يُعتبر الذكاء العاطفي أساس الحوار التفاعلي القائم بين الأهل والولد, وبينه وبين الأفراد الآخرين, وهو يتطوّر تبعًا لمراحل نموّه. وتتنوّع معطيات هذا الحوار وركائزه بشكل ينبغي أن يتلاءم مع تطوّر ذكاء الطفل ومميزاته.
ما الذكاء العاطفي (الانفعالي)? إنه تلك القدرة التي تمكّن الفرد من إدراك, تأويل وتعديل انفعالاته تبعًا لانفعالات الآخرين, بمعنى أن: الفرد الذكي انفعاليًا هو فرد قادر على إدارة مشاعره وانفعالاته, والتعبير عنها بطريقة فعّالة تمكّنه من التواصل مع أي فرد آخر في معظم الوضعيّات, التي يوجد ضمن إطارها. والمعروف أن للتربية المبكرة (تربية الأهل, في المقام الأول), أثرها المتزايد تبعًا لتطوّر نمو الطفل, فيصبح راشدًا يتمتع بذكاء انفعالي جيّد يمكّنه من الاندماج مع المجموعة التي ينتمي إليها.
ذلك أمرٌ يكتسب أهميته القصوى اليوم, حيث نجد العديد من الأطفال, يعانون من مشاكل نفسيّة متعددة ومتنوعة ترتبط, بالدرجة الأولى, بعجزهم عن ضبط مشاعرهم وانفعالاتهم, وبشكل خاص عن إدارتها تبعًا لمعطيات الوضعية المحيطة بهم. والنتيجة? يقومون برد فعل سلوكي غير متكيّف كـ(العدوانية, السلبية...مثلاً). وهؤلاء الأطفال قد يصبحون راشدين, عدوانيين أو تابعين سلبيين أو...عاجزين عن التفاعل بإيجابية مع أفراد البيئة المحيطة بهم, إن في المنزل أم في العمل أم في أي إطار بيئي آخر, وقد يصبح لديهم أولاد يعانون, هم أيضًا, المعاناة نفسها.
يعني ذلك, ضمن ما يعنيه, أن تنمية (تعلّم) الذكاء العاطفي يجب أن تبدأ مبكرًا: في المنزل وفي الصفوف الابتدائية بالمدرسة, بحيث تتضافر الجهود معًا (جهود المعلمين وجهود الأهل) في تعويد الولد على حل المشكلات التي تواجهه, ومعالجة علاقاته وانفعالاته الحقيقية, وبشكل خاص على التعبير عنها وبالتالي, تنمية سمات شخصية أو سلوكيات فردية إيجابية كـ(التفاؤل, مناجاة الذات, الثقة بالنفس, الإحساس بالحنو والقدرة على التعاطف مع الآخرين), تشكّل بحد ذاتها مؤشرات أساسية على وجود ذكاء انفعالي عنده كفرد, في حين قد تتسبّب السمات المغايرة لها, كالتشاؤم والاكتئاب والغضب...إلخ, برفع درجة القصور, الذي يعانيه على مستوى ضبط انفعالاته وتنظيمها. وهكذا, نساعد الطفل, وبشكل مبكر, في رفع قدرته على تأويل الوقائع, والقيام بضبط فعلي لانفعالاته وتعديلها عبر مساعدته للتعبير عنها وفهمها, وبشكل خاص على حل المشكلات التي يواجهها.
بالفعل, تشكّل ضغوطات الحياة - مع كل ما يرافقها من وضعيّات إشكالية تفرض نفسها على الإنسان, الذي يضطر لمواجهتها - عنصرًا أساسيًا في تطوّر ذكائه العاطفي وتنميته, وأبسط برهان على ذلك ما نلاحظه, عمومًا, حيث يبدو الناس ذوو الذكاء الانفعالي الجيّد أكثر قدرة على مواجهة الحياة, وبالتالي يتمتعون بصحة ذهنية أفضل. أما أحد مظاهر الاختلال الوظيفي لهذه القدرة, فيتمثّل بالكبت, أي انخفاض الذكاء الانفعالي, حيث بدا الناس المصابون به أكثر عرضة للإصابة باضطرابات فيزيقية وذهنية بدت على ارتباط وثيق بعجزهم عن تنظيم انفعالاتهم, فمثلاً: بدت مخاطر الإصابة باضطرابات في القلب أعلى عند مَن يميل بكثرة للتعبير عن انفعالاته بطريقة غضبيّة أو عدائيّة, وعند مَن يفتقر لأساليب فعّالة في المواجهة منها عند مَن يميل للتعبير المعتدل عن انفعالاته ولمواجهة المشكلات وحلّها.
باختصار نقول, قد يؤدي التعبير الزائد عن الانفعالات, كما العجز عن التعبير, إلى حدوث مشاكل جسمية (مشاكل قلبية...وحتى سرطانية), بالإضافة للمشاكل النفسية المتعددة والمتنوعة, حيث تشير مختلف الدراسات النفسية الحديثة للضغوطات كعامل أساسي في نشوء مختلف الاضطرابات النفسية والذهنية. من هنا اعتبار القدرة على تنظيم الانفعالات بمنزلة ركيزة أساسية للذكاء العاطفي, ولإرساء الصحة الجيدة (جسميًا وذهنيًا). ينطبق هذا القول على كل الوضعيات البيئية: في المنزل, في المدرسة, في العمل, مع الذات...إلخ, لكن مع اختلاف ظاهر عند الناس على مستوى القدرات, التي يمتلكونها بخصوص درجة إدراكهم, قدرتهم في التعبير عن انفعالاتهم وفي فهم أسبابها, وبالتالي في تنظيمها وإدارتها بشكل فعّال.
لكن يجب ألا يُفهم من كلامنا هذا أن الناس الذين يتمتعون بذكاء انفعالي, يملكون, بالضرورة, مستوى ذكاء iq مرتفعًا جدًا, بل هم, غالبًا, أفراد يتمتعون بمستوى ذكاء طبيعي, لكنهم عمليّون وقادرون على تكييف تعاملهم مع معظم الوضعيات الحياتية التي تواجههم. وهم, بشكل عام, أفراد إيجابيون, متفائلون, حنونون ومتعاطفون, وبالتالي قادرون على تأويل وإدراك انفعالاتهم وانفعالات الآخرين بشكل إيجابي, واستخدام معلوماتهم هذه لتعديل درجة انفعالهم لدى تعاملهم مع هؤلاء الاخرين, ولتنويعه تبعًا لتنوّع الوضعيات. يحتل الذكاء العاطفي, بالتالي, درجة مهمة جدًا في سلم تحقيق الذات من قبل الفرد, لكن تحقيق الفرد لذاته يبقى مستحيلاً إن لم يُشبع حاجاته الأساسية ويتجاوزها, الأمر الذي يرفع من إمكاناته وطاقاته الفردية. والأهم يكمن في الواقع التالي: الذكاء العاطفي يتم تعلّمه, وبالتالي, من الممكن دائمًا وبأي عمر, أن يبدأ الفرد تعلّم كيفية تأويل انفعالاته وانفعالات الآخرين وتنظيمها.
التحفيز العاطفي
والأمر الثاني المهم, في هذا المضمار, إنما يكمن في التحفيز العاطفي (أي القوّة المحرّكة بشكل دائم للسلوك عند الفرد), المرتبط بطريقة معايشته للخبرات التي يمر بها, وبالأنساق المميزة له كفرد, وبسلوكياته الانفعالية, وهذه السلوكيات تميل اليوم, أكثر فأكثر, لأن تكون ذات طابع معرفي. والركائز الأساسية لهذا التحفيز العاطفي تبقى محدودة بثلاث حالات عاطفية يوجد الأفراد, ويتحرّكون من خلالها:
أ- حالة عاطفية إيجابية, حيث يختبر الفرد مشاعر إيجابية كـ: الاسترخاء, الفرح, السرور, الاستثارة الإيجابية...إلخ. لذا, من المهم جدًا معرفة الأهل, الأب والأم على السواء, كيفية إثارتها عند طفلهم ومساعدته على التعبير عنها.
ب- حالة عاطفية محايدة, حيث تتميز خبرة الفرد بانعدام وجود مشاعر معينة أو بوجود القليل منها: من المهم جدًا أن يسهر الأهل على تقليل مثل هذه الخبرات عند الطفل.
ج- حالة عاطفية سلبية حيث يختبر الفرد مشاعر وانفعالات سلبية كـ: الألم, القلق, مشاعر الذنب, الحرمان, الضجر, الغضب...إلخ: من المهم جدًا أن يدعو الأهل الطفل للتعبير عن مثل هذه المشاعر, التي لابد أن يتعرّض لها في مسيرة حياته, فيساعدونه على إخراجها, والتحرّر من تأثيراتها السلبية والطويلة المدى على نفسيته وتفكيره, والمعلوم أن دور التفكير والانفعال الدائمي السلبية في إحداث شتى الاضطرابات النفسية هو شديد الارتفاع, ويشكّل عاملاً خطرًا كبيرًا يدفع الشخص في هذا الاتجاه.
واختبار الشخص للحالات العاطفية, ينمّي عنده ما يسمّى بالذاكرة الانفعالية المكوّنة من سمات جسدية ترتبط بأشخاص, بأحداث, بأشياء, بأشكال, تشكّل جزءًا من خبراته, مثال: الأفراد الذين يوجدون دائمًا بحال انفعالية سلبية (قلق مثلاً) في وضعيّات الامتحان ينمّون سمات جسديّة سلبية (تعرّق, سرعة دقات القلب, تشوّش في الرؤية). تميّز حالتهم خلال وضعية الامتحان, وتشكّل الركيزة الأساسية لمكوّنات الموقف العاطفي المرتبط عندهم بموقفهم من الأشياء.
من هنا, التركيز على أهمية البيئة (المدرسية لكن, خصوصًا, العائلية), في تطوير قدرة الطفل على التعامل مع انفعالاته الشخصية (مستوى فردي), ومع انفعالات الآخرين (مستوى ما بين شخصي أي تفاعلي مع الآخرين):
فعلى المستوى الفردي, تلعب هذه البيئة دورًا غاية في الأهمية في مساعدته على تطوير قدرته اللاواعية بإدارة انفعالاته, أي بضبط حالته الانفعالية والتأثير عليها من حيث: فهمه (تفهّمه) لمشاعره الخاصة, فهم الأسباب المثيرة لهذه المشاعر, وعي (إدراك) الحالات الحارّة (أي حالات التأثر الانفعالي الحاد والحالي), تنمية درجة تحمّل الحرمان عنده, تقوية مفهوم الذات, وخفض قابلية الاعتماد على الآخرين عنده, تعلّم كيفية تأويل معنى أنشطة الآخرين انطلاقًا من تعابير مفهوم الذات الخاص به, مساعدته على أن يصبح فردًا قادرًا على إنتاج حالات انفعال إيجابي داخلي, مساعدته على تطوير نظرية إيجابية تفاؤلية في الحياة: سيتم التركيز, لاحقًا, على كيفية قيام البيئة (الأهل بشكل خاص) بعدد من هذه الأدوار حين نتناول موضوع الحوار بين الأهل والطفل.
وعلى مستوى التداخل الما - بين شخصي, يمكن للبيئة - العائلية على وجه الخصوص - مساعدة الطفل على بلورة قدرته الفطرية على تفهّم شخصية الآخرين وحالاتهم الانفعالية عبر مساعدته على قراءة مشاعر هؤلاء وانفعالاتهم, وعلى التفاوض معهم بشكل إيجابي, بحيث يبقى قادرًا على المطالبة بحقوقه الشخصية دون أن يكون ذلك على حساب حقوق الآخرين, على حثه (أي تحريك طاقته السلوكية بالرغم من بطء حالته
الانفعالية), حين يكون بحال انفعالية منخفضة, وعلى تهدئته في حالات التأزّم الانفعالي أي, باختصار, مساعدته على تأكيد ذاته تجاه الآخرين.
لكن, لفهم كل ذلك, لابد من التوقف عند المهارات الأساسية للذكاء, وهي: تحليلية, أي محاولة حل مشكلات عائلية عبر استخدام استراتيجيّات كفيلة بمعالجة عناصر المشكلة, أو العلاقة بين هذه العناصر (أي القيام بعمليّات المقارنة والتحليل), كما أنها: إبداعيّة, أي محاولة استخدام أنواع جديدة من المشاكل التي تتطلب من الفرد التفكير حول المشكلة وعناصرها بطريقة جديدة (أي محاولة الاختراع, المزج), وهي كذلك: تطبيقية, أي محاولة حل المشكلات التي تتطلب من الفرد العودة إلى ما يعرفه كل يوم (ما يخزّنه في ذاكرته), بخصوص الآخر (أي القيام بعمليات الافتراض والقدرة على استثمار ما يعرفه).
يمكن اختصار ذلك, مع شترنبرج, بثلاثة مظاهر مختلفة للذكاء: 1- العالم الداخلي لمعالجة المعلومات, 2- التجربة والتعلّم من الماضي, 3- العالم الخارجي الخاص بالتكيّف مع العالم الواقعي المميّز للبيئات المحيطة بالفرد:
فالعالم الداخلي يرتبط بمكوّنات الذكاء القاعدية (أي الأنساق الذهنية العليا للأوامر التي يستخدمها الفرد في التخطيط, في المراقبة الموجّهة, وفي تقييم إجراءات المهمة), مكوّناته الإجرائية (أي الأنساق التي يستخدمها لتنفيذ مهمة معينة), ومكوّنات اكتسابه المعرفي (أي الأنساق الذهنية التي يستخدمها في التعلّم). وبالنسبة للتجربة والتعلم من الماضي, فهما يرتبطان بذكاء الفرد كقدرة على التفكير وتعلّم أنظمة مفاهيم جديدة قد ترتبط بمعلومات موجودة سابقًا, وهي تحتاج إلى عدد من العمليات الإجرائية الضرورية, التي تصبح قابلة للتنفيذ لأن العديد منها أصبح آليًا, أما بخصوص التعامل مع أطر العالم الواقعي, فالذكاء ليس فقط القدرة على التكيّف مع البيئة, إنما يتضمن أيضًا تغيير البيئة لتتلاءم مع حاجاته, أو, أحيانًا, اختيار بيئة جديدة, بخاصة أن كل البيئات ليست كلها قابلة للتكيّف معها.
نصائح للوالدين
وانطلاقًا من كل ما سبق نقدّم للوالدين - وللأم بوجه خاص - النصائح التالية: راقبي ردّات فعلكِ الشخصية (تحركاتكِ, الانفعالات التي تشعرين بها, ألفاظكِ) وتأثيراتها عليك شخصيا وعلى ولدك (المراهق بشكل خاص), - حاولي تحديد سلوكيات ولدك أو الألفاظ التي يستخدمها, والتي تثير في داخلك مشاعر الغضب, الانزعاج, التعب, انعدام الفهم, ثم, حاولي إدراك وضبط ردّات فعلك هذه عندما يقوم ولدك بهذا السلوك: بمَ تحسّين? ((لم أعد أحتمله?), (لا أستأهل أن يكون عندي ولد مثله?)), خفّفي عبء ردّات فعلك هذه عن طريق: ممارسة تمارين استرخاء (تنفّسي وتحدّثي ببطء أكبر) وقومي بتحديد سريع للأفكار الآليّة التي تمر بذهنك, في هذه اللحظة, إذ يمكّنك ذلك من امتلاك الوسائل الكفيلة بتطوير ردّات فعلك بشكل إيجابي.
ومن المهم جدّا, حين يحاول ولدك (المراهق بشكل خاص) التواصل معك لفظيّا, أن تحاولي التفرّغ له نفسيا عبر اهتمامك بالنقاط التالية: أصغي إليه بكل انتباه وترحيب, ابذلي الجهد المطلوب لتحقيق ذلك, اتركيه يتكلّم: قد يكون بوضعيّة التفكير بصوت عال ولا ينتظر منك سوى مرافق يتمنّى أن يستمع له قبل أن يثقل عليه بالتوجيهات, وكما سبقت الإشارة, حدّدي نمط ردّات فعلك غير اللفظيّة (نغمات صوتك, نظراتك..) لأنه ينظر إليك وقد يتوقف عن الحديث إن لمس على وجهك عبارات التفاجؤ, الانزعاج, عدم الاهتمام, الاستنكار, والأهم, لا تحكمي بسرعة وبحيويّة على ما يقوله ولا تسخري منه, خصوصًا إذا عبّر عن بعض الآراء المناقضة لآرائك ولمعاييرك في الحكم أو التي تبدو لك سخيفة, وإن طلب رأيك, فلا تستغلّي الظروف لتثقليه بالمواعظ وعبّري له عن رأيك بشكل منوّع, ثمّ, لا تعرضي عليه مشاركتك رأيك, بل اتركي له الوقت اللازم له للتفكير, ولا تسبغي على أفكاره طابعًا دراميًا إذ إنها ستتطور بفضل التواصل القائم بينه وبين مختلف أفراد البيئة المحيطة به: بينه وبين الأقارب (وأنت برأس لائحة الأقارب) بوجه خاص.
أما بالنسبة لما يمكنك القيام به لتسهيل عمليّة الحوار (التواصل) بينك وبينه فننصحك بما يلي: لا تنسي أبدًا أن تصبّحيه وتسلمي عليه حين تتوجهين له لأول مرّة من النهار, اتركي تدريجيا الألقاب التي كنت تطلقينها عليه سابقًا, اختاري بشكل خاص لهجة الاستفهام حين توجّهين له أمرًا معينًا وتجنبي إعطاء الأوامر واستخدام لهجة الأمر, الصراخ أو التعبير العدائي, توجّهي له بأفضل ما يمكنك من الهدوء ولا تكوني شديدة التلاطف أو, على العكس, لا مبالية, لا تطلبي منه استجابة فوريّة على طلباتك بل اتركي له الوقت للتفكير وللاختيار ولا تتوقعي اعترافا لفظيًا من قبله بأنك على حق, تقبّلي واقع أن يقلّ تعرّفك عليه بمقدار ما يتقدّم بالعمر, تقبّليه كما
تتوقعي اعترافا لفظيًا من قبله بأنك على حق, تقبّلي واقع أن يقلّ تعرّفك عليه بمقدار ما يتقدّم بالعمر, تقبّليه كما هو وخصوصًا: دعيه يدرك أنّك تحبينه كما هو (عبّري له عن ذلك وبالشكل المحسوس), كوني على مسافة منه: لا قريبة جدا ولا بعيدة جدًا, اعرفي أنّ الصعوبات التي تواجهينها مع ولدكِ هي صعوبات مشتركة يواجهها معظم الأهل مع أولادهم (لستِ وحدكِ من يواجه هكذا صعوبات) ادعي ولدكِ (خصوصًا المراهق) للحوار ولا تبحثي عن فعاليّة مباشرة: فكل مشكلة تستدعي الوقت اللازم لمناقشتها وللتفكير بها معًا (هذه هي الوظيفة الأساسيّة للحوار: أي إثارة التفكير الشخصي عند الولد وليس إعادة تربيته أو فرض التقيّد بالمعايير الاجتماعيّة عليه).
ومن المفضّل بدء الحوار بمناقشة سارّة له: يمكنك, هنا, الانطلاق من وثيقة مختصرة (مقال, قصّة, حوار تلفزي, صور...) للبدء بها, تقبّلي إمكان أن يقاوم محاولتك الدخول معه في نقاش إن عبر الصمت أم عبر استخدام تعابير غير مقبولة (مثلاً: سخرية, رفض, غضب, سلبيّة... إلخ), واحترمي مواقفه وألفاظه مع ضبط لأي رد فعل انفعالي ممكن عندك (انزعاج, غضب, سخط...), اهتمّي بكل ما يقوم به دون الحكم عليه وأعيدي عليه أسئلته, وبشكل خاص حاولي تشجيعه على إقامة حوار مع إخوته ورفاقه... إلخ.
هذه النصائح نوجّهها للأب كما للأم, وليس للأم وحدها, لأنّ دور كلّ منهما إلى جانب الطفل هو ضروري ومتكامل: فللأب دور أساسي كسلطة تفرض العديد من الممنوعات, كشريك للأم يدعّم دورها عبر التفاهم والتناغم معها لكن, أيضًا وبوجه خاص, كمحاور من جنس يختلف عن جنس الأم يحتاج له الطفل (البنت أم خصوصًا مع الصبي الذي هو من جنسه).
التوقيعيُعتبر الذكاء العاطفي أساس الحوار التفاعلي القائم بين الأهل والولد, وبينه وبين الأفراد الآخرين, وهو يتطوّر تبعًا لمراحل نموّه. وتتنوّع معطيات هذا الحوار وركائزه بشكل ينبغي أن يتلاءم مع تطوّر ذكاء الطفل ومميزاته. ما الذكاء العاطفي (الانفعالي)? إنه تلك القدرة التي تمكّن الفرد من إدراك, تأويل وتعديل انفعالاته تبعًا لانفعالات الآخرين, بمعنى أن: الفرد الذكي انفعاليًا هو فرد قادر على إدارة مشاعره وانفعالاته, والتعبير عنها بطريقة فعّالة تمكّنه من التواصل مع أي فرد آخر في معظم الوضعيّات, التي يوجد ضمن إطارها. والمعروف أن للتربية المبكرة (تربية الأهل, في المقام الأول), أثرها المتزايد تبعًا لتطوّر نمو الطفل, فيصبح راشدًا يتمتع بذكاء انفعالي جيّد يمكّنه من الاندماج مع المجموعة التي ينتمي إليها. ذلك أمرٌ يكتسب أهميته القصوى اليوم, حيث نجد العديد من الأطفال, يعانون من مشاكل نفسيّة متعددة ومتنوعة ترتبط, بالدرجة الأولى, بعجزهم عن ضبط مشاعرهم وانفعالاتهم, وبشكل خاص عن إدارتها تبعًا لمعطيات الوضعية المحيطة بهم. والنتيجة? يقومون برد فعل سلوكي غير متكيّف كـ(العدوانية, السلبية...مثلاً). وهؤلاء الأطفال قد يصبحون راشدين, عدوانيين أو تابعين سلبيين أو...عاجزين عن التفاعل بإيجابية مع أفراد البيئة المحيطة بهم, إن في المنزل أم في العمل أم في أي إطار بيئي آخر, وقد يصبح لديهم أولاد يعانون, هم أيضًا, المعاناة نفسها. يعني ذلك, ضمن ما يعنيه, أن تنمية (تعلّم) الذكاء العاطفي يجب أن تبدأ مبكرًا: في المنزل وفي الصفوف الابتدائية بالمدرسة, بحيث تتضافر الجهود معًا (جهود المعلمين وجهود الأهل) في تعويد الولد على حل المشكلات التي تواجهه, ومعالجة علاقاته وانفعالاته الحقيقية, وبشكل خاص على التعبير عنها وبالتالي, تنمية سمات شخصية أو سلوكيات فردية إيجابية كـ(التفاؤل, مناجاة الذات, الثقة بالنفس, الإحساس بالحنو والقدرة على التعاطف مع الآخرين), تشكّل بحد ذاتها مؤشرات أساسية على وجود ذكاء انفعالي عنده كفرد, في حين قد تتسبّب السمات المغايرة لها, كالتشاؤم والاكتئاب والغضب...إلخ, برفع درجة القصور, الذي يعانيه على مستوى ضبط انفعالاته وتنظيمها. وهكذا, نساعد الطفل, وبشكل مبكر, في رفع قدرته على تأويل الوقائع, والقيام بضبط فعلي لانفعالاته وتعديلها عبر مساعدته للتعبير عنها وفهمها, وبشكل خاص على حل المشكلات التي يواجهها. بالفعل, تشكّل ضغوطات الحياة - مع كل ما يرافقها من وضعيّات إشكالية تفرض نفسها على الإنسان, الذي يضطر لمواجهتها - عنصرًا أساسيًا في تطوّر ذكائه العاطفي وتنميته, وأبسط برهان على ذلك ما نلاحظه, عمومًا, حيث يبدو الناس ذوو الذكاء الانفعالي الجيّد أكثر قدرة على مواجهة الحياة, وبالتالي يتمتعون بصحة ذهنية أفضل. أما أحد مظاهر الاختلال الوظيفي لهذه القدرة, فيتمثّل بالكبت, أي انخفاض الذكاء الانفعالي, حيث بدا الناس المصابون به أكثر عرضة للإصابة باضطرابات فيزيقية وذهنية بدت على ارتباط وثيق بعجزهم عن تنظيم انفعالاتهم, فمثلاً: بدت مخاطر الإصابة باضطرابات في القلب أعلى عند مَن يميل بكثرة للتعبير عن انفعالاته بطريقة غضبيّة أو عدائيّة, وعند مَن يفتقر لأساليب فعّالة في المواجهة منها عند مَن يميل للتعبير المعتدل عن انفعالاته ولمواجهة المشكلات وحلّها. باختصار نقول, قد يؤدي التعبير الزائد عن الانفعالات, كما العجز عن التعبير, إلى حدوث مشاكل جسمية (مشاكل قلبية...وحتى سرطانية), بالإضافة للمشاكل النفسية المتعددة والمتنوعة, حيث تشير مختلف الدراسات النفسية الحديثة للضغوطات كعامل أساسي في نشوء مختلف الاضطرابات النفسية والذهنية. من هنا اعتبار القدرة على تنظيم الانفعالات بمنزلة ركيزة أساسية للذكاء العاطفي, ولإرساء الصحة الجيدة (جسميًا وذهنيًا). ينطبق هذا القول على كل الوضعيات البيئية: في المنزل, في المدرسة, في العمل, مع الذات...إلخ, لكن مع اختلاف ظاهر عند الناس على مستوى القدرات, التي يمتلكونها بخصوص درجة إدراكهم, قدرتهم في التعبير عن انفعالاتهم وفي فهم أسبابها, وبالتالي في تنظيمها وإدارتها بشكل فعّال. لكن يجب ألا يُفهم من كلامنا هذا أن الناس الذين يتمتعون بذكاء انفعالي, يملكون, بالضرورة, مستوى ذكاء iq مرتفعًا جدًا, بل هم, غالبًا, أفراد يتمتعون بمستوى ذكاء طبيعي, لكنهم عمليّون وقادرون على تكييف تعاملهم مع معظم الوضعيات الحياتية التي تواجههم. وهم, بشكل عام, أفراد إيجابيون, متفائلون, حنونون ومتعاطفون, وبالتالي قادرون على تأويل وإدراك انفعالاتهم وانفعالات الآخرين بشكل إيجابي, واستخدام معلوماتهم هذه لتعديل درجة انفعالهم لدى تعاملهم مع هؤلاء الاخرين, ولتنويعه تبعًا لتنوّع الوضعيات. يحتل الذكاء العاطفي, بالتالي, درجة مهمة جدًا في سلم تحقيق الذات من قبل الفرد, لكن تحقيق الفرد لذاته يبقى مستحيلاً إن لم يُشبع حاجاته الأساسية ويتجاوزها, الأمر الذي يرفع من إمكاناته وطاقاته الفردية. والأهم يكمن في الواقع التالي: الذكاء العاطفي يتم تعلّمه, وبالتالي, من الممكن دائمًا وبأي عمر, أن يبدأ الفرد تعلّم كيفية تأويل انفعالاته وانفعالات الآخرين وتنظيمها. التحفيز العاطفي والأمر الثاني المهم, في هذا المضمار, إنما يكمن في التحفيز العاطفي (أي القوّة المحرّكة بشكل دائم للسلوك عند الفرد), المرتبط بطريقة معايشته للخبرات التي يمر بها, وبالأنساق المميزة له كفرد, وبسلوكياته الانفعالية, وهذه السلوكيات تميل اليوم, أكثر فأكثر, لأن تكون ذات طابع معرفي. والركائز الأساسية لهذا التحفيز العاطفي تبقى محدودة بثلاث حالات عاطفية يوجد الأفراد, ويتحرّكون من خلالها: أ- حالة عاطفية إيجابية, حيث يختبر الفرد مشاعر إيجابية كـ: الاسترخاء, الفرح, السرور, الاستثارة الإيجابية...إلخ. لذا, من المهم جدًا معرفة الأهل, الأب والأم على السواء, كيفية إثارتها عند طفلهم ومساعدته على التعبير عنها. ب- حالة عاطفية محايدة, حيث تتميز خبرة الفرد بانعدام وجود مشاعر معينة أو بوجود القليل منها: من المهم جدًا أن يسهر الأهل على تقليل مثل هذه الخبرات عند الطفل. ج- حالة عاطفية سلبية حيث يختبر الفرد مشاعر وانفعالات سلبية كـ: الألم, القلق, مشاعر الذنب, الحرمان, الضجر, الغضب...إلخ: من المهم جدًا أن يدعو الأهل الطفل للتعبير عن مثل هذه المشاعر, التي لابد أن يتعرّض لها في مسيرة حياته, فيساعدونه على إخراجها, والتحرّر من تأثيراتها السلبية والطويلة المدى على نفسيته وتفكيره, والمعلوم أن دور التفكير والانفعال الدائمي السلبية في إحداث شتى الاضطرابات النفسية هو شديد الارتفاع, ويشكّل عاملاً خطرًا كبيرًا يدفع الشخص في هذا الاتجاه. واختبار الشخص للحالات العاطفية, ينمّي عنده ما يسمّى بالذاكرة الانفعالية المكوّنة من سمات جسدية ترتبط بأشخاص, بأحداث, بأشياء, بأشكال, تشكّل جزءًا من خبراته, مثال: الأفراد الذين يوجدون دائمًا بحال انفعالية سلبية (قلق مثلاً) في وضعيّات الامتحان ينمّون سمات جسديّة سلبية (تعرّق, سرعة دقات القلب, تشوّش في الرؤية). تميّز حالتهم خلال وضعية الامتحان, وتشكّل الركيزة الأساسية لمكوّنات الموقف العاطفي المرتبط عندهم بموقفهم من الأشياء. من هنا, التركيز على أهمية البيئة (المدرسية لكن, خصوصًا, العائلية), في تطوير قدرة الطفل على التعامل مع انفعالاته الشخصية (مستوى فردي), ومع انفعالات الآخرين (مستوى ما بين شخصي أي تفاعلي مع الآخرين): فعلى المستوى الفردي, تلعب هذه البيئة دورًا غاية في الأهمية في مساعدته على تطوير قدرته اللاواعية بإدارة انفعالاته, أي بضبط حالته الانفعالية والتأثير عليها من حيث: فهمه (تفهّمه) لمشاعره الخاصة, فهم الأسباب المثيرة لهذه المشاعر, وعي (إدراك) الحالات الحارّة (أي حالات التأثر الانفعالي الحاد والحالي), تنمية درجة تحمّل الحرمان عنده, تقوية مفهوم الذات, وخفض قابلية الاعتماد على الآخرين عنده, تعلّم كيفية تأويل معنى أنشطة الآخرين انطلاقًا من تعابير مفهوم الذات الخاص به, مساعدته على أن يصبح فردًا قادرًا على إنتاج حالات انفعال إيجابي داخلي, مساعدته على تطوير نظرية إيجابية تفاؤلية في الحياة: سيتم التركيز, لاحقًا, على كيفية قيام البيئة (الأهل بشكل خاص) بعدد من هذه الأدوار حين نتناول موضوع الحوار بين الأهل والطفل. وعلى مستوى التداخل الما - بين شخصي, يمكن للبيئة - العائلية على وجه الخصوص - مساعدة الطفل على بلورة قدرته الفطرية على تفهّم شخصية الآخرين وحالاتهم الانفعالية عبر مساعدته على قراءة مشاعر هؤلاء وانفعالاتهم, وعلى التفاوض معهم بشكل إيجابي, بحيث يبقى قادرًا على المطالبة بحقوقه الشخصية دون أن يكون ذلك على حساب حقوق الآخرين, على حثه (أي تحريك طاقته السلوكية بالرغم من بطء حالته الانفعالية), حين يكون بحال انفعالية منخفضة, وعلى تهدئته في حالات التأزّم الانفعالي أي, باختصار, مساعدته على تأكيد ذاته تجاه الآخرين. لكن, لفهم كل ذلك, لابد من التوقف عند المهارات الأساسية للذكاء, وهي: تحليلية, أي محاولة حل مشكلات عائلية عبر استخدام استراتيجيّات كفيلة بمعالجة عناصر المشكلة, أو العلاقة بين هذه العناصر (أي القيام بعمليّات المقارنة والتحليل), كما أنها: إبداعيّة, أي محاولة استخدام أنواع جديدة من المشاكل التي تتطلب من الفرد التفكير حول المشكلة وعناصرها بطريقة جديدة (أي محاولة الاختراع, المزج), وهي كذلك: تطبيقية, أي محاولة حل المشكلات التي تتطلب من الفرد العودة إلى ما يعرفه كل يوم (ما يخزّنه في ذاكرته), بخصوص الآخر (أي القيام بعمليات الافتراض والقدرة على استثمار ما يعرفه). يمكن اختصار ذلك, مع شترنبرج, بثلاثة مظاهر مختلفة للذكاء: 1- العالم الداخلي لمعالجة المعلومات, 2- التجربة والتعلّم من الماضي, 3- العالم الخارجي الخاص بالتكيّف مع العالم الواقعي المميّز للبيئات المحيطة بالفرد: فالعالم الداخلي يرتبط بمكوّنات الذكاء القاعدية (أي الأنساق الذهنية العليا للأوامر التي يستخدمها الفرد في التخطيط, في المراقبة الموجّهة, وفي تقييم إجراءات المهمة), مكوّناته الإجرائية (أي الأنساق التي يستخدمها لتنفيذ مهمة معينة), ومكوّنات اكتسابه المعرفي (أي الأنساق الذهنية التي يستخدمها في التعلّم). وبالنسبة للتجربة والتعلم من الماضي, فهما يرتبطان بذكاء الفرد كقدرة على التفكير وتعلّم أنظمة مفاهيم جديدة قد ترتبط بمعلومات موجودة سابقًا, وهي تحتاج إلى عدد من العمليات الإجرائية الضرورية, التي تصبح قابلة للتنفيذ لأن العديد منها أصبح آليًا, أما بخصوص التعامل مع أطر العالم الواقعي, فالذكاء ليس فقط القدرة على التكيّف مع البيئة, إنما يتضمن أيضًا تغيير البيئة لتتلاءم مع حاجاته, أو, أحيانًا, اختيار بيئة جديدة, بخاصة أن كل البيئات ليست كلها قابلة للتكيّف معها. نصائح للوالدين وانطلاقًا من كل ما سبق نقدّم للوالدين - وللأم بوجه خاص - النصائح التالية: راقبي ردّات فعلكِ الشخصية (تحركاتكِ, الانفعالات التي تشعرين بها, ألفاظكِ) وتأثيراتها عليك شخصيا وعلى ولدك (المراهق بشكل خاص), - حاولي تحديد سلوكيات ولدك أو الألفاظ التي يستخدمها, والتي تثير في داخلك مشاعر الغضب, الانزعاج, التعب, انعدام الفهم, ثم, حاولي إدراك وضبط ردّات فعلك هذه عندما يقوم ولدك بهذا السلوك: بمَ تحسّين? ((لم أعد أحتمله?), (لا أستأهل أن يكون عندي ولد مثله?)), خفّفي عبء ردّات فعلك هذه عن طريق: ممارسة تمارين استرخاء (تنفّسي وتحدّثي ببطء أكبر) وقومي بتحديد سريع للأفكار الآليّة التي تمر بذهنك, في هذه اللحظة, إذ يمكّنك ذلك من امتلاك الوسائل الكفيلة بتطوير ردّات فعلك بشكل إيجابي. ومن المهم جدّا, حين يحاول ولدك (المراهق بشكل خاص) التواصل معك لفظيّا, أن تحاولي التفرّغ له نفسيا عبر اهتمامك بالنقاط التالية: أصغي إليه بكل انتباه وترحيب, ابذلي الجهد المطلوب لتحقيق ذلك, اتركيه يتكلّم: قد يكون بوضعيّة التفكير بصوت عال ولا ينتظر منك سوى مرافق يتمنّى أن يستمع له قبل أن يثقل عليه بالتوجيهات, وكما سبقت الإشارة, حدّدي نمط ردّات فعلك غير اللفظيّة (نغمات صوتك, نظراتك..) لأنه ينظر إليك وقد يتوقف عن الحديث إن لمس على وجهك عبارات التفاجؤ, الانزعاج, عدم الاهتمام, الاستنكار, والأهم, لا تحكمي بسرعة وبحيويّة على ما يقوله ولا تسخري منه, خصوصًا إذا عبّر عن بعض الآراء المناقضة لآرائك ولمعاييرك في الحكم أو التي تبدو لك سخيفة, وإن طلب رأيك, فلا تستغلّي الظروف لتثقليه بالمواعظ وعبّري له عن رأيك بشكل منوّع, ثمّ, لا تعرضي عليه مشاركتك رأيك, بل اتركي له الوقت اللازم له للتفكير, ولا تسبغي على أفكاره طابعًا دراميًا إذ إنها ستتطور بفضل التواصل القائم بينه وبين مختلف أفراد البيئة المحيطة به: بينه وبين الأقارب (وأنت برأس لائحة الأقارب) بوجه خاص. أما بالنسبة لما يمكنك القيام به لتسهيل عمليّة الحوار (التواصل) بينك وبينه فننصحك بما يلي: لا تنسي أبدًا أن تصبّحيه وتسلمي عليه حين تتوجهين له لأول مرّة من النهار, اتركي تدريجيا الألقاب التي كنت تطلقينها عليه سابقًا, اختاري بشكل خاص لهجة الاستفهام حين توجّهين له أمرًا معينًا وتجنبي إعطاء الأوامر واستخدام لهجة الأمر, الصراخ أو التعبير العدائي, توجّهي له بأفضل ما يمكنك من الهدوء ولا تكوني شديدة التلاطف أو, على العكس, لا مبالية, لا تطلبي منه استجابة فوريّة على طلباتك بل اتركي له الوقت للتفكير وللاختيار ولا تتوقعي اعترافا لفظيًا من قبله بأنك على حق, تقبّلي واقع أن يقلّ تعرّفك عليه بمقدار ما يتقدّم بالعمر, تقبّليه كما تتوقعي اعترافا لفظيًا من قبله بأنك على حق, تقبّلي واقع أن يقلّ تعرّفك عليه بمقدار ما يتقدّم بالعمر, تقبّليه كما هو وخصوصًا: دعيه يدرك أنّك تحبينه كما هو (عبّري له عن ذلك وبالشكل المحسوس), كوني على مسافة منه: لا قريبة جدا ولا بعيدة جدًا, اعرفي أنّ الصعوبات التي تواجهينها مع ولدكِ هي صعوبات مشتركة يواجهها معظم الأهل مع أولادهم (لستِ وحدكِ من يواجه هكذا صعوبات) ادعي ولدكِ (خصوصًا المراهق) للحوار ولا تبحثي عن فعاليّة مباشرة: فكل مشكلة تستدعي الوقت اللازم لمناقشتها وللتفكير بها معًا (هذه هي الوظيفة الأساسيّة للحوار: أي إثارة التفكير الشخصي عند الولد وليس إعادة تربيته أو فرض التقيّد بالمعايير الاجتماعيّة عليه). ومن المفضّل بدء الحوار بمناقشة سارّة له: يمكنك, هنا, الانطلاق من وثيقة مختصرة (مقال, قصّة, حوار تلفزي, صور...) للبدء بها, تقبّلي إمكان أن يقاوم محاولتك الدخول معه في نقاش إن عبر الصمت أم عبر استخدام تعابير غير مقبولة (مثلاً: سخرية, رفض, غضب, سلبيّة... إلخ), واحترمي مواقفه وألفاظه مع ضبط لأي رد فعل انفعالي ممكن عندك (انزعاج, غضب, سخط...), اهتمّي بكل ما يقوم به دون الحكم عليه وأعيدي عليه أسئلته, وبشكل خاص حاولي تشجيعه على إقامة حوار مع إخوته ورفاقه... إلخ. هذه النصائح نوجّهها للأب كما للأم, وليس للأم وحدها, لأنّ دور كلّ منهما إلى جانب الطفل هو ضروري ومتكامل: فللأب دور أساسي كسلطة تفرض العديد من الممنوعات, كشريك للأم يدعّم دورها عبر التفاهم والتناغم معها لكن, أيضًا وبوجه خاص, كمحاور من جنس يختلف عن جنس الأم يحتاج له الطفل (البنت أم خصوصًا مع الصبي الذي هو من جنسه). املا ان تكونو قداستفدتم من الموضوع ونال اعجابكم. <!-- / message --> <!-- sig --> |
التوقيع |
|
ساحة النقاش