الفلسفة الفنية السريالية في ضوء انتاج ارتو الفني
أرتو و مفهوم الإخراج الفني
حينما وصل أرتو إلي باريس أي عام 1920، كان قد مضي ثلاث سنوات علي أول استخدام لمصطلح السريالية ، و لكن أيضا لم يكن المفهوم قد تبلور إلا في عام 1924 أي بعد أربع سنوات مع نشر " إعلان إنشاء مبادئ الحركة السريالية" من قبل " أندريه برتيون " ، بهذا العام كان أرتو قد ثبت أقدامه في الوسط الفني و الثقافي بباريس ، بل أيضا كان من الواضح أن أرتو قد بدأ في تحديد مواقفه الفنية و الثقافية في خلال الأربع سنوات التي عاشها بباريس ، لهذا كان من السهل انضمامه للحركة .<!--و لقد طرح ارتو السريالية بشكلها الاساسي الذي هو اتجاه معاصر في الفن والادب يذهب الى ما فوق الواقع ويعول بصورة خاصة على ابراز الاحوال اللاشعورية ". "وهكذا تكونت في الفترة ما بين 1924 وبداية الاربعينات حركة فنية جديدة على صلة مباشرة باهتمامات السرياليين". ولم تظهر بصورة واضحة في تحديد معالمها الا "بعد صدور بيان السريالية وقد تاثر به ارتو جدا ، 1924 وقد اراد مؤسسوا الحركة الجديدة بهذه الكلمة تيارا فكريا تجلى بأشكال شتى في مجالي الادب والفن". فجوهر السريالية، الحرية، الذات، الفرد وحقيقة الاشياء والهروب نحو المجهول والخيال والافكار الغامضة والى اعماق سر الاشياء من خلال التأمل اللاواقعي وهذه الاهداف كانت احلام تتطبق في فن ارتو."و هنا عرف أرتو الإخراج الفني في ضل هذه المعتقدات الجديدة بأنه تجسيد مرئي تشكيلي للكلمة او الفكرة، و هو لغة كل ما يمكن أن يقال و يتم التعبير عنه من خلال تقنية بغض النظر عن الفكرة ، و قد خلص أرتو إلي هذا التعريف للانتاج استنادا علي تفسيره للعرض البالينيزي الذي أثبت تفوق الفنان ، و ذلك حيث تحذف قدرة الفنان الخلاقة سلطة الكلمات " فتفوق الفنان على النص الفني ، و قد ارتبط الإنتاج الفني عند أرتو بالفضاء الفني ، فاللوحة هي مصدر الخلق و لذلك فان العرض يستخدم فضاء التقنية بكل أبعادها ، و يعتمد الفضاء الفني بشكل أساسي علي استبدال ما هو لغة مكتوبة بلغة مرسومة في الفضاء الذي تملؤه الحركات و الأشكال و الألوان و الصرخات<!--.
إن فن القسوة و أسرار اللاوعي يكشف العالم الداخلي الملئ بالمخزون الخرافي ، و الحاكيات و الاساطير و القصص الميتافيزيقية لأن الفن كما يراه أرتو ، يجب إلا يكون وسيلة للتحليل الاجتماعي أو السيكولوجي و التحول إلي ميدان وعظ للحديث عن الأخلاق ، وإنما لكي نعبر به عن بعض الحقائق السريالية التي مكثت مدفونة داخل النفس الإنسانية ، لذلك فهو ينادي بفن الإرهاب و القسوة و يسعي عن طريقه إلي الكشف عما في الحياة الإنسانية من تهافت و اضطراب و تزعزع و عن أسرار اللاوعي .
و في فلسفة ارتو عن فن القسوة يتضح لنا آثر المفاهيم السريالية حيث أعلن أرتو في البيانات الخاصة بفنه أن السياق الجديد الذي يقدمه، من حيث الشكل أو المحتوي يقترن بصورة الحياة التي يسرى فيها العنف و الحروب و الكوارث ، التي كما أثرت علي النفس الإنسانية فإنها أيضا بالغة التأثير علي الجسد الذي هو وعاء النفس و الروح ، و الذي يعد من أهم الوسائل التعبيرية التي تتصدر القائمة في فن القسوة .
و تعد هذه النظرية إلي الجسد و ربطه بالقسوة من أهم المرتكزات لفلسفة فنه حيث يؤكد أرتو ذلك قائلا لا يتعلق الأمر بالقسوة الجسمانية او المعنوية بل يتعلق قبل كل شيء بقسوة مرتبطة بعذاب الوجود و شقاء الإنسان في جسده<!--وهذا نراه تطبيقي في اعمال الفنان الألماني (غيثر فان هانغين) (1960 ) في معرضة الأول 1999 أعمالاً فنية عبارة عن أعضاء حقيقية انتزعت من جثث أدمية، بشعة وتماثيل قوالب لأشخاص يغلون غضبا ً وجلودهم تتطاير في الهواء، وفي عام 2002 قام بتقطيع جثه محول إياها إلى عمل فني أمام مرأى من الجماهير المتلذذ (*) بساديته ،(شكل 1) وحسب قوله : (هل الفنان سادي أم الجمهور)؟ ويقول أميل زولا: (أن الفن مزاج، والمزاج الفني هو الذي يفسر لنا العالم الحقيقي للفنان)(<!--)، إلا أن هذا النمط من التعبير البصري صار يندرج ضمن هذا المسمى
الذي تم
توصيفه بأنه مذهب تبنى كل ما هو غير انساني في الفن حيث غيب الإنسان كليا ً)(<!--)، فالدلالة التي حملها العمل الفني الحديث وما بعده له وجوده الحيوي المتراكم داخل الثقافة المؤسسة له ولا تعدو أن تكون مفرداتة ذات دلاله في عملية البحث، ولا يتوقف البحث عن دلالات العمل الفني، على المعنى لكل المعطيات المؤسسة للنص المعين، بل يتعداها للنظر في مسلمات إشكالية العمل الفني الواعي أو دونه التي سمحت بنتاجه داخل الثقافة محولته لعمل فني، الذي يستمد وجوده ،التي لها معطياتها الموضوعية و مستقل بذاته و يتموضع في السياق العام(<!--)، و هنا إيضا كانت دعوة أرتو إلي فن يقوم علي الأساطير ، و ذلك " لكي نعبر عن الحياة من جانبها الكوني .
تأثر أرتو بالفنون الشرقية
يعتبر الشرق ثروة فكرية و ممارسة فلسفية و طقوسية نوعية و متميزة ، لما يزخر به من ثقافات متراكمة عبر العصور و حضارات متعاقبة لها جذورها العميقة التي لم يستطع العصر الحديث تجاوزها أو الادعاء بالقدرة علي تفسيرها و ادراك الروح القوية التي تسري فيها ، و التي تمثل سر الامتداد الذي يميزها . و من هنا كان الشرق مصدر الهام للعديد من الممارسات الثقافية و الإبداعية و علي مستوي الممارسة الفكرية أيضا و الفن الشرقي القديم علي وجه الخصوص فقد جذب إليه العديد من الفنانين الغربيين لما يمتلك من خاصيتين اساسيتين في الحفاظ علي ذاكرته و اتصاله الشديد بالأصول الطقوسية المقدسة .<!--لقد وجد أرتو مثاله في الفن الشرقي القديم حيث اكتشف هذه الصلة الوثيقة بين اللغة الفنية و الحركة و الإرشادية لهذا الفن و تلك المجتمعات التي مثلت بدايته و نشأته و التي تتميز بالثقافة الأسطورية و الروحانية . و من أهم هذه العروض الشرقية
1- <!--[endif]-->*فن كاثيكالي الهندي هو عبارة عن تحميس طقوس شعائري تمثل عروضه سلسلة من التحديات و الموجهات و المعارك الضاربة بين قوي الخير " الآلهة " و قوي الشر " الشياطين و الجن " و بالنسبة غلي التمثيل فغنه يقوم علي اللعب المؤصلب و التخييل الفني، لأن النص يعهد به في الغالب إلي روائيين و منشدين ، مما يجعل الشكل متحررا إلي أقصي حد من السلطة اللغوية معتمدا علي التعبير الجسدي و حركات الذراعين و الأيدي و المكياج و الملابس الرمزية و أيضا الحالات الفيزيقية للجسد و يحكم الكاثيكالي وصفه نظام بصري رمزي ، فلليد وحدها اربع و عشرين حركة كل حركة تحمل دلالة معينه و شفرة معينة في التفسير .
و علي مستوي النص الفني فنصوصه مأخوذة من كلمتين هندوسيتين و هما " الرمايانا " و " المهابهاراتا " مما يحيلنا إلي الطابع الاسطوري ذا الروح الصوفية ، أما التأثيث الفضائي للعرض يشكل من مساحة المعبد و الديكور عبارة عن قطعة قماش كبيرة يقوم الاشكال بتحويلها و هي تمثل تداخل الأمثلة و تغيرات الزمن .
-2 مسرح النو والكابوكي الياباني النو هو مسرح ديني شعائري يقوم علي أساس المرود الشاماني " نسبة إلي الشامانية ، و هو الوسيط بين الفرد و الآلة " و هي عادة الطبيعة و القوي الغيبية في آسيا الوسطي ، و يعتبر العرض مكانا لمحاورة الأرواح عن طريق الوسيط الروحي و الشعائرية التي ترتبط بالديانة البوذية اليابانية ، و الفضاء في مسرح النو عبارة عن قطعة قماش مرسوم عليها في الوسط شجرة صنوبر تدل علي تلاقي البشر بالآلهة " الأرواح المستحضرة " .
الكابوكي : له مرجعية دينية تتمثل في الصراع بين الإله و المودوكي/ مترجم الرسالة الآلهية .
-3 أوبرا بكين الصينية :
لا تخضع النصوص الفنية لهذا النوع الأوبرالي لقوانين الزمان و المكان ، ففي أوبرابكين ينوب عن الزمان و المكان جملة غنائية مرمزة ، كما أن الشخصيات التمثيلية عبارة عن أدوار ذات وظائف ثابتة و تعتمد علي الحركة الراقصة أو التعبيرية علي نسق رمزي و نمطي، كم أن نسق المكياج و ألوانه و اشكال الملايش و ألوانها تبدو في سياق متعارف عليه يقوم علي دلالاته الواضعة للمتلقي الذي يمثل مشاهدته لهذه الأبرا عملية تجمع الصور الدلالية المركزة . أما الموسيقي فهي تقليدية تعبر عن الحزن و الأسي ، و الحنين إلي الماضي ، و تتناوب من المقاطع التي تمثل الإثارة و الحيوية <!--.
أرتو وتطبيق فكره على الفن السريالي .
و يعد خطاب أرتو إلى " مدارس بوذا " اوضح مثالا جيدا يوضح ارتباط لأفكاره بما دعا إليه السرياليون ، حيث اعتبر ارتو كلا من العقل و المنطق القيدين الذين يكبلاننا داخل إطار ذهنية متحجرة و ساذجة ، و من ثم يطرح أرتو التلقائية اللاعقلانية و الهذيان كبديلين بإمكانهما تحرير الميول المكبوتة في عملية تطهير شبيهة بأثر عملية التطهير التي نجدها بالتراجيديا الكلاسيكية .
وعليه بدأت السريالية كأنها رفض وثورة هدم للمثال والمعايير، فهم ضد كل شيء، الأدب والفن والشعر، ولم يرضوا بأقل من تغيير الحياة تغيراً تاماً، فقالوا: نحن مسيحية جديدة (<!--)، تتميز بالصدق المطلق(شكل2)، من خلال السمو باللاشعور الإنساني إلى مرتبة عالية من القوة السريالية أي ما فوق الواقعية ناكرين الواقع إلى اللاواقع الأسمى وهذا الإنكار سببه القلق والحرب، فالاستقرار الإنساني في القرن العشرين، يهدد بطرق أبواب الحرب بحيث صار الفكر العام بعيداً عن فكرة التعايش، وكانت الأعمال قلقة تحاول مغادرة الواقع. لقد خلقوا عالم يعوض عن نقص العالم الواقعي، ويقوم مركز اللوحة بستقصاء عالم الأحلام، والتأمل الداخلي ، فمن يريد أن يبدع يجب أن يفهم نفسه أن يحلل معطياته الداخلية(<!--)، ولذلك استعملوا ارتو والسريالين تقنيات غريبة لمواد( تذهب العقل)، مثل العقاقير الطبية ، الذي سوف ينعكس جزئياً ،على شكل خيالات بصرية أو هلوسة أو
اضطراب ذهني، أقرب إلى التصوف منها إلى الواقع،لقد عبرت السريالية من خلال تصوير الألم والحزن والمعاناة بتفتيت الشكل وتشويهه أو ترميزه مثلما عمل داليSalvador Dali (1904-1989)(شكل3) (<!--)، وقد تبنى السرياليون قاعدة العقد النفسية ومنها الجنسية، وظهرت عملية الدلك froissage)) بوضع ورق أو قماش على جذع خشبي أو شكل مسنن، ثم يدلكه بالرصاص أو الباستيل لانشأء صورة سالبة عن الشكل الأصلي، فيها من الاغتراب ما يجعلها مميزة وبخاصية جديدة للتعبير عن تلك السيكولوجية العميقة للإنسان والعالم اللاواعي الذي تتحكم به واقعياً القوانين المدنية(<!--).
ومن نجد ان رؤى آرتو متعلقة بالمتلقي، فهو عنصر لا يقل أهمية عن بقية عناصر العمل الفني لذا يوليه أهمية قصوى، وكل ما جاء به من تجديد كان لا يهمل فيه المتلقي، ويضع في حساباته كيفية إشراكه في هذا العمل، بل إن منطلق التغيير والتجديد الذي سعى إليه، كان أحد أسبابه المباشرة ـ في اعتقادي ـ هو المتلقي ونستشف ذلك من خلال قوله: إذا أقلع الناس عن عادة ارتياد المعرض الفني فذلك لأننا قد اعتدنا ـ طوال أربعمائة سنة، أي منذ عصر النهضة ـ على شكل روائي ووصفي للفن، فن يقوم على سيكولوجية رواية الحكاية
و يقول بريتون: أن " الإنسان القديم محظوظ لأنه لم يعرف القوانين" ولهذا أحيوا آثار فرويد Froud (1856-1939) الذي أعتقد أن الإنسان هو من أسس الحضارة، دفاعاً عن ذاته، إزاء مخاطر البيئة، لكن قامت الحضارة بكبت غرائزه، لهذا فهي مسؤولة عن بؤس الإنسان، وإن هذا الإنسان قادر على حصوله على ما يريد بشكل كامل أن لم يلزم نفسه بالقوانين الوضعية وحتى القبلية(<!--).لقد قام الرسامون بالتعبير عن ذلك، بأجراء تجربة في الرسم أسموها افتراضياً ") (* بالجثة الرائعة "(شكل4) هي عبارة عن رسم ينفذ من رسامين عدة في آن واحد، ولا ينظر أحد إلى العمل حتى انتهائه، واستغلوا التصوير الفوتوغرافي والكولاج الفوتوغرافي مثل فينوس الحديثة لدالي(شكل5)، لقد قدم دالي رسوم زيتية مصممة بأزياء لا عقلانية، صورها بشكل دقيق واقعي مضاءة بنور الشمس، ومن أشهر اعمال إنكار الذاكرة 1931 هدوء مخيف وأناس ذائبين وساعات تسيل،(شكل6) في حين عمل جاكوميتيalberto gciacometti(1901-1966)، أشكال قلقة، أقنعة بدائية و(لفجانج بالين)lefgange balenn قدم أعماله عبارة عن لوح مليء بالرموز التي صنعت بلهب الشمعة، محددة بأشكال تجريدية شبحية، تمثل رفضها الكلي للعالم الحقيقي، أما برنير(**) Braunفقد كان مولع برسم الوجوه الرجالية، وكان يشوه العيون، و قرون تخرج من العيون (شكل7)،أما بيلمور Bellmer فقد عمل تماثيل جنسية الشكل ركز فيها على النهود والأفخاذ وعمل فيها (فينوس معاصرة)، وهو أول من عمل القوالب الجسدية (شكل8)، أن هذه الأشكال الصلبة مصنوعة من المرمر، معبرة عن الرغبة الجنسية ، ثم قدم(بل بلورد) paule luord أعماله بواسطة نساء عاريات تعبيراً عن الشعور الدافعي للجسد والرغبة (<!--) (شكل9)، وقد سعى السرياليون لترك الواقع والدخول لواقع سيكولوجي معقد، واستنفروا كل الإمكانات التقنية، التي تبعد العمل عن الملكات الواعية، هذه الأساليب التي أحلت النزوة فوق المنطق والذوق العام والإرادة الواعية، مما أدى إلى تطبيقهم بواسطة كل تقنية وجدوا فيها خدشاً للذوق
العام.
ومن المبدا الرئيسي للمدرسة هو وجود عالم اكثر حقيقة من العالم الاعتيادي وذلك هو عالم العقل اللاواعي". والعالم اللامنطقي الذي تميزه الغرابة، عالم ليس له صلة بالواقع فهو "فن بلا أي نوع من الحدود" وهذا يعني حريته المطلقة. فالسريالية اهتمت بالجانب النفسي وهذا ما يتقارب ويتجاوز مع نظرية "سيكموند فرويد حول التحليل النفسي (تحليل الاحلام) ومعانيها".وهذا يعني ان هذه الحركة تبتعد من المالوف وتقترب من اللامالوف في توجهاتها الفنية فهي قد جاوزت كل القيم الجمالية نحو حقيقة اكثر عمقا التي دفعت بالعقل بان لا يسيطر على بنائية العمل الفني المتمثل بالشكل فالحرية في التعبير والجنوح نحو الخيال هو مضمون العمل الفني وما يجاريها من عفوية وتلقائية التعبير. "فالسريالية تقوم على الايمان بواقع اعلى لبعض اشكال التوارد كانت مهملة، وعلى الايمان بسلطة الحكم المطلقة وباللعب المجرد للفكر" او هو اخراج الشكل من الواقع لاحالته الى شكل اخر اكثر تجريدا وعلى وفق علاقات تكوينية اختزالية وقيمة جمالية معبرة. "والمحاولة للتخلص من هيمنة العقل بالتعبير العفوي واللا ارادي كما يمليه اللاوعي ليس ممكنا الا في العمل الشفوي او في الرسم الخطي السريع حيث يكون التعبير تلقائيا ومباشرا". أي التوغل في عمق الذات الانسانية ومعرفة خبايا النفس، والتناقضات ومعرفة مفهوم الغربة والاغتراب في داخلية الانسان فهم "يعتقدون في قدرة الشكل على التاثير في العالم مثل التعويذات السحرية التي هي وسيلة لتحقيق الرغبات وهكذا يمكن ادراك الاشكال ومعانيها الرمزية". "فالسريالية هي العزوف عن كل مناحي الحس والفكر في سبيل الرجوع الى الصدق وتفادي اثر العقل وقد راحت السريالية تستثمر الشعور"."ان السرياليين جعلوا منطلقهم من الغموض واللا فهم والسخف عن قصد ولكنهم اتجهوا في كثير من الجهد نحو تكوين نظرة جديدة الى الحياة تكون الحرية باوسع معانيها حافزهم الاول وقد قالوا "ليست السريالية مدرسة من مدارس الادب او اسلوب من اساليب النقد انها حالة ذهنية".ومع هذا فان السريالية على الرغم من العبثية وعدم الارتكاز جنوحها نحو اللاوعي واللاشعور ونحو المختلف واللامؤتلف نراها قد "استهوت رسامين ذوي امزجة مختلفة رومانسية في روحها اكثر من كونها كلاسيكية رجحت سجايا العاطفة والبداهة والاحساس على العقل والانسجام والنظام". لذلك "تميزت السريالية كحركة عن جميع المدارس المعاصرة الاخرى في الفن وفي الحقيقة خلقت انفعالا تاما مع كل تقاليد التعبير الفني المقبولة" فالسريالية هو الهروب من المنطق الى اللامنطق ومن المحدود الى اللامحدود والتمرد على شتة التقاليد الموضوعية نحو عالم اكثر غربة وغرابة ."صحيح ان الحرب العالمية الثانية قد ساهمت في تفكيك حركة السرياليين وتشتتهم الا ان مثل هذه الحالة الذهنية الهادفة لتحرير المخيلة من روابط العقل والاصطلاح قد وجدت قبل السريالية وبقيت قائمة لفترة طويلة بعدها".
<!--[endif]--><!--[if !mso]-->
|
التعبير الأدبي يتوجه إلي النفس و الحياة الداخلية النفسية بما فيها من حالات غياب الوعي كالنوم و الأحلام و الغيبوبة
الكتابة السريعة الغريزية و العزوف تماما عن محاولة الكتابة بصورة واعية من أجل تحقيق تدفق اللاوعي الذي يعتبر المادة الوحيدة للفن <!--.
و قد أثرت الحركة السريالية في البنية المسرحية " فنسفت الحكاية و كسرت التجانس المنطقي بين عناصرها و ادخلت علي المسرح مواضيع مستمدة من الحلم و الحب المجنون و التحول العجائبي و العنف مما جعل المسرح قالبا للفانتازيا و السخرية " .
لقد كان أرتو استعارة حية لعقيدة السرياليين ، و يؤكد ذلك في رسالته الأولي لرئيس تحرير مجلة " New Velle " " جاكوب ريفيير " في 5 يونيه 1923 ، و التي يقول فيها اعاني من مرض مخيف في العقل ، عقلي يهجرني في كل الأوقات ، بداية من مرحلة التفكير البسيطة و حتي مرحلة تجسيد الكلمات ... اشكال العبارات ... الارتباط الداخلي الذي يقودني إلي الأفكار ذاتها ... أنا أحيا في مطاردة دائمة لكوني مخلوق مثقف.<!--
فاستخدموا الضربات اللونية العائمة والفوتوغراف، أو الفوتومونتاج، وقصاصات المجلات والكتب الممزقة(<!--)، حيث أطلق السرياليون العنان لأفكارهم مؤمنين بأنه ليس هناك حدوداً ترسم للمخيلة
الإنسانية، مع عدم التقيد بقواعد وغايات معينة، وبحث السرياليون عن الفكاك في المدركات عبر المقولة الغامضة والخيالية الغريبة الأطوار والمدفونة بعمق في الطبيعة البشرية(<!--)، فالشعور بالتمزق الذي سببته الحرب وروح الهزيمة التي سادت حتى ما بعد الحرب، كان يفسر أحساس الشباب بالقلق من الحرب، ونتائجها، حتى أنهم وجدوا في السريالية ملاذاً (<!--)، أن هذه الاشراقة الحزينة تأتي من نوع حقيقي من الألم وهو ليس ألم الحياة المؤقتة اليومية الناتجة عن الحرب والحب وفقدان الطمأنينة بقدر ما هو العذاب الداخلي العميق الدائم الذي سببته، وعلى الفنان أن يغوص داخلها(<!--) (شكل10) وعليه فأن السريالية أنما هي تغييب الواقع أو أزاحته، لأنه يقع على محددات إنسانية غاية في الألم تقوم على فكرة القتل والتدمير.. وكان نزوعهم إلى عالم أكثر معقولية.. عالم لم يكتشف بعد، أو هو في مكمن ذاتي لا يمس، فعبروا عنه بأجراء تركيبات لم تكن مقبولة في تلقيها، لكنها استطاعت ملامسة البنى العميقة للرفض الإنساني للحرب(<!--).
[1]<!--[endif]--> المسرح المعاصر ثقافة و ثقافة مضادة ، تأليف : جون دوفينيو ، جون لاجوت ، ترجمة : نورا أمين ، أصدرارت مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ، 1994 ، ص:39
[2]<!--[endif]--> ازهار محمد علي محمد الجبوري. كلية الفنون الجميلة- جامعة بغداد، الماجستير ، كلية الفنون الجميلة، بغـداد، 2010م ص86. المسرح و قرينه ، أرتو ، ص: 57_55
[3]<!--[endif]--> رسالة دكتوراه " ارتو و مسرح القسوة ، ص:48
(*) السادية :هي الحصول على اللذة والمتعة بتعذيب الآخرين, و ينسب مصطلح السادية إلى ماركيز دي ساد marquis de sade (1740 – 1814)، الذي اشتهر بمؤلفاته ذات المحتوى العنيف في الممارسات الجنسية، التي أشهرها روايته المشهورة باسم (جوستين وجوليت)،إيقاع الألم على الطرف الآخر أو على الذات هو شرط أساسي لإثارة الرغبة الجنسية والوصول إلى الذروة عند الشخص السادي،وتختلف صفة ودرجة هذا الألم إلى حد كبير، فقد يتلذذ السادي بوخز الطرف الآخر، أو عضه أو ضربه أو أحيانا مسببةّ (ألم نفسي)، وقد تصل درجة الألم إلى حد القتل . ( انظر:هانز ساكس، فرويد استاذي وصديقي، نقل الى العربية: سعد توفيق، مراجعة: عبد الفتاح الديدي، مطبعة الهيئة المصرية للكتاب ،1958 ، ص 108.)
(وانظر: Odd Reiersol, Svein Skeid:The ICD Diagnoses of Fetishism and Sadomasochism, Journal of Homosexuality, Harrigton Park Press, Vol.50, No.2/3, 2006,pp. 243–262)
(<!--) طلال معلا وآخرون، الفن والعنف، مصدر سابق ص 156.
(<!--) نفس المصدر، ص 91-92.
(<!--)V. Bwlletine, The mening in think, Ipid, P. 82.
[7]<!--[endif]--> رسالة دكتوراه " أرتو و مسرح القسوة، د:عبير منصور إبراهيم حجازي ، كلية آداب جامعة حلوان ، قسم " علوم المسرح " ، عام 2009 . ، ص:29 : 30
* فن كاثيكالي : فن كلاسيكي رصين ، منحدر من ولاية كيلالا ، و يقوم علي اعتبار المسرح هبه ألهية منبثقة من الثالثون الهندوسي : البرهمان ، الفسيوجي ، الشيفا ، و يعتبر العرض المسرحي بمنزلة " قربان بصري ، حيث تحضر الآلهة لتعمير النظام و الحق في تناسخ ادمي .
[8]<!--[endif]--> المسرح و قرينه ، تأليف :أنطونين أرتو ، ترجمة : د/ سامية اسعد ، ص:45
(<!--) والاس فاولي، عصر السريالية، ت: خالدة سعيد، دار العودة، بيروت ،1981، ص10-11.
(<!--) المصدر السابق، ص13-14.
(<!--( Parjean Louis, American in Beaux, cuchica- Deplcasso,ltd: pariss, voll-2, pariss, p 61.
(<!--) جوزيف إميل مولر، الفن في القرن العشرين، ت: فرح خوري، ط1، دار أطلس للدراسات والترجمة والنشر ، دمشق، 1988، ص133.
(<!--) مراد وهبة، الاغتراب والوعي الكوني، عالم المعرفة، مجلد 10، كويت، 1979، ص107.
(*) أثبت ان من المستحيل عمل هذه الطريقة لآن الأعمال بمنتهى الدقة،التي ظهرت بها الا بعد اجراء تعديلات. )محمد بوذية،مشاهير فن الرسم،مصدر سابق،ص170-173.)
(**) عندما كان في احد الملاهي ألليليه وقد أسرف في الكحول ،دب عراك بينه وبين رجل،تعرض على اثر ذلك لضربه بزجاجة على عينه،مما أتلف عينه. (Dohan Russel, the meaning of modern art, translation: Harber & row, press publishers, New York, 1981, p211)
(<!--) Ipid, pp 211- 212.
[15]<!--[endif]--> العلاقات الشكلية وجماليات التشكيل الخزفي المعاصر في المانيا (دراسة تحليلية)رسالة تقدمت بها
ازهار محمد علي محمد الجبوري. كلية الفنون الجميلة- جامعة بغداد، الماجستير ، كلية الفنون الجميلة، بغـداد، 2010م ص86
[16]<!--[endif]--> رسالة دكتوراه " أرتو و مسرح القسوة " ، د/ عبير منصور ، ص:26
[17]<!--[endif]--> المعجم المسرحي ، مفاهيم و مصطلحات المسرح و فنون العرض ، ص: 253
Artaud Antonin ,"Correspondence with Jacques Riviere , " Antonin Artaud Anthology , Edited by Jack Hirschman , tranisihted by Barnard Frechman , " San Francsico : City Lights Books " 1965 , Pp :7:8 .
(<!--) ناثان نوبلر، التعبير في الفن التشكيلي، ت: فخري خليل، مجلة آفاق عربية، ع11، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1984، ص89.
(<!--) جوهانز ايتن، التصميم والشكل، ت: صبري محمد، المجلس الأعلى للثقافة، مصر، 1998، ص18.
(<!--) والاس فاولي، عصر السريالية ، مصدر سابق، ص17.
(<!--) نفس المصدر، ص24.
(<!--) Johan russel, the meaning of modern art, Ipid, p212.
<!--