authentication required

<!-- / message -->

ورد َفِي الصَّحِيح عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ خَيْر مَا أَكَلَ الْمَرْء مِنْ عَمَلِ يَده وَإِنَّ نَبِيّ اللَّه دَاوُد كَانَ يَأْكُل مِنْ عَمَل يَده ) .

وورد في التفاسير أن داود عليه السلام ابتهل إلى الله عز وجل طالبا منه أن يعلمه صنعة يأكل منها ويطعم أهل بيته بدلا من الاعتماد في قوته على بيت مال المسلمين, فاستجاب الله له وألان له الحديد فأخذ عليه السلام يشكله ويصنع منه الدروع . ويقال أنه كان إذا أنتج درعا يبيعها فيتصدق على فقراء بني إسرائيل بثلث مكسبه ويطعم أهله بالثلث ويمسك بالثلث ليتصدق به يوما بيوم إلى أن ينتج غيرها. كان عليه السلام يشكر الله بالقول والعمل. فمن آتاه الله المال يشكر الله ويحمده بالقول فإذا تصدق بفائض ماله ترجم ذلك الشكر إلى عمل.

ثم ورث سليمان داود عليهما السلام فحافظ على شكر الله فسخر له الله الريح التي تنقله مسافة شهر في غدوها وشهر في رواحها وأسال الله له النحاس (القطر) عينا وسخر له الجن تصنع له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان وقدور راسيات مع عدم مقدرتهم على الخروج عن طاعته بسبب توعد الله لمن يفعل ذلك منهم بعذاب السعير. وقد ورد في بعض التفاسير أن داود عليه السلام قال" يارب كيف أشكرك والشكر نعمة منك؟ قال الآن شكرتني حين قلت إن النعمة مني". بالتأكيد أن الاعتراف بنعمة الله وفضله هو نوع من الشكر. وكما ذكرنا سابقا فإن الشكر يكون بالقول والعمل ووضحنا كيف كان شكر داود بالعمل بالإحسان إلى الفقراء أما شكر آل داود بالقول باللسان فحدث ولا حرج. ولنا أن نتأمل الآيات التاليات من سورة النمل لنعرف كيف كان داود وسليمان عليهما السلام شاكرين لله في كل وقت وحين وقد لونت مواضع الشكر باللون الأحمر:

وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ۖ وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَىٰ كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15)

وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ

الْفَضْلُ الْمُبِينُ
(16)

وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)

حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ

وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)

فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ

أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19)

وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ (20)

لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (21)

فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)

إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)

وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ

السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ (24)

أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (25)

اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ۩ (26)

قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27)

اذْهَبْ بِكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)
قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29)

إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (30)

أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)

قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ (32)

قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (33)

قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ (34)

وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35)

فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36)

ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ (37)

قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38)

قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39)

قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ

هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي

غَنِيٌّ كَرِيمٌ
(40)

أعود لعنوان الموضوع " اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " وكأن الله عز

وجل يطلب من آل داود المداومة على الشكر لأن هذا هو سبب الزيادة في نعم الله وفضله عليهم وهذا يتأكد لنا جميعا في موضع آخر من القرآن الكريم في سورة إبراهيم حيث وعد الله

الشاكرين بالزيادة في الفضل وتوعد من يكفر النعمة ويجحدها بالعذاب الشديد: " وَإِذْ تَأَذَّنَ

رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)"

ما أسهل حمد الله وشكره على كل ما نحن فيه من نعمه عز وجل ومع ذلك يغفل الكثير منا عن أداء هذا الشكر الذي يضمن لنا الاستمرار في النعم بل وزيادتها. ورد في تفسير القرطبي أن عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ َسَمِعَ رَجُلًا يَقُول : اللَّهُمَّ اِجْعَلْنِي مِنْ الْقَلِيل ; فَقَالَ عُمَر :

مَا هَذَا الدُّعَاء ؟ فَقَالَ الرَّجُل : أَرَدْت قَوْله تَعَالَى " وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ " . فَقَالَ عُمَر

رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : كُلّ النَّاس أَعْلَمُ مِنْك يَا عُمَر !

أسأل الله أن يلهمنا ذكره وشكره وحسن عبادته. اللهم ربنا لك الحمد ولك الشكر على كل نعمك وآلائك وفضلك. اللهم ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك.

<!-- / message -->



  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 321 مشاهدة
نشرت فى 17 أكتوبر 2008 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,741,576