عمرو خالد يكتب: أمة اقرا لا تقرأ

٢٠/٩/٢٠٠٨


اتصلت بي أمس فتاة، قالت لي أنا في سنة أولي كلية صيدلة، وقالت لي أنا استمعت لحلقتك في برنامج «قصص القرآن»، الخاصة بقصة موسي والخضر، التي تحدثت فيها عن أن هدف هذا اللقاء العظيم بين نبي وعالم هو التشجيع علي العلم والقراءة وأن موسي قال، «لا أبرح حتي أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا»، من أجل أن يصل إلي الخضر ليتعلم منه العلم، وقالت لي وأنا أحب العلم حباً شديداً وأحب القراءة.

ولكني غريبة وسط كل زميلاتي في الكلية وصديقاتي في الحي، بل إنهم يسخرون مني كثيراً ويقولون عني أنني معقدة لأني محبة للقراءة ويغمزونني دائماً بالنكتة الشهيرة (العلم لا يكيل بالباذنجان).

ومضت الفتاة تشكو لي شعورها بالوحدة والغربة لأنها تحب العلم، سافر موسي عليه السلام مئات الكليومترات ليقابل الخضر ليتعلم منه ثلاث قضايا ثم يعود، سجل القرآن هذا اللقاء بين نبي وعالم في ٢٢ آية كاملة، من أجل ترسيخ فكرة العلم في عقولنا، لكن العلم لم يعد موجوداً وأهملته الأمة، العلم الذي أصبح العالم العربي ينظر إليه علي أنه من الكماليات، أُمة «اقرأ»، التي أول آية في قرآنها «اقرأ»، أربعون في المائة من أفرادها لا يعرفون القراءة والكتابة! والمتعلمون لا يهتمون بالقراءة، فكم فرد يقرأ الكتب في العالم العربي؟ لقد أصبح الكتاب بغير قيمة في العالم العربي! كيف هذا وقد كان أول قصة خلق آدم ) وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا...).

وفي غزوة بدر، عندما كان النبي والصحابة يربطون علي بطونهم الحجر من شدة الجوع، وأسروا سبعين قرشياً، وظن الجميع أنهم سيطلبون فدية كبيرة من المال لشدة احتياجهم إليه، لكن المفأجاة أن النبي اشترط أن تكون فدية كل أسير من الأسري، هي تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة ليمحو أمية حوالي سبعمائة صحابي، أي كان اختياره أن العلم أهم لمستقبل هذه الأمة.

كانت هذه بدايتنا وبداية أمتنا، أما الآن فقد أصبح كل ما نهتم به هو الحصول علي الشهادة ليس إلا! وأصبح نظام التعليم تلقينيا! فقط لملء العقل بالمعلومات، وكأنه مخزن يعبأ فقط ليفرغ يوم الامتحان! لدينا في قرآننا أكثر من مائة وعشرين آية تنبهنا إلي أهمية العلم وتحثنا عليه، فلا أمل لبلادنا أن تنهض إلا بالعلم. وسنظل نهبط من قاع إلي قاع ولن نحيا إلا بالعلم.

كانت ماليزيا مثلنا تماماً إلي أن جاء «مهاتير محمد»- رئيس الدولة - وحرك نهضتها خلال عشرين عاماً؛ وذلك من خلال اهتمامه بالتعليم، وجعل ميزانية التعليم عشرين في المائة من ميزانية الدولة.

إن دولاً مثل كولومبيا والبرازيل دول فقيرة جدًّا، ولكن نسبة الأُمية لديهم اثنان في المائة ،بينما أمة اقرأ نسبة الأمية تصل إلي أربعين بالمائة.

ذهب شاب إلي رجل حكيم وقال له: «أريد أن أتعلم كل ما تعرفه»، قال له الحكيم: «أصادق أنت؟»، قال: «نعم». قال: «فاتبعني إلي النهر»، ثم طلب منه الحكيم أن ينظر إلي صفحة الماء، قال الشاب: لا أري شيئا، فطلب منه الحكيم أن يخفض رأسه ليري، ففعل الشاب فأمسك الحكيم برأس الشاب وأنزلها في الماء بقوة والشاب لا يستطيع أن يتنفس، ثم أخرجه فصرخ الشاب بغضب: أأحمق أنت؟! كنت ستقتلني، فقال له الحكيم: ما أكثر شيء كنت ترغب به وأنت قريب من الغرق؟ قال الشاب: الهواء، كنت أريد أن أتنفس.

فقال له الحكيم: لو أن رغبتك في الحصول علي العلم مثل رغبتك في الحصول علي الهواء، عندها فقط سوف أعلمك. يقول الله سبحانه وتعالي (... وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)، نزلت هذه الآية علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو في الخمسين من عمره، يجب ألا نشبع من العلم وأن نطلب المزيد.

_________________



]


  


  • Currently 75/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
25 تصويتات / 393 مشاهدة
نشرت فى 26 سبتمبر 2008 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,740,942