جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
قصة في حلقات:( الجريمة المثالية)
ـــــــــــــــــ
الحلقة السادسة
ـــــــ
همَْتُ بمغادرة المكتب،فاستوقفني عميد الشرطة وقال:
ـ نحن سنتركُ لك الخيار...وأمامك الوقت لتخبرنا هل يجوز أن نتدخل أم لا...
فقلتُ:
ـ من الأفضل أن أتَّبعَ تعليماتهم بالحرف دون تدخُّلٍ من الشرطة...فعليكم أن تنتظروا حتى يُطلقوا سراح زوجتي...وبعدها افعلوا ما تشاؤون...أنا لا يهمني المال بقدر ما تهمني أن تكون زوجتي على قيد الحياة...
فرَبَتَ العميدُ على كتفي وقال:
ـ الرأي رأيك.
ثم فتحَ لي الباب وودَّعني.
بعد لحظاتٍ،وصلتُ إلى الفيلا،وفتحتُ الباب الحديدي،وعلى بُعْدِ طواتٍ منّي رأيت علبة الكارطون التي أخبرني عنها المختطف.فأسرعتُ نحوها وقمتُ بتمزيقها،ثم أخرجتُ الثياب منها.بالفعل،إنها الثياب نفسها التي ارتدتها زوجتي ذلك الصباح قبل أن أودِّعها.فحملتها بين يدي وتوجهتُ إلى داخل الفيلا.
كنتُ في الحقيقة،في هذه الأثناء،أشْبَهَ بسنجاب في قفص.فأنا لم أجد الطاقة للجلوس والتركيز.بل أخذت أضرب غرفَ الفيلا طولا وعرضا.
وعند حدود منتصف النهار،رنَّ هاتفي.فضغطتُ على الزر الأخر ويداي ترتعشان.كان المتكلم هو نفسه وهو يقول:
ـ نحن أرسلنا لك الدليل بأن زوجتك بين أيدينا...فلا تُحاول المراوغة أو إقحام الشرطة...
فأجبت بانفعال:
ـ سأفعل كل ما تأمرون به...لكن على الأقل،أُتركوني أتحدثُ لزوجتي...
فردَّ عليَّ المتكلم:
ـ عندما سننتهي من الأمر، ستكون زوجتك بجوارك،سالمة ومُعافاة...الآن أمامك يوم واحد لتتدبَّر المبلغ...ونحن نريد أن تسحبه على شكل دفعات...كل دفعة من بنك...لا نريد منك أن تسحبه بأكمله من بنك واحدة...وغدا،على الساعة التاسعة ليلا،سنتصل بك ونعطيك التعليمات التي يجب اتِّباعها لتوصيل الفدية...
فقاطعته بحدة:
ـ لكن لماذا ترفضون أن تتركوني أتحث مع زوجتي؟
فأجابني:
ـ ذلك يهمنا...وأنت مفروض عليك أن ترضخ للأوامر لأنك إن رفضت ستجازف بحياة زوجتك.
فقلت باستسلام:
ـ حاضر،حاضر!
وانقطع الإتصال.
نظرتُ إلى ساعتي،ووجدت أنه مازال لدي مُتَّسعٌ من الوقت لأسحب مبلغ الفدية.فهرولتُ نحو المرأب وأخرج السيارة.ولم تمضِ أكثر من اعتين حتى كان المبلغ بحوزتي.وحينها عدُتُ أدراجي للفيلا.وأمام بابها،وجدتُ صديقة زوجتي أسماء الصقلي في انتظاري.ولم أعرف كيف أنها كانت واثقة بأنني سأعود في ذلك الوقت للفيلا.
فابتدرتني بالكلام قائلة:
ـ أنا أنتظر منذ ساعتين...في الحقيقة،كان من المفروض أن أتصل بك...لكن الذي حدث هو أن أحدا ما سطا على شقتي وسرق الكثير من أغراضي ومن بينها هاتفي ودخراتي ومذكراتي التي أدوِّنُ فيها الأرقام...وقد ركبت رقمك لكنه تبين لي أني أخطأت ولم أعد أتذكر الأعداد الأيرة من رقمك...
فقتُ لها:
ـ وهل أخبرت الشرطة بالحادث؟
فقالت بسخرية:
ـ لم يتم سرق إلا بلغ صغير وأوراق لا تعني شيئا...المهم،أتيتُ لأعرف إلى أين وصلتَ في أبحاثك.
فدعوتها للدخول.وحين أخذنا مكاننا على الأسرة،قلتُ لها:
ـ لقد اختطفوا سارة...والعصابة تُطالب بالفدية لإطلاق سراحها...
فصاحت باستغراب:
ـ اختطفوها؟
فأجبتُ بنعم،ثم أضفتُ:
ـ لكن كيف دخل اللص إلى شقتك؟
فأجابت:
ـ لقد كسَّر القفل...
فقلتُ:
ـ وحارس العمارة...والسكان...ألم يره أحد؟
فردَّت:
ـ كلهم متفقون على أن السرقة وقعت في الوقت الذي كان فيه الجمع يتناول وجبة الغذاء...أنتَ تعرف أن الأسر بين الثانية عشرة والثانية زوالا تكون منشغلة...لكن هل وافقتَ على دفع الدية؟
فأجبتُ:
ـ بالطبع...فأنا لن أُجازفَ بحياة سارة...( وضربتُ الحقيبة الجلدية التي كنت ما أزال أُمسكها بيدي )...لقد قمتُ منذ قليل بسحب مبلغ الفدية...وهم سيتصلون بي غدا مساءً...
وفي هذه الأناء دوّى جرسُ الباب الخارجي.فاطعتُ حديثي وهرولتُ نحو الباب دون أن أُفلت الحقبة من يدي.ولما فتحتُ الباب بُغِتُّ.فقد كان يقف هناك حمزة الديوري، أخُ زوجتي.فصحتُ غاضبا:
ـ ماذا تريد في هذه المرَّة؟
فأجاب مبتسما
ـ أنت تعرف أن سارة أختي...وكما يهمك أمرها،فأنا كذلك يهمني...وأنا مستعدٌّ لمدِّ يد المساعدة،لأنني في حاجة لأن تعود سالمة...فأنتَ تعرف وضعيتي...
فقلت بنرفزة:
ـ و من قال لك بأن أختك في خطر؟
فأجاب بليونة:
ـ لقد أخبرني عميد الشرطة بكل شيء.
فقلتُ:
ـ أنا لا أريد مساعدة أحد.
وأغلقتُ الباب بغضب في وجهه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُتبع في الحلقة لقادمة
ــــــــــ
الكاتب مصطفى بلقائد.
مع تحيات جريدة أخبار نجوم الأدب و الشعر
رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير الشاعر / خالد بدوي