عمرو خالد للأهرام: مطلوب رئيس حفظاً للأمن والفتن

ليس كل الدعاة‏..‏ دعاة‏..‏ فهناك من يبهرك‏، وهناك من يأسرك، وهناك من يضلك، وهناك من ينومك مغناطيسياً.

كلهم يحدثونك من منبر عنوانه: قال الله وقال الرسول فمنهم من يجعلك تظن وبعض الظن إثم أن الدين لحية وزبيبة وجلابية بيضاء.. ومنهم من يجعلك من سكان المساجد المقيمين، ولا يساهمون في بناء مجتمعهم، ومنهم ذلك الشاب الذي يرشدنا إلى الصواب، والذي تدعو الله أن يكثر من أمثاله.

إن شئنا اختصاره في جملة تقول: هو الدين والوطن والمجتمع والشباب والشارع والقرية.

فهذه هي مفردات ترسم ملامح شخص اسمه عمرو خالد منذ أن اعتلى سلم الدعوة، مفردات بعضها فوق بعض، تصنع حضارة، تقيم أمة، تكتب تاريخا، تشرق وطنا جديدا، إذا خلصت النوايا، وتوحدت الأهداف، النهضة في مفهوم عمرو خالد ليست حكرا على فرد أو جماعة أو حزب، بل هي فرض عين إذا صح القول على كل شاب وفتاة، رجل وامرأة، وزير وغفير، مسلم ومسيحي، طالب وطالبة.
استطاع عمرو خالد عبر رحلته أن يترجم أقواله إلى أفعال، أن يحول الحلم إلى واقع، أبعد قسرا وظل يحلم، تعرض للتشويه وظل يتكلم، حورب وظل يجاهد، وكل ذلك من أجل حلم ووطن واحد، هو مصر. راهن على الشباب فنجح من خلال صناع الحياة، تحدى الفقر في الريف فكان مشروع إنسان، حارب الجهل فبدأ محو الأمية، كافح المخدرات المنتشرة بين الشباب فانطلق مشروع أوع في المدارس والجامعات.. ومازال يحلم بالكثير والكثير. وإلي نص الحوار:

* د.عمرو: ماذا أضاف الدين للسياسة، وماذا أضافت السياسة للدين خلال الفترة الأخيرة؟
- سأكون في منتهي الصراحة والوضوح، أنا خائف علي صورة الإسلام في مصر من ممارسات سياسية حزبية قد تضر بصورة وشكل الإسلام في المستقبل، وليس صحيحا أن لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين كما قال الرئيس السادات، بل الدين والسياسة داخلان في كل تفاصيل حياتنا، إذ إن الدين دوره هو تنظيم حياة الناس، وإظهار الحق من الباطل ووضع منظومة القيم والأخلاق في المجتمع، وتحقيق الرقابة الذاتية وغيرها، والرسول صلي الله عليه وسلم قال: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ولكن علينا أن نفرق بين ما هو مقدس وبين ممارسات حزبية، فالفقيه حين يفتي في أمر فإنه يفتي برأي ديني مقدس، والشيخ حين يتحدث عن قضية أخلاقية فإنه يتحدث عن رأي مقدس، لكن رئيس حزب يريد أن يدعو مرشحيه لاختياره، جماعة تريد أن تطلب من أعضائها أن يسمعوا ويطيعوا في قضية حزبية، فهذا ليس مقدسا.

* ماذا عن حالة الخلط الحالية بين ما هو ديني وما هو سياسي؟
- نحن الآن نمر بحالة من الخلط بين المقدس والاختيارات الحزبية، وهذا الخلط يضر بالإسلام وبمصلحة الوطن.

* منذ متي بدأ هذا الخلط؟
- هذا الخلط واضح منذ( نعم ولا) الشهيرة في استفتاء الدستور العام الماضي، وواضح أيضا من خلال انتخبوا فلانا للرئاسة، وواضح كذلك في استخدام المنبر للدعاية الانتخابية، والخلط بين المقدس والخيارات الحزبية لا يجوز، وللأسف نحن نعيش هذا الخلط، بينما علي أيام النبي صلي الله عليه وسلم لم يكن عندهم هذا الخلط، ولنا في قصص النبي عبرة، فالحباب بن المنذر في غزوة بدر ويقول له: يا رسول الله، أرأيت هذا المنزل، أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه، ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتي نأتي أدني ماء من القوم، فننزله، ثم نغور ما وراءه من القلب، ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم، فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لقد أشرت بالرأي، وهذا الصحابي لم يكن أبا بكر أو عمرا، ولكنه كان قادرا علي أن يفرق بين ما هو مقدس وما هو سياسي، ومع من، مع النبي صلي الله عليه وسلم، فلم يقل صلي الله عليه وسلم أنا النبي، أي أمر مقدس، بل قال بل هي الرأي والحرب والمكيدة، فقد ساعده علي هذا الفصل، ونحن الآن لسنا بقادرين علي أن نفرق بين شخصية فلان، وشيخ فلان، وجماعة علان، والسؤال لماذا الخلط إذن؟ أيضا سيدنا عمر بن الخطاب كان يخطب علي المنبر، ثم نزل ثلاث درجات وقال:
أيها الناس.. ما تفعلون أذا ميلت برأسي إلي الدنيا هكذا؟.. وأمال رأسه علي كتفه( دلاله علي أن الدنيا قد زانت في رأسه) ما تقولون؟ فقام له أحدهم و قال:- إن ملت برأسك للدنيا هكذا قلنا لك بسيوفنا هكذا وأشار كأن يضرب عنقه.. فقال عمر الحمد لله الذي جعل من أمة محمد من يقوم عمر، فالدين كما قلت، يضع منظومة القيم في المجتمع، يضع الرقابة الذاتية ويقويها، الدين يميز الحق من الباطل، لكن أن تستخدم الدين في مكاسب انتخابية تحمل اختيارت مختلفة تسمح للناس بالاختيار من بينها، إذن انت تضع الدين والوطن في شر كبير.

* وهل الدين ومصر يستحقان ما يحدث لهما؟
- لا، وهذا ما بدأت به كلامي، من خوفي علي مستقبل هذا الوطن وعلي الإسلام، وقد سئلت من قبل ما معايير أمانة الاختيار في الفترة القادمة، فقال لي أحد العلماء المعتدلين الوسطيين المحايدين: إياك أن تلبس معايير الاختيار علي شخص محدد، وهنا قصة أخري من قصص الصحابة رضوان الله عليهم: فالإمام علي رضي الله عنه في صراعه مع معاوية علي الحكم جاءه مقربون فسألوه: أما عهد رسول الله إليكم عهدا؟ (وذلك لأخذها رخصة في صراعه) فقال علي: ما عهد لنا رسول الله عهدا إلا في كتاب الله وسنته.


* حين تم إبعادك عن مصر قبل الثورة قيل إن السبب هو برنامج قصص القرآن خاصة حلقات نبي الله موسي، لو أنك الآن تسجل هذا البرنامج فما هي قصتك التي ستقدمها تعبيرا عن الوضع الحالي؟
- حين أتذكر هذه القصة أتذكر ميدان التحرير، فقصة نبي الله موسي كانت تدور حول قول الحق لا للظلم وكان ذلك عام2009 وهذا يشعرني بأنني كنت في ميدان التحرير منذ سنوات، أما الآن فإن قصتي ستدور حول عمر بن الخطاب صانع حضارة، حيث انتقل رضي الله عنه من حروب ردة إلي صناعة حضارة، وآن الآوان في مصر أن ننتقل من خلافات صغيرة حول من يحكم، ومن يقود، فأنا لا يهمني هل سيكون رئيس مصر إسلاميا أم ليبراليا، أنا يهمني ماذا سيقدم لمصر؟ وكل من على أرض مصر سيشارك في نهضة هذه البلد


* دكتور عمرو، لو أنك زرت الأردن فجأة وعرض عليك زيارة القدس، فماذا سيكون قرارك؟
- صمت، ثم تأمل، ثم ابتسم، ثم قال: لن اختار الذهاب إلي القدس إلا مع جموع الأمة، ومع ذلك احترم خيارات الآخرين.

* إذا أقمنا جردة حساب للثورة ما الأهداف التي تحققت والأخري التي لم تتحقق؟
- أخطر شيء لم يتحقق هو العمل والإنتاج.

* كنت أتوقع أن تقول الدستور؟
- برغم أنني كنت أحد من اختار الدستور أولا، وأعلنتها بوضوح، وأجد ما نحن فيه يعود جزء كبير منه لعدم وضع الدستور، ولكن ينبغي احترام اختيارات الجموع، لكن دعني اتحدث عن أخطر شئ لم يتحقق إنه العمل والإنتاج (كررها ثلاثا)، نحن لا نعمل، ولا يقول أحد دعنا من فزاعة الاقتصاد، فاقتصادنا ينهار بالفعل، فهل نصمت علي هذا الانهيار، هل نصمت ونموت من الجوع، فالأرقام الواردة من جهاز التعبئة العامة والإحصاء تقول: إن من فقدوا وظائفهم في6002011 ألف مصري، فتخيل هذا الرقم مضروبا في5، الاحتياطي الاستراتيجي المصري في خلال ثلاثة أو أربعة أشهر سوف ينفد، نحن قد ندخل مرحلة خطيرة بالفعل، هناك مصانع تغلق أبوابها كل يوم، السياحة لم تتحرك، هذا كله نتيجة صراع سياسي، للأسف الشعب يتحمل مسئولية كبيرة، وللأسف أيضا النخب تتحمل مسئولية أيضا، فنظرة الشباب للنخب كانت تتوقع أفضل من ذلك، النخب لم تحقق أحلام الشعب.


* لماذا يري البعض أن العمل الدعوي إذا ارتبط بالسياسة جنح أحدهما علي الآخر؟
- إجابتي علي السؤال تتلخص في شخص اسمه عبدالله جول رئيس تركيا، وذلك حين سئل بوضوح: لكم حزب سياسي، ولكم أفكاركم الإسلامية الواضحة، فأجاب: إنني أفخر بأن أكون مسلما متدينا، وقال بمنتهي القوة: قيمي وأخلاقي ومثلي وطريقتي في التفكير مستمدة من الإسلام، ولكن أنا كحزب سياسي لن أخضع الإسلام لاختياراتي الحزبية، بحيث إذا فشل حزبي ينسحب الفشل علي الإسلام، وأنا لا أرضي ذلك علي الإسلام.

* إذا كان غيرك يستخدم الدين للسياسة، فهل يجوز أن أقول إنك تستخدم الدين للتنمية؟
- نعم، وأتمني ألا أقع في فخ الخلط.

* الحكومة السابقة رشحتك وزيرا للشباب، فهل تم ترشيحك للجنة التأسيسية؟
- لا، لم يحدث.

* هل تري أن ثقافة القطب الأوحد تسيطر علي الشعب المصري؟
- الشعب المصري وسطي، وهو لا يعرف التعامل مع القطب الواحد، وهو ينطبق عليه قول عمر بن الخطاب: اللهم إني أسألك إيمان العوام، ولا أريد أن استبق الأحداث، فهناك قضايا كبيرة لم يتم حسمها.


* هل ستتم الانتخابات الرئاسية أم مهددة بالتأجيل؟
- ما أعلمه أن سرعة اختيار رئيس، حماية وحفظ من الفتن، وأنا متأكد من أن المجلس العسكري سيقيم الانتخابات في موعدها، ولدي يقين بذلك.

* كيف ترى وثيقة الأزهر؟
- أرى أنها متميزة.

* هل تحبذ عودة الأزهر للسياسة؟
- الدور الذي يلعبه الأزهر داخل في السياسة العامة وليس السياسة الحزبية، وهو كان من الحكمة أنه لم يدخل في اختيارات حزبية، وكنت أخشي عليه بين المقدس والسياسة الحزبية، فالدخول في السياسة العامة للوطن مهم لكن دون استخدام الشعارات الدينية، أو عمامة الأزهر، في قضايا حزبية في اختيارات مختلفة بين شخصين.

* هل تفكر في إنشاء حزب سياسي؟
- وارد أن نفكر في ذلك، فالاشتغال بالسياسة ليس عيبا أو حراما، وكنت حريصا أن أكون بعيدا عن الاشتباكات السياسية والعمل الحزبي، وكنت أري أن ما نقوم به في صناع الحياة من مشروعات تنموية وتوعوية يقدم صورة للوطن كل الوطن، وعليه فإذا أقمنا حزبا سياسيا سيكون خارج الصندوق وخرج دائرة الاشتباكات، بمعني ألا يكون الهدف أننا نريد عددا من مقاعد مجلس الشعب حتي نصل إلي الحكم، واتساءل هل العمل السياسي يتلخص فقط في العملية الانتخابية المباشرة، أم هناك اجزاء كبيرة من العمل ينبغي التركيز عليها.

* ما رسالتك وحلمك؟
- أن أكون مشاركا في نهضة وتنمية مصر، وكلمة النهضة كلمة كبيرة لا يصح أن ترتبط باسم شخص، فالنهضة تعني مجتمعا، وتعني شبابا، وتعني الناس بالقري، بمعني أن يشارك الكل فيها، وهناك مشكلتان: الأولي أن ترتبط النهضة باسم شخص أو جماعة أو حزب، فالنهضة ملك للمجتمع بأكمله، الثانية أن تكون النهضة أشبه بالصندوق المغلق، وهذا الصندوق لابد من تفكيكه، وأنا لا ولن أدعي أنني صاحب مشروع نهضة، فالنهضة مثلا تحتوي علي400 ملف فأكثر، أخذت أنا ثلاثة أو أربعة ملفات، فمحو الأمية جزء من النهضة فنقوم باختيار مجموعة من الشباب والرجال لعمل محو الأمية فيصبح الكل مشاركا في النهضة من يعلم ومن يتعلم، لكن في الغرف المغلقة ولدي المفكرين والنخب يتم الحديث عن النهضة، ولا يصح أن تكون النهضة حكرا علي أحد، النهضة تعني مجتمعا وتعني شارعا ومدرسة وجامعة وكل مفاصل الحياة، فإذا سألت أحدا عن نهضة اليابان أو كوريا أو ماليزيا ستجد أنه الشعب والناس والمجموع، والنهضة هو أن نبدأ اليوم ويبدأ الجميع، فنحن لدينا مشروع لمحاربة المخدرات في المدارس والجامعات، ولدينا مشروع لتشجيع المشروعات الصغيرة إنسان وكل ذلك جزء من النهضة وهناك أجزاء عديدة تحتاج كل السواعد والنخب.

* في مشروعاتك السابقة كانت هناك عقبات تواجهك كلنا يعلمها، فهل تواجهك عقبات الآن؟
- المعوقات التي تواجهنا هي في الفكر واحتكار الرأي، ومعوقات في تفكيك النهضة في مشروعات، وعلي المستوي البيرواقراطي لا تواجهنا أي عقبات علي الإطلاق، في مشروع محو الأمية وجدنا تعاونا من الوزارة السابقة والحالية علي أعلي مستوي، وكذلك هيئة تعليم الكبار، وكذلك مشروع محاربة المخدرات وجدنا تعاونا من كل الوزرات والجهات، ونحمد الله أن تمويلا الآن من جهات رسمية معروفة، بعكس السابق حيث كان الكل مكبلا، وكنا نلجأ للدول العربية لتمويلنا، وانتهي هذا الأمر بفضل الله.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 36 مشاهدة
نشرت فى 12 مايو 2012 بواسطة princess

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,739,988