<!-- / icon and title --><!-- message -->

بسم الله الرحمان الرحيم

الأمانة أم الفضائل ومنبع الطمأنينة، وهي من أبرز علامات الإيمان ودلائل التّقوى، بل إنّ الإيمان نفسه أمانة في عنق العبد، فلا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له ، وهي صدق في القول وإخلاص في العمل، وحسن في المعاشرة ورفق في المعاملة، وهي الحفاظُ على ما عهد به وَرَعْيُهُ، مع الحذر من الإخلال به سهوا أو تقصيرا، حتّى لا يوصم من يفعل ذلك بالتفريط والتضييع، أو التهاون، وينعت بالخيانة،
بالأمانة يسود الأمن، وتعطى الحقوق، وتؤدى الواجبات. لقد أمر الله تبارك وتعالى المؤمنين بالمحافظة على الأمانة، وأدائها إلى أهلها: ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها...)، وقال الرّسول صلى الله عليه وسلم:" أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك"، قال الشّاعر:
إذا ائتمنت على الأمانة فارعها إن الكريم على الأمانة راعي
وقال آخر: أدّ الأمانة، والخيانة فاجتنب واعدل، ولا تظلم يطيب المكسب ،

إنّ الإسلام حين يأمر المسلمين بالتحلّي بصفة الأمانة، يدرك أنّ الأمين هو الذّي يلتزم طاعة ربّه، والخائن هو الذي ينحرف ويعصي الله؛ لأنّه يتخلى عن العهد وينقض الميثاق اللّذين يربطانه بالله الواحد القهّار.

قد وعد الله تبارك وتعالى الملتزمين بالأمانة، أمانةِ الطّاعة خيراً وجّناتِ عدن:" الذّين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق... جنّاتُ عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذريا تهم والملائكة يدخلون عليهم من كلّ باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدّار)(الرّعد/20 – 23)

فالله تبارك وتعالى عدّد صفات المؤمن الموفّي بالعهد، المحافظ على الميثاق، بعد أن ذكر الأمانة والعهد. فيفهم من هذا أنّ الفرد لن يكون مؤمنًا حقّ الإيمان، ولن ينال الأجر الكبير، ولن يدخل حنّات عدن، ويكرم معه أهله...حتّى يكون أمينًا، ملتزمًا بشرع الله التزامًا شاملا، من دون نقصان.

من جهة أخرى عدّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم الخيانة علامة بارزة من علامات النّفاق، فقال : " آية المنافق ثلاث، إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان. وإن صام وصلّى زعم أنّه مسلم " وقال أيضًا: " إذا ضُيّعت الأمانة فانتظر السّاعة ".

ولقد كانت الأمانة من أبرز أخلاق الرّسل صلوات الله وسلامه عليهم، وكانت الشّرط الأساس في اصطفائهم واختيارهم لحمل الرّسالات وتبليغها إلى النّاس. قال تعالى حكاية عن رسله : نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وغيرهم في سورة الشّعراء : " إنّي لكم رسول أمين ". وقال الملك ليوسف عليه السّلام حين كلّمه: "... إنّك اليوم لدينا مكين أمين قال اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظ عليم " (يوسف/ 54، 55) وقال هود لقومه عاد: " قال يا قوم ليس بي سفاهة ولكنّي رسول من رب ّ العالمين أبّلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصحٌ أمين " (الأعراف/ 67، 68). وجاء على لسان عفريت من الجّن لمّا سأل سليمان عليه السّلام، أيّكم يأتيني بعرش بلقيس قبل أن يأتيني قومها مسلمين: (... أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنّي عليه لقوّي أمين ) ( النّمل/ 39). وذكر القرآن ما قالته إحدى ابنتي شعيب حين طلبت من أبيها أن يستأجر موسى عليه السّلام في العمل في رعي أغنامه : ( قالت إحداهما يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القوّي الأمين ) (القصص/ 26) ولقد كان الرّسول صلّى الله عليه وسلّم منذ صباه وقبل البعثة مثلاً للأمانة والصدق والوفاء، وكان قومه يلقّبونه بالصادق الأمين؛ حتى إنّه كان مستودع الأمانات. وقد كان الحكم في وضع الحجر الأسود في مكانه، في الحادث المشهور. وبفضل أمانته جنّب القبائل العربية فتنة هوجاء، قالوا فيه " هذا الأمين ارتضيناه حكما ".

من هنا، ومن خلال هذه الآثار تتّضح لنا عظم الأمانة وأهميتها في حياة النّاس، وتبرز ضرورتها في بناء العلاقات بين أفراد المجتمع على أسس ثابتة، وقواعد راسخة. فقد ربط الله كلّ الفضائل والمكارم والأخلاق الفاضلة بالأمانة، ربط بينها وبين النّصح، والصّدق والقوّة والمكانة الرّفيعة وغيرها؛ ممّا يبيّن حقيقة الإسلام، وأنّه أمانة لا غير، والسلام عليكم
<!-- / message -->
  • Currently 107/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
36 تصويتات / 2199 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2009 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,733,579