authentication required
بسم الله الرحمن الرحيم
وردت آيات كثيرة جدًّا تُبيِّن أنَّ هذا الدّين دين يسر، وأنَّ الله قد رفع الحرج عن هذه الأمَّة فيما يشقّ عليها، حيث لم يكلّفها إلا وسعها.
وسأذكر أدلَّة التّيسير، ثم أدلَّة رفع الحرج، ثم أدلَّة عدم التَّكليف بغير الوسع والطّاقة.
1- أدلة التيسير والتخفيف قال الله - تعالى-: (بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (البقرة: من الآية185).
وقال - سبحانه -: (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً) (النساء:28).
وقال  (وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى) (الأعلى:8).
وقال في سورة الانشراح: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (الشرح:5، 6).
وفي سورة الطّلاق: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) (الطلاق: من الآية4).
وقال - جلّ من قائل -: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) (الطلاق: من الآية7).
هذه بعض الآيات التي تفيد التّيسير على هذه الأمَّة.
قال القاسمي في تفسير أية البقرة: قال الشعبي: إذا اختلف عليك أمران، فإن أيسرهما أقربهما إلى الحق لهذه الآية( ).
وقد ذكر المفسّرون في تفسيرهم لهذه الآيات أن الله أراد لهذه الأمَّة اليسر ولم يرد لها العسر( ).
2- أدلة رفع الحرج من أقوى الأدلّة وأصرحها في الدّلالة على رفع الحرج قوله - تعالى-: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج: من الآية78).
قال الطبري في تفسير هذه الآية: جعل الدّين واسعًا ولم يجعله ضيّقًا( ).
وقال ابن كثير: أي: ما كلّفكم ما لا تطيقون وما ألزمكم بشيء يشقّ عليكم إلا جعل الله لكم فرجًا ومخرجًا( ).
وقال- سبحانه-: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة: من الآية6).
وفي سورة التوبة: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) (التوبة: من الآية91).
وقال في سورة الأحـزاب: (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ) (الأحزاب: من الآية38).
وفي سورتي الفتح والنور: (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) (النور: من الآية61).
وفي هذه الآيات دلالة ظاهرة على رفع الحرج على هذه الأمَّة، وأنَّ الله لم يجعل في التّشريع حرجًا، وبعض هذه الآيات وإن كانت خاصّة في أحكام معيّنة، ولكنَّنا نجد التّعليل عامًّا، فكأنّ التّخفيف ورفع الحرج في هذه الأحكام والفروض بإعادة الشيء إلى أصله وهو رفع الحرج عن هذه الأمَّة، فكل شيء يؤدّي إلى الحرج لسبب خاصّ أو عامّ فهو معفوّ عنه، رجوعًا إلى الأصل والقاعدة.
3- أدلة عدم التكليف بما يضاد الوسع والطاقة قال- سبحانه- في سورة البقرة: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: من الآية286). وفي الآية نفسها: (رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) (البقرة: من الآية286).
وقال الله- تعالى- كما في الحديث الصحيح:  قد فعلت ( ) وكذلك قوله: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) (البقرة: من الآية286).
قال الشيخ الدكتور/ صالح بن حميد: (والوسع ما يسع الإنسان فلا يعجز عنه ولا يضيق عليه ولا يحرج فيه، فقوله- تعالى-: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: من الآية286) أي: لا يحملها إلا ما تسعه وتطيقه ولا تعجز عنه أو يحرجها دون مدى غاية الطّاقة، فلا يكلّفها بما يتوقَّف حصوله على تمام صرف القدرة، فإنَّ عامة أحكام الإسلام تقع في هذه الحدود، ففي طاقة الإنسان وقدرته الإتيان بأكثر من خمس صلوات وصيام أكثر من شهر، ولكنَّ الله جلّت قدرته ووسعت رحمته أراد بهذه الأمَّة اليسر ولم يرد بها العسر)( ).
ومن الأدلّة على أنَّ التكليف بحدود الوسع والطّاقة قوله- تعالى-: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (لأعراف:42).
ويقول- سبحانه- في سورة المؤمنون: (وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (المؤمنون: من الآية62).
قال القاسميّ: فسنة الله جارية على أنَّه لا يكلف النّفوس إلا وسعها ( ).
بل جاء تقرير هذه القاعدة عند ذكر بعض الأحكام الجزئيَّة فقال- سبحانه-: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: من الآية233).
وكذلك في سورة الطلاق: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) (الطلاق: من الآية7).
وكذلك- أيضًا- في سورة الأنعام: (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (الأنعام: من الآية152).
هذه هي الآيات التي وردت مبيّنة أنَّ التّكليف بحسب الوسع والطّاقة، ولا شكَّ أنَّ الأحكام الشَّرعية إذا كانت مطلوبة في حدود الوسع والاستطاعة دون بلوغ غاية الطّاقة، ففي ذلك الدّلالة الظّاهرة على أن الحرج مرفوع، وأنَّ اليسر سمة هذا الدّين، والتّوسعة على العباد خاصِّيَّة من خصائصه، فهي الحنيفيَّة السّمحة والوسطيَّة التي لا عَنَتَ فيها ولا مشقَّة( ).
منقول عن ( كتاب الوسطية في ضوء القرآن )
ناصر سليمان العمر
وانشاء الله الموضوع يعجبكم.....
<!-- / message -->
  • Currently 111/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
37 تصويتات / 87 مشاهدة
نشرت فى 2 يوليو 2009 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,740,135