<!-- / icon and title --><!-- message -->

سؤال مهم:
ماذا يحدث لو عاش كل فرد لمشروعه الشخصي ونسي احتياجات الوطن؟ يحدث أشياء كثيرة وإليكم أمثلة حقيقية على ذلك، ومن الجرائد:
1- تُفَاجَأ بأن هناك من يبيع لحم الحَمير ويُطعمه الناس.
2- شخص يستورد أغذية فاسدة، فيتم إيقافها في الجمارك ويُمنع دخولها، وتُرمى في المزابل، فيقوم بإعادة تعبئتها من هذه المزابل ويُطْعِمُها الناسَ.
3- شخص يشتري صفقة محابس غاز من الصين، وهي غير مطابقة للمواصفات، فبدلاً من أن تُرمى؛ لأنها غير صالحة يقوم هذا الشخص بتجميعها وإرشاء أي أحد من أجل أخذها وبيعها، فتوضع في البيوت ويحدث تسريب للغاز، فيموت الأطفال، لماذا؟ لأنه عاش لنفسه ولمشروعه الشخصي ونسي الناس.


سبب القصة وأحداثها:
حلقة اليوم مرآة جديدة من القصص القرآني، تواجه هذا المرض، وفي الوقت نفسه هي قصة نبوية. قصة اليوم لشخص اسمه "كعب بن مالك" وهو من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، والقصة حدثت في العام التاسع من الهجرة، قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بعام. حدثت القصة بسبب غزوة تبوك؛ وغزوة تبوك من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وكان هناك تحدٍّ يواجه المسلمين، وهو أن الروم كانت تُعدُّ الحشود لتواجه المسلمين وتهاجم المدينة، فكان على المسلمين أن يخرجوا لهم على الفور بجيش قبل أن يدخلوا عليهم. كان التوقيت في غاية الصعوبة ودرجة الحرارة كانت مرتفعة جدًّا، والمشكلة الثانية أن الثمار على الشجر قد نضجت وحان قطافها، وكل صحابي له مشروعه الشخصي - حيث إنهم كانوا مزارعين - وكل واحد منهم بدأ يجهز نفسه ليجمع المحصول، فهو مصدر رزق بالنسبة له، ولكنْ هناك تحدّ يواجه الوطن، والمسافة المطلوبة هي 1000 كيلو متر من المدينة إلى تبوك، بالإضافة إلى قلة المال.
وقد سمى الله سبحانه وتعالى هذه الغزوة في القرآن "العُسرة" لما فيها من مشاق وصعوبات شديدة، فكان كل ثلاثة من الصحابة يتناوبون على ركوب بَعير واحد، فلك أن تتخيل كم كيلو سيمشيه كل منهم؟
القصة موجودة في صحيح البخاري، ونزلت في سورة التوبة لتتحدث عن "كعب بن مالك" وسُميت بسورة التوبة، ولكن التوبة هذه المرة لم تكن من الذنوب فقط بل التوبة من الفردية أيضًا. لو كنت ممن يعيشون لأنفسهم فعليك أن تتوب، ولو كنتِ ممن يعشن من أجل أبناءهن فقط ونسيتي أبناء الأسر الفقيرة من الذين يعيشون في بلدك فأنت أيضًا بحاجة إلى توبة. أنت تحتاج إلى التوبة؛ لأنك عشت لنفسك وما يخصك فقط. ألهذه الدرجة الأمر عظيم عند الله؟ نعم هو كذلك وهذا هو الإسلام.
لم يحضر "كعب بن مالك"غزوة تبوك وتخلف عن الغزوة من أجل مشروعه الخاص، فكان بحاجة إلى توبة. هل لك أن تسأل نفسك كم مرة تخلفت عن أهلك أو عن بلدك أو عن قريتك؟ أنت بحاجة إلى توبة.


أبشر.. تاب الله عليك:
اكتملت الخمسون ليلة، والعقوبة كانت رادعة، والرسالة وصلت، ووضحت معاني هذه العقوبة، فنزلت الآيات في سورة التوبة، من الآية 117 وإلى الآية 121: {لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ * مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (التوبة: 117 – 121).
نزلت هذه الآيات في صلاة الفجر، وكان "كعب بن مالك" يصلي الفجر على سطح منزله بسبب شدة همه وحزنه، فلما نزلت الآيات بالتوبة، انطلق رجلان – والكلام هنا لكعب بن مالك – رجل ركب فرسًا، ورجل صعد فوق جبل، انظروا إلى هذا المجتمع المتلاحم، يشعر كل واحد منهم بالآخر، أرأيتم أن الفردية مذمومة؟
يقول كعب: "فقام الذي على الجبل فقال: يا كعب بن مالك أبشر، تاب الله عليك، فكان الصوت أسرع من الفرس". يقول كعب: " فكنت على سطح بيتي، فسجدت شكرًا لله عز وجل" فوصل إليه الرجل الذي ركب الفرس، يقول كعب: "والله ما كان عندي إلا عباءة واحدة، فخلعتها وألبست البشير إياها، واستعرت عباءة من أبو قتادة، ثم انطلقت إلى المسجد، يتلقاني الناس في الطريق أفواجًا، يُسلّمون علي – سبحان الله! الآن يلتفون حوله بعد نزول الآيات وبعدما كان مذمومًا. ألهذه الدرجة القرآن عظيم ويغير الناس بهذه الدرجة؟ - ويقولون لي: لِيهنك – مبروك - توبة الله عليك يا كعب، حتى دخلت المسجد فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فابتسم إلي كأن وجهه قطعة من القمر، وكنا نعرف إذا ابتسم النبي وهو فرِح كأن وجهه كالقمر" تخيل الآن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقابلك يوم القيامة، أتحب أن يقابلك وهو يبتسم، أم ينظر إليك كمُتخلف؟ الاختيار لك. يقول كعب: "فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: تعال، فقدمت حتى جلست بين يديه، فنظر إليَّ وقال: أبشر يا كعب بخير يومٍ طلع عليك منذ ولدتك أمك، تاب الله عليك" أتعلم ما هو أجمل يوم في حياتك؟ هل هو يوم زواجك؟ أم يوم إنجابك؟ أم يوم نجاحك؟ أم ماذا؟ دعني أقول لك أن أجمل يوم في حياتك يوم أن يتوب الله عليك ويغفر لك.
فقلت: يا رسول الله – والكلام هنا لكعب – إن من توبتي إلى الله أن أخرج من مالي بصدقة إلى الله. انظر إلى كعب وقد فهم أن سبب العقوبة هي التخلف عن المجتمع فأراد أن يصلح خطأه بإخراج صدقة من ماله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أمسك عليك بعض مالك، فقلت: يا رسول الله، لا بل كل مالي، إن أُمسك فأُمسك سهمي في خيبر، وإن من توبتي ألا أُحدث يا رسول الله بعد اليوم إلا صدقًا فإنما نجاني الصدق" فنزلت الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) (التوبة: 119).
ماذا عن المنافقين؟ ماذا حدث لهم؟ نزل فيهم قول الله تبارك وتعالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ...} (التوبة:95).
من يعاهد نفسه من الآن أنه لن يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ من يواجه نفسه الآن وبتوب إلى الله من الفردية؟ اجلس مع نفسك وصارحها كما علمنا "كعب بن مالك"، وابدأ صفحة جديدة

<!-- / message -->
  • Currently 52/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
17 تصويتات / 373 مشاهدة
نشرت فى 16 سبتمبر 2008 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,741,686