‏زكرياء صنهاجي حسوني‏

"قطار الأمس"

جلست كما اعتدت،
منذ توليت حكم مملكة نفسي،
أنظر بشغف لقطع البسكويت،
و أنتظر الطواحين،
أتفرج على غليان حليب أحمر،
كان ينضج منذ زمن،
عيني على الساعات،
تزف الرياحين،
و تكسب جبهتي بعض التجاعيد،
إنها الطقوس الجديدة،
لم أعتد عليها بعد.

جلست كما اعتدت،
منذ سرق المغول كتب العباسيين،
أنظر للهب يعتصر الفكر و الدين،
و فوق مسرح العرائس،
يكتم أنفاس الحرب،
و هنا عندليب أسمر،
جلس يداعب شعر الطفلة بغداد،
كان الطقس باردا كما الصيف،
و أنفاسي تكاد تتوقف،
تحاول طمس الحقيقة،
تحاول منذ اندلعت الحريقة.

جلست كما اعتدت،
منذ قطع الحجاج الرؤوس اليانعة،
أنظر للكهف البعيد،
أداري دموعي الخانعة،
و أعزف لزرياب الجديد،
قطعة لم يعزفها موزار بعد.
ألتحف عسل عينيك،
و أضيع في سمرة خديك،
أغفل منذ حين عن وجهك،
و أسمع أنفاس همسك.

جلست كما اعتدت،
منذ استوزرني قيس،
أشذب قصائد عبس،
أطالع أسرار القرطاس و القلم،
و أحاول لملمة هذا الألم،
لكن ما عاد في القلب مكان،
لم يعد لجلوسي المعتاد عنوان،
لم يعد، فقد فات الأوان.