<!--

مقدمة 

انطوت التحليلات النقدية القديمة ـ نسبياً ـ علي بعضٍ من الاصطلاحات النقدية ، لتحل محلها تحليلات نقدية جديدة ـ نسبياً أيضاً ـ تحرص علي استخدام مصطلحاتها النقدية التي ترى أنها تتناسب مع مقولاتها . فقديماً كان ينظر للقصة أو الرواية أو الحكاية ، علي أنها تقوم علي مجموعة من العناصر ، أصطلح علي تسميتها بالأسماء التالية : الأحداث ، الصراع ، العقدة والحل ، الشخوص ، الزمان ، المكان ، والهدف المنوط بها . قد نتفق أو نختلف حول فاعلية النظر في هذه العناصر ، إلا أن النقاد السابقين كان يحرصون علي معالجة هذه العناصر في تحليلاتهم النقدية للأصناف الأدبية التي تندرج تحت الحكايات . أما بعض النقاد الجدد الذين ينظرون إلي الحكايات من منظور سردي في نقدهم ، فإنهم يستخدمون مجموعة أخرى من المصطلحات الفنية في عمليات النقد ، يطلقون عليها : تقنيات السرد ؛ ومنها : الفاعلين (الشخوص) ـ الحدث (الحكاية الغفل) ـ الفضاء السردي (قد ينطوي علي الزمان والمكان وكذلك الجو النفسي) ـ اللغة .... وغيرها .

ورغم الاهتمام الذي أبداه بعض النقاد بعنصر المكان في دراساتهم النقدية ، إلا أن أحدهم لم يصل ليجعل من المكان فاعلاً في أحداث القصة التي يتناولها بالدراسة ، رغم ما قد يصنعه المكان من دور رئيسي فاعلٍ في أحداث الرواية ، كما في رواية "الحرافيش"  لنجيب محفوظ ، حيث نجد التكية تفعل وتفعل ، وتتحدث أيضاً سواء لشخوص الرواية أو للقارئ ، وحديثها الغامض صنعه (نجيب محفوظ) بمراوغة فنية ، حيث استعان بأشعار فارسية غزلية ، وجعلها هي تلك الأحاديث التي تصدر عن التكية . ولو حاولت أن تحيد دور التكية وتأثيرها في العالم الروائي لرواية "الحرافيش" سينهار البناء الفني للرواية ، رغم أن التكية ليست هي المكان الذي تدور فيه أحداث الرواية ، بل تدور الأحداث في الحارة التي تكون التكية جزء منها ، إلا أن (نجيب محفوظ) استخدمها استخدام الشخصية الحاضرة الغائبة في عالمه الروائي في "الحرافيش" .

وكان الاصطلاح النقدي المستخدم ، وكذلك النقد يتصور أن التعامل مع المكان(<!--) يكون بالوصف(<!--) علي سبيل تقديم المعلومات الهامة فقط والمؤثرة في أحداث القصة ، غير أن نظرة النظريات السردية الحديثة للمكان كمكون للفضاء السردي للعمل الأدبي ، أزاحت عن المكان فكرة تقديم المعلومات عن طريق الوصف ، بل لقد صار المكان كمكون سردي ـ وكما سنري ـ قادراً علي تطويل عملية السرد والتأثير عليها كأنه أحد الشخوص الفاعلة في عالم الرواية / الحكاية ، هل تستطيع تصور رواية "الحرافيش" بدون التكية ؟

ستتعامل هذه الورقة البحثية مع شخصيات من نوعية خاصة ، وهي الأشجار والزهور التي في هذه الرواية ، وستحاول التعامل معهم باعتبارهم فاعلين رئيسين في تطوير السرد داخل هذا البناء السردي المعنون برواية "الحب في المنفي" لـ(بهاء طاهر) .

مع ملاحظة أن في الفضاء السردي في هذه الرواية يضم عناصر أخري غير الأشجار والزهور ، كانت تساهم بدورها في عملية تقدم السرد داخل الرواية ، مثل البجعات في تلك البحيرة التي كانت موضع لعديد من لقاءات الراوي مع بعض الشخصيات الفاعلة بالرواية .

 

الأشجار والزهور 

هل تعرف أن للأشجار أسماء ؟

كان لدي (بريجيت) معشوقة الراوي معرفةً بأسماء الأشجار ، بينما لدي أصر الراوي ذاته علي تجهيلها وتنكيرها ، كما نكر نفسه ، فلم يعرفها لنا باسم علم ، وكذلك نكر لنا المدينة الأوروبية(<!--) التي تدور فيها أحداث رواية "الحب في المنفي" . لقد نكر كل هذا (الأشجار ـ نفسه ـ المدينة) ، في حين كانت (بريجيت) تعرف أسماء الأشجار إذ علمها لها أباها ، بل ولها في كل بلد مجموعة من الأصدقاء من الأشجار تذهب إليها ليشاركوها فرحها ، أو لتشكو إليها حزنها ، تقول (بريجيت) :
" أعتقد أن الأشجار تفهمني ، أنا واثقة أنها تفهمني "(<!--) . فمن هي هذه الأشجار ؟ ومن هذه الزهور ؟

إن الرواية ـ "الحب في المنفي" ـ وإن كانت كما يقول (جابر عصفور) : " من أهدافها الضمنية هو فك عقدة الخواجة . والنظر إلي العلاقة بالأخر من منظور مناقض لمنظور الروايات التي انبنت علي هذه العقدة ، فالرواية تنفي التراتب القمعي بين الأنا والأخر ، وتستبدل بالمفهوم التقليدي للآخر النقيض مفهوماً جديداً عن الأخر الشبيه ، وتنقل الثنائية نفسها من مستوى التعارض إلي مستوي التوازي "(<!--) ، لكن أليس ثمة فارق بين من يعرف ومن لا يعرف ؟

إن المعرفة بالنفس ثم بالأخر هي التي من الممكن أن ينبي عليها التراتب . إن الرواية رغم محاولتها الدءوبة التي يشير إليها (جابر عصفور) في مقاله(<!--) "نقض الثنائية القديمة" ؛ من أن تستبدل ببنية التراتب نفسها بنية التناظر المتكافئ العناصر(<!--) ، لكي يبقي الإنسان وحده كقيمة تسعي الرواية إليها ؛ تبقي الرواية عبر الفارق المعرفي المتمثل في معرفة (بريجيت) بأسماء الأشجار وجهل الراوي بها تحافظ بشكل لا وعلي علي بنية التراتب ذاتها التي تسعى لنقضها ، لكن الرواية تبقي عليها في مخيلة قارئها المتخيل المتوحد مع الراوي . لقد استغل السارد علاقة شخصياته اللصيقة بالأشجار والزهور ، ليقدم فارقاً عميقاً بين الفاعلين الرئيسيين في الرواية (الراوي ـ بريجيت) ، فارقاً بين من يعرف ومن لا يعرف ؛ غير أنها معرفة نسبية وليست معرفة مطلقة ؛ ولم يكن لأي مكون سردي أخر أن يقوم بتوضيح هذا الفارق في امتلاك المعرفة . لقد ميز الله الإنسان الأول بمعرفته علي غيره من المخلوقات ، عندما سأل الملائكة عن أسماء الأشياء فلم يعرفوها ، وعرفها (آدم) ـ عليه السلام ، فشُرف بسجود الملائكة له ، وهو سجود رمزي معنوي لصاحب المعرفة الذي منح المرتبة الأعلى ـ كإنسان ـ في تلك العلاقة التراتبية بين المخلوقات .

في البدء كانت الأشجار رطبة وهادئة ، " والأوراق الجديدة التي عادت تكسو الأشجار منذ وقت قليل زاهية الخضرة ، تكاد تكون شفافة .. تتجمع في قبة هشة ناعمة تحركها الريح الخفيفة فتتسرب أشعة الشمس من بين ثقوبها المتناثرة ، موجات صفراء تسبح فوق الحشائش ثم تختفي لكي تعود كالمفاجأة . وكانت هذه الموجات المتتابعة تنير في مرورها الزهور البرية الصغيرة الصفراء والبيضاء التي تزخرف الأرض في الصيف "(<!--)  ، حيث البدايات الفتية الدافئة في هذه المدينة التي لا يسميها الكاتب باسم ، فقط هي مدينة أوروبية ، والناس فيها ما بين بيض وملونين (زهور برية صغيرة) في حاجة إلي الشمس (الحرية ـ الديمقراطية) ، هذه الاستعارة لتأثير فعل المكان علي شخصية الراوي جعلته يتذكر كيف تعاملت زوجته مع الزهور ، لقد قطفتهم لتمتلكهم ، هكذا يفعل الشرقيون رجالاً ونساء ، الرجل يظن أنه امتلك امرأته واستعبدها ، والمرأة تظن أنها امتلكت الرجل وأنه صار ملكية خاصة لها ، هكذا نتعامل مع الزهور البرية الصغيرة ، نقطفها لنمتلكها فتموت بين أيدينا المالكة لها . ولغتنا اليومية تفضح تملكنا للآخرين ، الرجل يريد أن يخبرك أنه متزوج وأنجب ثلاثة أطفال ، فيقول : " عندي زوجة وثلاثة أطفال " ، كما لو كان يقول : " عندي مكتب وثلاثة كراسي " مثلاً . وكذلك المرأة ؛ راقب اللغة التي تحمل الأفكار عبر اختياراتها ؛ كان من الممكن أن يقول ، " أنا متزوج ومعي (وأنجبت) ثلاثة أطفال " .

لقد كانت لدي الراوي نوستالجيا شديدة ، فكان دائم البحث عن الشخصيات التي يفتقدها في منفاه ، وأحد هذه الشخصيات كانت الأشجار ، يقول الراوي : " كل ما أصبحت أريده الآن حين أزور أي مدينة هو الأشجار والخضرة . ومع الشيخوخة أصبحت أبحث عما يذكرني بطفولتي .. بمجري النيل وأشجار الجميز والصفصاف "(<!--) ، وهذه الأشجار ذاتها بحضورها الفتي في الحديقة السرية للراوي التي ذهب إليها مع صديقه القديم والمخالف له في الأيدولوجيا ، تعيد تكوين المشهد السردي وتدفق السرد به وتجعل السرد يغير مساره ؛ أو أن يعدله ؛ فحين يدخلان الحديقة السرية يقول (إبراهيم) للراوي : " هل تأتي هنا لتحب ؟ "(<!--) ، هل كانت الورود بأوراقها الحمراء والصفراء والبيضاء والبنفسجية والبنية والتي يحمل قلب كل منها خاتماً أصفر مستدير كالوشم هي التي ذكرت إبراهيم بالحب وممارساته ؟ ليعود الراوي ليذكر صديقه بـ : " ألم تكن أنت الذي قلت بالأمس أننا تجاوزنا هذه السن ؟ "(<!--) ، فأجبرت هذه الزهور الفتية (إبراهيم) علي الخرس ، والتفكير الجدي في تقدم عمره وعمر الراوي ، بل إن الأليق بالحديث في حضرة هذه الزهور الفتية والأشجار الكثيفة الخضرة أن يكون الحديث عن الذين يماثلونها من حيث الفتوة ، فذهب (إبراهيم) يسأل الراوي عن عمر ابنه (خالد) ، والذي يقترب من العشرين من عمره .

أما حين خرج الراوي من المستشفي بعد الأزمة القلبية العنيفة التي أصابته بعد تفاعله مع أحداث الاجتياح الإسرائيلي للبنان علي مرأى ومسمع من العالم العربي والعالمي ، دون أن يحرك أحدهم ساكناً ، كان بقايا الفرسان هم الذين يتألمون ، ويشعرون بوخز الخناجر في ظهورهم وصدورهم أمام مثل هذه المشاهد في حياة الشعوب العربية (كم بقي منهم ليتألم حين دخلت القوات الأمريكية العراق عام 2003؟ ومن يتألم منهم الآن لما يصيب غزة؟) ، حين خرج الراوي كانت الزهور قد تغيرت مثلما تغير ، وبدأت تخبره عبر هيئتها بأثر أفعال الزمان عليها ، وكيف أنها في شيخوختها الآن(<!--) . وأصبح الراوي يتأثر وتدمع عيون بسرعة ومن أشياء ومواقف كان يستطيع قبل الأزمة القلبية التي أصابته أن يسيطر علي انفعاله بها ، لقد أصبح يبكي أمام أفلام (فاتن حمامة) حين كانت تتعذب من مكائد (ذكي رستم) ، أو حين يتحدث إلي وابنه (خالد) وابنته (هنادي) ، أو أمام معشوقته (بريجيت) ، " كانت الأشجار علي جانبي الشارع في ذلك الحي الهادئ قد شحبت خضرتها ووشتها الأوراق الصفراء اللامعة والطرية ، ومتوهجة في الشمس . وكل شجرة زهرة عملاقة مزخرفة بالألوان الخضراء الباهتة والخضراء المصفرة والصفراء البنية والمشربة بالحمرة ، ...... وكان الهواء يدفع بعض الأوراق فتتطاير ببطء مثل فراشات مذهبة قبل أن تستقر علي الأرض .. قبل أن تنضم إلي سرب هاجع أخر يصنع دائرة حول جذع الشجرة علي الأرض ، ويرسم تحتها صدى شجرة أخرى صفراء ، ترتعش بالهواء ، فيصدر احتكاكها صوتاً صغيراً خشناً لكنه يدغدغ الحواس "(<!--) ، كانت الأشجار تدعو الراوي إلي أن ينضم بدوره إلي سرب الورق الهاجع الذي يرسم صدى لإحدى الأشجار ؛ أليس جثمان الميت صدى للكائن الحي الذي كان يحمل هذا الجثمان ؛ قرر أن يتمرد علي دعوة الأشجار له بالانضمام إليها بخريفه ، ورفض أن يلقي مصير الأوراق الصفراء المتطايرة ، قرر أن يكذب علي نفسه ، فمزق الورق التي كانت تحمل تعليمات الطبيب الساذجة سذاجة الطبيعة وحديث الأشجار ودعوتها له ، ترك الورقة الممزقة تنضم بما تمثله ؛ هي وليس هو ؛ إلي سرب الورق الهاجع الذي يرسم صدي لإحدى الأشجار ، بينما ذهب الراوي إلي الحب مع معشوقته (بريجيت) .

ثم مرة أخرى يرجع الراوي إلي الحديقة السرية بعد أن تكشفت له بعضاً من مؤامرة الأمير العربي ، لكن ماذا فعل بعد هذا التكشف ؟ " أخذتُ أمشي بسرعة في ممرات الحديقة القصيرة المتقاطعة التي تعود دائماً إلي نقطة البدء . أهدأ .. إنس أمر هذا الأمير "(<!--) ، وماذا كانت الأشجار تفعل حين كان الراوي يمشي في هذا الممرات ؟ " اكتست كلها باللون الأصفر الذي فقد بريقه ونفضت علي الأرض أوراقاً تغطيها طبقة بنية بلون الصدأ "(<!--) ، ففر من هذه الأشجار إلي حبيبته التي مازالت تتمتع بالشباب ، والتي هي " من لحم ودم .. ليست وهماً وليست خدعة ؟ "(<!--) .

لم تكن الأشجار والزهور تقوم بدور المعادل الخارجي لحالة الشخصية ؛ أو كما يصفها (صلاح فضل) بأنها تصنع " الرابط المراوغ بين الداخل والخارج "(<!--) ؛ بل إنها كانت تساهم كفاعل في تطور السرد ، فـ (بريجيت) تحكي قصة طويلة عن علاقتها مع الأشجار منذ أن كانت طفلة إلي أن كبرت وصار لها في كل بلد أصدقاء من الأشجار ، وتختتم هذه القصة التي سردتها للراوي بسؤال لم يكن يمكن أن تقدم له نفسياً بخير من حديثها عن الأشجار ، لقد كان السرد قبل حكاية (بريجيت) عن الأشجار يعيش في منطقة الفارق السني بين الراوي و(بريجيت) ، ثم انطلقت (بريجيت) في قصتها عن الأشجار لتنتهي بسؤالها الراوي أن ينجبا طفلاً . ثم يكون دفاعها عن الفكرة (فكرة إنجاب الطفل) مستمداً من حكايتها السابقة للسؤال مباشرة عن الأشجار ، تقول (بريجيت) مدافعةً عن فكرة الإنجاب : " طفل هو أنت وهو أنا . نعيش فيه معاً ونعيش معه ، بعيداً .. في جزيرة أو فوق جبل . نعلمه أن يحب الأشجار والزهور والشعر ، ونعلمه هو أيضاً كيف يتخذ من الأشجار أصدقاء له ـ يصغي لما تقوله أغصانها ويفهم الرسائل التي تبعثها أوراقها المتساقطة . نعلمه أيضاً ألا ينساها في الخريف . يقول للشجرة أنه معها في عذاب الموت والميلاد ، وهو أيضاً سيولد معها من جديد حين تنبت أوراقها الخضراء مرة أخري لكنه لن ينساها وهي تقف عارية في الشتاء ، بل يمنحها بحبه الدفء "(<!--) . لا يمكن الاستعانة بمبرر غير هذا ، خاصة وأن لدي الراوي تعلق بالأشجار كما سبق وأن أشرنا إن حنين الراوي لطفولته أصبح يتجسد إلي حدٍ ما في شغفه بالأشجار(<!--) ، كما أن الراوي بدأ ذكر زوجته ؛ التي يدينها ويعلق عليها أسباب فشل علاقته الزوجية بها ؛ بذكر قطفها للزهور كي تمتلكها .

إن السارد يجعلنا نشعر وكأننا أمام شخصية تتكشف لنا عبر علاقتها بالأشجار ، ليس الشخصية فقط ، ولكن عالم السرد برمته ، حتى أننا عندما تحين لحظة النهاية ، نجد السارد يقدم صورةً مجازية أخري تساهم بدورها في صنع اشتباكاًَ جديداً بين الراوي وفتاته (بريجيت) ، إذ يقول : " كانت هناك صبارة جف فيها كل شيء غير أشواكها المشرعة التي تخز لحمها العجوز "(<!--) ، أليس هذه الصبارة هي الراوي ؟ " صبارة لا تموت ولا تحيا ، مددتِ إليها يدك فبعثت أورقها الميتة لتكون شجرة من أشجاركِ الوارفة التي تحبينها "(<!--) ، ألم تكن (بريجيت) تحب الأشجار ، وهم بالفعل أصدقائها ؟ " تفرعت فيها الأغصان ونبت الأزهار "(<!--) ، ألم تتغير حياة الراوي وينجو من الموت كثمرة من ثمرات حبه لـ(بريجيت) ؟ " وها هو ذلك السيف يبتر الأغصان كلها دفعة واحدة ، لكي يعري مرة أخري الصبارة والأشواك "(<!--) .

لم تكن النهاية فقط مع هذه الصورة المجازية التي يمكن أن تقدم قراءة موجزةً للرواية ، وإنما بشكل مادي يذهب الراوي إلي حديقة لنحصل علي الطلقة السردية الأخيرة ، " أخيراً أصل حديقة صغيرة علي شاطئ النهر . حديقة مهجورة وسط الضباب والبرد . وكني أجلس لاهثاً . النهر أمامي ممر ساكن من الرصاص والمدينة كتلة رمادية من نقط رجراجة "(<!--) ، ألا يمكن تصور الراوي مثل هذه الحديقة المهجورة في نهاية حياته ، وحيداً لا يفهم شيئاً ؟ أليست هذه الحديقة الوحيدة المهجورة وسط الضباب والبرد بها أصدقاء (بريجيت) التي رحلت ؟

في النهاية ؛ يمكن للباحث القول أن الأشجار والزهور في هذه البنية السردية ـ "الحب في المنفي" كانت حاملة لمعاني وحقائق أبعد وأعمق من حقيقتها الملموسة كأشجار وزهور يمكن أن توجد في أي مكان حقيقي ، أو في خلفية صورة فوتوغرافية يحتل مقدمتها شخصيتين ، أو في بنية سردية أخري غير "الحب في المنفي" .

<!--[if !supportFootnotes]-->

 


<!--[endif]-->

( <!-- ) أوضح نيوتن (في الفلسفة الطبيعية 1787م) أن للمكان نوعين من الوجود : وجود مادي فعلي ، ووجود عقلي ، وهو ما نتعامل معه ، لأننا نتعامل مع نسب ومقاييس من صنعنا .

       راجع ؛ سامي خشبة ـ مصطلحات الفكر الحديث ـ الجزء الثاني ـ مكتبة الأسرة 2006 ـ القاهرة ـ مصر ـ 2006 م ـ ص 263 .

( <!-- ) وهو أسلوب إنشائي يتناول ذكر الأشياء في مظهرها الحسي .

        راجع ؛ سيزا قاسم ـ بناء الرواية ـ مكتبة الأسرة 2004 ـ القاهرة ـ مصر ـ 2004 م ـ ص 111 .

        وهو محاولة تجسيد مشهد من العالم الخارجي في لوحة مصنوعة من الكلمات .

        راجع ؛ المصدر السابق ـ ص 155 .

( <!-- ) كان تحديد المكان من السمات التي ميزت الرواية في القرن التاسع عشر ، وقد اهتم به الروائيون اهتماماً بالغاً .

( <!-- ) بهاء طاهر ـ الحب في المنفي ـ دار الهلال ـ الطبعة الثانية ـ القاهرة ـ مصر ـ نوفمبر 1996 م ـ ص 181 .

( <!-- ) مجموعة كتاب ـ رواية بهاء طاهر والنقد المصري ـ كتاب الثقافة الجديدة ـ العدد 29 ـ الهيئة العامة لقصور الثقافة ـ وزارة الثقافة ـ القاهرة ـ مصر ـ 2008 م ـ ص ص 34 ـ 35 .

( <!-- ) راجع ؛ المصدر السابق ـ ص 33 وما بعدها .

( <!-- ) راجع ؛ المصدر السابق ـ ص 35 .

( <!-- ) بهاء طاهر ـ الحب في المنفي ـ مصدر سابق ـ ص 7 .

( <!-- ) المصدر السابق ـ ص ص 79 ـ 80 .

( <!-- ) المصدر السابق ـ ص 80 .

( <!-- ) المصدر السابق نفسه .

( <!-- ) راجع ؛ المصدر السابق ـ ص 143 .

( <!-- ) المصدر السابق ـ ص ص 145 ـ 146 .

( <!-- ) المصدر السابق ـ ص 176 .

( <!-- ) المصدر السابق نفسه .

( <!-- ) المصدر السابق نفسه .

( <!-- ) مجموعة كتاب ـ رواية بهاء طاهر والنقد المصري ـ مصدر سابق ـ ص 155 .

( <!-- ) بهاء طاهر ـ الحب في المنفي ـ مصدر سابق ـ ص ص 181 ـ 182 .

( <!-- ) راجع المصدر السابق ـ ص ص 79 ـ 80 .

( <!-- ) المصدر السابق ـ ص 244 .

( <!-- ) المصدر السابق ـ ص ص 244 ـ 245 .

( <!-- ) المصدر السابق ـ ص 245 .

( <!-- ) المصدر السابق ـ نفسه .

( <!-- ) المصدر السابق ـ ص 253 .

 

المصدر: المصادر السابقة
  • Currently 177/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
58 تصويتات / 1333 مشاهدة
نشرت فى 15 أكتوبر 2009 بواسطة qudapy

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

14,155