لقد كان جانب الحيطة والحذر ظاهر بشكل كبير في بداية الدعوة أو المرحلة السرية حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يختار من يدعوهم حسب مقاييس خاصة يتحرى فيها الدقة المتناهية..
ولما بلغ عدد الداخلين في الإسلام ما يربو على الثلاثين ، كان من اللازم اجتماع الرسول صلى الله عليه وسلم ليعلمهم أمور دينهم فاختار بيتاً آمناً يجتمع فيه سراً مع المسلمين هذا البيت هو دار الأرقم بن أبي الأرقم ، فكان أول بيت في تاريخ المخابرات الإسلامية ، وكان هذا المكان يمتاز بعدة ميزات تجهله مقرا سرياً فكان على "الصفا" (اسم جبل) وكان بمعزل عن أعين الطغاة ومجالسهم وصلح أن يكون مركزاً للدعوة.
ومما يميز دار الأرقم في أمور السرية أنها بعيدة عن مراقبة قريش ، وأنها لا تحتاج إلى كبير عناء في الوصول إليها أو الخروج منها.
كما أن لموقعها أسفل جبل الصفا ميزة تضاف إلى الميزات الآنفة ، ولو كانت أعلى جبل لأصبحت مكشوفة وسهلت مراقبتها.
كما أن صاحبها – الأرقم بن أبي الأرقم – مصدر ثقة للنبي صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن يبوح بسر هذا الأمر لأحد.
كما أن الأرقم لم يكن معروفا لدى قريش بأنه مسلم ، ولم يعلن إسلامه بعد ، ولا يمكن أن يخطر ببال قريش أن يجتمع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه عند فتى في حدود السادسة من عمره ، بل تبحث في بيوت من كانوا كبارا في السن من الصحابة.
كما كان الأرقم بن مخزوم التي كانت تحمل لواء الحرب ضد بني هاشم ، فلو كان معروفا بإسلامه لصعب أن يكون اللقاء في داره ، لأن هذا يعني أنه يتم في قلب صفوف العدو.
يلاحظ أن هذه الدار كانت محاطة بالسرية و الكتمان ولم يعلم ذات يوم أن قامت بمداهمة هذا المكان السري فقد كان اختياره في غاية الحكمة الأمنية ما يدل بشكل قاطع على النشأة الجادة للمخابرات الإسلامية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم خلال مرحلة سرية الدعوة
ساحة النقاش