(وعد بلفور الملعون) بقلم حسين حلمي شاكر

عادت ذكرى بلفور اللعين تلك التي لم تغادر،عادت وفيها صار ألف فكرة، وألف لغة وألف اصطلاح وألف سلاح وألف فئة وآلاف مؤلفة من لونه الأسود الواحد الذي لا تبهته الشمس حتى.. عادت ذكراه بكل الأشكال التي كان لها حضوره منذ أن كان ليأتي،عاد وسط مساحات شاسعة من الجوع، الذي تشبع فيه بطون حلفائه حبًا ورغبةً وقصداً ...عاد ولا زال شريعة عمياء ،لا ترى الكيان الذي يأكل الوطن ... وعاد بصيحاتِ الثكالى ويتم الأطفال ،عاد مع البحر الذي أغرق الآلاف من أهل الوطن جشعاً وغدراً...عاد بلفور الذي لم يغادر بعباءةِ التطرف وعمامة التكفير ،عاد بديمقراطية زائفة تتغناها كثير من الأحزاب والقوى ،عاد ذكرى سوداء بلون أحمر لشلالات الدم في بلاد تشبعت برائحته ولم تتوقف... عاد بوجه دكتاتور وحاكم بكرسي صدأ.. عاد بحلة كبيرة من برامج واهية وتجمعات لا تتقن إلا التجمهر ،وعاد على أيدي تصفق...عاد على طاولة مستديرة لتفاوض كاذب... عاد دماً ...عاد صراعاً عاد ونحن كما نحن واسوأ مما كنا ونحن لا نحن.....
عاد إطار سلام واستسلام وخريطة طريق إلى جهنم ....عاد يحتوي كل الذكريات المؤلمة ،عاد نكبه وعاد نكسه عاد ذكرى كل مجزرة وكل حصار عاد بألف وليد مشوه ...عاد تكتلات وحلفاء، عاد حدود تضيق ،عاد جداراً وعاد أقصى بلا مصلين ،عاد حناجر تتضرع الله ومسيحاً ينشد الخلاص ،عاد والقيم تغادر مجتمع عاد بمخيمٍ اتسع بلاجئيه وضاقت بهم أزقته.... عاد بجبل لم يعد وديعاً استوطنته وحوش الأرض ،عاد مكتظاً بأهل البلد يتزاحمون فيها لسد رمقهم، عاد غول كنا لا نسمعه إلا بخراريف الجدات ،عاد على أطلال بيدر ومكان زيتون وزعتر وعلى خريطة نتوه فيها مكانًا.. عاد بنزوات مسؤول لا يبتسم إلا لكاميرا وتمزق أنيابه فقراء ناخبيه.. عاد بحلة تحتوي كل الشعارات مزاعم وكل الخطابات ضجيج، عاد يلعن تاريخ كان فيه من كان له ليكون ويا ليتهم لم يكونوا ليكون ويعود ليكون ... عاد يسكن قلوبنا خوفاً من أن يبقى فيكون.............