عمرو خالد يكتب: فازت اليابان في السباق ٢٤/٩/٢٠٠٨
(١)

إن المعني الكبير للصيام يرتكز حول شعور الناس، كل الناس، في المجتمع بأنهم روح واحدة، ووحدة واحدة، تتحرك بنظام واحد ثابت، سواء من حيث الاهتمامات أو من حيث انتظام المواعيد في الطعام والشراب، كل هذا يوجد روح الفريق الواحد.

أقول هذه المعاني لأننا كشعوب عربية وكمصريين علي وجه التحديد فقدنا تماما روح وثقافة فريق العمل الواحد، رغم أن طريقة رمضان، طريقة إعادة بناء فريق العمل، وغرس هذه الثقافة في المجتمع. إن عملية الصيام ليست عملية فردية انعزالية عن المجتمع، وإن فهم رمضان بشكل فردي يفرغه من حقيقته الكبري وهي وحدة المجتمع، نحن أصبحنا شعوبًا لا تجيد تحقيق مفهوم فريق العمل.

كنت أقرأ عن بعض الشركات في نيوزيلاندا أن الشركة يديرها الجيل السادس من أبناء إحدي العائلات، فتعجبت لأننا نري في بلادنا أن الأب العصامي ينشئ شركة كبيرة ثم يموت فيتنازع الإخوة الأشقاء فتقسم الشركة إلي أقسام صغيرة.

المشكلة أننا لا نتعلم من رمضان ولا الإسلام ولا القرآن أهمية كلمة فريق العمل. في البحث العلمي، كل البحوث فردية، ونادرا ما نجد بحثًا جماعيا شارك فيه مجموعة من العلماء المتخصصين، لأننا ببساطة لا نجيد العمل سويا. ولا يمكن أن ينهض شعب أو أمة لا يجيدون العمل ضمن فريق. بل إننا لا نكتفي بالفردية، بل إن كل فرد يضغط علي من حوله حتي لا تظهر أي كفاءة تأخذ مكانه، فاختفت الكوادر في كل المجالات في بلادنا.

(٢)

يحكي أنه كان هناك سباق تجديف بين فريقين «عربي» و«ياباني»

كل قارب يحمل علي متنه تسعة أشخاص وفي نهاية السباق وجدوا أن الفريق الياباني انتصر بفارق رهيب جداً، وبتحليل النتيجة وجدوا أن الفريق الياباني يتكون من ١ مدير قارب و٨ مجدفين والفريق العربي يتكون من ٨ مديرين و١ مجدف، وحاول الفريق العربي تعديل التشكيل ليتكون من مدير واحد مثل الفريق الياباني وتمت إعادة السباق مرة أخري،

وفي نهاية السباق وجدوا أن الفريق الياباني انتصر بفارق رهيب جداً تماماً مثل المرة السابقة، وبتحليل النتيجة، وجدوا أن الفريق الياباني يتكون من ١ مدير قارب و٨ مجدفين، والفريق العربي يتكون من ١ مدير عام و٣ مديري إدارات و٤ مدراء أقسام و١ مجدف، فقرر الفريق العربي محاسبة المخطئ فتم فصل المجدف!!!

(٣)

ما وجدت قانونًا من القوانين ولا دستورًا من الدساتير ولا فلسفة من الفلسفات تشجع فكرة فريق العمل ويدفع المجتمع إليها مثل القران الكريم، فالخطاب في القرآن كل القرآن بصيغة المجموع وليس بصيغة الفرد وسورة «العصر» التي يقول عنها الشافعي «لو لم ينزل من القرآن إلا هذه السورة لكفت الناس» هي تجسيد لمدي اهتمام القرآن بفريق العمل، يقول تعالي: «والعصر. إن الانسان لفي خسر. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر».

والكثير من قصص القرآن يصور قيمة فريق العمل من خلال قصص يستوعبها الناس علي اختلاف ثقافاتهم، خاصة قصص «ذي القرنين». نريد أن نتعلم من رمضان مفهوم أننا عندما نعمل سويا نكسب جميعاً، بينما عندما نصر أن ننجح وحدنا، وفق مفهوم لكي أنجح يجب أن يخسر الآخرون فهذا مفهوم خطير، وحتي إذا كسبت مرحليا فستخسر، وكلنا سيخسر في النهاية، حتي تعود إلينا ثقافة فريق العمل.

سؤال بسيط: أين ترسيخ مفهوم فريق العمل في مناهج التعليم.

  • Currently 61/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
21 تصويتات / 360 مشاهدة
نشرت فى 25 سبتمبر 2008 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,741,064