علاء بشير فنان تشكيلي حصل على شهادة الاختصاص بالجراحة التقويمية - التجميلية في بريطانية سنة 1972 … خاض تجربته الفنية الأولى برسم اللوحات الانطباعية في خمسينيات القرن العشرين ثم تغيّر الأسلوب الفنّي تدريجياً في نهاية الستينيات ليُعانق الميتافيزيقية القريبة من اعمال سلفادور دالي.. اعماله تسعى، الى (نوع من الكشف للوجود الحقيقي للبشر والأشياء خلال التمثيل والخيال، وجودة الالتقاط لذلك التفرد الكائن في مواضيع الحياة).
وهو يعود للمدرسة ما قبل السريالي .. تحديدا المدرسة الميتافيزيقية ,لكن اعماله توحي للمشاهد بأنها تنتمي للسريالية،
شكل السيد علاء بشير متميز قريب من اعماله ، وغريب يشبه ذالك الكاركتر الذي رسمه مونك الالماني في لوحة كأبة 1899.والغريب ان كثير من اعماله تشبه لوحة الصرخ لمونك ايضا
.ابرز ما تخصص به في مجال الطب هو إعادة الأطراف المبتورة منذ بداية ثمانينيات القرن العشرين. ذاع صيته بعد أن اجرى عملية جراحية أعاد فيها يداً مقطوعة، كذلك ساهم بمعالجة المتضررين من حروق وتشوّهات أثناء الحرب العراقية الإيرانية .
اسلوبه لميتافيزيقي، بميزاتها التطهيرية، وخلوها من التنميق... مصوّرا بذلك نوع من تكوينات الطبيعة الصامتة التي تبعث في النفس إحساساً بالسكينة والعزلة المخيفة لشخصياته .
ان اسلوبه يصور الأشياء التي لا تخضع لـقوانين الطبيعة, أو يمكن التعبير عنها مجازيًا, بأنها الأشياء التي تتجاوز حدود الطبيعة أو ما وراء الطبيعة., يجلس السيد علاء ساعات بل ايام قبل أن يبدأ فى اى عمل فني ... يعيش ويرتب وينسق المشهد ثم يغيره، ثم يشعر انه إلتقي مع فكرته ... ومرة أخرى يلغي ما رسمه، إلى أن يصل الى غايته فى كل مكون جديد. وربما قام بتغيير التفاصيل ... فالتباين فى الاحجام والاشكال مهم فى التكوين العام لاى لوحة مرسومة. له ، يهتم جدا بالوزن ... وهو علاقة الفراغ مع الشكل والتركيب بين المساحات فى العمل الواحد.
لقد بحث في ظواهر العالم بطريقة عقلية ، و مزج العقل بالعاطفة وابدع تجمع بين المختلف والمؤتلف من الأخيلة الفكرية والظواهر الطبيعية. و مفاهيمها الجديدة عن المادة وتركيبها ،فضلا عما توصل اليه علماء النفس في تحديد التكوين الذاتي للانسان، واكتشاف"العقل الباطن"ودراسة طبيعة سلوك الجهازالعصبي للانسان واثر كل ذلك على سلوكه الفني ونظرته للطبيعة والوجود الانساني، و يعتمد "اللاوعي"في أعماله فإنها مرتبطة جذرياً بالوجود الواقعي بصورة عامة، وأن يتحول الفن في حقوله المتعددة إلى عمل"ما ورائي"وتتحول إلى"رموز"تقع خلف الوعي أو في مجال"الاحلام" باسم"الحداثة"، هذا ما تدل عليه أعمال علاء بشير الذي فقد الصلة الطبيعية مع الاشياء والمجتمع بسبب الحرب والحصار ووحشية الحياة ، واعتمد فلسفة "ميتافيزيقية" في تحليل الواقع كما يقع خلف الاشياء واقع بلا حدود وبلازمن. ، رموزه تتجاوز بعدها الرمزي المتواضع عليه من أجل تجسيد رؤيتهم تجاه العالم المحيط بهم برؤى روحية خيالية ميتافيزيقية بعيدة عن الواقع ، تتميز رسومه بالفضاء الواسع وتسليط الضوء على اشكال غير واقعية متواجدة مع اجسام واقعية. قد تتداخل، بانسجام موضوعي، بعض الرموز المادية الصغيرة مع التكوينات الرئيسية الغير حقيقية مع تباين لوني، كخطوط مستقيمة متقاطعة تتجاور مع الشكل المحوري في اللوحة. ثيمات التكرار ممهمه لديه مما يشكل (لازمة) في مواضيع لوحاته أو في وحدة مضمونه: (عنصر الغراب ودلالته الفلسفية – عنصر المفتاح الرمزي - حجمية شكل الكرسي ) .
انّ معظم الاشكال ، في لوحات علاء بشير، تتكوّن من سطوح ملساء أو نسيج ناعم الملمس ...
الفنان علاء بشير يجعلك تحس بالضوء تماما. لكنه لايضيء المكان عبر هذا الضوء، ، و لايغيبه. والبشر في لوحات علاء بشير منشغلين بانفسها.."
الأعمال النحتية
في مطلع عام 1990 ابتدأ الرسام علاء بشير بتجربة جديدة وهي النحت على الطين . استخدمه ا لتجسيد المظاهر الميتافيزقية قريبة للإدراك الحسّي. لقد إتسمت الأعمال النحتيه بإظهار بعض التفاصيل التشريحية من جسم الإنسان، مع استخدام أسلوب المبالغة في استعراض وضعيتها .
. هنالك عمال نحتي إضافه له شَضِيّة من قذيفة (من مخلّفات الحرب ).
احب الطين لمرونته و لتجسيد أفكاره سرياليه بحرية ليكشف بذلك عن اّلام ومعاناة الإنسان ، ، التي يَتعذر على جرّاح التقويم ان يُفسِّرها أو يعالجها، فلهذا السبب قد تتجلّى بعض الهيئات المشوهة في وضعية واقعية.
أُقام أول معرض له للنحت على طين الفخار سنة 1992 الذي اسماه (أفكار من تراب) والذي ضمّ قطع النحتية .
في عام 2000، تمّ اختيار أحد الاعمال النحتية نموذجاً لإنشاء نصب كبير في غرب العاصمة بغداد، وهو يُدعى (اللقاء). يتمَثّل نحت اللقاء (النصب) بكتلتين حَجَريّتين مستطيلتين، مُلتصقتين تُوحيا بالعناق مُمثِّل عِناق المرأة الرَجُل. في شباط من سنة 2010 تم تهديم نصب اللقاء بعد اصدار ديوان الرئاسة العراقية قانون بتهديم النُصُب والتماثيل المُشيّدة قبل احتلال العراق في 2003 وهي تقريبا كارثة فكرية لهدار عمل كلف ملاين الدولارات بشكل سفيه من اجل التوجهات الدينية التي تأمن بعدمية التمثال ومخالفتته لله .
انّ من الاعمال النحتية الأخرى هو (الصرخة)، التي تُمثّل حادثة ملجأ العامرية أثناء حرب الخليج الثانية في شباط من عام 1991. حيث تعرّض ذلك الملجأ للقصف مما اودى بحياة جميع المدنيين في داخله. وقد تمّ بناء النصب في سنة 2002 قرب موقع الملجأ . يتَمَثّل هذا العمل النحتي بإظهار رأس إنسان من بين قوالب حجرية متينة محيطة به و بَشَرَة الوجه مشدودة بإفراط قاسٍ مع معالم سطحيه متوتّرة كثيرة الظلال، اما تكوين الفم فيُوحي بصرخة متصلّبة أزلية. انّ المشهد الكلّي لهذا العمل النحتي يُثير الرعب في النفس ويحرّك المشاعر نحو مدى العُسْر الذي مرّ به الشعب العراقي آنذاك. و مرارة مِحنة شعب مستمِرّة.
بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية بتاريخ 8/ 8/ 1988،و بتاريخ 12 أغسطس 1990 تحولت دفة الصراع وتم احتلال الكويت من قبل (صدام حسين) وبعده هذه الكارثة فرض حصار اقتصادي على العراق ، رافق ذلك اهتزاز عميق في بيئة المجتمع والاقتصاد ، عن طريق حصار دولي أدى إلى حرمان الإنسان العراقي من المواد الأولية، للاستمرار في الحياة، والوسائل التكنولوجية، ألـ في ما بعد إلى انتشار الأمية، وارتفاع نسبة الوفيات المفاجئة ما أسمته الأمم المتحدة بالإعدام البطيء (دام احتلال العراق للكويت سبع أشهر، وبذلك اصدر القرار الدولي عن الأمم المتحدة رقم (661) يوم16 أغسطس 1990، نتيجة لتحدي المجتمع الدولي ، وانتهت بتاريخ 26- فبراير – 1991
أنها: قطيعة، أحدثت اهتزازا عميقاً في بنية الفن وخلاصة القول إن العزلة كانت ذات مردود ايجابي في حقل الفن في مخرج جيل جديد وأسلوب جديد وباختصار إن هذه الحقبة، تعد حقبة ولادة تتأرجح بين ما هو سائد (الخوف) وبين ما هو مرئي في النزوع إلى تحقيق الوجود: فكان أن سادت إيديولوجيا غير معلنة، هي الرفض، ليس في المفاهيم وحسب بل في طريقه التمثيل الفني . والرغبة في التحديث وإنزال العقاب بالماضي والحاضر معاً،
أنه السأم من كافة الالتزامات والإيديولوجيات وظهر هذا جلياً في العتبات والمقدمات والتسميات: لقد عمل علاء بشير معرض اسماه: (محنة الإنسان) مجسداً أزمة الفنان الخاصة، بسلسلة من المعارض،(أفكار من تراب (وروح العصر) ان معرض علاء بشير اسمه مخوذ عن قصيدة لـ(يوسف الصاغ) وهو امر يحيل الى رؤية الشروط الخاصة بالصلة الموجودة بين المرئي المتمثل هنا بمفردات المعرض،وغير المرئي المتمثل بكلمات القصيدة واشار في أعمالي إلى وجود صراع، الإنسان يجب أن يدرك أن هناك صراع، ويجب أن يحاول أن يجتاز هذا الامتحان
اهم رموزه الغراب حيث قال
أن سبب أهتمامي بالغراب - في العام ١٩٥٧ وانا عائد من الكلية عصرا رأيت أطفال يسحلون غراب ميت. هذا المنظر بقي في ذاكرتي يحرضني أن أعرف لماذا أختار الله تعالى الغراب أن يعلم الانسان وهو يدفن أخيه. ولماذا يكون الشاهد لأول جريمة للأنسان. .. وعندما شاهدت جثث الامير عبدالاله ورئيس الوزراء نوري السعيد تسحل من قبل الناس في شوارع بغداد أدركت أن الذي تغير هو الغراب فقط فالانسان الذي كان يسحل الغراب الان يسحل أنسانا أخر. منذ تلك اللحظه أصبح الغراب شاهدا وحيدا وصادقا في كل أعمالي الفنية.
<!--