{{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ... }} 



{قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُون َ}

[يوسف : 86]

قالها يعقوب عندما ضاقت عليه دنياه 
قالها عندما فقد يوسف وأخيه أحب ابنائه الى قلبه 
وتآمر عليه باقى ابنائه بالكذب عليه وخداعه 
قالها عندما مزق الحزن قلبه 
وابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم
وبرغم كل ما فيه من بلاء 
كان يحسن الظن بربه ويعلم انه يسمعه وانه سيجيبه
*
{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُون َ }

تفسير الجلالين : 
86 - (قال) لهم (إنما أشكوا بثي) 
هو عظيم الحزن الذي لا يصبر عليه حتى يبث إلى الناس 
(وحزني إلى الله) لا إلى غيره فهو الذي تنفع الشكوى إليه
(وأعلم من الله ما لا تعلمون) من أن رؤيا يوسف صدق وهو حي 

تفسير ابن كثير : 

" قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله
" أي أجابهم عما قالوا بقوله
" إنما أشكو بثي وحزني " أي همي وما أنا فيه" إلى الله " وحده "
وأعلم من الله ما لا تعلمون" 
أي أرجو منه كل خير
وعن ابن عباس " وأعلم من الله ما لا تعلمون " 
يعني رؤيا يوسف أنها صدق وأن الله لا بد أن يظهرها 
وقال العوفي عنه في الآية : 
أعلم أن رؤيا يوسف صادقة وأني سوف أسجد له 
وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة 
حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي بحينة عن حفص بن عمر 
بن أبي الزبير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 
كان ليعقوب النبي عليه السلام أخ مؤاخ له فقال له ذات يوم 
ما الذي أذهب بصرك وقوس ظهرك ؟ 
قال أما الذي أذهب بصري فالبكاء على يوسف وأما الذي قوس ظهري

فالحزن على بنيامين فأتاه جبريل عليه السلام فقال 
يا يعقوب إن الله يقرئك السلام ويقول لك 
أما تستحيي أن تشكوني إلى غيري ؟
فقال يعقوب إنما أشكو بثي وحزني إلى الله
فقال جبريل عليه السلام الله أعلم " بما تشكو " 
وهذا حديث غريب في نكارة .

تفسير القرطبي : 

حقيقة البث في اللغة ما يرد على الإنسان من الأشياء المهلكة
التي لا يتهيأ له أن يخفيها ; وهو من بثثته أي فرقته , 
فسميت المصيبة بثا مجازا , قال ذو الرمة : 
وقفت على ربع لمية ناقتي فما زلت أبكي عنده وأخاطبه وأسقيه
حتى كاد مما أبثه تكلمني أحجاره وملاعبه وقال ابن عباس :
" بثي " همي . الحسن : حاجتي . 
وقيل : أشد الحزن , وحقيقة ما ذكرناه .
وهذا تفسير مقتبس من تفسير السعدي ..
بعدمآ تولى يعقوب عليه الصلاة والسلام عن أولاده 
بعد ما أخبروه عن ابنه يوسف ، 
واشتد به الأسف والأسى، وابيضت عيناه من الحزن الذي في قلبه، 
والكمد الذي أوجب له كثرة البكاء، حيث ابيضت عيناه من ذلك. 
قال له أولاده متعجبين من حاله: ( تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ ) 
أي: لا تزال تذكر يوسف في جميع أحوالك. 
( حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا ) 
أي: فانيا لا حراك فيك ولا قدرة على الكلام.
( أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِ ينَ ) أي: 
لا تترك ذكره مع قدرتك على ذكره أبدا.
( قَالَ ) يعقوب ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي ) أي: 
ما أبث من الكلام ( وَحُزْنِي ) الذي في قلبي 
( إِلَى اللَّهِ ) وحده، لا إليكم ولا إلى غيركم من الخلق، 
فقولوا ما شئتم 
( وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُون َ )
من أنه سيردهم علي ويقر عيني بالاجتماع بهم.
/
تعليق بقلم الدكتور : نآصر العمر _ حفظه الله _ }

~
أيها الأحبة: المرء إذا أصيب بهَمٍّ أو غم يحتاج إلى من يواسيه
ويسليه ويخفف عنه. 
بعض الناس _هداهم الله_ يضيفون إلى البلاء بلاء. 
يأخذون في التعنيف. يكفيه ما هو فيه. 
«لا تنهرن غريباً حال غربته»، 
يعني تكفيه غربته. كذلك إذا ابتلي المرء، وأخذ الناس من حوله
يقنطونه ويزيدون همه، عليه ألا يستجيب لهم، 
وأن يستعن بالله ويتوكل عليه. 
ماذا قال يعقوب _عليه السلام_ لأبنائه؟ 
"قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُون َ" 
(يوسف:86). 
كأنه يقول لهم: إليكم عني، دعوني، أنتم لا تعيشون مأساتي 
ولا تعلمون ما أحسّ به من أمل 
وتفاؤل وحسن ظن بالله _جل وعلا-
*
تأملوا هذه المشاهد العجيبة مشهد هذا الأب المحزون المكلوم، 
ومع ذلك لا يفرط في التفاؤل، وهؤلاء الذين هم سبب المشكلة، 
ومع ذلك يقنطونه يزيدونه مشكلة إلى مشكلته. 
"قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ"
فالمسلم يشكو بثه وحزنه إلى الله لا إلى الخلق.

قد يفقد المـرء بين الناس عـزته 
إذا شكا أمره أو سب محنتـه 
فكن كليث الشرى ما باع هيبته 
ولا تشك إلى خلق فتشـمته 
شكوى الجريح إلى الغربان والرخم



ربى شكوتى!!!
أشكو إليك..يا من ترى حالي وتعلم شكوتي
أشكو إليك..يامن بيده زمام أمري ومن بيده أن يفرج كربتي
أشكو إليك ..إلهى ضعفي وحزن قلبي وضيق صدري وانعدام حيلتي
أشكو إليك ..وأنت أعلم منى بحالى وحال كربي وغربتي
أشكو إليك ..فمن لى ربى غيرك أنيسي فى وحشتي ووحدتي
أشكو إليك ..وأنت حسبي وأنت كل غايتي
أشكو إليك..فهل ترد علىِّ
حاشاك أن تحبط رجائي فأنت تعلم حالتي ..


اللهم اجعلنا ممن يلجئون ظهورهم إليك، ويفوضون أمورهم إليك، 
فإنه لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، 
وصلِ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 464 مشاهدة
نشرت فى 14 نوفمبر 2012 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,733,767