قراءة نقدية لنص بعنوان : مفقود
اسم الكاتب : أ/ محمود عودة
اسم الناقد : أ/ هيفاء المجدلاوي
مفقود
هرب بإبنة من لهيب بيته المدمر ، شق طريقه وسط ضباب أسود كثيف ، حاول المرور بما بقي من عائلته الى بر الأمان وجد نفسه أمام أمواج البحر المتلاطمة ، امتطى مع جموع الهاربين قارباً مهترئاً ، سار بأنين حمولته ، لم يصمد أمام عاصفة الموت ، وجد نفسه على شاطىء مهجور يسبح بين جثث طافيه وأخرى تستقبل اشعة شمس حارقة ، بعيونه الزائغة عثر على ولده ، في غمرة هلعه ويأسه القم شفتيه لشفتي ولده بقبلة حياة مفقودة
************************************************
1- العنونة هنا تستدعي الوقوف وتثير التساؤل القبلة هي الدفىء والحنان وحميمية العلاقة لكن مع من مع شخص مفقود عنونها الكاتب قبلة مفقود المفقود هو ذاك الشخص الذي لن يتواجد في عالمنا أو حياة من أعطاه القبلة لنطرق باب النص
2- بالدخول لعتبة النص يتحدث الكاتب عن بطل قصته الذي هرب من لهيب بيته المدمّر إنه يشير إلى حرب ودمار ومحاولة للنجاة بالنفس فيشق البطل طريقه وسط ضباب كثيف انه يوحي هنا بشدة وضراوة هذا القصف يحاول النجاة بمن بقي له من أسرته وما زلناهنا بتوظيف الكاتب للأأفعال الماضية بنبض صاخب متحرك يثير انتباه القارىء ويجذبه هرب ، شقّ ، حاول ، وجد ....
3- التأزم بدا واضحا بمحاولة النجاة من موت رهيب محقق إلى بر الأمان أين ؟؟؟؟ في بحر أمواجه متلاطمة عاتية امتطى مع غيره ممن يمرون بنفس المحنة الرهيبة بقارب مهترىء هذا القارب الذي خذل الجميع ولم يصمد فانقلب على راكبيه
4- القفلة أن يجد نفسه على شاطىء مهجور والجثث المترامية تحيط به يعثر على جثة ولده فيلقمه قبلة الوداع الأخيرة بإحساس الأب الذي يحضن ابنه وهو يعلم أنه قد فقد من سجلات الأحياء على هذه الدنيا نهاية موفقة رغم أنها خلت من الدهشة فوتيرة القصة توحي وتتقبل ويتوقع المتلقي تلك النهاية إلا أنها مؤلمة ومؤثرة
5- الكاتب هنا لم يراهن بتلك الحدثية والحكائية للقص على القفلة الصادمة الغير متوقعة بل على الحدث الصادم الصارخ النابض بالإنفعالية
6- قصة قصيرة جدا من رحم الواقع وتتكرر مأساتها يوميا أجاد الكاتب بتوظيف عباراتها بتقنية القص واعتمد هنا على الحدث الذي هيمن على القصة بشكل واضح وأضفى على ظلالها قوة وعمق في التأثير وهنا تكمن الموازنة في مثل هذا الأسلوب والذي يعوّض عدم لجوئه إلى قفلة غير متوقعة في خضم تلك الأحداث .