ثقافة الفهلوة
بقلم عمرو خالد
الإحسان والإتقان في العمل ثقافة تغرس في الأطفال، في البيت والمدرسة، حتي تصير طبعاً غير متكلفة بل طريقة حياة، ولا يستطيع إنسان مهما بلغت قدراته أن يغرس فكرة الإحسان والإتقان في شعب ما لم تكن المدرسة والبيت هما محوري غرس هذه الثقافة، ونحن أمة دينها قائم علي فكرة الإتقان، لكننا للأسف نسينا هذا المعني، وتبنينا ثقافة الفهلوة والعشوائية،
فانتشرت العشوائية في رؤوسنا قبل مدننا، إنها للأسف ثقافة وطريقة تفكير مسؤول عنها المدرسة والبيت، والمشكلة أن لا أحد يري أن هناك مشكلة بينما يري الإسلام أنك أنت آثم بين يدي الله إذا لم تتقن في عملك، للأسف الشديد نحن لا نتقن في جميع المجالات،
من أول الصناعة وهي أشهر مجال لعدم الإتقان في بلادنا، فإذا رأيت منتجاً وكتب عليه اسم (صنع في دولة عربية أو إسلامية) تبدأ تشك فيه ولكن إذا رأيت منتجاً كتب عليه (صنع في دولة أجنبية) تشتريه علي الفور،
فأنت آثم إذا لم تتقن في عملك وهذه هي ألف باء الإسلام، وقس هذا علي كل شيء في حياتك، من الصناعة، إلي المطبات في الشوارع التي أهملها مهندس الطرق إلي الميكانيكي الذي أهمل في تصليح السيارة،
إلي الطبيب الذي لم يفحص مريضه بشكل جيد، إلي المدرس الذي أهمل في تحضير درسه، إلي المحاضر الذي أهمل إعداد محاضرته، إلي الرياضي الذي لم يتمرن بجدية، إلي الإعلامي الذي لم يعد برنامجه بشكل جيد، حتي العلاقات الزوجية، أصبحت غير متقنة.
إنها مشكلة كبيرة في بلادنا كل شيء غير متقن، حتي الطلبة يذاكرون فقط من أجل الامتحان، ولا يهمهم الاستيعاب والفهم، حتي أولياء الأمور لا يحرصون علي أن يفهم أبناؤهم أو يتقنوا ما درسوه بل كل همهم أن ينجح أبناؤهم بأي شكل من أجل ورقة اسمها شهادة.
كيف يتحدث الإسلام عن الإتقان؟
القرآن الكريم: ولقد ذكر القرآن الإتقان بمعني الإحسان.
قال تعالي:
١- «وأحسنوا إن الله يحب المحسنين» البقرة «١٩٥».
٢- «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي» النحل «٩٠».
٣- «إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً» الكهف «٣٠».
٤- «هل جزاء الإحسان إلا الإحسان» الرحمن «٦٠».
٥- «واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين» هود «١١٥» .
٦- «إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون» النحل «١٢٨».
٧- «صنع الله الذي أتقن كل شيء» النحل «٨٨»، عندما خلق الله الكون جعله قائماً علي الإتقان.
٨- «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم» التين «٤».
٩ - «الذي خلق سبع سموات طباقا ما تري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور ثم أرجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير» الملك «٣ - ٤». جعل الله طريق الإيمان والتوحيد هو الإتقان..
١٠- «وبالوالدين إحساناً».. الإحسان مع الوالدين.
١١- «أقيموا الصلاة» وليس صلّوا الإحسان في العبادات وإتقان الصلاة وليس مجرد تأدية الصلاة.
السنة النبوية الشريفة:
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:
١- «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».
٢- «إن الله كتب الإحسان علي كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته أمرنا الله بالإتقان عند القتل والذبح فما بالكم بالإتقان في الحياة».
٣- «ألا أدلكم علي ما يرفع الله به الدرجات إسباغ الوضوء» الإتقان في الوضوء..
٤- «إن الله لا ينظر إلي الصف الأعوج» تسوية الصفوف في الصلاة..
٥- «الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة». المتقن لقراءة القرآن مكانه مع الملائكة
٦- تأثرت بشدة لحديث النبي صلي الله عليه وسلم في يوم وفاة ابنه إبراهيم، بعد أن دفن ابنه في القبر بانت في القبر فرجة، فطلب النبي ممن يسوي القبر «سوي هذه الفرجة»، فسأله من يسوي القبر «وهل تنفعه يا رسول الله»، فرد الرسول (ص): «أما إنها لا تنفعه ولا تضره ولكنها ألطف لعين الناظر»، أنظر كيف يبحث النبي عن الإتقان لحظة وفاة ابنه، إنها لفتة حضارية نفتقدها في بلادنا.
لقد كتب الله علينا الإتقان في كل شأن من شئون الحياة.
ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين علي التمام.
عدد زيارات الموقع
1,741,651
ساحة النقاش