي القَلْبَ العَلِيلَ. جَلَسَتْ فِي سَكِينَةٍ عَلَى المِقْعَدِ البَنَفْسَجِيّ المُطَعّمِ بِالوَرْدِ الزّهْرِيّ تَنْتَظِرُ قُدُومَهُ بِلَهْفَةِ المُتَعَطّشِ لِقَطْرَةِ مَاءٍ فِي صَحْرَاءٍ مُقْفَرّةٍ. تَنْظُرُ إِلَى سَاعَتِهَا الذّهَبِيّةِ تَارّةً وَ إِلَى التّلفَازِ تَارّةً أُخْرَى، نَعَمْ سَيَأْتِي هُوَ قَالَ سَيَأْتِي، لَمْ يُخْلِفْ لِي وَعْدًا أَبَدًا. دَقّتْ السّاعَةُ مُعْلِنَةً اِنْتِصَافَ اللّيلِ، بَدَأَتْ يَدَاهَا تَرْتَجِفَانِ، قَشْعَرِيرَةٌ سَارَتْ فِي جَسَدِهَا، نَعَمْ هَوَ مَنْ تَسْمَعُ خَطَوَاتِهِ، لَفّهَا بِتِلْكَ اليَدَيْنِ القَويّتَيْنِ، أَنْفَاسُهُ الدّافِئَةِ عَلَى رَقَبَتِهَا تَزِيدُ مِنْ حِدّةِ تَنَفّسِهَا، هَمَسَاتِهِ الرّقِيقَةُ تُذَكّرُهَا بِأوّلِ نظرةٍ، كَلِمَةِ أُحِبّكِ تُنْسِيهَا أَلَمَ الفِرَاقِ. تَمَدّدَتْ عَلَى سَرِيرِهَا الأَبْيَضَ الوَثِير. روحها هامت في عالم الأحلام، استنشقت عبيره و ارتوت من رحيقه. لتغفو بين يديه بتنهيدةٍ تحترق شوقًا لعودته السّنة القادمة من عالم البرزخ.