ما يوجب الغسل

1) الغُسْل : بضم الغين، وهو سيلان الماء الطهور على جميع البدن على صفة مخصوصة.

2) حكم الغسل : الغسل مشروع ، والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة .

فمن الكتاب قول الله تعالى : ﴿يا أيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا﴾.

ومن السنة ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ) [البخاري ومسلم].

3) موجبات الغسل:

يجب الغسل بواحد من سبعة أمور:

أ – خروج المني من مخرجه:

والمني هو الماء الغليظ الدافق الذي يخرج عند اشتداد الشهوة ، وهو عند الرجل أبيض ثخين ، وعند المرأة أصفر رقيق ، كما في حديث أم سليم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ ، وَمَاءُ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ) [البخاري ومسلم] .

وأما مخرج المني فهو ذَكَرُ الرجل وقُبُل المرأة.

ويشترط في الماء الخارج الموجب للغسل أن يكون بلذة ودفق ، فلو خرج المني بغير لذة ، كمرض أو برد، فلا غسل عليه؛ لحديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : (إِذَا فَضَخْتَ المَاءَ فَاغْتَسِلْ) [أبوداود والنسائي ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والنووي].

فإن كان الخارج من مخرج المني أحمر كالدم بدفق ، فإنه يوجب الغسل، وذلك لأنه لا يخرج هكذا إذا بسبب قصور الشهوة.

والنائم لا يشترط في حقه وجود الدفق واللذة، فيغتسل بمجرد رؤية الماء؛ لحديث أم سليم عندما سألت: (هَلْ عَلَى المَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ) ، فعلَّق الحكم على رؤية الماء من غير اشتراط دفق أو لذة .

ب) تغييب الحشفة في فرج المرأة .

والحشفة هي رأس الذكر، فيجب الغسل إذا أدخل البالغ رأس ذكره في فرج المرأة ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الغُسْلُ) [مسلم]. وفي رواية : (وَجَبَ عَلَيْهِ الغُسْلُ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ) [مسلم] ، وهو كناية عن مجامعة الرجل للمرأة وإن لم يحدث إنزال .

أما إذا غيب الحشفة في الفرج بحائل غير رقيق فلا يوجب الغسل إلا إذا حصل إنزال للمني؛ أما إذا كان بحائل رقيق بحيث تكمل اللذة فإنه يوجب الغسل سواء أنزل أم لم ينزل.

ويجب الغسل بتغييب الحشفة في الفرج على من بلغ عشر سنين من الذكور ، وتسع سنين من الإناث ولو لم يكونا بالغين.

ومعنى وجوب الغسل في حق الصغير أنه شرط لصحة الصلاة أو الطواف أو لإباحة مس المصحف أو قراءة القرآن لا أنه يأثم بتركه .

ج ) إسلام الكافر. لحديث قيس بن عاصم قال: (أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُرِيدُ الإِسْلامَ فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ) [ أبو داود والنسائي والترمذي وقال : حسن صحيح]. والمرتد له حكم الكافر الأصلي .

د ) خروج الحيض. وهو الدم الخارج من رحم المرأة بعد البلوغ .

ويجب الغسل بخروج دم الحيض، ولا يصح إلا بعد الطهر وانقطاع الدم ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي صلى الله عليه وسلم قالت : (إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلا أَطْهُرُ ، أَفَأَدَعُ الصَّلاةَ ؟ فَقَالَ : لا ، إِنَّ ذَلِكَ عِرْقٌ ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي) [البخاري]. وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة وسهلة بنت سهيل وحمنة بالاغتسال بعد الحيض.

هـ) خروج دم النفاس ؛ وهو الدم الخارج بسبب الولادة . وحكمه حكم دم الحيض بالإجماع. فيجب فيه الغسل ولا يصح إلا بعد الطهر منه .

و  ) المــوت ؛ لحديث أم عطية الأنصاري رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: (اغْسِلْنَهَا ثَلاثاً أَوْ خَمْساً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ، بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً أَوْ شَيْئاً مِنْ كَافُورٍ ...) [البخاري ومسلم].

أما شهيد المعركة فلا يغسل ؛ لحديث أنس (أَنَّ شُهَدَاءَ أُحُدٍ لَمْ يُغَسَّلُوا، وَدُفِنُوا بِدِمَائِهِمْ...) [أبو داود والترمذي وحسنه، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم] .


 

فصل [في شروط الغسل وواجباته وسننه]

1)    شروط وجوب الغسل .

يجب الغسل بسبعة شروط:

أ - انقطاع السبب الموجب للغسل. فالحائض والنفساء لا يصح منهما غسل إلا بعد انقطاع الدم عنهما، لحديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم : (فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاةَ ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي) [البخاري ومسلم] .

ب- النيَّـــة . وهو أن ينوي رفع الحدث سواء أكان جنابة أم حيضاً أم نفاساً، لحديث عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إِنِّمَا الأَعَمَالُ بِالنَّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى) [البخاري ومسلم]

ج- الإســـلام . وهذا شرط لصحة كل عبادة ؛ إذ الكافر لا يصح له عمل مع بقائه على الكفر أو الشرك؛ لقول الله تعالى : ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً

د – العقــــل . لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثَةٍ؛ عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ) [أبوداود وابن ماجه، وصححه الحاكم والذهبي] . ولأن الغسل عبادة تحتاج إلى نية وفاقد العقل لا قصد له ولا نية.

هـ- التمـــييز . لأن التمييز أقل سن يعتبر فيه قصد الصغير شرعاً.

و - الماء الطهور المباح . لأن الطهارة عبادة لا تستباح بما هو محظور ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) [مسلم].

والماء الطهور هو الماء الباقي على أصل خلقته ولم يغيره شيء لا في لونه ولا طعمه ولا رائحته. فلا يصح الاغتسال بالماء النجس أو الماء الذي اختلط بشيء من الطاهرات مما غير اسمه إلى ذلك الطاهر.

والماء المباح هو الذي لا يكون مغصوباً أو مسروقاً . لأن الغسل عبادة فلا تستباح بما هو محرم.

ز - إزالة ما يمنع وصول الماء . كالطين والعجين والأصباغ ؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا﴾،  ومفهوم الطهارة في الغسل تعميم البدن بالماء، وهذه الموانع تمنع وصول الماء إلى جميع البدن. فمن اغتسل مع وجود المانع لم يكن متطهراً .

2) ويجب مع الغسل التسمية ، وهي قول : (بسم الله)؛ قياساً على الوضوء ، وقد ورد الأمر بالتسمية في حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يُسَمِّ اللهَ عَلَيهِ) [أبوداود والترمذي] .

فإن نسي التسمية سقط وجوبها؛ لأن حديث التسمية يتناول الوضوء لا غيره .

3) وفرض الغسل أن يعمم المغتسل جميع بدنه بالماء . ويشمل إيصال الماء إلى ظاهر البدن وباطنه كالفم ، والأنف، والسُّرَّة ، وما تحت الذقن ، والإبطين، وما بين الأليتين ، وباطن الركبة، وأسفل الرجلين ، وما يظهر من فرج المرأة .

ويجب غسل ظاهر الشعر وباطنه ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن (النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي المَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ) [البخاري ومسلم].

ويجب على المرأة نقض شعرها في غسل الحيض والنفاس ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وكانت حائضاً: (انْقُضِي شَعْرَكِ وَاغْتَسِلِي) [ابن ماجه، وصححه البوصيري والمجد ابن تيمية].

ولا يجب عليها نقض شعرها في غسل الجنابة؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قلت : يا رسول الله ، إني امرأة أشد ضفر رأسي ، فأنقضه لغسل الجنابة؟ قال: (لا ، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلاثَ حَثَيَاتٍ ، ثُمَّ تَفِيضِينَ عَلَيْكِ المَاءَ فَتَطْهُرِينَ) [مسلم].

ويكفي في إسباغ الغسل وتعميم البدن بالماء حصول غلبة الظن ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالت : (حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَدْ أَرْوَى بَشَرَتَهُ) [البخاري].

4) سنن الاغتسال .

 أ  – الوضوء قبل الاغتسال ؛ لحديث عائشة في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (ثُمَّ يَتَوَضَأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاةِ) [البخاري ومسلم]

ب- إزالة ما تلوث بيده من أذى ؛ لحديث ميمونة في صفة غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ) [البخاري].

ج- صب الماء على الرأس ثلاثاً ؛ لحديث عائشة قالت: (ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ) [البخاري ومسلم]

د - البدء بغسل الجهة اليمنى من جسده قبل الجهة اليسرى ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَامُنُ فِي تَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ, وَطُهُورِهِ, وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ) [البخاري ومسلم].

هـ – الموالاة . وهو غسل العضو قبل جفاف ما قبله .

ز – التدليك بإمرار اليد على الجسد ؛ لأنه أنقى ويتيقن به وصول الماء إلى جميع جسده .

ح- إعادة غسل الرجلين بمكان آخر ؛ لحديث ميمونة قالت: (ثُمَّ تَنَحَّى مِنْ مَقَامِهِ فَغَسَل قَدَمَيْهِ) [البخاري] .

5) تشريك النية في الطهارة . وهو أن ينوي غسلين بنية واحدة ، أو أن ينوي بغسله رفع الحدث الأكبر والأصغر بنية واحد. ولها صور :

أ – إذا نوى غسلاً مسنوناً أو غسلاً واجباً ، أجزأ ما نواه عن الآخر .

ب- أن ينوي بغسله رفع الحدثين الأكبر والأصغر معاً ، أجزأ عنهما .

ج- أن ينوي رفع الحدث مطلقاً من غير تعيين ، أجزأ عنهما .

د – أن ينوي بغسله أمراً لا يباح إلا بوضوء وغسل؛ كالصلاة والطواف ومس المصحف، أجزأه عنهما .

هـ- أن ينوي بغسله أمراً لا يباح إلا بالغسل ؛ كالجلوس في المسجد وقراءة القرآن ، أجزأه عن الحدث الأكبر فقط .

6) مقدار الماء الذي يستعمل في الوضوء والغسل .

يسن الوضوء بما يعادل مقدار المُدَّ ، والاغتسال بما يعادل مقدار الصَّاع ؛ لما ثبت في حديث أنس قال : (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ) [البخاري ومسلم] .

والمد ربع صاع ، وهو ملئ الكفين المتوسطتين ، وهو يعادل بالمقاييس المعاصرة (0٬687) ليتر، أما الصاع فهو أربعة أمداد ، ويعادل بالمقاييس المعاصرة (2٬748) ليتر .

ويكره للمسلم إذا أراد الوضوء أو الاغتسال أن يسرف في استعمال الماء؛ لقول الله تعالى : ﴿ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ﴾ ، وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على سعد وهو يتوضأ فقال : (مَا هَذَا السَّرَفُ ؟ فَقَالَ : أَفِي المَاءِ إِسْرَافٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَإِنْ كُنْتَ عَلَى نَهْرٍ جَارٍ) [ابن ماجه بإسناد حسن].

ويجزئ في الوضوء أقل من المُد ، وفي الاغتسال أقل من الصَّاع، بشرط أن يحصل بهما الإسباغ في الغسل؛ لحديث عائشة قالت : (كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلاثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيباً مِنْ ذَلِكَ) [مسلم] .

وعن أم عمارة بنت كعب (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ فَأُتِيَ بِمَاءٍ فِي إِنَاءٍ قَدْرَ ثُلُثَي المُدِّ) [أبوداود والنسائي]

ومعنى الإسباغ في الوضوء والغسل تعميم العضو بالماء بحيث يجري عليه ولا يكون مسحاً .

7) الاغتسال في الحمام : وهو المكان المُعدُّ للاستحمام والاغتسال .

يباح للمغتسل أن يغتسل في الحمامات العامة التي أعدت للاستحمام وما في حكمها كحمامات السباحة ، إذا أمن الوقوع في المحرم ؛ ككشف العورة أو النظر إلى عورات الآخرين؛ لما روي عن ابن عباس (أَنَّهُ دَخَلَ حَمَّام الجُحْفَة) [مصنف ابن أبي شيبة، بإسناد صحيح].

فإن خاف الوقع في المحرم كره له دخوله، وإن علم وأيقن الوقوع في المحرم حَرُم عليه دخول الحمام ؛ لما ثبت في حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالله وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يَدْخُلِ الحَمَّامَ بِغَيْر إِزَارٍ) [الترمذي والنسائي].

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان يدخل الحمام فيقول: (نِعْمَ الْبَيْتُ الحَمَّامُ؛ يُذْهِبُ الوَسَخَ ، وَيُذَكِّرُ النَّارَ، وَيَقُولُ: بِئْسَ البَيْتُ الحَمَّامُ لانَّهُ يَكْشِفُ عَنْ أَهْلِهِ الحَيَاءَ) [البيهقي في الكبرى بإسناد صحيح].

فصل في الأغسال المستحبة

يستحب الاغتسال للأمور الآتية :

1) يستحب الاغتسال لصلاة الجمعة في يوم الجمعة للذكر الحاضر غير المسافر ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (غُسْلُ الجُمْعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ) [البخاري ومسلم].

2) ويستحب الاغتسال من غسل الميت ؛ لحديث أبي هريرة مرفوعاً : (مَنْ غَسَّلَ مَيِّتاً فَلْيَغْتَسِلْ) [أحمد وأبو داود والترمذي]

3) ويستحب الاغتسال يوم العيد قبل الصلاة ، لما ورد عن زاذان قال : (سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ الغُسْلِ ؟ قَالَ : اغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمٍ إِنْ شِئْتَ . فَقَالَ : لا ، الغُسْلُ الَّذِي هُوَ الغُسْلُ . قَالَ : يَوْمُ الجُمْعَةَ وَيَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمُ الفِطْرِ) [البيهقي في الكبرى ، بإسناد صحيح ].

4، 5) ويستحب الاغتسال لصلاة الكسوف والاستسقاء. قياساً على الجمعة والعيد ؛ لأنه يجتمع لها الناس .

6، 7) ويستحب الاغتسال من الإغماء؛ لما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في قصة مرض النبي صلى الله عليه وسلم قالت : (ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : أَصَلَّى النَّاسُ ؟ فَقُلْنَا : لا ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ الله . قَالَ : ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ . قَالَتْ : فَفَعَلْنَا ، فَاغْتَسَلَ فَذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ . ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ : أَصَلَّي النَّاسُ ؟ قُلْنَا : لا ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ الله . قَالَ : ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ . قُلْتُ : فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ . ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ : أَصَلَّي النَّاسُ ؟ قُلْنَا : لا ، هُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ الله . قَالَ : ضَعُوا لِي مَاءً فِي المِخْضَبِ . فَقَعَدَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَنُوءَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ) [البخاري ومسلم].

ويقاس الجنون على الإغماء لأنه آكد من الإغماء .

8) ويستحب للمستحاضة أن تغتسل لكل صلاة ، ولا يجب عليها ذلك ؛ لما جاء في حديث عائشة (أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ تَغْتَسِلَ ، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاةٍ) [البخاري ومسلم].

9) ويستحب أن يغتسل للإحرام بالحج أو العمرة ، لما جاء في حديث زيد أنه (رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَجَرَّدَ لإِهْلالِهِ وَاغْتَسَلَ) [رواه الترمذي وحسنه] .

10، 11) ويستحب الاغتسال لدخول مكة وحرمها ؛ لما ثبت عن ابن عمر أنه (كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ بَاتَ بِذِي طُوَى حَتَّى يُصْبِحَ وَيَغْتَسِلَ ، ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ نَهَاراً، وَيَذْكُرُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَعَلَهُ) [مسلم] .

12) ويستحب الاغتسال للوقوف بعرفة ، لما روى نافع عن ابن عمر أنه (كَانَ يَغْتَسِلُ لإِحْرَامِهِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ، وَلِدُخُولِ مَكَّةَ ، وَلِوُقُوفِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ) [مالك في الموطأ بإسناد صحيح].

13-16) ويستحب الاغتسال لطواف الإفاضة ، والوداع ، والمبيت بمزدلفة ، ورمي الجمرات؛ لأن هذه أنساك يجتمع لها الناس ، ويزدحمون فيعرقون ويؤذي بعضهم بعضاً ، فيستحب الاغتسال قياساً على الإحرام ودخول مكة .

فإن تعذر الاغتسال في هذه المواضع المستحبة ، فيشرع التيمم للحاجة ، وكذلك يشرع التيمم لما يُسنُّ له الوضوء إذا تعذر استعمال الماء أو فقده ؛ لأن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَيَمَّمَ لِرَدِّ السَّلامِ [البخاري].

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 674 مشاهدة
نشرت فى 2 مايو 2012 بواسطة profshaker

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

428,967