الـــــــــــــــــــــوهم
من بين أزقة خاوية متهالكة ومتصدعة جدرانها من شدة عوامل الطبيعة,تتنفس بوهن حزنها العميق وتجتر الهم كلما أحست بشظف عيشها,والمارة بها كالورس وجوهم حين يخطف لونها الخريف,تكاد التحايا فيما بينهم تلقى
بذاك المقهى عند منعطف الطريق المقابل لقصر كبير فيه ثمة أناس كأشباح متجولة في فناء البيت العظيم.
غالبا ما كان يجلس عند زاوية المقهى المطل على الشارع أمام نافذتها التي أصبحت هاجسه الوحيد الذي ماانفك ينظر إليها بشوق وهيام,كانت الستائر تغطي وجهها عندما تهب رياح الصباح مداعبة غرفتها ووجهها المكتنز عذوبة,بين الفينة والأخرى يلوّح لها بيديه ويرسم على وجهه ابتسامة شوق لما يحمله قلبه من ودّ لها,غادر المكان متجها صوب بيته والفرحة تملّكت وجيبه سرح بفكره مدمدما بكلمات التمني قائلا:
_ستكون من نصيبي وأبني لها بيتا أكبر من بيتها وأفرش الأرض لها زهورا ونعيش عمرنا في الحب وجماله ونحيا في رغيد من العيش اللذيذ ويصبح عندنا أولاد كثر,أجل أجل أجل,فتح باب الدار دخل إلى غرفته يكتب أبهى أبيات الشعر لها, نادت عليه أمه:
_يا ولدي حان وقت العشاء ألا تنزل.أجابها:
_يا أمي قد ساقتني قدماي إلى مطعم فلا يحضرني الجوع البتة.
في الصباح الباكر همّ بالذهاب إلى ذلك المقهى ,كانت سيارة الحمل في باب دارها,نظراته كانت ثاقبة وشيء من الخوف دخل إلى قلبه,حدث نفسه_هل هم مغادرون المنزل كيف بي أفارقها_وبين التوجس من مخاوفه وبين حمل الأغراض اعترض لتلك العجوز قائلا:
_هيه,يا خاله أتودين أن أساعدكم بحمل أغراضكم حيث لا مساعد لكم سوى السائق,بلطف وتفنن قالت له:
_شكرا لك يا ولدي وبما إنك تريد المساعدة فعند تلك الغرفة في الطبقة الثانية والتي تطل على الشارع أمام المقهى,يا ولدي هناك لوحة عزيزة عليّ لأنها الذكرى الوحيدة الباقية لابنتي أحذر وانزلها برفق.