بعد الستين
أوقفــني صاحــبي ليسألــني || مُخْــتنقَ الصـوتِ بادِيَ الحَـزَن
فقـال هــل ظــل عـندنا أمـــلٌ || وهل لنا في الحيـاة من ثمـن
بعـد حـياةٍ بالوَجْــدِ حــافـلـــــةٍ|| وبعد دهــرٍ لم يَخْـلُ من مِحَن
جــاوَزْتُ سـتّينَ غــيرَ مُــكترثٍ || في غفلة أدنَتْـني من الكـفن
حتى بدا نورٌ في دجى شَعَري|| أحــالَهُ فـجــراً مُـشْرِق القُـنَن
كأنه مـن خـلـف السمــاء أتى || ما زلـتُ لا أدري كيف أيقظني
مــنذُ بدا للــعَـيْـنـَــيْن لازَمَـني || عـلى مـدى أيامــي يُؤرِّقُــني
لأنــه نـــورٌ غــــيـرُ مُــلـتَـبـِسٍ || علمْـتُ مـنه مـا كان يَنْقُصُني
نبَّـهَــني للــزّمانِ كــيف مضى || أيقــظَ في ذهـني دَوْرَةَ الزَّمن
وقال لي في صدقٍ شعرت به:|| (حــياتُنـا رَهْــنُ ذلـك السَّنَـن
حــياتنــا غــيْـمــاتٌ مسافــرةٌ || كأنّهــا في الآفــاق لــم تَكُـن
والعُمْــرُ فــيها كالبرق يعــبُرُها || ويختــفي ضــوؤُه مع الدُّجَن.)
سمعـت ما قـال بعد أن غَرَبَتْ || آهٍ عليها كالحلم في الوَسَن!
*****
فقلـت يا صـاحـبي يُحـــيِّرُني || أنـَّـك كُفْءٌ بفـكــرك الفَـــطِـن
وتعرف الـدنيا حـين تُضْـحِـكُـنا ||وحين نبكي من طبعها الخشن
سعــادة ٌيرقــص الفــؤاد بهــا || أو غُــربَــةٌ بين الـهَــمِّ والوَهَن
وهــــذه سُــنَّـةٌ نُـعــايِشُــهــا || ولم تكن رهْــنَ الـسِّرِّ والعَلــن
ولكنِ انْظــرْ ما أنت تشرح لي|| وهل جديدٌ ما جئتَ تُسْمِعُني؟
أم ذاك مـنذ القـديم شَنْشَنَةٌ || أصداؤها في قلبي وفي أذُني
كم وصَفوا الدهرَ بالخَئونِ وكم || شَكَوْا وكم أظهروا من الشّجَن
وكم سمعنا شيخاً يذوب أسىً|| وكم شكا وهْناً دبَّ في البدن
وكم مُقــيـمٍ لم يُـرْضِــهِ وطــنٌ || وكــمْ سواه هفــا إلى الوطـن
وكــم بكــى فــاقــِدٌ أحِــبّــَتَـه || كأنّــه بــاقٍ غـــيـرُ مُــرْتَــهَــن
وأنت تشكــو كمـا شكَــوْا أبداً || تصـرُخُ: إنّ الــرَّدى سيأخُـذني
في قَـلَــقٍ تحــيا أنت مضْطرِباً || ورأيُــك الـيــومَ غـــيـرُ مُـــتَّـزِنِ
فكـم مَشـتْ فوق أرضِـنا قدَمٌ || ثم استـقـرَّتْ في آبِدِ السَّكَن
حـــلاوةُ العُــمْــــرِ أنـَّـه أجَـــلٌ || إذا انتهــى لم يَعُـدْ ولـم يَـبـِنِ
فَــعِـشْ بتلــك الأيامِ في دَعَـةٍ || فلسْتَ في هُـدْنةٍ على دَخَن
ومَــنْ يـدَعْ أمْــرَهُ لـِخــالِـقِــــه || فـهـو بغـيـرِ الصّـوابِ لـم يَـدِنِ
حـياتنـا في العــطـاءِ مُحْــسِنةٌ || لَـهــا أيــادٍ كــثـيـرةُ الـمِــنَــن
ومــنْــبـعٌ للـجَــمــالِ ذو ألَـــقٍ || يــدومُ رُغْـــمَ البَـلاءِ والـفِـتَـن
فَـجــودُهــا أغْــنـانا وأسْــعَـدَنا || وحُـسْنُها يمحـو عالِقَ الدَّرَن
فهـل تَرى وجْـهَهــا القـبيحَ ولا || ترنو إلى سحْرِ وجْهِها الحَسَن؟!
******
[من المجموعة الحادية عشرة، ديوان: (أواخر الصيف) ط1ـ دار أمواج 2014م ص98 ]
نشرت فى 13 أكتوبر 2015
بواسطة qwertyuioasdfgh
أخبار الشعراء والادباء العرب
جريدة لنشر كل اخبار الشعراء والادباء واجمل ما كتبت اقلامهم رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير الشاعر / خالد بدوى »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
93,963