سألتُ ابنتي ملك ذات الخمس سنوات: ماذا تعرفين عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت قد سمعت كثيرا من القصص عن سيرته العطرة من هنا وهناك، ردت قائلة: سيدنا محمد وصديقه أبو بكر الصديق حينما كانوا في الغار والحمامة نسجت العنكبوت لما الكفار كانوا بيبحثوا عليهم، وبعدين سيدنا أبو بكر الثعبان لدغه، فسيدنا محمد مسح على رجله وخف علطول".

طيب وبعدين ياملك: "وطبعا الكفار ماعرفوش يشوفوهم علشان ربنا كان معاهم

وبعدين هم سافروا إلى المدينة المنورة، وهناك استقبلوه وقالوا له: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع". ثم أخذت ملك في غناء نشيد "طلع البدر علينا".

تعمدت سؤال ابنتي لأعرف ما الذي ثبت في ذهنها عن السيرة النبوية وعن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بعدما سمعت القصة مرارا وتكرارا. واتضح أن الأطفال غالبا يحبون المواقف الغير عادية والخارقة وكذلك يحبون الأناشيد.. لذا وبمناسبة المولد النبي الشريف علينا أن نحرص أن نفعل التالي مع أطفالنا:

-         يجب أن نفهم أطفالنا في البداية فطرة النبوة، وكيف أن الله تعالى منذ بداية الخلق كان يرسل لكل جماعة رسولا أو نبيا يكون شخصا مفضلا مطيعا لله عابدا له يتسم بطيب الخلق والأخلاق. ومن هؤلاء الرسل سيدنا إبراهيم عليه السلام وسيدنا موسى وسيدنا عيسى، وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

-         سيدنا محمد ص هو سيد الخلق أجمعين وهو خاتم الأنبياء والرسل، لأنه آخر نبي ورسول أرسله الله للناس جميعا، وقد أرسله الله برسالة الإسلام والقرآن الكريم.

-         يحب الأولاد فكرة المنافسة، فنقول لهم أن رسولنا الكريم محمد كان أفضل الخلق ونحن أمة محمد وهذا شرف عظيم لنا يقول الله تعالى:"كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ"، وقد كان هناك أنبياء آخرين وقوم آخرين عندما سمعوا عن سيدنا "محمد" ومدى حب الله له تمنوا أن يكونوا في أمته مثلنا، لذا يجب أن تكون سعيدا لأنك من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.

-         يجب تعليم الأطفال في سنهم الصغيرة جدا كيفية "الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام"، وكيف أنه لا يجب ذكر اسمه هكذا مثل أي شخص آخر، فنسبقه بكلمة "سيدنا"، ثم نصلي عليه ونسلم، لأن الله أمرنا بذلك ولأنه كلما فعلنا أخذنا ثوابا عظيما.

-         أما بالنسبة للمولد النبي الشريف فنقول للأطفال: نحن والديك نحتفل بعيد ميلادك كل عام في يوم كذا... لأننا نحبك كثيرا، أما سيدنا محمد فجميع الأمة الإسلامية تحبه وتحتفل بمولده كل عام في شهر ربيع الأول في مثل هذا اليوم (الخميس).

-         كي يفهم الصغار ما نقوله لهم يجب ربطه مباشرة بهم، فنقول لهم أن سيدنا محمد سيشفع لك عند الله رب العالمين.

-         لا يجب تعقيد الأمور للأطفال، فعندما نتحدث أمامهم عن يوم القيامة والجنة والنار والثواب والعقاب، لابد أن نرأف بأدمغتهم فلا نركز كثيرا على العقاب، لأن الطفل لا يعرف سوى الرحمة ويتأذى كثيرا إذا عرف أن فلانا سيتم وضعه في النار لمعاقبته.. لن يستسيغ ذلك لأنه سيضع نفسه دائما مكان هذا الشخص وسيظل خائفا بشكل دائم.

 

-         تلخيص السيرة النبوية في عدد من القصص الصغيرة التي تتناسب مع سن الابن لأنه لن يحتمل كثيرا من التفاصيل، فهناك قصة مولده، وقصة تيتمه، وقصة الهجرة، وقصة زواجه من السيدة خديجة، وقصة نزول الوحي، وقصة مواجهته للكفار وكيف أنه صمد أمامهم وأمام تعذيبهم لمن اتبعوه، قصة من الذين صدقوا سيدنا محمد وساعدوه على نشر الرساله (سيدنا أبو بكر، سيدنا علي، السيدة خديجة....).

 

-         ومن الجميل أن تركز علي مواقف سيدنا محمد مع الأطفال وكيف كان رحيما بهم يحبهم كثيرا، فنشرح مواقفه صلي ا لله عليه وسلم مثلا مع أحفاده الحسن والحسين، وكثيرا من الصحابة الذين تربوا عليه يديه.

-         من الممكن عمل تمثيلية/مسرحية صغيرة في المنزل باستخدام بعض لعب الأطفال، كي يثبت في ذهن الأطفال ما نود أن يعرفوه عن سيد الخلق أجمعين. خصوصا قصة الهجرة والغار والعنكبوت الذي نسج الخيط والحمامة التي باضت، وفشل قريش في الإمساك بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصديقه سيدنا أبو بكر رضي الله عنه.  

-         حتى لا نثقل على الآباء من الممكن أن نبدأ مع الأطفال بقصة مولد رسول الله والنور الذي أضاء الدنيا، وكيف خاف اليهود والكفار لأنهم علموا بمجيئه. ثم نحضر مجموعة قصص السيرة للأطفال وهي متوفرة في كل مكان، أشهرها تلك المتضمنة مع مجموعة قصص الأنبياء لعبد الحميد جودة السحار، دار مصر للطباعة، وهي موجودة بكثرة أيضا في المكتبات العامة.

-         نحكي للطفل عن مولد سيد الخلق وكيف أن والدته السيدة آمنة بنت وهب لم تكن تشعر بألم الحمل، بل كانت تشعر أن هناك نورا داخلها، وعندما وضعته أيضا شعرت بأن هناك نورا خرج منها أضاء الدنيا كلها. وهنا نركز مع الأطفال على تخيل هذا النور وأن سيدنا محمدا جاء "نورا" لأن الله تعالى اختاره وأعده لحمل رسالته إلى الناس أجمعين.

-          نحكي له كيف أنه نشأ يتيما، فمات أبوه "عبدالله" قبل أن يراه، ثم توفيت والدته وعمره ست سنوات ثم أخذه جده وكان يحبه حبا شديدا ثم مات وعمره ثمانية أعوام، ثم أخذه عمه أبو طالب وكان يحبه حبا شديدا حتى أنه كان يفضله على أبناءه.

-         قصة أن سيدنا محمد كان يعمل وكان يحب العمل، فقد كان يعمل برعي الأغنام وكان يعمل بالتجارة. وأنه هو من طلب من عمه أبو طالب أن يعمل معه في التجاره وكان يسافر معه بالفعل، ولأنه عُرف بإخلاصه في العمل سمعت عنه السيدة خديجة أفضل نساء قريش نسبا ومالا، وجعلته على تجارتها.

-         ثم نحكي لهم قصة حب السيدة خديجة له، وكيف أنها طلبت من أحد أقاربها أن يخطبه لها.. وكيف أنها وقفت بجواره وساندته عندما كذبه وأهانه باقي أهل قريش، وأن الله أرسل إليها سلاما من فوق سبع سموات بسبب مساندتها لرسول الله.  

-         سيدنا محمد كان يلقب بالصادق الأمين لأنه لم يكن يكذب قط، وكان الجميع يثقون في صدقه وأمانته وكانوا يحكمونه بينهم في بعض الأمور لرجاحة عقله، نحكي قصة رفع "الحجر" وكيف أن كل عائلات قريش اختلفوا حول من يجب رفع حجر الكعبة حتى ينالوا شرف ذلك وحدهم، ولكن سيدنا محمد فكر وأتى بعباءته ووضعها على الأرض ثم وضع عليها الحجر ثم طلب من الجميع أن يمسك بأحد أطراف العباءة وبهذا شارك الجميع في رفع الحجر.  

-         نحكي للأطفال بعض من المعجزات التي أحيطت بسيدنا محمد؛ لأنهم يحبون الأمور الخارقة، فمثلا أنه عندما كان يرعى الغنم كان تسير فوقه الغمام لتظلله. وأن الله رفع من قلبه الضغينه عندما جاءه جبريل ففتح صدره وأخرج حظ الشيطان منه لذا فإن سيدنا محمد هو سيد الخلق وهو منزه عن الخطأ.

-         كلما أحببنا سيدنا محمد أكثر كلما وجب علينا أن نتبع سيرته ونفعل مثلما كان يفعل.. حتى أنه من الممكن أن نركز فترة طويلة على هذا الأمر، فنقول للطفل أننا سنتعلم اليوم كيف كان يصلي رسول الله كي نصلي مثله. اليوم سنتصدق على أحد الفقراء مثلما كان يتصدق رسول الله. اليوم سنحكي كيف كان رسول الله يعامل الأطفال الصغار ونحكي لهم قصة الحسن والحسين وكيف كان يلعب معهما حتى أثناء الصلاة، اليوم سنتحدث عن آداب الطعام التي قالها رسولنا الكريم للغلام الذي كان يأكل بشكل غير منظم فقال له رسول الله: "ياغلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك"... وهكذا. 

-         وأخيرا اعلم جيدا أن سيرة سيد الخلق هي مدخلا عظيما لتعليم ابنك السلوك والخلق الجيد، وتقويمه كذلك، وأن القصص والحكايات هي الأداة التي نستخدمها في زرع هذه القيم وكذلك غرس حب رسول الله

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 74 مشاهدة
نشرت فى 25 يناير 2013 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,742,467