فتاة عشرينية من طراز آخر /يوسف شرقاوي
فتاة عشرينية،تخفي وجهها بكوفية فلسطينية،لاتُظهِر من وجهها الا عيناها، لن اذكر لونهما لدواعي أمنية، تحمل في يدها زجاجة بلاستيكية تحتوي على مادة سائلة بيضاء اللون. كانت بالنسق الأول من "جيل الكفرة" الذين كفروا بكل شيء نتيجة الإحتلال الجاثم فوق صدورهم،ولنتيجة نخب سياسية لاتقيم لهم ولا للوطن شأن يذكر. اقتربت منها وسألتها عن تلك المادة البيضاء إن كانت خلطة"الخميرة" المضادة للغاز المسيل للدموع والسام،أجابت بالنفي. تبادلت معها أطراف الحديث،إن كانت جامعية أم لا، وعن اسم جامعتها ،وماذا تدرس،وعن عمرها أجابت بأنها جامعية ،ولن اذكر هنا اسم جامعتها،وكذلك لن أذكر ماذا تدرس،ولا في أي سنة هي ،كذلك لدواعي أمنية. راقبتها عن بعد هي وزميلة لها تصغرها سنا،كانت تحمل كذلك مع الزجاجة البلاستيكية التي تحتوي على المادة البيضاء "مقليعة" تقذف بها حجارة صغيرة على جيش الإحتلال. مايهمني هنا ليس "المقليعة" التي تحملها،وتقذف بها الحجارة الصغيرة على جيش العدو،مايهمني هنا كيف كانت تصدر أوامرها الصارمة للفتية المتواجدين في الميدان،تصدر لهم أوامر شبه عسكرية ،توزعهم "ميمنة"و"ميسرة" وتبقى هي في الوسط في أخطر الأماكن،وتطلب منهم احيانا التقدم او التراجع،وكلما قدم للمواجهة فتى تصدر له أوامرها كيف يتصرف ،وأين يتواجد. تحشرج الكلام في حلقي وخرج متهدجا،عندما أطلق "قناص" طلقة ،إذ قالت لهم لاتتراجعوا فإن الطلقة سوف تصيب احد منا ،وفعلا أصابت قدم أحد الفتية كان بجانبها. اصدرت أوامرها فورا وبهدوء اعصاب ،لأثنين من الفتية بحمله الى الخلف عندها اخذ يصيح الفتية المتواجدين بقربها على سيارة الإسعاف. اخذت الشمس بالمغيب،وعندها طلبت من الفتية البدء بإخلاء الميدان،وعندما تأكدت انهم سينفذون اوامرها،انسحبت الى خلف بناية ليست بالبعيدة عن الميدان،وخرجت فتاة أخرى وكأن ليس لها علاقة بأي عمل انتفاضي او ميداني تذكرت حينها حركة تحرر في امريكا اللاتينية كانت تعمل في ستينيات القرن الماضي،تعرف باسم "التوباماروس" حركة تحرير الأرغواي