الولايات المتحدة لا تقبل بشرعية استمرار المستوطنات الاسرائيلية، لأنها تخرق الاتفاقات السابقة، وتقوض الجهود الهادفة الى التوصل الى السلام، وقد حان الوقت لتعليقها" وتابع "أن الالتزامات التي التزمت بها الأطرافبموجب خريطة الطريق واضحة، ومن أجل أن يعم السلام فإن الوقت حان بالنسبة لهم وبالنسبة لنا كلنا أن نتحمل مسؤولياتنا".
بهذه الكلمات "الرنانة" التي راهن العرب والفلسطينيون عليها، خاطب الرئيس باراك أوباما العالم الإسلامي وأكد على جديته بالعمل لتحقيق السلام، وعلى حق الشعب الفلسطيني في دولة قابلة للحياة. وترجم أقواله بتعيين جورج ميتشل مبعوثا خاصا للشرق الأوسط في خطوة تعكس اهتمامه بمسيرة السلام .
إلا أن الرئيس أوباما في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تراجع عن تعهداته ورؤيته للسلام. وتولى مبعوثه الخاص جورج ميتشل تفسير الموقف الجديد، حين صرح بعد اللقاء الثلاثي الذي جمع أوباما ونتنياهو وعباس، أن تجميد الاستيطان ليس ضروريا لاستئناف المفاوضات، وقال بعدما اعتبر أن ربط تجميد الاستيطان باستئناف المفاوضات شروط مسبقة "لا نؤمن بالشروط المسبقة، نحن لا نفرضها ونحض الآخرين على عدم فرض شروط مسبقة".
وبسبب الانتقادات التي وجهت إليه بأنه يفتقر للحزم والجدية، رد اوباما مدافعاً عن نفسه أنه "هزيل البنية صلب الشخصية"، وأشار إلى أن البنية الهزيلة جعلت منه شخصا صلبا في اتخاذ القرارات الداخلية والخارجية ومن بينها، وبحسب كلامه، انه وضع الولايات المتحدة على الطريق الصحيحة للانسحاب من العراق وانه يعمل على وضع إستراتيجية جديدة لأفغانستان، دون ان يتطرق للحديث عن عملية السلام في الشرق الاوسط!
الكل يعلم بأن القضية الفلسطينية مرت سنوات على حالها هذا من دون أن تفكر إدارة أمريكية في الضغط على إسرائيل واجبارها تطبيق قرارات الشرعية. محاولات اوباما للضغط على قادة تل ابيب باءت حتى الآ ن بالفشل الذريع،و لم تسفر عن نتائج واضحة خاصة فيما يتعلق بتجميد الاستيطان ، فيما دخلت حكومة نتنياهو في سباق مع الزمن لبناء أكبر عدد من الوحدات الاستيطانية قبل انتهاء ولايتها وولاية أوباما، فالفرصة سانحة الآن لتحقيق أهداف اليمين أفضل من أي وقت مضى.
لقد أصبح من الواضح أن إدارة أوباما فقدت حماسها الأول تجاه الصراع العربي الإسرائيلي وتجاه المستوطنات، حتى ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قدمت تقريرا متشائما لجهود السلام في الشرق الأوسط، وسط تشكك داخل وخارج المنطقة بشأن آفاق استئناف عملية السلام التي أصبحت غير نافذة.
جورج ميتشل وحسب المصادر أبلغ عباس أن المصالحة والوحدة الوطنيتين مرفوضتان تماما ما لم تأخذا بنظر الاعتبار شروط الرباعية الدولية ، ودائما تحت طائلة التهديد بسيف قطع المساعدات والانسحاب من عملية السلام.
الكل يدرك أن ثمة هبوطاً واضحاً بسقف المطلب الأمريكي من إسرائيل في كل المجالات وعلى رأسها المجال الاستيطاني ،والذي تزامن مع تصعيد وتوثيق لعرى العلاقات الاستراتيجية وارتفاع في سقف الالتزام الأمريكي بأمن تل أبيب وحمايتها. ونعلم جيدا أن الأجندة الأهم، لمعسكر اوباما وحلفائه واضحة تماما ولا غبار عليها، إنها تدور في إطار سباق التسلح وتحصين الحالة الأمريكية واستقطاب الحلفاء، الدرع الصاروخي ، الغاز والنفط، ألازمة الاقتصادية العالمية، المتجمد الشمالي، وإيران والعراق وأفغانستان وكوريا، إلى جانب مهام أخرى لخدمة مساع استراتيجية لتفكيك ما أقيم من دول في المنطقة والحرب على ما تسميه الارهاب!وعليه يبدو أنه آن الاوان لندرك بأنه ليس ثمة حيز لفلسطين وقضيتها العادلة على المسرح الدولي، أمام الأولويات و الأجندات الامريكية الأخرى سباقة الذكر!
المضحك المبكي أن ادارة اوباما وبأقل من شهر واحد على أبعد تقرير ، قامت مرتين في إحراج محمود عباس والسيطرة و القبض على القرار الفلسطيني ، وفي كل مرة كان الأمر متعلقا بمنعطف هام وموقف مفصلي، الأول تقرير غولدستون وتأجيله والذي انتهى إلى تعميق الانقسام الفلسطيني وتعطيل المصالحة الوطنية ،والثاني الضغوط والتهديدت المماثلة ، التي مارستها واشنطن على عباس بخصوص الورقة المصرية والتعديلات التي أدخلتها عليها حتى يصبح توقيع حماس عليها أمراً غير ممكن!
إذن هي صورة محزنة وقاتمة وسوداوية للمآلات التي انتهى إليها الوضع الفلسطيني الذي يمر بحالة ترد وتراجع لم يسبق له مثيل، وعليه من الواجب على كل من يهمه الأمر، أن يخرج من صومعته، والبدء بوضع أسس سليمة، لخلق أجواء ايجابية، من منظور الحرص الشديد، لمحاصرة حالة الفوضى والتخبط الشعبي والقيادي، و هي صورة تدعونا نحن كمراقبين لمناشدة الكل بتحصين الجبهة الداخلية ، لأن القضية تعيش ازمة حقيقية و أسوأ مرحله في تاريخها، كما ان الفلسطينين نسوا أن ثمة احتلالاً يرزح على صدورهم وعمليات استيطان مستمرة، ومحاولات لتقويض المسجد الاقصى واقامة كنيس يهودي على انقاضه، وجدار عنصري يتلوى كالثعبان يأكل الأخضر واليابس الشجر والحجر!
المراهنة على واشنطن وادارة أوباما والرباعية الدولية لن تجد نفعاً، وفي نظري، المرحلة الراهنة هي مرحلة حرجة ومصيرية لكل الفلسطينيين، إذ أننا لن نتمكن من الضغط على اوباما من اجل ليّ ذراع القوى المؤيدة لإسرائيل و إعادة تل ابيب إلى مكانها وحجمها الطبيعيين الا من خلال إرادة فلسطينية قوية موحدة، لأن إجبار إسرائيل لتطبيق قرارات الشرعية الدولية لن يأت بالخطب والشعارات الرنانة ، إن ضمانته الوحيدة أولاً تكمن في توحيد الصف الفلسطيني وهو ما يجعل من التفاهم ومراجعة السياسات مهمة عاجلة لا بل عاجلة جداً قبل فوات الآوان...فهل أنتم فاعلون؟
نشرت فى 2 نوفمبر 2009
بواسطة printingpapers
احمد هانى السيد عبد العزيز قدور
حاصل على بكالريوس تجارة جامعة الزقازيق اهتماماتى بالتكنولوجيا والكمبيوتر احب الموسيقى الهادئة »
أقسام الموقع
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
678,367
ساحة النقاش